مع انكسار أشعة الشمس الحارقة قبل نحو ساعة من موعد غروب الشمس، يتسابق عشرات الفتية للصعود إلى أسطح عمارات المناطق الشعبية بإقليم القاهرة الكبرى، للاستمتاع بإطلاق الطائرات الورقية ذات الأشكال المتنوعة، والألوان المبهجة إلى السماء حتى ظهور الشفق الأحمر، فبعد أن حرمتهم جائحة «كورونا» من ممارسة هواياتهم المفضلة على الأرض، حاولوا البحث عنها في السماء، عبر طائرات ورقية زهيدة الثمن.
وتتزين سماء المناطق الشعبية بالعاصمة المصرية كل مساء بمئات الطائرات الورقية، بعد أن هجرت طائرات الركاب الصاخبة، سماء المدينة بفعل «كوفيد - 19»، وتتفاوت درجة ارتفاع الطائرات الورقية عن الأرض، وتصل أحياناً إلى نحو 150 متراً من مستوى الشوارع.
وليد يحيى، 15 سنة، مقيم بحي بولاق الدكرور، بالجيزة (غرب القاهرة)، كان يداوم على لعب كرة القدم مع أصدقائه بأحد ملاعب مراكز الشباب المجاورة لمحل إقامته، لكن بعد إغلاق المركز بسبب جائحة «كورونا»، لجأ إلى ممارسة الرياضة التي يحبها في أحد شوارع الحي الرئيسية التي تغطيها أضواء الأعمدة البيضاء، في وقت متأخر من الليل مع انعدام حركة السيارات في ظل تطبيق حظر التجول، ومع وجود وقت فراغ طويل لا يفضل يحيى قضاءه في المنزل خوفاً من إصابته بالملل، عاد إلى هوايته القديمة وهي إطلاق الطائرات الورقية في سماء القاهرة.
ويقول يحيى لـ«الشرق الأوسط»: «بمجرد الصعود إلى سطح العمارة التي أقيم بها، وبعد إطلاق طائرتي إلى عنان السماء، أشعر بأنني في منافسة قوية مع عدد كبير آخر من أبناء الجيران على التحليق للأعلى، في مشد بانورامي مثير ورائع».
وتتنوع أشكال الطائرات الورقية على هيئة المثلث والمكعب والمربع، وتتكون من البوص الجاف والبلاستيك الشفاف، والخيط «الدوبارة»، ويسمى بعض أنواعها بأسماء مختلفة على غرار «وردة»، و«نجمة»، و«برميلي»، و«مثلث».
وتنتعش عمليات بيع الطائرات الورقية في موسم الصيف في عدد كبير في المدن والقرى المصرية، ويتراوح سعرها ما بين 30 جنيهاً وحتى 300 جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري) حسب الحجم، والمكونات. وتساعد مكوناتها البسيطة والرخيصة في إقبال الآلاف عليها كل موسم، وفق محمد إبراهيم، 40 سنة بائع طائرات ورقية بشارع العشرين، بالجيزة (غرب القاهرة). ويزين هذه الطائرات ذيل بلاستيكي من نفس لون الطائرة الدائرية أو المربعة، ما يمنحها مزيداً من الجمال.
وتسبب فيروس «كورونا» بإغلاق المدارس، والأندية الرياضية والاجتماعية والمقاهي والكازينوهات ودور السينما والمسارح ومراكز الترفيه الإلكترونية في مصر، كما منع ملايين المصريين من الاحتفال بعيد شم النسيم في شهر أبريل (نيسان) الماضي، إلى جانب حرمانهم من الاستمتاع بطقوس شهر رمضان الشهيرة في مصر، على غرار حفلات الإفطار والسحور الجماعي، والحفلات الموسيقية بدار الأوبرا المصرية ووكالة الغوري الأثرية وغيرها، بالإضافة إلى حرمانهم من الاحتفال بعيد الفطر المبارك الماضي لأول مرة منذ عقود.
وتفرض السلطات المصرية حظر تنقل من الساعة الثامنة مساءً حتى الخامسة صباحاً، مع استمرار إغلاق المراكز والمحال التجارية والمطاعم في تمام الخامسة مساءً.
ورغم انتشار مراكز الـ«بلاي ستيشن» بشكل لافت في معظم أنحاء المدن المصرية في السنوات الأخيرة واعتبارها الوسيلة الترفيهية الأكثر استخداماً بين صفوف الأطفال، فإنّ جائحة «كورونا» أعادت الأطفال إلى تلك الممارسات القديمة ومن بينها «إطلاق الطائرات الورقية»، خصوصاً بعد إغلاق مراكزها خوفاً من تفشي العدوى، وفق يحيى.
«طيارة ورق»... حيلة الأطفال لكسر رتابة حظر «كورونا» بمصر
تحلّق في سماء المناطق الشعبية مع حلول المساء
«طيارة ورق»... حيلة الأطفال لكسر رتابة حظر «كورونا» بمصر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة