كشفت تقارير دولية حديثة أن سياسة تمكين المرأة في السعودية قبل فترة أزمة فيروس كورونا المستجد واستمرارها بعد الأزمة الراهنة ستعزز شمول القوى العاملة في البلاد، مؤكدة أن المرأة السعودية وجدت فرصة واعدة كقوة بشرية كبيرة للمشاركة في ظل وجود محفزات بنية اقتصادية متكاملة.
وأشارت تقارير متعددة إلى جهود سعودية مكثفة لتشجيع وتهيئة أدوار عدلية ومهنية لصناعة بدائل تسوية المنازعات التجارية في خطوة تؤكد مستوى التأهيل العلمي والمهني في مجالات المحاماة والقانون التي تتمتع بها السعوديات حاليا.
وكان البنك الدولي أشاد أواخر العام المنصرم بالتنفيذ الناجح للسياسات الاقتصادية الوطنية الاستراتيجية للحكومة في السعودية وما أفرزه من آثار لتلك السياسات ساهمت بشكل مفيد ونافع في تحويل تنوع القوة العاملة.
يأتي ذلك وسط توقعات أبداها تقرير صادر عن مؤسسة التحكيم الدولية من أن يعزز تمكين المرأة بعد جائحة كورونا القوى الاقتصادية الشاملة بالسعودية، فيما يؤكد تقرير دولي صدر أمس عن «غلوبال اربيترييشن رفيفيو» بالتعاون مع المركز السعودي للتحكيم التجاري – اطلعت «الشرق الأوسط» عليه - أن السيدات يلعبن دورا تتزايد أهميته في القوة العاملة السعودية. إلى تفاصيل أكثر في هذا التقرير:
فجوة التوظيف
في وقت بدأ العديد من القطاعات تخضع للتحكيم والتسويات، وجدت المرأة في السعودية فرصة كبيرة كقطاع بشري ينشط بقوة للمشاركة في البناء الاقتصادي ومناشط حركة التجارة والصناعة في مختلف المجالات، حيث أكدت دراسة دولية ارتفاع نسبة توظيف السعوديات في القطاع العام بنسبة تبلغ 40.3 في المائة مقلصة الفجوة بين القطاع النسائي ونظيره الرجالي بنسبة تبلغ 37 في المائة.
ووفقا لدراسة البنك الدولي، أسفرت الوتيرة الملحوظة والحجم الكبير للإصلاحات عن تحسينات سريعة في مشاركة القوة العاملة النسائية، حيث ازدادت النسبة من 18 في المائة في عام 2017 إلى 23 في المائة في عام 2018. بحسب إحصاءات البنك الدولي. ومع استمرار هذا الاتجاه، ستمكن هذه السياسة من تحسين القدرة التنافسية للاقتصاد السعودي وإنتاجيته، الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.
محكمات دوليات
وفيما يتعلق بالتحكيم بين المستثمرين والمركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار، بين تقرير «غلوبال اربيترييشن رفيفيو» أن السعودية قامت بتعيين محكمات دوليات بارزات، مشيرا إلى أنه في إحدى القضايا الأخيرة التابعة للمركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار، رشحت السعودية محكّمة معترف بها دوليا باعتبارها المحكّمة المعيّنة من طرفها.
ولفت التقرير إلى المبادرات الهيكلية متعددة المستويات، مبينا أنه من بين الجهات التي ساهمت في إحداث هذا التغيير وزارة العدل السعودية بدورها البارز في تمكين المرأة في القوة العاملة، مع التأكيد على زيادة عدد السيدات ليس فقط بين موظفي وزارة العدل، ولكن أيضاً ضمن المحامين وكتاب العدل. وفي عام 2019. أطلقت وزارة العدل مبادرة جديدة لزيادة أدوار ومشاركة السيدات في الوزارة والمهن القانونية.
بدائل نسائية
وعن القيادات النسائية، لفت التقرير إلى استفادة بدائل تسوية المنازعات في المملكة بدرجة كبيرة أيضاً من التعلم من النماذج التي يُحتذى بها والاستفادة من خبرات القيادات النسائية الملهمة اللاتي يعشن في المملكة، مع التركيز على خلفياتهن المتنوعة، والتحديات التي تغلبن عليها وقصص نجاحهن.
ووفق التقرير، تتيح المنتديات العديدة المشاركة بين المهنيين من الرجال والنساء علاوة على التجمعات الخاصة النسائية بالكامل، حيث يمكن لهؤلاء المهنيات المشاركة في مناقشة مفتوحة تتيح للجماهير فرصة للتعلم والاتصال وتوفير الدعم لبعضهن البعض؛ وبذلك يتم التوصل لحلول ملموسة لمجموعة من المشكلات التي تواجهها السيدات في تطوير خبراتهن وممارساتهن المهنية من خلال شبكة العلاقات الواسعة، والتي تمتد في الغالب عبر المملكة، وعبر المنطقة ككل، وأبعد من ذلك.
وأضاف التقرير أن هناك عدد متزايد من القانونيات السعوديات اللاتي يُعتبرن من النماذج التي يُحتذى بها في شركات ومكاتب المحاماة السعودية والمناصب القيادية عبر القطاعات المختلفة بل وحتى في دول أخرى، مفيدا، على وجه الخصوص، أصبح القطاع القانوني لاعبا مهما في تمكين المرأة.
وقال: «يلتزم المركز السعودي للتحكيم التجاري بالمساهمة في هذا النجاح عن طريق بذل كل ما في وسعه لتحسين دور المرأة في صناعة بدائل تسوية المنازعات، على النحو الذي يتم عالمياً، مع زيادة الجهود لتشجيع القيادة والريادة النسائية».
إطار مهني
وتأتي صناعة قيادات نسائية لتسوية المنازعات، وفق تقرير «غلوبال اربيترييشن رفيفيو»، في إطار البرنامج المهني الاستراتيجي الشامل لتطوير الكفاءات في صناعة بدائل تسوية المنازعات في المملكة، وما تضمنه من مبادرات يزيد عددها على 50 مبادرة، تشمل آلاف المتقدمات من السيدات ذوي العلاقة بصناعة بدائل تسوية المنازعات وما يزيد على 1400 سيدة شاركن بشكل فاعل في هذه الفعاليات.
وبحسب التقرير، يلعب التنوع الآن دورا حيويا في تيسير الوصول إلى النظام القانوني ونظام بدائل تسوية المنازعات وجعلهما أكثر استجابة، مشيدا بمنافسات التحكيم التجاري الطلابية في السعودية حيث يعد بين أهم المساهمات في التطوير والارتقاء بمنظومة التحكيم في المملكة وزيادة التنوع ومزيد من الدفع لتمكين للمرأة.
ودشن المركز التحكيم التجاري في السعودية مبادرتين مهمتين في هذا السياق تتعلقان بمناسبات مهنية لطلاب وطالبات كليات الشريعة والقانون والأنظمة.
تميز الأداء
من ناحيته يقول الدكتور حامد ميرة الرئيس التنفيذي الرئيس التنفيذي للمركز السعودي للتحكيم التجاري لـ«الشرق الأوسط»: «تواؤماً مع رؤية المملكة 2030 وما تتضمنه من دعم كبير للمرأة وتمكينها وتعزيز دورها، أخذ المركز على عاتقه العمل على مزيد مشاركة للمرأة في جميع أنشطته، وتمكينها في صناعة بدائل تسوية المنازعات، وذلك من خلال عددٍ من المبادرات».
ومن ذلك، بحسب ميرة، تشجيع السيدات على الانضمام لقائمة المركز من المحكمين والوسطاء، وإتاحة الفرصة للمشاركة في جميع برامج المركز النوعية التي تُعقد بشراكة دولية، وبالإضافة إلى ذلك خصص المركز لهن برامج تدريبية متقدمة ونوعية مع شركاء دوليين.
وأضاف ميرة «أثمرت نتائج مشجعة في أرض الواقع؛ حيث أثبتت المرأة أداء متميزاً في القضايا التي أدرنها وحققن تسوية بين الأطراف متنازعة في وقت قياسي كان أسرعها قضية حققت إحدى وسيطات المركز (وهي محامية سعودية) تسوية ناجحة لنزاع تجاري خلال 40 دقيقة من بدء إدارتها لجلسة الوساطة»، مستطرد «كان من المصادفة أن كلا طرفي النزاع تُمثِّلُه محامية سعودية كذلك؛ فكان نجاحاً نسائياً سعودياً بامتياز».
وأشار ميرة إلى أن أكثر من ثلثي فريق مستشاري القضايا في المركز من السيدات، حيث يثبتن عملياً نجاحهن وتميز أدائهن، لافتا إلى أن الجهود التي يبذلها المركز السعودي للتحكيم التجاري تنعكس على تعزيز تطور عجلة التنمية وتهيئة بيئة جاذبة للاستثمار الأجنبي والوطني.