كشف محمد بنعبد القادر، وزير العدل المغربي، أن وزارته بصدد وضع اللمسات الأخيرة على مخطط توجيهي للتحول الرقمي لمنظومة العدالة، سيتم الإعلان عنه رسميا خلال الأيام القليلة المقبلة بشكل مفصل.
وأكد بنعبد القادر في عرض قدمه مساء أمس أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، حول الإجراءات المتخذة من طرف الوزارة لمواجهة تفشي وباء «كورونا» المستجد، أن عملية التقاضي عن بعد، التي تم إطلاقها في 27 من أبريل (نيسان) الماضي بتنسيق مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية، ورئاسة النيابة العامة وجمعية هيئات المحامين بالمغرب والمندوبية العامة لإدارة السجون، تعتبر محطة أولى في هذا المخطط. معتبرا أن هذا الإجراء التاريخي سيمكن من اقتحام عالم الرقمنة، والتواصل عن بعد في العمل القضائي من أوسع أبوابه.
وأبرز المسؤول الحكومي أن هذا المخطط سيمكن الانتقال بنموذج الإدارة القضائية والعدالة إلى نموذج يدمج تقنيات التواصل عن بعد، والذكاء الصناعي في مختلف مراحل الخدمة القضائية، سواء تعلق الأمر بالمساطر (الإجراءات)، من قبيل طلب السجل العدلي أو التجاري، أو ما يتعلق بالتقاضي أي المحاكمات، أو بالتواصل، مؤكدا أنه يتعين على المهن القضائية التوفر على أرضيات ومنصات رقمية للتواصل، وتدبير وتخزين وتقاسم وإنتاج المعلومة.
وأشار الوزير المغربي إلى أنه اعتبارا لطبيعة المعلومات، التي يتم تداولها أثناء المحاكمة، سواء من حيث حساسيتها أو وطبيعتها، فقد تم الاعتماد على النظام المسموع والمرئي الداخلي الخاص بوزارة العدل، والمثبت على خوادمها المركزية الموجودة بمركز بيانات الوزارة، حيث تم إعطاء الأولوية والأهمية القصوى لجانب الأمن المعلوماتي، واحترام كافة التوجيهات الصادرة عن مديرية أمن نظم المعلومات بإدارة الدفاع الوطني لضمان حماية وأمن النظام المسموع والمرئي المستعمل.
كما سجل الوزير بنعبد القادر أن تقنية المحاكمة عن بعد حظيت بإشادة كبيرة من طرف كل الفاعلين والمتدخلين في منظومة العدالة، وساهم في حماية المعتقلين والسجناء وموظفي المؤسسات السجنية والقضاة، وموظفي المحاكم من خطر نقل عدوى الفيروس من وإلى السجون، كما ساهم في الإفراج عن عدد من المعتقلين ومعانقتهم الحرية.
كما مكنت التقنية، يضيف الوزير «من البت في قضايا هؤلاء داخل أجل معقول، لذلك فنحن مرتاحون جدا لما تحقق من نتائج، ونعمل بشكل متواصل على تقييم هذه التجربة من الناحية التقنية، والتدخل لتجويدها وتطويرها، وتدارك كل نقص أو إشكال طارئ، وتوفير كل شروط النجاح لها، وذلك بالتنسيق والتشاور مع شركائنا في المنظومة».
وذكر الوزير بنعبد القادر بأنه بعد اللجوء الى تقنية التقاضي عن بعد، الذي فرضته الظرفية الاستثنائية، قامت الوزارة بإنشاء ما يناهز 190 حسابا إلكترونيا، وزعتها على المحاكم والمؤسسات السجنية، إذ تم التنسيق مع المسؤولين القضائيين والمديريات الجهوية لإدارة السجون لتجهيز المحاكم وقاعات مهيأة على مستوى المؤسسات السجنية بحواسيب معدة لهذه العملية، وتم تثبيت البرامج اللازمة في ظرف أربعة أيام فقط.
ورغم غياب نص تشريعي يتيح إمكانية اللجوء إلى هذه التقنية، يقول بنعبد القادر، فإن الظروف العامة التي تجتازها المملكة بسبب هذا الوباء، وحرص جميع مكونات العدالة على الانخراط في المجهود المبذول من طرف الدولة لمحاصرته، والحد من تفشيه، وسعيا لضمان الأمن الصحي للقضاة وموظفي هيئة كتابة الضبط والمحامين والمعتقلين، فقد انعقدت بجميع محاكم الاستئناف بالمملكة اللجان الثلاثية المكونة من الرؤساء الأولين لهذه المحاكم والوكلاء العامين للملك لديها، ونقباء هيئات المحامين، وتم الاتفاق على اعتماد هذه التقنية اعتبارا لنجاعتها وأهميتها في الظروف الراهنة.
وأكد المسؤول الحكومي أن عملية التقاضي عن بعد تتم في جو يضمن العلنية والحضورية، والتمتع بكل ضمانات المحاكمة العادلة المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية والمواثيق الدولية، كما أن الفضاء المخصص لهذه العملية داخل المؤسسة السجنية تم تجهيزه بما يضمن محاكمة عادلة للمتهم، ويتيح له التواصل مع هيئة المحكمة بحرية، ودون أي ضغط أو إكراه.