ستيف كارَل لـ«الشرق الأوسط»: الجمع بين الجدّية والكوميديا ميزة العمل الناجح

«سبايس فورس»... فضاء من القضايا في مسلسل جديد

أمام مهمّة صعبة
أمام مهمّة صعبة
TT

ستيف كارَل لـ«الشرق الأوسط»: الجمع بين الجدّية والكوميديا ميزة العمل الناجح

أمام مهمّة صعبة
أمام مهمّة صعبة

هناك شركة إنتاج هوليوودية جديدة اسمها «3Arts» كانت قد أطلقت في مطلع هذه السنة فيلم «The Call of the Wild»، بطولة هاريسون فورد، وأتبعته بالفيلم الحالي «The Lovebirds»، مع إيسا راي وكميل نانجياني. لكنّ أبرز إنتاج جديد لها ليس فيلماً سينمائياً، بل مسلسلاً تلفزيونياً عنوانه «Space Force» تعرضه هذا الشهر مؤسسة «نتفليكس» المعروفة.
قبل أن يذهب بنا الخيال بعيداً، فإنّ «سبايس فورس» ليس مغامرات فضائية على غرار «ستار وورز»، ولا هو برحلات جوية في الفضاء المجهول كما هي الحال مع أفلام «ستار ترك». على العكس، فحلقاته العشر الأولى (التي سيتبعها مزيد) تدور على سطح الأرض، وأغلب أحداثها تقع في مركز فضائي أُسّس بأمر من البيت الأبيض بعدما شعر بأنّ الصين وروسيا (على الأخص) باتتا على أهبة تحقيق السباق صوب الفضاء، وإنجاز حضورهما في الكواكب المحيطة.
فعلياً، وفي إحدى الحلقات المبكرة من هذا المسلسل، نشاهد مع بطل المسلسل الكوميدي الجيد، ستيف كارَل، هبوط مركبة فضائية صينية على سطح القمر قبل وصول مركبة فضائية أميركية، وبسط الأولى أذرعها على المنطقة حيث هبطت. وفي مجرى الأحداث، تدّعي الصين ملكيتها لتلك البقعة الشاسعة من أرض القمر، متجاهلة القوانين والاتفاقات الدولية التي تمنع دولة ما من استيطان الكواكب الأخرى وامتلاكها.
وعندما يحاول الجنرال مارك نيرد (كارَل) التذكير بأن بسط الهيمنة مخالف للقوانين، يتجاهل المسؤول الصيني النقاش معه حول هذه النقطة، ويقطع الاتصال به. لكن الجنرال نيرد ليس من النوع الذي يقبل الهزائم؛ نراه في الحلقات العشر الأولى يقاتل على أكثر من جبهة. فهناك هذه المسألة ذات الأهمية القصوى المتعلقة بتطوير إمكانات الولايات المتحدة الفضائية (حدث أن دونالد ترمب ذكر قبل أسابيع قليلة أن الولايات المتحدة تطوّر نوعاً جديداً من الأسلحة الفضائية التي لا يوجد لها مثيل)، ثم هناك مسألة أن زوجته تقضي عقوبة في السجن (عنصر غير متوفر في أي مسلسل يتضمن قائد جيش)، ومسألة النزاع الداخلي والمنافسة على احتلال مقعده من قِبَل جنرال آخر… ثم هناك جبهته العاطفية: بغياب زوجته (التي يحب)، لا بد له أن يبحث عن فرصة عاطفية جديدة بعدما تمنّع عن ذلك منذ وقت طويل. وعندما يجد الفرصة، يفاجأ بموقف ابنته إرين (دايانا سيلفرز) من الموضوع، ورفضها له.
يقوم المسلسل بأسره على كيف حارب الجنرال نيرد على كل الجبهات، ودفع برجاله إلى سلسلة تدريبات لتأكيد قدراته القيادية، وواجه مصاعب الإدارة من جهة، والعملية والعسكرية من جهة أخرى، كل ذلك بعناد وتصميم مكناه من تجاوز العقبات حتى النهاية التي توحي لنا بأنّ الحلقات اللاحقة من المسلسل قد تنتقل بنا إلى آفاق جديدة من الموضوعات المطروحة.
- في الصدارة
