بوليوود تواجه تحديات إطلاق أفلامها الجديدة في دور السينما

تُعرض مباشرة عبر تطبيقات الاتصالات لتوفير التكاليف

TT

بوليوود تواجه تحديات إطلاق أفلامها الجديدة في دور السينما

للمرة الأولى في تاريخ صناعة الأفلام الهندية، التي تعد الأكبر من نوعها في العالم وتنتج ما يزيد على 1200 فيلم سنوياً، يجري إطلاق الأفلام الجديدة مباشرة عبر منصات تطبيقات الاتصالات، مع تجاهل السبل التقليدية المتمثلة في إطلاق الأفلام داخل دور السينما.
وتطلق الكثير من خدمات البث عبر شبكة الإنترنت مثل «ديزني+» و«هوتستار» و«أمازون برايم فيديو» و«زي 5» و«نتفليكس»، أفلاماً جديدة ليس داخل الهند فحسب، وإنما لجمهور عالمي. في أيام الرخاء، تعج دور السينما الهندية بالجمهور، وغالباً ما تمتلئ مقاعدها عن آخرها من الفجر حتى منتصف الليل. العام الماضي، سجلت البلاد أكثر من شراء مليارَي تذكرة سينما.
وتشير الأرقام إلى أن أفلام بوليوود حققت إيرادات العام الماضي 2.8 مليار دولار، مع صدور قرابة 1800 فيلم بلُغات هندية متنوعة في 9600 دور سينما في مختلف أنحاء البلاد، تبعاً لتقديرات مؤسسة «إرنست آند يونغ» و«اتحاد غرف التجارة الهندية» الذي أصدر تقريراً عن صناعة الأفلام في مارس (آذار).
ومن المقرر أن تبث منصة «أمازون برايم فيديو» العرض الرقمي الأول لفيلم «غولابو سيتارو» المصنف من الفئة الأولى من بطولة أميتاب باتشان وأيوشمان كورانا في 12 يونيو (حزيران). كان مقرراً في الأصل طرح الفيلم في 17 أبريل (نيسان)، لكن حال الإغلاق التي فرضت على البلاد بأكملها خلقت هالة من الشكوك حول موعد إطلاق الفيلم.
وكشفت «أمازون برايم فيديو» عن أنها حصلت على حقوق بث ستة أفلام هندية أخرى، منها الفيلم الذي طال انتظاره عن السيرة الذاتية للكاتبة شاكونتالا ديفي بطولة فيديا بالان، وخمسة أفلام بلُغات إقليمية سيجري طرح العرض الأول لها حصراً من خلال «برايم فيديو» خلال الأشهر الثلاثة المقبلة في أكثر من 200 دولة.
من جانبه، قال فيجاي سبرامانيام، المخرج ورئيس شؤون المحتوى داخل «أمازون برايم فيديو»، «نؤمن بضرورة الإنصات لما يرغب فيه عملاؤنا والعمل من تلك النقطة. ويعتبر هذا الإيمان الأساس الذي قدم عليه عرضنا الأخير. وتعد هذه خطوتنا الأولى في محاولتنا تقديم تجارب سينمائية رفيعة إلى عملائنا في أماكنهم».
بعد «أمازون برايم فيديو»، أعلنت «نتفليكس» أنها ستبث العرض الأول لفيلم «تشوكد» لانوراج كاشياب في 5 يونيو. وتشير أنباء إلى أن شركة «تي ـ سيريز» للإنتاج تخوض محادثات مع «نتفليكس» حول كامل إنتاجها لعام 2020.
ومن المقرر أن تبث «فوكس ستار ستوديوز» المشاركة في إنتاج فيلم «لاكسامي بومب» الذي ينتمي لفئة أفلام الرعب الكوميدية ومن بطولة أكشاي كومار، عبر خدمتها «ديزني+هوتستار». من ناحيتها، قدمت «زي 5 إنديا» بالفعل العرض الأول لفيلم «غومكيتو» من بطولة نواز الدين صديقي.
ما يجدر ذكره في هذا الصدد، أنه حتى هذه اللحظة وصفت منصات تطبيقات الاتصالات بأنها القريب الأفقر لدور السينما فيما يخص الأفلام، خاصة أن صناعة الأفلام لطالما مجدت دور السينما وأضفت هالة رومانسية على فعاليات العرض الأول للأفلام ومتعة مشاهدة الأفلام على شاشة 70 ميليمتر.
ويعني انتقال العرض الأول للأفلام مباشرة إلى هذه المنصات، ليس فقط دفع الوسيط الرقمي داخل السوق الهندية، وإنما كذلك توفير بعض الإغاثة المالية للكثير من المشاركين في صناعة الأفلام.
من جهته، قال المخرج شوجيت سيركار، في تعليقه على اضطراره إلى إطلاق فيلمه «غولابو سيتابو» عبر منصة لتطبيقات الاتصالات المجانية «أعمل على فيلم واحد فقط في كل مرة، وعندما أنجزه أتولى الاهتمام بالأمور المالية، ثم أنتقل إلى الفيلم التالي. وبالتالي، ليس لدي مخزون من الأفلام يمكنني الاعتماد عليه. علاوة على ذلك، وعدت (أمازون) بالترويج لهذا الفيلم باعتباره إصداراً سينمائياً كبيراً. ولم يسبق لي قط إصدار فيلم في 200 دولة بلغات مختلفة».
وفي سياق متصل، قال جيهيل ثاكار، أحد الشركاء في «ديلوات إنديا»، «بدأت صناعة الأفلام اليوم في إيجاد حلول لبعض المشكلات الجوهرية. وسيسهم إطلاق بعض المحتوى في تخفيف بعض الضغوط المالية قصيرة الأجل على عاتق شركات الإنتاج».
تجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أنه منذ مارس، توقفت أعمال التصوير والحركة داخل الاستوديوهات وغابت حركة سيارات النجوم والجلبة التي تثيرها في أرجاء المدن، ووقعت الصناعة بأكملها قيد حال إغلاق كامل. كما أغلقت دور السينما والمسارح أبوابها وتوقفت خطط إصدار أفلام جديدة وتوقف عرض الأفلام التي كانت تعرض بالفعل في دور السينما.
وحتى بعد فتح الكثير من الصناعات بعد إغلاق استمر 65 يوماً، لم تفتح الهند حتى اليوم دور السينما. وعليه، واجه المنتجون والاستوديوهات أزمة مالية متفاقمة. المعروف أن طرح الأفلام للعرض يجلب إيرادات تسهم بدورها في تغطية تكاليف الإنتاج. وعليه، فإن كل يوم تأخير يحمل معه تكاليف إضافية تتحملها استوديوهات الأفلام. المعروف أن بوليوود كانت تشهد توسعاً مستمراً في دائرة حضورها ونفوذها عالمياً قبل الوباء. وجرى إطلاق الكثير من أفلام بوليوود في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والشرق الأوسط بهدف الوصول إلى الشتات الهندي المتنامي باستمرار.

