«طالبان» والولايات المتحدة وماراثون الحرب الطويلة

مخاوف من نجاح الحركة في إرهاب المفاوضين الأفغان للحصول على حصة مهيمنة في الحكومة المقبلة

مجموعة من مقاتلي «طالبان» على تل في ولاية لغمان (نيويورك تايمز)
مجموعة من مقاتلي «طالبان» على تل في ولاية لغمان (نيويورك تايمز)
TT

«طالبان» والولايات المتحدة وماراثون الحرب الطويلة

مجموعة من مقاتلي «طالبان» على تل في ولاية لغمان (نيويورك تايمز)
مجموعة من مقاتلي «طالبان» على تل في ولاية لغمان (نيويورك تايمز)

في ظلال إحدى شجرات التوت على مقربة من مقبرة تحمل شواهد قبورها رايات حركة «طالبان»، اعترف أحد كبار القادة العسكريين بالحركة في شرق أفغانستان بأنها قد تكبدت الكثير من الخسائر إثر الغارات الأميركية المدمّرة فضلاً عن العمليات العسكرية الحكومية على مدى السنوات العشر الماضية.
بيد أن هذه الخسائر لم تغيّر سوى القليل للغاية من الواقع على أرض القتال، إذ تواصل الحركة المتمردة استبدال القتلى والجرحى بين صفوفها باستقدام المقاتلين الجدد ومواصلة ارتكاب أعمال العنف الوحشية.
وقال مولوي محمد قيس، رئيس الجناح العسكري لحركة «طالبان» في ولاية لغمان بشرق أفغانستان، فيما كان ينتظر العشرات من رجاله ومقاتليه بالقرب من أحد التلال: «القتال عبادة بالنسبة لنا، ولذلك إذا سقط أخ لنا قتيلاً، فلن يتردد الأخ الثاني في تنفيذ مشيئة الله، ولسوف يسير على خطى من سبقوه».

كان ذلك في شهر مارس (آذار) الماضي، وكانت حركة «طالبان» قد وقّعت لتوّها على اتفاق سلام مع الولايات المتحدة يضع الحركة على عتبة بلوغ أشد غاياتها اشتياقاً ألا وهي: المغادرة الكاملة للقوات الأميركية من تراب أفغانستان.
وبذلك، تكون حركة «طالبان» قد تجاوزت القوة الأميركية العظمى عبر 19 عاماً تقريباً من الحرب الطويلة الطاحنة. وسلطت عشرات المقابلات التي أُجريت مع مسؤولي «طالبان» ومقاتليها في ثلاث دول، وكذلك مع المسؤولين الأفغان، والمسؤولين الغربيين، الأضواء على مزيج من المناهج والأجيال القديمة والجديدة التي عاونت الحركة كثيراً في بلوغ تلك الغاية. وبعد عام 2001، أعادت «طالبان» تنظيم نفسها كشبكة لامركزية من المقاتلين وقادة المستويات الدنيا والمخولين بتجنيد العناصر الجديدة والعثور على الموارد المحلية، في حين تتابع القيادة العليا للحركة مجريات الأمور وتطوراتها من داخل باكستان المجاورة.
وتحوّلت الحركة المتمردة إلى اعتماد مخطط من العمليات والهجمات الإرهابية التي فرضت ضغوطاً هائلة وشديدة على الحكومة الأفغانية، وبهدف توسيع مجال محركات التمويل غير المشروعة والقائمة على الجرائم وتجارة المخدرات وتهريبها، وذلك رغم آيديولوجية الحركة الضاربة بجذورها في أعماق التعاليم الدينية الصارمة.
وفي الوقت ذاته، لم تغيّر حركة «طالبان» سوى النّزر اليسير من الأسس الآيديولوجية بالغة القسوة لديها في وقت تتأهب للبدء في المحادثات المباشرة بشأن تقاسم السلطة مع الحكومة الأفغانية الحالية. فلم تتراجع الحركة صراحة عن ماضيها المعروف من إيواء العناصر الإرهابية الدولية، ولا هي تراجعت قيد أنملة عن مواصلة الممارسات القمعية تجاه النساء، وتجاه الأقليات التي تعيش في أفغانستان، والتي قيّدت حكومة «طالبان» من نطاق وجودها خلال توليها الحكم في كابل في تسعينات القرن الماضي. وما زالت الحركة المتمردة تعارض بكل قوتها الغالبية العظمى من التغييرات المؤيدة من الغرب والتي جرت في البلاد على مدى العقدين الماضيين.
يقول أمير خان متقي، رئيس أركان الزعيم الأعلى لحركة «طالبان»، في مقابلة نادرة أجرتها معه صحيفة «نيويورك تايمز» في مدينة الدوحة: «نودّ تنفيذ الاتفاق (مع الأميركيين) بالكامل حتى يتسنى لنا تحقيق السلام الشامل، ولكن لا يمكننا التزام الصمت المطبق وسجون أفغانستان مليئة برجالنا وإخواننا، عندما يسير نظام الحكومة الأفغانية على منوال نظم الحكم الغربية، ينبغي على حركة (طالبان) الرجوع والمكوث في المنزل، أليس كذلك؟». ثم أضاف قائلاً: «كلا، لن يبقى كل شيء على حاله بعد كل هذه التضحيات الكبيرة، لا يقبل المنطق السليم ذلك أبداً. الحكومة الأفغانية الحالية ترتكن على الأموال الأجنبية، والأسلحة الأجنبية، والتمويلات الأجنبية في كل شيء».
تلوح ذكريات الماضي الكئيب في الأفق. ففي المرة الأخيرة التي غادرت فيها قوة الاحتلال التراب الأفغاني –عندما تمكن المجاهدون الأفغان المدعومون من الولايات المتحدة من إجبار القوات السوفياتية على الانسحاب من البلاد في عام 1989– أطاحت فصائل المجاهدين بالحكومة الأفغانية القائمة وقتذاك، ثم حوّلت أسلحتها إلى صدور بعضها البعض تتقاتل على ما تبقى من أوصال البلاد ورفات الحكم والسلطة. واستمر هذا التقاتل حتى اعتلت حركة «طالبان» سدة المشهد الدموي العنيف في تلك الأيام.
والآن، حتى مع توقف العمليات العسكرية من طرف الولايات المتحدة والقتالية من طرف حركة «طالبان» داخل أفغانستان راهناً، تواصل الحركة المتمردة تكثيف هجماتها الإرهابية ضد القوات الحكومية الأفغانية قبل تلك الهدنة النادرة التي استمرت لمدة ثلاثة أيام لمناسبة عيد الفطر. ويبدو أن تكتيكات الحركة تشير إلى بث الخوف والذعر بين جموع المواطنين من خلال تلك الهجمات.
ويخشى كثيرون من المواطنين الأفغان أن تنجح الحركة المتمردة في مساعيها من إرهاب المفاوضين الأفغان وإجبارهم على التنازل عن حصة كبيرة ومهيمنة في الحكومة الجديدة –التي تواصل «طالبان» تقويض مؤسساتها واغتيال رجالها ومسؤوليها، بالكمائن تارةً وبالسيارات المفخخة تارةً أخرى.
ولقد أوضح القادة الميدانيون من «طالبان» جلياً أنهم احترموا قرار وقف النار فقط من أجل منح القوات الأميركية ممراً آمناً للانسحاب ومغادرة البلاد، كما قال أحد كبار زعماء الحركة في جنوب البلاد، ولكن ليس هناك من تحفظ بشأن مواصلة شن الهجمات ضد قوات الأمن الحكومية الأفغانية.
وقال قائد شاب من أعضاء «الوحدة الحمراء» وهي قوة النخبة التابعة لحركة «طالبان» في ألينغار (ولاية لغمان): «لقد بدأنا القتال هنا ضد الفساد الحكومي قبل الاحتلال الأميركي لبلادنا. وكان الفاسدون هم من توسلوا لقدوم أميركا إلى أفغانستان لعجزهم عن مواصلة القتال ضدنا». وكان ذلك الشاب اليافع طفلاً صغيراً يلعب عندما بدأ الغزو العسكري الأميركي لأفغانستان، ولقد التقى مع فريق مراسلي صحيفة «نيويورك تايمز» في المنطقة التي تسمح فيها الحكومة الأفغانية بوجود عناصر من الحركة المتمردة.
ثم استطرد القائد الشاب، مجهول الهوية وفق طلبه، قائلاً: «جهادنا مستمر إلى يوم القيامة وحتى إقامة نظام الحكم الإسلامي على أراضي أفغانستان».
التجنيد والسيطرة
وحسب التقديرات الأفغانية والأميركية، تملك حركة «طالبان» راهناً عدداً من المقاتلين يتراوح بين 50 و60 ألف مقاتل عامل، فضلاً عن عشرات الآلاف من المسلحين غير المتفرغين، وسواهم من عناصر الدعم والإمداد المحليين.
ولا يمكن اعتبار حركة «طالبان» منظمة متجانسة متماثلة. إذ عكفت قيادة الحركة المتمردة على بناء آلة حربية من أجزاء متباينة ومترامية الأطراف، ودفعت كل خلية من خلاياها إلى محاولة تحقيق الاكتفاء الذاتي على الصعيد المحلي. وفي المناطق الخاضعة لسيطرة الحركة بالكامل، أو التي يمتد نفوذها وتأثيرها بين أوصال المجتمع، تواصل «طالبان» توفير بعض الخدمات، والوساطة في تسوية المنازعات، وتتخذ من نفسها على الدوام وضعية حكومة الظل غير الرسمية.
يقول تيمور شاران، الباحث الأفغاني البارز والمسؤول الحكومي الكبير السابق: «إنها شبكة متمردة تتسم بقدر كبير من اللامركزية مع امتلاك قادتها المقدرة على تعبئة الموارد وتجنيد الأتباع وتأمين الدعم اللوجيستي على مستويات الولايات في وقت الحاجة. غير أن الأنساق العليا من قيادة الحركة تكتسب شرعيتها من الولاء لزعيم واحد فقط».
وعلى مر السنين، ظلت القيادة العليا للحركة تلتزم أماكنها داخل باكستان المجاورة، حيث دعم جهاز الاستخبارات العسكرية الباكستانية إعادة تشكيل أوصال الحركة الأفغانية المتمردة. وكانت هذه الملاذات الآمنة قد وفرت قدراً من الاستمرارية لقيادات الحركة في الوقت الذي تعاني فيه المستويات الدنيا من عناصرها الخسائر الفادحة داخل أفغانستان.
كانت معدلات الخسائر والضحايا في صفوف الحركة بالغة الارتفاع في بعض الأحيان، لدرجة أنها وصلت إلى سقوط مئات المقاتلين من عناصر الحركة أسبوعياً جراء حملة القصف الجوي الأميركية الشديدة التي أسقطت فيها الطائرات الحربية ما يقرب من 27 ألف قنبلة منذ عام 2013 –حتى إن حركة «طالبان» استحدثت نظاماً جديداً من عناصر الاحتياطي القتالي لمواصلة ممارسة الضغوط في المناطق التي تكبدت فيها كبرى الخسائر، وذلك حسب إفادات القادة الإقليميين من أبناء الحركة.
وكان العام الماضي موجعاً ومدمراً بالنسبة إلى حركة «طالبان» بصورة خاصة، إذ زعم المسؤولون الأفغان أنهم يحصدون رؤوس عناصر الحركة بمعدلات قتالية غير مسبوقة، حيث يسقط أكثر من 1000 مقاتل من عناصرها بصفة شهرية، وربما ربع إجمالي القوات المقدرة للحركة بحلول نهاية العام. وبالإضافة إلى الغارات الجوية التي شنتها القوات الحكومية الأفغانية، أسقطت الغارات الجوية الأميركية 7400 قنبلة، وهو أكبر معدل مسجل لها خلال السنوات العشر الماضية.
وحتى في ذروة الوجود العسكري الأميركي طويل الأمد، ومع الجهود التنسيقية لمعاونة الحكومة الأفغانية على الصعيد المعنوي واستمالة قلوب المواطنين وعقولهم في ريف أفغانستان، كانت حركة «طالبان» قد تمكنت من الاستمرار في تجنيد الأتباع وما يكفي من الشباب لمواصلة القتال. وتواصل الأسر الأفغانية الفقيرة تلبية نداءات «طالبان» والدفع بزهرة شبابها في أتون الحرب المستعرة للمحافظة على تماسك الحركة المتمردة وصمودها رغم التضحيات.
وأوضح مولوي محمد قيس كيف أن جناحه العسكري في لغمان يملك لجنة نشطة للدعوة والإرشاد، حيث يرتاد أعضاؤها المساجد ويحضرون دروس القرآن الكريم بهدف التقاط وتجنيد العناصر الجديدة للقتال. لكنه أشار إلى أن أغلب المجندين الجدد يأتون من طرف المقاتلين الحاليين الذين يعملون بكل دأب على تجنيد الأقارب والأصدقاء وضمهم إلى صفوف الحركة. وتظل الحاجة إلى الدماء الجديدة قائمة ومستمرة لدى «طالبان»، لا سيما خلال السنوات العشر الماضية. واستطرد مولوي قيس يقول: «لقد فقدنا 80 رجلاً دفعة واحدة من وحدتنا القتالية الحالية»، في إشارة إلى الوحدة القتالية التي تتألف من 100 إلى 150 مقاتلاً.
ومع ذلك، ما زال المجندون يواصلون القدوم والانضمام إلى صفوف الحركة، ويرجع ذلك في جزء منه إلى الكراهية العميقة المتأصلة في نفوس الناس ضد المؤسسات الحكومية والقيم الغربية الدخيلة التي اعتمدتها الحكومة الأفغانية من طرف حلفائها في الغرب. وأردف مولوي قيس في هذا الإطار: «مشكلتنا ليست مع لحومهم وعظامهم، وإنما هي مع النظام الذي يوالونه ويخدمونه».
ويقول المسؤولون الأفغان إنه في المناطق التي لا تفرض فيها حركة «طالبان» سيطرتها الكاملة لتجنيد الأتباع، لا تزال الحركة تعتمد بصورة كبيرة على ما يقرب من مليونين من اللاجئين الأفغان الذين يعيشون داخل باكستان المجاورة، كما يعتمدون على المدارس الدينية المنتشرة هناك في استمالة وتجنيد العناصر الجديدة للقتال في الخطوط الأمامية.
ويقول مسؤولو التجنيد والقادة الميدانيون لدى «طالبان» إنهم لا يدفعون رواتب منتظمة للعناصر القتالية. وبدلاً من ذلك، فإنهم يغطون النفقات العائلية للمقاتلين في صفوفهم، الأمر الذي ساعدهم كثيراً خلال السنوات الأخيرة على منح قدر معتبر من الحريات لقادة الحركة في كيفية استخدام الموارد المحلية وإدارة غنائم الحرب. ويجري تحصيل بعض الإيرادات عن طريق فرض الضرائب على السلع. ولكن الحركة أصبحت متشابكة للغاية، وبصورة متزايدة، في أعمال الجرائم المحلية وتجارة المخدرات وتهريبها، الأمر الذي رفع من المحفّزات المالية التي تمكن الحركة من مواصلة ما تعدّه «جهاداً مقدساً»!
يقول الملا باقي زاراوار، قائد إحدى وحدات «طالبان» في ولاية هلمند: «إخواننا الذين يقاتلون معنا في صفوف الجهاد الأمامية لا يحصلون من الحركة على رواتب محددة، ولكننا نعتني بنفقاتهم الشخصية، ووقود دراجاتهم البخارية، ومصاريف أسفارهم إلى أسرهم. وإذا ما وقعت في أيديهم الغنائم، فهذا رزقهم».
وبالنسبة إلى المناطق التي تسيطر عليها «طالبان» بصورة جيدة، فإن العديد من عناصر الحركة، وربما بعض القادة أيضاً، يحتفظون لأنفسهم بوظائف أخرى غير القتال.
توقف مولوي قيس، في أثناء المقابلة الشخصية، للاعتذار عن ملابسه المتسخة، وقال إنه كان يطحن الدقيق طوال الصباح، وتلك هي وظيفته اليومية. ولدى العديد من المقاتلين الآخرين وظائف أخرى عندما لا يقاتلون في صفوف الحركة. ولضمان عدم جفاف منابع التجنيد، منحت الحركة الأولوية لعملية معقدة من جمع المعلومات، وصياغة خطاب الحركة من خلال إنتاج مقاطع الفيديو الدعائية الرائعة، فضلاً عن جناح نشط للغاية على وسائل التواصل الاجتماعي.
وتنتشر عبر مختلف منصات التواصل الاجتماعي مقاطع لحالات الإصابة والضحايا بين المدنيين على أيدي القوات الأميركية أو الأفغانية، سواء كانت حقيقية أو مختلقة، وذلك بالاقتران مع مقاطع فيديو أخرى لتدريبات عناصر «طالبان» وهم يقفزون خلال الحلقات المشتعلة بالنار ويطلقون الرصاص من أسلحتهم. وكانت الرسالة من وراء ذلك واضحة: «الانضمام إلينا يعني حياة البطولة والتضحية والفداء». وكانت لديهم رموز قوية يستشهدون بها في رسالتهم: كانوا يقاتلون تحت راية قائدهم الأعلى مولوي هيبة الله أخوند زاده، والذي أرسل ابنه في عملية انتحارية من أجل نصرة قضية «طالبان» ضد الحكومة الأفغانية التي يدعمها «جيش الغزاة» الأميركيين ويقودها المسؤولون الذين تعيش عائلاتهم وأبناؤهم في خارج البلاد.
وبعد اتفاق الحركة مع الجانب الأميركي، كثّفت «طالبان» من جهودها الدعائية، واعتلت موجة الانتصار العارمة التي تنذر بكل سوء. وفي خطبته السنوية بمناسبة عيد الفطر التي صدرت قبل أيام، تعهد زعيم «طالبان» بالعفو عن الخصوم الذين تخلوا عن ولائهم للحكومة الأفغانية.
وتعد مديرية ألينغار، من ولاية لغمان، مثالاً على ترتيبات «طالبان» على الصعيد المحلي والقيام مقام حكومة الظل في المناطق الخاضعة لسيطرتها. وقال قادة الحركة في المديرية إنهم يجمعون الضرائب، ويرسلون خُمسها تقريباً إلى القيادة المركزية للحركة مع الاحتفاظ بالباقي منها للمقاتلين المحليين. ولديهم أيضاً لجان تشرف على توفير الخدمات الأساسية للمواطنين، بما في ذلك الخدمات الصحية، والتعليم، وإدارة الأسواق المحلية.
ولا تزال الحكومة الأفغانية والجهات الدولية المانحة تدفع تكاليف الإمدادات، ورواتب العيادات الصحية، والمدارس المحلية. لكن حركة «طالبان» تدير الأمور بطريقتها الخاصة –في تسوية تمت على مضض بواسطة المنظمات الإغاثية حيث إن البديل يعني عدم توافر الخدمات على الإطلاق. كما أن منهج الحركة المتمردة إزاء التعليم من أبلغ الأدلة الواضحة على أنها تتمسك تماماً بأساليبها القديمة في قمع النساء، والقضاء على الثقافة والفنون في المجتمع.
ومن بين 57 مدرسة في ألينغار، هناك 17 مدرسة منها مخصصة للفتيات، وفقاً لمولوي أحمد هاكمال، رئيس لجنة التعليم في المديرية. بيد أن عناصر «طالبان» في المقاطعة تصر على وقف تعليم الفتيات تماماً بعد الصف السادس، فيما يتعارض مع المتطلبات الدولية للمساعدات التعليمية في البلاد. ومن حيث المناهج الدراسية، ألغت حركة «طالبان» مادة الثقافة كموضوع دراسي ذلك لأنها تشجع على التهتك والابتذال مثل تعليم الفتيات الموسيقى والفنون.
أبناء الفوضى
بعد استيلاء حركة «طالبان» على السلطة في تسعينات القرن الماضي، وهزيمتها للفصائل المتناحرة الأخرى إثر الفراغ السلطوي في الحكم الذي خلفه انسحاب القوات السوفياتية من البلاد، أبدت الولايات المتحدة قدراً من اللامبالاة بأسلوب الحكم القمعي الذي اعتمدته الحركة. غير أن الأمور تغيّرت تماماً في عام 2001، مع اتخاذ قادة تنظيم «القاعدة» الإرهابي من أفغانستان ملاذاً لهم في أعقاب هجمات سبتمبر (أيلول) الإرهابية على الأراضي الأميركية.
وقضى زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن وقتاً طويلاً في أفغانستان، ولقد حارب ذات مرة إلى الجانب الأميركي ضد القوات السوفياتية مع نهاية حقبة الحرب الباردة. وكان زعيم «طالبان» آنذاك، الملا محمد عمر، قد سمح لأسامة بن لادن ورجاله بالبقاء في أفغانستان، وتوثقت علاقاتهما منذ ذلك الحين، مع إعلان بن لادن الولاء للملا محمد عمر.
وفي أعقاب الهجمات الإرهابية المريعة، وإثر سعيها الشديد للانتقام والثأر لكرامتها الجريحة، نفد رصيد الصبر لدى الإدارة الأميركية برئاسة جورج دبليو بوش، سيما بعد العديد من طلبات تسليم أسامة بن لادن مباشرةً إلى الحكومة الأميركية التي رفضتها حركة «طالبان»، ومن ثم شرعت الولايات المتحدة في الغزو العسكري لأراضي أفغانستان. وسرعان ما تلاشى نفوذ الحركة التي كانت قد حققت نجاحات باهرة على مختلف الفصائل الأفغانية الأخرى، في مواجهة الغارات الجوية الأميركية الشديدة. وعاد عناصر الحركة إلى ديارهم يجرّون أذيال الخيبة والخسران بعد تفكك «إمارة طالبان» التي كانت تؤويهم. وعبر الكثير من زعماء الحركة الحدود إلى باكستان المجاورة أو ربما انتهى بهم المطاف إلى داخل السجون الأميركية.
وقال العديد من قادة «طالبان»، خلال مقابلات شخصية لأجل هذا المقال، إنه خلال الشهور الأولى التي تلت الغزو الأميركي، كانوا بالكاد يحلمون بيوم يتمكنون فيه من محاربة الجيش الأميركي الغازي. غير أن تلك الآمال تهاوت سيما بعد أن أعادت قيادة الحركة تجميع شتاتها في الملاذات الآمنة التي وفّرها لهم الجيش الباكستاني –حتى في الوقت الذي كانت الحكومة الباكستانية تتلقى فيه مئات الملايين من الدولارات من المساعدات الأميركية.
ومن تلك الملاذات الآمنة، شرعت قيادة الحركة في التخطيط لشن حرب الاستنزاف طويلة الأمد ضد القوات الأميركية في أفغانستان. وبدءاً من الهجمات الإقليمية الأكثر خطورة ودموية في عام 2007، عكفت الحركة المتمردة على إحياء وصقل أساليب الحرب القديمة التي نُفّذت بتمويل من حكومة الولايات المتحدة ضد القوات السوفياتية في نفس الجبال وعلى نفس التضاريس، ولكنها باتت الآن موجهة ضد الجيش الأميركي في البلاد.
* خدمة «نيويورك تايمز»



الحقيقة بين حَربَيْن: يوليو 2006 - أكتوبر 2023

رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة (غيتي)
رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة (غيتي)
TT

الحقيقة بين حَربَيْن: يوليو 2006 - أكتوبر 2023

رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة (غيتي)
رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة (غيتي)

المحنة الخطيرة التي تعرّض لها لبنان في عام 2006، بالمقارنة مع المحنة التي لا يزال يتعرّض لها منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وحتى الآن، تبينان أن هناك أوجه شبه متعددة في جذورهما، كما أن هناك فروقات شاسعة بينهما، لا سيما بسبب تغير الظروف والأحوال.

منذ اللحظة التي قام بها العدو الإسرائيلي بعدوانه على لبنان في شهر يوليو (تموز) 2006، بحجة العملية العسكرية لـ«حزب الله» واختطافه عنصرين من الجيش الإسرائيلي، دعوتُ مجلس الوزراء للانعقاد والبحث في مخاطر هذا العدوان وتداعياته، واتخاذ التدابير، لحماية الأمن الوطني وحماية أمن اللبنانيين وسلامتهم، في المناطق التي أصبح يستهدفها، وللحؤول دون إفراغ الجنوب اللبناني من أهله.

لقد طرحتُ الأمر على مجلس الوزراء، وقلتُ بوضوح، إننا كحكومة فوجئنا ولم نكن على علم مسبّق بهذه العملية، وإننا لا نتبناها، ونستنكر عدوان إسرائيل على لبنان، وعلى سيادته وعلى الشعب اللبناني، وعلينا تقديم شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن، والمطالبة بوقف إطلاق النار.

المسافة بين الدولة و«الحزب»

بذلك نجحت الحكومة آنذاك في إيجاد مسافة واضحة بين الدولة اللبنانية و«حزب الله»، وهو ما أفسح المجال أمامها في مخاطبة المجتمعين العربي والدولي، والتواصل معهما من أجل مساعدة لبنان وتعزيز صموده. وهذا أيضاً ما أهّلها ومكّنها بعد ذلك، وفي ظل عنف الجرائم التي باتت ترتكبها إسرائيل إلى أن تكتسب دور الضحية الذي حاولت إسرائيل أن تلبس رداءه منذ صباح الثاني عشر من يوليو (تموز).

حرصت منذ ذلك الوقت على أن تكون الدولة اللبنانية بكل مكوناتها وإمكاناتها هي المسؤولة عن كل ما يجري، وعن معالجة نتائج ما حصل وما سيحصل، وأنها ستتحمل مسؤولياتها باتخاذ كل القرارات والإجراءات التي تحمي لبنان واللبنانيين، وتوفير مقومات صمودهم والاهتمام بالنازحين اللبنانيين.

منذ ذلك اليوم، تحوّل السراي الحكومي إلى ورشة عمل وطنية لا تهدأ، كما تحول أعضاء الحكومة إلى فريق عمل واحد للدفاع عن لبنان، والعمل على استنهاض الجهود في كل إدارات الدولة ومرافقها وإمكاناتها من أجل توفير مقومات الحياة للبنانيين، كما استنهاض المجتمع المدني للقيام بدورهم بواجب الدفاع عن لبنان.

على المستوى الخارجي، تكثّفت الاتصالات اليومية وبالتعاون مع وزير الخارجية اللبناني بكبار المسؤولين في العالم، من الأمين العام للأمم المتحدة، ومروراً برؤساء الدول العربية الشقيقة، وكذلك الدول الصديقة ممن يملكون القرار، ولهم القوة والنفوذ والتأثير الدولي، وكان مطلبنا الأساسي والأول من مجلس الأمن الدولي وقف إطلاق النار.

في ذلك الوقت، استمرّ العدو الإسرائيلي في شن الحرب على لبنان، وفي استهداف المنشآت والمرافق، وتدمير الجسور والطرقات والمدارس والأبنية في القرى والبلدات، بينما جهدت الحكومة من أجل استنهاض العالم والمنظمات الدولية لإدانة ووقف ما يعانيه لبنان، وما يتعرّض له من مخاطر.

مهجرون في حرب تموز 2006 يعودون إلى مناطقهم بعد وقف إطلاق النار (غيتي)

خطة النقاط السبع

في ذلك الوقت، بادرت مع مجلس الوزراء، وبحضور رئيس الجمهورية ومشاركته الفعالة إلى بلورة صيغ الحلول للبنان، ووضعها بمتناول رؤساء دول العالم ومجلس الأمن من أجل وقف الحرب على لبنان ولإنهاء العدوان الإسرائيلي، حيث أقرت الحكومة خطة النقاط السبع التي عرضْتُها في مؤتمر روما، والتي اعتمدها مجلس الأمن من ضمن بناءاته في إصدار القرار الدولي بوقف إطلاق النار.

صدر القرار رقم 1701 عن مجلس الأمن، وتوقفت الحرب، وعاد النازحون إلى ديارهم وقراهم ابتداء من يوم 14 أغسطس (آب) 2006، وأنجزت ورشة البناء والإعمار للبنى التحتية وللأبنية المدمرة والمتضررة على أعلى درجات الكفاءة والصدقية والفاعلية والسرعة، وبفضل المساعدات الكريمة التي قدمتها الدول العربية، لا سيما دول الخليج، والدول الصديقة، والتي استند لبنان في الحصول عليها على الثقة التي رسختها الحكومة اللبنانية في علاقاتها مع جميع الأشقاء والأصدقاء. وبناء على ذلك، فقد عاد لبنان من جديد إلى نهوضه وازدهاره، ولممارسة دوره الطبيعي عربياً وعالمياً، وحيث استطاع لبنان خلال السنوات من 2007 إلى 2010 أن يحقق أعلى نسبة نمو في تاريخه الحديث لـ4 سنوات متوالية، وأن يحقق فائضاً سنوياً كبيراً في ميزان المدفوعات، وكذلك فائضاً إيجابياً كبيراً في مجموع الاحتياط من العملات الأجنبية لدى المصرف المركزي، وخفضاً نسبياً كبيراً في نسبة الدين العام اللبناني إلى ناتجه المحلي.

لقاء رئيس الحكومة الاسبق فؤاد السنيورة بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل للاتفاق على مشاركة ألمانيا في قوات "يونيفيل" في 2006 (غيتي)

وحدة ساحات بلا مقوّمات

بالمقارنة، فإنَّ ما حصل في 8 أكتوبر عام 2023، نتيجة مبادرة «حزب الله» مستنداً إلى نظريته بوحدة الساحات، وهو قد قام بذلك منفرداً وعلى مسؤوليته، ومن دون اطلاع أو معرفة السلطات الشرعية في لبنان إلى إشعال الجبهة على حدود لبنان الجنوبية مع فلسطين المحتلة، وأيضاً دون الأخذ بالحسبان الظروف شديدة الصعوبة التي بات يعاني منها لبنان آنذاك، ولا يزال.

صباح اليوم التالي، في 8 أكتوبر 2023، أصدرتُ بياناً شدّدت فيه على أن لبنان لا يستطيع، ولا يمكن أن يُزجَّ به في هذه المعركة العسكرية، وعددت 5 أسباب أساسية فحواها الأزمة الوطنية والسياسية لعدم انتخاب رئيس للجمهورية، وعدم تأليف حكومة مسؤولة، والضائقة الاقتصادية الخانقة، وأزمة النازحين السوريين، وانحسار الصلات الوثيقة مع دول الاحتضان العربي، وعدم توفر شبكة الأمان العربية والدولية التي حمته في عام 2006، وكذلك عدم وجود عطف أو تأييد لدى غالبية اللبنانيين لدعم مثل هذا التدخل العسكري.

الآن، ولأنّ القرار 1701 لم يطبق كما يجب، ولأنَّ الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لم يلعبا دورهما في السهر على تطبيق جميع القرارات الدولية ذات الصلة بلبنان وبالقضية الفلسطينية كما يجب، وحيث أثبتت إسرائيل أنها لا تسعى لتحقيق السلام العادل والدائم في المنطقة، ولا تعترف بالقانون الدولي، ولا بالشرعية الدولية، ولا بالحقوق الإنسانية، وتمعن في جرائم الإبادة والقتل والتدمير في غزة والضفة الغربية، وترتد اليوم على لبنان لتعود وتقتل المدنيين وتهجر الآمنين وتدمر المنازل والمنشآت، وتَستعْمِل وسائل التكنولوجيا الحديثة واصطياد الناس الآمنين.

دور وطني يبحث عن أبطال

الآن، وقد أصبحنا على ما نحن عليه، من إرغامات ومن عوائق، وكذلك من نوافد يمكن الولوج منها نحو إخراج لبنان من نير هذا العدوان الإسرائيلي، فإنّه باعتقادي أن في لبنان الآن دوراً وطنياً كبيراً، يبحث عن أبطاله وفي غياب رئيس للجمهورية، وهما بنظري الرئيس نبيه بري بكونه رئيس السلطة التشريعية، والرئيس نجيب ميقاتي بكونه رئيس حكومة تصريف الأعمال، وعليهما أن يكتسبا بجهودهما وتفانيهما، شرف وأجر هذا الدور وهذه البطولة، وعلى جميع المسؤولين والحريصين على إنقاذ لبنان، أن يبادروا إلى مساعدتهما عبر تبني النقاط الست الآتية:

أولاً: إنَّ الواجب الوطني يقتضي من جميع اللبنانيين التضامن والتماسك والتصرف على قاعدة الوحدة والأخوة الوطنية الواحدة، وأن الشعب اللبناني بِرُمَّته يشجب ويدين هذا العدوان الإسرائيلي الغاشم الذي يستهدف لبنان كله والصيغة اللبنانية، بتآلف عناصرها وتفاعلها، والتي لا تحتمل غالباً أو مغلوباً.

بري متوسطاً ميقاتي وجنبلاط في لقاء عين التينة الأربعاء (إ.ب.أ)

ثانياً: إنَّ الحلول للبنان لن تكون ويجب ألا تكون إلا عبر الحلول الوطنية الجامعة، التي تركّز على التمسك بحسن واستكمال تطبيق اتفاق الطائف والدستور اللبناني، وبالدولة اللبنانية وسلطتها الواحدة والحصرية، وبقرارها الحر ودورها المسؤول في حماية الوطن والسيادة الوطنية، ومسؤوليتها الكاملة تُجاه شعبها وأمنه واستقراره.

ثالثاً: بما أنّ العدوان يطال كل لبنان ويصيب كل اللبنانيين، وليس من أحد منهم يتوسَّل العدوان الإسرائيلي، لكي يستفيد أو يدعم موقفه السياسي، فإنّ التفكير والبحث يجب أن ينصبَّ على ضرورة أن تعود الدولة اللبنانية لتأخذ على عاتقها زمام الأمور والمسؤولية، وما يقتضيه ذلك من موقف وطني جامع، بحيث يحتضن اللبنانيون بعضهم بعضاً ويكون همهم الوحيد إنقاذ لبنان وإخراجه من أتون هذه الأزْمة المستفحلة والخطيرة، التي تهدّد كيان الوطن ووحدة اللبنانيين وتماسكهم ومصيرهم.

رابعاً: مطالبة مجلس الأمن الدولي بإصدار قرارٍ بوقفٍ فوري لإطلاق النار في لبنان، وتَحَمُّلِ مسؤولياته في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، عبر التزام جميع الأطراف بالتطبيق الكامل والفوري للقرار الدولي 1701 بمندرجاته كافة، واحترام جميع القرارات الدولية ذات الصلة.

خامساً: مبادرة رئيس المجلس النيابي بدعوة المجلس إلى الانعقاد لمناقشة المخاطر التي تتربص بالدولة اللبنانية وبالشعب اللبناني بما يحفظ الكيان اللبناني، ويحترم الدستور اللبناني، ويحافظ على وحدة لبنان وسلامة أراضيه. كما الدعوة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية دون أي إبطاء. رئيس يستطيع أن يجمع اللبنانيين، وبالتالي لتشكيل حكومة مسؤولة تتولى التنفيذ الكامل للقرار 1701، وتعمل لاستعادة العافية والسيادة اللبنانية وتعزيز دور الدولة اللبنانية الكامل في الحفاظ على استقلال وسيادة، وحرية لبنان، واستعادة نهوضه، واستقراره.

سادساً: السعي مع جميع الأشقاء العرب وجامعة الدول العربية بكونهم أشقاء الدم والهوية، وكذلك مع جميع الدول الصديقة والمؤسسات الدولية الإنسانية لتقديم كلّ المساعدات اللازمة والعاجلة لصيانة كرامة النازحين المنتزعين من بلداتهم وقراهم والحفاظ على كرامة اللبنانيين، وكذلك لتأمين العودة العاجلة والفورية لعودة النازحين إلى بلداتهم وقراهم ووضع الآليات ورصد المبالغ اللازمة لإعادة إعمار ما تهدم وما تضرر.

لقد أثبتت هذه المحنة الجديدة أن لبنان لم يستفِد من تجربة ودروس عام 2006، وأنه بات مكشوفاً بتفاصيله أمام العدو الإسرائيلي الذي استثمر تفوقه الناري والجوي والتكنولوجي والاستخباراتي والدعم الدولي اللامحدود له بالترخيص بالقتل والتدمير، وهو الذي لا يزال يُراهن على التسبب بالانقسام، والفتنة بين اللبنانيين، التي لا ولن تحصل بإذن الله، وهو لذلك لم يتورع عن ارتكاب المجازر والاغتيالات، التي كان آخرها اغتيال الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله.

اليوم لبنان والعالم كله أمام الامتحان، فهل تقف الأمم المتحدة ومجلس الأمن لمناصرة الحق، وهل يبادر اللبنانيون بكل قواهم، للدفاع عن حق لبنان واللبنانيين في الوجود الكريم والآمن، وتلقين إسرائيل درساً في معنى الحق والإنسانية واحترام حقوق الإنسان؟!