لا يزال الجدل يتصاعد يوماً بعد آخر حول دواء الملاريا «هيدروكسي كلوروكين»، الذي تستخدمه بعض الدول ضمن بروتوكلات علاج فيروس كورونا المستجد، المسبب لمرض «كوفيد – 19»، فيما أعلنت دول أخرى رفعه من بروتوكلات العلاج.
وبعد أيام من إعلان منظمة الصحة العالمية تعليق التجارب السريرية لاستخدامه في علاج أعراض فيروس كورونا، بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة، أعلنت أول من أمس استئناف التجارب.
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، خلال مؤتمر صحافي، مساء «الأربعاء»، في مقر الوكالة في جنيف، إن مجلس مراقبة سلامة البيانات قرر أنه لا يوجد سبب لوقف التجربة الدولية بعد مراجعة البيانات المتاحة حول الدواء. وأضاف أن المجموعة التنفيذية العاملة على «تجربة التضامن» السريرية تلقت هذه التوصية الجديدة، وبموجبها سيتم استئناف التجارب على «هيدروكسي كلوروكوين».
وتجربة «التضامن» هي تجربة سريرية دولية أطلقتها منظمة الصحة العالمية وشركاؤها، بهدف المساعدة على إيجاد علاج ناجع لمرض «كوفيد - 19». وتقوم التجربة على مقارنة 4 خيارات علاجية مع مستوى الرعاية المعتاد، لتقييم الفعالية النسبية لكل منها، وينخرط في هذه التجارب أكثر من 400 مستشفى في 35 بلداً.
وكانت المنظمة قد أعلنت في 25 مايو (أيار) الماضي، تعليقاً مؤقتاً لتجربتها للدواء بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة، وجاء هذا الإعلان بعد أيام من دراسة نشرتها المجلة الطبية الشهيرة «ذي لانسيت»، وجدت أن مرضى «كوفيد – 19» الذين عولجوا بهيدروكسي كلوروكوين كانوا أكثر عرضة للوفاة من أولئك الذين لم يتناولوه.
وتلقت «ذي لانسيت» خطاباً من 140 عالماً حول العالم سجلوا فيه 10 أخطاء وقعت فيها الدراسة، كان أهمها أنهم لم يصنفوا المرضى بشكل صحيح حسب شدة المرض، فلم يحددوا شدة المرض، ومستوى تشبع الأكسجين في الدم، والاختلافات بين الأشخاص الذين تلقوا الدواء وأولئك الذين لم يتلقوه؛ حيث تم تقديمه بشكل عام إلى المرضى الأسوأ حالاً تحت عنوان «الاستخدام الرحيم»، بعد فشل الخيارات الأخرى، وبالتالي فإن الفرق في معدلات الوفيات يمكن أن يظهر، لأن المرضى الذين تلقوا «هيدروكسي كلوروكين» كانوا مرضى أكثر من غيرهم في البداية.
واستنكر العلماء في رسالتهم ردود الفعل العنيفة التي اتخذت عقب نشر الدراسة، من منظمة الصحة العالمية وعدد من الدول، معتبرين أنه من الخطأ اتخاذ قرار بناء على دراسة مليئة بالبيانات غير الدقيقة. وأحدثت هذه الرسالة صدى كبيراً في الأوساط الطبية، واضطرت الدورية إلى تغيير بعض البيانات في الدراسة، وتبع ذلك رفع منظمة الصحة العالمية التعليق المؤقت للتجارب.
والمفارقة أن قرار المنظمة، مساء الأربعاء، باستئناف التجارب، جاء بالتزامن مع دراسة حول الدواء نشرتها دورية «نيو إنجلاند الطبية» في نفس اليوم، ولا ترى هذه الدراسة أن للدواء أي فائدة، لكنها لم تشر إلى أن آثاره الجانبية مميتة، كما ذهبت دراسة «ذي لانسيت».
وأظهرت نتائج الدراسة أن هيدروكسي كلوروكوين لم يكن أفضل من حبوب الدواء الوهمي في الوقاية من المرض، ولا يبدو أن هذا الدواء يسبب ضرراً خطيراً، وتقتصر آثاره الجانبية على مشكلات خفيفة في المعدة.
وربما يظل الجدل مستمراً حول هذا الدواء خلال الفترة المقبلة؛ حيث حرصت منظمة الصحة العالمية على التأكيد أن قرارها باستئناف التجارب السريرية لا يعني اعترافاً بالدواء، وشدّد مدير عام المنظمة خلال المؤتمر الصحافي على أنه لا يوجد دليل على أن أي دواء يقلل فعلياً من الوفيات لدى المرضى المصابين بمرض «كوفيد - 19».
وقال إن «مجلس السلامة سيواصل مراقبة سلامة جميع العلاجات التي يتم اختبارها في تجاربه عن كثب، والتي تشمل أكثر من 3500 مريض في 35 دولة».
ومن جانبه، قال د. أمجد الخولي، استشاري الوبائيات بإقليم شرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية لـ«الشرق الأوسط»، إن قرار الفريق التنفيذي لـ«تجربة التضامن» إيقاف تجارب «هيدروكسي كلوروكين» كان إجراء وقائياً مؤقتاً، لحين خضوع سلامة البيانات للمراجعة من قبل لجنة مراقبة سلامة البيانات.
وأضاف أن المنظمة لم تعتمد بعدُ أياً من الأدوية التي تتم تجربتها إلى حين انتهاء التجارب السريرية التي تجري لاختبار فعاليتها، وما أن تظهر نتائج التجارب سنكون في وضع أفضل لتقييمها.
وكان مايك رايان، المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ في منظمة الصحة العالمية، قد شدّد في 27 مايو الماضي على أنه لا ينصح باستخدام «هيدروكسي كلوروكوين» خارج نطاق التجارب التي تجرى تحت إشراف إكلينيكي. وجاء ذلك بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب تعاطيه «هيدروكسي كلوروكوين» يومياً لمنع الإصابة بالفيروس.
«الصحة العالمية» تستأنف التجارب السريرية على «هيدروكسي كلوروكين»
«الصحة العالمية» تستأنف التجارب السريرية على «هيدروكسي كلوروكين»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة