وكالة إيرانية تحذف حواراً مسجلاً لمنسق الجيش يوجه فيه انتقادات ضمنية لـ«الحرس»

المنسق العام للجيش الإيراني الأدميرال حبيب الله سياري (إرنا)
المنسق العام للجيش الإيراني الأدميرال حبيب الله سياري (إرنا)
TT

وكالة إيرانية تحذف حواراً مسجلاً لمنسق الجيش يوجه فيه انتقادات ضمنية لـ«الحرس»

المنسق العام للجيش الإيراني الأدميرال حبيب الله سياري (إرنا)
المنسق العام للجيش الإيراني الأدميرال حبيب الله سياري (إرنا)

سحبت وكالة «إرنا» الإيرانية مقابلة مسجلة مع المنسق العام للجيش الإيراني الأدميرال حبيب الله سياري، يوجه فيها انتقادات ضمنية لتدخلات «الحرس الثوري» في السياسة والاقتصاد والإعلام، معرباً عن استيائه من تجاهل الإعلام الرسمي لأنشطة الجيش الإيراني.
وتداول الإيرانيون خلال الأيام الأخيرة مقتطفات من حوار خاص أجرته وكالة الأنباء الرسمية (إرنا)، مع المنسق العام لوحدات الجيش الإيراني، الأدميرال سياري، قبل أن تنشر الوكالة تسجيلاً من 14 دقيقة مساء الأحد، ثم حذفته.
وقال سياري في تلميح ضمني لتدخل «الحرس الثوري» في السياسة: «نحن (الجيش) لا نتدخل في السياسة... التسييس مضر للقوات المسلحة».
كما انتقد سياري دخول الأجهزة العسكرية إلى الأنشطة الاقتصادية، عندما قال: «ليس من مصلحة القوات المسلحة التدخل في الاقتصاد؛ لأنهم يبتعدون عن أصل قضيتهم».
ولفت سياري إلى أن قواته «تتجنب العمل الموازي» مضيفاً أنه «لن تحدث ازدواجية إذا قام كل منا بواجباته».
ويعد «الحرس الثوري» جهازاً موازياً للجيش الإيراني. وخلال السنوات الماضية نفى قادة عسكريون وجود خلافات أو تنافس بين الجيش وقوات «الحرس» التي تعد القوة الأساسية، بسبب الدعم المباشر من المرشد الإيراني.
وتربط الجيش والحرس علاقات عبر وزارة الدفاع التابعة للحكومة، والأركان المسلحة التي يختار المرشد الإيراني عادة رئيسها من «الحرس الثوري».
ومن النادر أن تخرج مواقف تظهر الخلاف بين «الحرس» والجيش، على لسان قادة عسكريين.
ولا يحظى «الحرس» بالشعبية التي يتمتع بها الجيش في الشارع الإيراني، لأسباب منها عدم التدخل في السياسة.
ويبدأ التسجيل بانتقادات يوجهها سياري إلى تجاهل دور الجيش الإيراني في حرب الخليج الأولى؛ خصوصاً في برامج وثائقية عن الحرب الإيرانية العراقية التي امتدت بين 1980 و1988.
وقال سياري إن تعليمات الجيش الإيراني «تحظر تصوير أنشطته»، قائلاً: «أي مجموعة من القوى الشعبية، ومن (الحرس) و(الباسيج) في الحرب، كان يرافقها مصور»، مشيراً إلى سلسلة برامج وثائقية عن الحرب أنتجها قسم الدعاية في «الحرس الثوري».
وعن الغياب الإعلامي للجيش الإيراني، قال سياري: «ما زلنا نعتقد بعدم نقل أي خطوة يقوم بها الجيش إلى وسائل الإعلام» وأضاف: «هل تقوم جيوش الدنيا بنقل ما تقوم به على وسائل الإعلام؟ لم يحدث ذلك. لا حاجة لحدوثه. ليس ضرورياً أن يقوم الجيش بإعلان كل خطوة يقوم بها. هل نحن شركة إنتاج ثلاجات أو شركة عقارية، أو صناعة كاميرات؟»، لافتاً إلى أن الأمر يعود إلى أمن البلاد.
ومع ذلك، لمح سياري إلى إمكانية تنشيط مكتب العلاقات العامة وتوسيع أنشطته الإعلامية، إذا ما كان هذا مطلوباً في إيران. وشدد على أهمية «أن يعرف الشباب اليوم أن الأمن مستتب، ومَن يقوم بحماية أمن البلاد»، غير أنه «ليس من الضروري أن أقول لكم انظروا كم أنشط أنا، وماذا صنعت، وكيف تمكنت من الدخول إلى تحت البحار»، محذراً من أن «الأعداء يستفيدون من تلك المعلومات».
وقال: «نحن قمنا بترويج عادة سيئة، وضعنا أنفسنا في بيئة تنافسية ومقارنات).
وانتقد وسائل الإعلام لتجاهلها أنشطة الجيش، عندما قال: «إذا ما كان من المقرر النشر في وسائل الإعلام، فلماذا عدم الاهتمام بالجيش مقارنة بالآخرين؟».
ورداً على سؤال حول غياب الجيش عن الساحة الإعلامية، قال سياري: «ربما أحد أسبابه عدم دخولنا إلى مجال الدعاية، وربما هناك عناصر لا تزال لديها مشكلة مع الجيش»، لافتاً إلى أن قادة الجيش يلمسون ذلك.
ووجه سياري انتقادات لاذعة للتلفزيون الإيراني لبثه تصريحات عن دخول القوات الأميركية إلى المياه الإيرانية، ووصفها بـ«المخجلة»، مشيراً إلى أنه تقدم بشكوى؛ لكن المحاولات لم تسفر عن نتائج.
وفي جزء من تصريحاته، يسخر سياري من المبالغة في الأفلام السينمائية الإيرانية حول الحرب العراقية، عندما قال: «تصنعون أفلاماً تظهر أحدهم يمسك بندقية (جي 3) بيد واحدة، ويفني فيلقاً من الجيش العراقي في 24 ساعة، إذا كان الأمر كذلك لانتهى أمر 12 فيلقاً عراقياً في 12 يوماً. لماذا خضنا الحرب لثمانية سنوات؟».
وأشار سياري إلى حوار جرى بينه وبين أحد المخرجين السينمائيين، حول إظهار قائد للجيش في حالة مرتعشة، لافتاً إلى أن ذلك المشهد تسبب في بكائه. كما وجه انتقادات لأفلام سينمائية تظهر إيرانيات يشاركن في الخطوط الأمامية من حرب الخليج الأولى، واعتبرها على نقيض الواقع.



«لجنة لإدارة غزة» وتحذير ترمب... هل يسرّعان «اتفاق الهدنة»؟

فلسطينيون يجلسون وسط الأنقاض في موقع غارة إسرائيلية على منزل بالنصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يجلسون وسط الأنقاض في موقع غارة إسرائيلية على منزل بالنصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«لجنة لإدارة غزة» وتحذير ترمب... هل يسرّعان «اتفاق الهدنة»؟

فلسطينيون يجلسون وسط الأنقاض في موقع غارة إسرائيلية على منزل بالنصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يجلسون وسط الأنقاض في موقع غارة إسرائيلية على منزل بالنصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

تطورات جديدة يشهدها حراك التوصل لاتفاق هدنة في قطاع غزة، مع حديث عن اتفاق «مبدئي» بين حركتي «فتح» و«حماس» بشأن تشكيل لجنة لإدارة القطاع عقب اجتماعات بالقاهرة، وتحذيرات غير مسبوقة من الرئيس الأميركي دونالد ترمب تضع مهلة تمتد إلى نحو 50 يوماً لإبرام صفقة للرهائن «وإلا سيدفع الشرق الأوسط ثمناً باهظاً»، وتأكيد مصر على استمرارها في العمل «بلا هوادة» لوقف دائم لإطلاق النار.

تلك التطورات التي صاحبها إعلان «حماس» عن مقتل وفقْد 33 أسيراً لديها، يشي بحسب خبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، بأن «هناك اتفاقاً يكون قريباً، وأن كل طرف يستعد لمشهد اليوم التالي من الحرب ويمارس حالياً أقصى الضغوط لنيل مكاسب ولو إعلامية»، متوقعين أن «تساعد المهلة الانفعالية التي وضعها ترمب، فريق الرئيس الأميركي الحالي جون بايدن للتوصل لاتفاق في أقرب وقت ممكن».

وكشف مصدر فلسطيني مطلع في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الثلاثاء، عن أن «حركتي (فتح) و(حماس) اتفقتا بشكل مبدئي عقب سلسلة اجتماعات بالقاهرة، على تشكيل لجنة تحمل اسم الإسناد المجتمعي ستكون معنية بإدارة قطاع غزة في اليوم التالي لانتهاء الحرب».

فلسطيني يسير بجوار الأنقاض وهو يحمل كيساً من الدقيق في خان يونس جنوب غزة (رويترز)

وتشير معلومات المصدر الفلسطيني إلى أن الجولة الثالثة بين الحركتين بالقاهرة بعد جولتين أخريين في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) الماضيين، «نجحت في التوصل لاتفاق مبدئي على تشكيل تلك اللجنة ولا يعني عدم التوقيع عليها فشلها»، مضيفاً: «الكرة الآن في ملعب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لمنح موافقة مبدئية على مسودتها المتفق عليها على أن يعود الأمر للقاهرة مرة ثانية ويعرض في اجتماع للفصائل، سيليها بعد التشاور صدور مرسوم نهائي بأعضاء اللجنة ومهامها تفصيلاً».

وستشكل اللجنة «حسب الاتفاق المبدئي من تكنوقراط دون تبعية لـ(حماس) أو (فتح)، وستُدمج كل القطاعات الحكومية بالقطاع داخل نظامها الإداري بدءاً من الشرطة والوزارات وغيرهما وصولاً لتسلم معبر رفح من الجانب الفلسطيني وإدارته»، وفق المصدر ذاته.

ويوضح مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، أن لجنة الإسناد المجتمعي فكرة مصرية تقوم على عناصر مستقلة تدير غزة لقطع أي ذرائع إسرائيلية تعارض عودة «حماس» لإدارة القطاع، لافتاً إلى أن المعلومات الأولية التي لم تؤكدها القاهرة بشأن حدوث اتفاق بين الحركتين، وأنهما لن يكونا بالإدارة أو الواجهة، ستعزز الموقف الفلسطيني في مسار اليوم التالي من الحرب والتوصل لاتفاق هدنة قريب.

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أن تلك الفكرة المصرية يمكن وصفها بأنها خارج الصندوق ومتميزة، معتقداً أنها «تسير بشكل إيجابي، لمواجهة أزمة إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو على عدم بقاء (حماس) بالسلطة».

ويعتقد أن «الموافقة تأتي في توقيت مهم وقد تساعد في التوصل لهدنة قريبة وتسهل مهام تسلم معبر رفح من الجانب الفلسطيني»، لافتاً إلى أن موقف «حماس» يؤكد أن الأمور تسير بشكل إيجابي، وأن الحركة تفهمت استحالة بقائها بالحكم في غزة، وأنها تريد فقط حفظ ماء الوجه وبالتالي قبولها الاتفاق بعد جولات من التفاهمات منطقي وسيدخل حيز التنفيذ.

وجاء التوصل لاتفاق مبدئي بشان إدارة غزة، غداة تهديد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الاثنين، بأنه «سيتم دفع ثمن باهظ في الشرق الأوسط» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة قبل أن يقسم اليمين رئيساً في 20 يناير (كانون الثاني) 2025.

وعبر منصته «تروث سوشال»، قال ترمب: «إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل 20 يناير 2025، وهو التاريخ الذي أتولى فيه بفخر منصبي رئيساً للولايات المتحدة، فسيكون هناك جحيم سيدفع في الشرق الأوسط ثمنه الباهظ، وأولئك المسؤولون الذين ارتكبوا هذه الفظائع ضد الإنسانية»، وفق «سي إن إن» الأميركية.

ورحب نتنياهو في فيديو قصير باللغة الإنجليزية خلال اجتماع حكومي ونشره مكتبه الثلاثاء بموقف ترمب، وقال إنه «موقف قوي ويضيف قوة أخرى إلى جهودنا المستمرة للإفراج عن جميع الرهائن».