لكن ما يطرحه هذا المسلسل الجيّد ليس متمحوراً حول شخصية الجنرال نيرد ومواقفه فقط، إذ يطرح المسلسل مسائل مهمّة تدخل في أطر سياسية مختلفة. فهناك السعي لكسب الرهان الفضائي، وهناك مجلس القيادة العسكري المصغّر الذي يحتوي على عسكريين ومدنيين متناقضي الوجهات والآراء، وهناك جملة من القضايا القومية الأميركية، وبجانبها ذكر لمواقف وقضايا عالمية تدور في الفلك ذاته.
ما سبق، على وفرته وثرائه وجديته في المقام الأول، لا يعني أنّ المشاهد سيمضي الوقت في مواجهة مسلسل من المشكلات العبوسة. نعم، هي مشكلات وقضايا جادّة، لكنّها في الوقت ذاته تستفيد من حضور ستيف كارَل، الكوميدي الأول نجاحاً وموهبة، ومن كتابة ساخرة تجعل كل شيء يبدو كما لو كان نزهة في رحابٍ سوريالية.
أكثر من ذلك، لا يجب الاعتقاد أن «سبايس فورس» مجرد مسلسل تلفزيوني من النوع ذاته الذي تم تدجينه في مكاتب المحطات التلفزيونية سابقاً، بل هو أكبر حجماً منها جميعاً. في الواقع، يبدو كما لو أنه كان فيلماً سينمائي الإنتاج من عشر حلقات (كل حلقة 40 دقيقة)، لكي يُبث على الشاشات المنزلية.
ستيف كارَل يبقى في صدارة الممثلين. قائمة هؤلاء تتضمن جون مالكوفيتش في دور عالم الفضاء الذي يعمل تحت إشراف الجنرال نيرد، لكنّه من الجرأة بحيث يستطيع نقده، بل والتلويح بالاستقالة إذا لم يؤخذ كلامه على محمل الجد.
ومع أن المسلسل مليء بالوجوه والشخصيات التي تؤديها، فإنّ العلاقة القائمة على التناقض بين الاثنين تستولي على الاهتمام. هنا لدينا جنرال متزمّت عنيد منضبط إلى حد بعيد، وعالم أكثر ثقافة وعلماً. والحوار بين الاثنين يقف على الحافة الرفيعة بين إثارة الضحك وإثارة الإمعان في فحواه. كلاهما رائع في أدائه.
كان لا بد، والحال هذه، من السعي لإجراء محادثة، ولو عبر الإنترنت -كما هي حال كل اللقاءات والمقابلات الصحافية مع طواقم الفنانين هذه الأيام- مع ستيف كارَل الذي أضاف إلى فن الكوميديا ما لم يضفه سواه منذ عدة عقود: القدرة على مزج الحركة البدنية بالموقف والحوار، وتكوين هذا النوع من الأداء البعيد عن التهريج، بصرف النظر عن الشخصية التي يؤديها. وقد أدّى بطولة أكثر من 50 دوراً على الشاشة الكبيرة، ونحو 20 دوراً في برامج ومسلسلات تلفزيونية مختلفة، قبل هذا العمل الذي شارك في إنتاجه وإعداده مع المنتج غريغ دانيالز.
- شرط أساسي
حين يتحدث ستيف (عن بعد)، تلحظ إلمامه الكامل بالمشروع الذي أنجزه، خصوصاً لدى سؤاله عن هذا اللقاء بين الموضوع الجاد والمنهج الساخر الذي يصاحبه:
أعتقد أنّ هذا هو المنهج الوحيد الذي يمكن أن يضمن وصول الرسالة إلى المشاهدين على اختلافهم؛ أولئك الذين ينتظرون طرح مسائل سياسية واجتماعية مهمّة لن يخيب أملهم لأنّ المعالجة كوميدية، والذين يتوقعون من المسلسل حضوراً في الكوميديا سيجدون ما يبحثون عنه. الجمع بين الموضوع الجاد والتعبير الكوميدي عنه يميّز العمل الناجح، ويؤدي إلى لقاء مثالي يُتيح إنجاز كثير من الطّروحات من دون ثقل ذلك الطرح.
> في حلقة مبكرة من المسلسل، يسأل أحدهم الجنرال إذا ما فكّر يوماً بشق طريقه صوب مهنة مختلفة تماماً عن عمله الحالي. سؤالي: هل طرحت على نفسك هذا السؤال سابقاً؟ هل كان لديك خيار في العمل بعيداً عن التمثيل؟
