تونس: زعيم «النهضة» يدعو إلى «التهدئة» عشية «جلسة سحب الثقة»

TT

تونس: زعيم «النهضة» يدعو إلى «التهدئة» عشية «جلسة سحب الثقة»

عشية عقد جلسة برلمانية مقررة اليوم لـ«سحب الثقة» من رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي، وفق تصريحات المعارضة، و«الحوار معه حول حدود تطبيق الدبلوماسية البرلمانية»، حسب حركته «النهضة» وعدد من أحزاب الائتلاف الحاكم، دعا الغنوشي، أمس، إلى «التهدئة».
وفي افتتاح جلسة برلمانية عامة، أمس، طالب الغنوشي الذي يواجه انتقادات حادة بسبب اتصاله الهاتفي مع رئيس حكومة «الوفاق» الليبية فائز السراج لتهنئته باستعادة قاعدة «الوطية» العسكرية، «جميع فئات الشعب والنخب والأحزاب السياسية بمختلف توجهاتها وانتماءاتها»، بـ«التضامن ورصّ الصفوف والتهدئة والتوافق لما فيه مصلحة الشعب».
وأضاف الغنوشي أنه «إثر النجاح في الانتقال الديمقراطي والسياسي في تونس، لا بد من التوجه إلى المجتمع؛ خصوصاً إلى الفئات الضعيفة والمهمشة وإلى الجهات المحرومة، لتحقيق التنمية المطلوبة للجهات كافة»، معبراً عن أمله في «مضاعفة الجهد لكسب رهان التنمية والعدل الاجتماعي بين مختلف فئات الشعب».
وعشية جلسة مساءلة الغنوشي حول دعمه لطرف ليبي على حساب الآخرين، قال الأمين لعام للاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال) نور الدين الطبوبي إن «الأزمة الحقيقية في تونس هي أزمة المخاتلات السياسية وتفاقم عدم الثقة بين السلطة والتونسيين».
وانتقد خلال افتتاحه المكتب التنفيذي الموسع للاتحاد، أمس، «ضعف البنية الاجتماعية» إثر تعرض البلاد لوباء «كورونا». وأشار إلى «الولادة القيصرية لحكومة إلياس الفخفاخ»، معتبراً أنها «حكومة تقشف ستضرّ أكثر بالطبقات الاجتماعية الضعيفة»، في إشارة إلى قرارها عدم الانتداب في القطاع العام خلال سنة 2021، وتحديد النفقات والمصاريف الحكومية إلى حدها الأدنى.
وأفاد بأن مختلف الأرقام المتداولة حول الوضع الاقتصادي في تونس «لا تمت للواقع بصلة، لأن الأرقام الحقيقية صادمة جداً»، مشيراً إلى أنه كان قد طالب في لقائه الأخير مع رئيس الحكومة «بمصارحة التونسيين بهذه الحقيقة الصادمة».
وقبل التوجه إلى البرلمان لتحديد مدى فداحة الأخطاء التي ارتكبها الغنوشي بانضمامه إلى محاور إقليمية، ودعوة بعض الأحزاب السياسية، وعلى رأسها «الحزب الدستوري الحرّ» إلى سحب الثقة منه، نجحت أحزاب الائتلاف الحاكم في صياغة موقف موحد يستند إلى «رفض كل أشكال الفوضى والمسّ بدعائم الاستقرار السياسي».
وقال هشام العجبوني، رئيس «الكتلة الديمقراطية» في البرلمان، التي تضم 41 صوتاً، وتجمع «التيار الديمقراطي» و«حركة الشعب»، وبعض المستقلين، إن سحب الثقة من رئيس البرلمان «أمر غير مطروح»، وإن تقارب حزبه مع «الدستوري الحر» غير وارد.
ونفى رئيس كتلة «تحيا تونس» مصطفى بن أحمد التنسيق مع «الدستوري الحرّ» في شأن لائحة سحب الثقة من الغنوشي. وقال: «تم تبادل الحديث والآراء، وذلك لا يعد تنسيقاً». وأشار إلى أن «الكتلة البرلمانية ستطرح التجاوزات التي جرت في رئاسة البرلمان بخصوص العلاقات الدولية، والتي تكررت في مناسبتين»، في إشارة إلى زيارة الغنوشي للرئيس التركي رجب طيب إردوغان، إضافة إلى اتصاله الهاتفي مع السراج.
وفيما يتعلق بتلويح «النهضة» بإجراء تعديل حكومي، والاتجاه إلى توسيع الائتلاف الحاكم، قال بن أحمد إن «الائتلاف الحكومي الحالي هشّ بطبيعته، ولم يستطع أن يحقق قدراً من الانسجام المقبول». واعتبر أن مثل هذه الدعوات «تأتي في إطار المناورات أكثر من المقترحات السياسية».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.