وبحسب «سي إن إن»، «تم احتجاز أكثر من 250 شخصاً رهائن، في 7 أكتوبر 2023، وتم إنقاذ عدد قليل من الرهائن منذ ذلك الحين وفي نوفمبر 2023 تم إطلاق سراح أكثر من 100 شخص جزءاً من صفقة قصيرة الأمد لوقف إطلاق النار».

وتعتقد السلطات الإسرائيلية أن «نحو 101 رهينة لا يزالون محتجزين في غزة، ويُعتقد أن ما لا يقل عن 34 من الرهائن الذين تم احتجازهم في 7 أكتوبر لقوا حتفهم»، وفق المصدر ذاته.

وتتفق تلك التقديرات الأميركية بشأن مقتل الرهائن، مع ما أعلنته «حماس» الاثنين، عبر مقطع فيديو مصور نشرته الحركة يكشف عن أن «33 أسيراً إسرائيلياً قُتلوا وفُقدت آثار بعضهم مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة»، مخاطباً ذوي الرهائن بالقول: «مقتل بعض الأسرى وفقدان بعضهم كان بسبب المجرم نتنياهو وجيشه الفاشي وباستمرار حربكم المجنونة قد تفقدون أسراكم إلى الأبد، افعلوا ما يجب عليكم فعله قبل فوات الأوان».

ويرى السفير رخا، أن تصريحات ترمب «انفعالية»، نتيجة «متابعته فيديو لأسير أميركي - إسرائيلي صدر قبل أيام، وتأتي في ظل جهد دولي يسعى لمحاولة وقف إطلاق النار في غزة وفتح المعابر»، لافتاً إلى أنها قد تشكّل ضغطاً على نتنياهو للقبول بالاتفاق، خصوصاً وأنه يعلم أنه قد تتم التضحية به في أي مرحلة مستقبلية حال استمر بالمراوغة.

وباعتقاد الرقب، فإن «تهديد ترمب للمنطقة من باب الضغط على المفاوضات التي تتم حالياً وقد تصل لاتفاق قريب، وهذا أسلوب يكشف عن أن الرئيس القادم سيسكب وقوداً مع كل أزمات المنطقة لحلها»، لافتاً إلى أن تجاوب نتنياهو معه متوقع.

تلك المفاوضات كشف عنها وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي في تصريحات بمؤتمر صحافي، الاثنين، قائلاً إن «مصر ستستمر في العمل بلا هوادة من أجل تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح جميع الرهائن والمحتجزين»، مؤكداً أنه «بخلاف استضافة حركتي (فتح) و(حماس) لبحث التوصل لتفاهمات بشأن إدارة غزة، فالجهد المصري لم يتوقف للحظة في الاتصالات للتوصل إلى صفقة، وهناك رؤى مطروحة بشأن الرهائن والأسرى».

وكشف عبد العاطي، عن أن «هناك أفكاراً مصرية تتحدث القاهرة بشأنها مع الأشقاء العرب حول وقف إطلاق النار، وما يُسمى بـ(اليوم التالي)»، مشدداً على «العمل من أجل فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني» الذي احتلته إسرائيل في مايو (أيار) الماضي، وكثيراً ما عبّر نتنياهو عن رفضه الانسحاب منه مع محور فيلادلفيا أيضاً طيلة الأشهر الماضية.

ويعتقد السفير رخا، أن الجهود المصرية قد تكلل بنجاح في هذه المرة خصوصاً وهناك احتمال كبير أن يتم اتفاق الهدنة قبل وصول ترمب للسلطة. وبرأي الرقب، فإن «القاهرة تبذل جهوداً كبيراً في إنهاء ملفات عالقة سواء بدعم تشكيل اللجنة أو التوصل لاتفاق هدنة، والكرة الآن في ملعب نتنياهو لحسم التوصل لاتفاق كما يرغب ترمب قبل وصوله، وأيضاً في ملعب أبو مازن لاعتماد مسودة الاتفاق بعد مشاورات الفصائل وتسويقه عربياً ودولياً لضمان نجاحه».