- كنت دائماً أحب التمثيل، لكنك تذكرني بأنني كنت أستطيع فعلاً العمل في وظائف أخرى كثيرة. لفترة من الوقت، كان متاحاً لي دخول سلك الوظائف في مؤسسات تجارية. وفي البداية، غازلتني فكرة أن أصبح محامياً. الآن، يبدو لي هذا التفكير غريباً إلى حد بعيد؛ أنا مرتاح الآن لاختياري مجال التمثيل، فقد كان دائماً في صميم ما تمنيته لنفسي.
> هناك قضايا كثيرة مثارة في «سبايس فورس»، عاطفية وشخصية وسياسية وعلمية. هناك حديث عن تصرّف المسؤولين حيال السباق الجديد صوب الفضاء، وموقف الصين غير المتجاوب مع الولايات المتحدة. أي من هذه المسائل استدعى اهتمامك أكثر من سواه؟
- هذا سؤال جيد. أعتقد أن ما ذكرته هو جملة من المسائل التي إذا جمعتها تصبح موضوعاً شاملاً. نمر في ظروف عالمية صعبة تفرض تعاوناً مثمراً بين الدول وبين المجتمعات المختلفة. «سبايس فورس» يطرح عدة قضايا تلتقي على نحو غير مباشر تحت مظلة ما نحتاج إليه في عالمنا اليوم. أعتقد أنّ الصّورة الخلفية لما يستعرضه المسلسل هي نقد لما نحن عليه اليوم.
> مجرد طرح مسائل بالغة الجدية بمنهج كوميدي هو تعامل إيجابي مع الأزمات. صحيح؟
- طبعاً. الشرط الأساسي هو أن تكون الكتابة جيدة، والكوميديا هادفة، وليست مجرد حركات وكلمات.
> كيف تصف العناصر التي تكوّن شخصيتك هنا؟
- حسناً، هو عسكري متمرّس، يعيش لعمله، صارم في قراراته، سواء أكانت صحيحة أم خاطئة. حين يخطئ لا يعترف، كما تلاحظ. لكنّه يتغيّر قليلاً أكثر بعد ذلك. فوق ذلك، هو شخصية طموحة، يعرف أساليب العمل وراء الستارة، ويدافع عن مكتسباته وآرائه وأفعاله، كما نراه يفعل في تلك الجلسات المغلقة في مركز القيادة. هناك، يواجه تحديات كثيرة، لكنّ الحيلة لا تخونه، ولديه طريقة للخروج فائزاً من تلك المواجهات.
> هل الغاية، أو إحدى الغايات، نقل الواقع؟ أقصد هل هذا ما يحدث بالفعل في الاجتماعات المغلقة: مناوشات وانتقادات وسخرية بعضهم من بعض؟
- لم أحضر أي من هذه الاجتماعات، لكنّني وشريكي (غريغ دانيالز) استوحينا ما نعتقد أنّه يحدث، ربما ليس بالدرجة ذاتها، لكنّنا نعيش في عالم مختلف اليوم عمّا كنا نعيشه سابقاً. أتصوّر أنّ كثيراً مما قدّمناه يعكس الحقيقة بحدود.
> هناك ستة مخرجين عملوا على هذا المسلسل. كيف يتم التأكد من أنّ المسلسل يبقى نسيجاً واحداً، في الأسلوب على الأقل؟
- بالحديث والاستعداد المطوّل. كل مخرج عليه أن ينتمي إلى هذا المنهج الذي وضعناه نحن المنتجين، المنهج الذي لا يمكن الانفصال عن شروطه. وهذا ليس أمراً جديداً في الحقيقة لأنّ كل المسلسلات والبرامج التلفزيونية تسعى للحفاظ على نوعياتها واندماجها تحت شروط واحدة، رغم تعدد المخرجين.
> كيف تصف العمل مع جون مالكوفيتش؟ من الخارج، يبدو مثالياً لأنكما نموذج للتناقض بين شخصيتين عليهما العمل معاً.
- هذا صحيح. أعتقد أنّ كل الأعمال الفنية عليها أن تطرح شخصيتين، أو أكثر أحياناً، على درجة كبيرة من التناقض في الآراء والمواقف؛ هذا يشحن المَشاهد بتوترٍ عالٍ، ويمنحه عنصر نجاح إضافي. أعتقد أنّنا قمنا بتفعيل هذا التناقض على نحو صحيح ونموذجي. حتى في الحركة البدنية، كلٌ منّا مختلف لدرجة التناقض.
> هناك المشهد الذي تركض فيه داخل الرّواق، ويسألك وقد تأخر عنك: «هل تركض؟»، فتجيبه بأن يسرع. هذا يوجز الاختلاف الفيزيائي بينكما.
- بالطبع. كل أنواع الدراما ترتكز على تناقض الشخصيات، وليس على التقائها. هذا طبيعي.


مقالات ذات صلة

تدشين أكاديمية آفاق للفنون والثقافة في الرياض

يوميات الشرق الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان يلتقي طلبة أكاديمية آفاق للفنون والثقافة (واس)

تدشين أكاديمية آفاق للفنون والثقافة في الرياض

دشَّن الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة، ويوسف البنيان وزير التعليم، أكاديمية آفاق للفنون والثقافة، بالتزامن مع ختام «مسابقة المهارات الثقافية».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق مي عز الدين وعريسها أحمد تيمور (حسابها على موقع إنستغرام)

احتفاء فني وجماهيري بزواج مي عز الدين بعد «سنوات العزوبية»

على وقع موسيقى أغنية «قلبي ومفتاحه»، للموسيقار الراحل فريد الأطرش، أعلنت الفنانة المصرية مي عز الدين زواجها من الدكتور أحمد تيمور.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق تحتفي جوائز «جوي أواردز» بنجوم السينما والدراما والموسيقى والإخراج والرياضة والمؤثرين العرب (هيئة الترفيه)

آل الشيخ يعلن انطلاق مرحلة التسميات لجوائز «جوي أواردز 2026»

أعلن المستشار تركي آل الشيخ، رئيس مجلس إدارة هيئة الترفيه السعودية، انطلاق مرحلة التسميات لجوائز صنّاع الترفيه «جوي أواردز 2026»، التي تعدّ الأضخم في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق فيلم «السادة الأفاضل» اعتمد على البطولة الجماعية (الشركة المنتجة)

أفلام البطولة الجماعية لصدارة شباك التذاكر في مصر

تصدرت أفلام البطولة الجماعية الإيرادات مجدداً في مصر، بعد تقارير محلية حول تصدر فيلم «السادة الأفاضل» المركز الأول في دور العرض السينمائية خلال الأيام الماضية.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مهرجان القاهرة السينمائي الدولي (موقع المهرجان)

مهرجان القاهرة السينمائي يَعِد بدورة مهمّة وناجحة

فيلم افتتاح الدورة هو «بايسانوس» القصير، ويعكس التلاقي الإنساني والسياسي بين تشيلي وفلسطين.

محمد رُضا (لندن)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.


رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».


ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».