* خفض أجور الممثلين
حمل وباء «كوفيد ـ 19» معه أياماً كئيبة لمجال صناعة الأفلام والترفيه، وضغوطاً مالية على الكثيرين. وذكر محللون، أنه سيتعين على الممثلين قبول تخفيض أجورهم إذا رغبوا في الاستمرار بالعمل.
من بين هؤلاء تاران أدارش، المحلل التجاري البارز، الذي أعرب عن اعتقاده بأن تخفيض أجور الممثلين أمر حتمي، مضيفاً أنهم «سيتعين عليهم قبول تخفيض أجورهم لأن صناعة الأفلام عمل جماعي. وعندما تخطّط لمشروع ما، يتعين عليك وضع العوامل الاقتصادية في الاعتبار. واليوم، ثمة مصاعب على الجانب الاقتصادي سيتعيّن على الجميع تحملها، بدءاً من المنتجين وصولاً إلى الممثلين كي يتمكن الجميع في نهاية الأمر من إنتاج فيلم. في العادة، يحصل الممثلون على جزء ضخم من العائدات، وأعتقد أنه سيتعين عليهم المشاركة في تحمل الأعباء».
وطرح الخبير التجاري الرفيع كومال ناهتا وجهة نظر مشابهة، وقال «ليس هناك بديل ولا خيار آخر. لن تكون هناك إمكانية لنصع الأفلام وسيتراجع النشاط الفني على نحو هائل. وعليه، سيتعين على الممثلين خفض أجورهم».
وتسود تساؤلات صفوف المحللين المعنيين بصناعة الأفلام والترفيه حول ما إذا كانت صناعة الأفلام الهندية ستستعيد سابق عهدها يوماً ما بعد انتهاء محنة «كوفيد ـ 19» وما حملتها من تداعيات على الكثير من الشركات المعتمدة على بوليوود.
في هذا الصدد، حذر أشوكي بانديت، رئيس اتحاد مخرجي السينما والتلفزيون الهنود في مومباي، من أن «المستقبل يبدو مظلماً، ويسود الارتباك كل شيء. هذا وضع مؤسف للغاية لصناعة الترفيه برمتها، من أفلام ومسلسلات ومسرح وفعاليات ومهرجانات وصناعات شريكة».
وقدر تقرير لوكالة «رويترز»، أن صناعة الأفلام الهندية ستستغرق عامين على الأقل للتعافي مالياً من تداعيات وباء كورونا، الذي يهدّد المشروعات الفنية الكبرى وعشرات الآلاف من الوظائف.
من جانبه، طالب «اتحاد الإرسال المتعدد في الهند»، مجموعة على مستوى البلاد من مشغلي دور السينما، المنتجين والاستوديوهات والفنانين بعدم إطلاق الأفلام عبر منصات تطبيقات الاتصال، وإطلاقها عبر دور السينما عندما تعيد فتح أبوابها، والإبقاء على فترات العرض السينمائي الحصري. ويعني عدد الأيام ما بين إطلاق فيلم ما، في دور السينما وتوزيعه على نطاق أوسع، مثلاً عبر «دي في دي» أو منصات بث.
في هذا الصدد، قال كمال غيانشانداني، الرئيس التنفيذي لشركة «بي في آر بيكتشرز»، «نشعر بخيبة أمل تجاه قرارات بعض منتجينا بالتوجه مباشرة إلى منصات البث. ونأمل في أن يستجيب المنتجون لطلبنا بوقف إصدار الأفلام حتى إعادة فتح دور السينما». وأضاف «هذه ليست المرة الأولى التي يجري إصدار أفلام للمرة الأولى عبر منصات بث، فقد واجهت دور السينما منافسة مستمرة من جانب منصات توزيع جديدة على مدار السنوات الكثيرة الماضية، لكنها تمتعت دوماً بتفضيل رواد السينما لها».


مقالات ذات صلة

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».