«اللاكتات» تطلق جينات لتعديل نشاط المخ

«كاوست» تساهم في أبحاث علاج مرض ألزهايمر

حنان محمود ومايكل مارجينيانو وزملاؤهما حددوا جينات قد تساعد في تطوير علاجات جديدة
حنان محمود ومايكل مارجينيانو وزملاؤهما حددوا جينات قد تساعد في تطوير علاجات جديدة
TT

«اللاكتات» تطلق جينات لتعديل نشاط المخ

حنان محمود ومايكل مارجينيانو وزملاؤهما حددوا جينات قد تساعد في تطوير علاجات جديدة
حنان محمود ومايكل مارجينيانو وزملاؤهما حددوا جينات قد تساعد في تطوير علاجات جديدة

كشفت دراسة أجراها فريق بحثي من «جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)»، عن مقدار التعديل الذي تُحْدِثه مادة «اللاكتات في عملية التعبير الجيني بالخلايا العصبية لقشرة المخ، بالإضافة إلى الآليات التي تعمل هذه المادة من خلالها على ضبط نشاط المخ».
يؤدِّي تكسير السكّر في الخلايا غير العصبية بالمخ - التي تُعرف بـ«الخلايا النجمية» - إلى إنتاج مادة اللاكتات التي تُنقل إلى الخلايا العصبية بوصفها مصدراً للطاقة.
وتسلّط الدراسة، التي تمَّت على مستوى الجينوم (مجمل المادة الوراثية الموجودة بخلايا الكائن الحي)، الضوء على الآليات التي تنظّم بها مادة اللاكتات عملية تشكيل الذاكرة طويلة الأمد وحماية النسيج العصبي؛ إذ لا يقتصر عملها على إمداد الخلايا العصبية باحتياجاتها من الطاقة، بل إنها تعمل أيضاً على تنشيط سريع وعابر لعدد من الجينات التي تعدّل نشاط الخلايا العصبية وتنظّم عمل المخ.
وكانت دراساتٌ سابقة قد أظهرت أن مادة اللاكتات تُحفِّز التعبير عن الجينات المُشفِّرة للبروتينات التي تلعب دوراً في نشاط الخلايا العصبية بإرسال إشارة عبر مستقبلات «NMDA»، وهي أحد النواقل العصبية الأساسيّة التي تلعب دوراً أساسياً في التقوية طويلة المدى، كما تُسهم في عملية التعليم.
وتوصَّل تحليل لعملية نسخ الجينات أجراه الفريق، بقيادة البروفسور بيير ماجيستريتي، أستاذ العلوم البيولوجية وعميد كلية العلوم والهندسة البيولوجية والبيئية في «كاوست»، على مستوى الجينوم، إلى أن التعرض لمادة اللاكتات يُحرِّر التعبير الجيني لأكثر من 400 جين، بعضُها مهم جداً لإحداث تعديل تركيب ونشاط المخ، استجابةً للمؤثرات الداخلية والخارجية، وهو ما يُعرف باسم «المرونة» أو «اللدونة العصبية».
وفي هذا الإطار، يوضح مايكل مارجينيانو، الباحث الأوّل في هذه الدراسة والمهتم بتأثيرات اللاكتات على الإشارات الخلوية في الخلايا العصبية القشرية في الدماغ، أن الفريق البحثي وجد أن مادة اللاكتات تستثير الجينات التي تعتمد على نشاط التشابكات العصبية على المدى القصير، والجينات التي تلعب دوراً في تنظيم درجة استثارة الخلايا العصبية على المدى الطويل.
وبعد ساعة واحدة من التعرّض لمادة اللاكتات، جرى التعبير عن 113 جيناً على نحو متفاوت، مقارنة بالمجموعة الضابطة، من بينها جينات يُعرف عنها تسهيل الاستجابة المعتمدة على مستقبلات «NMDA» لنشاط الخلايا العصبية، وجينات أخرى يُعرف أنها تلعب دوراً في تحديد مسار الإشارات التي تتحكم في بقاء الخلايا العصبية.
كشفت الدراسة أيضاً عن أن مركّب «NADH»، وهو ناتج ثانوي للمعالجة الأيضية التي يتحوّل اللاكتات عن طريقها إلى حمض البيورفك، تمكَّن من تنظيم التعبير عن أكثر من 60 في المائة من الجينات التي جرى ضبطها عن طريق مادة اللاكتات بعد ساعة واحدة. وهذا المركب له أهمية كبيرة في عملية إنتاج جزيئات «أدينوزين ثلاثي الفوسفات» (ATP)، الذي هو بمنزلة العملة الرئيسية للطاقة في الخلية.
ويُسلِّط هذا الاكتشاف الضوء على تأثير عملية إنتاج طاقة الخلايا على التعبير عن الجينات وإشارات الخلايا العصبية. وإضافة إلى تحديد الجينات التي تُستثار بطريقة أخرى، خلافاً لتلك المعتمدة على مستقبلات «NMDA»، كشفت الدراسة كذلك عن زيادة تنظيم التعبير عن الجينات التي تلعب دوراً في تحديد قابلية الخلايا العصبية للاستثارة، بعد مضي 6 ساعات من التعرض لمادة اللاكتات.
ويَخلُص مارجينيانو إلى القول إن الجينات التي تم تحديدها يمكن أن تُسهم في تطوير أهداف علاجية جديدة للأمراض التَّنَكُّسِية العصبية التي يكون سببها تغيُرٌ في أيض الطاقة بالمخ، كمرض ألزهايمر. والأمراض التَّنَكُّسِية العصبية حالات لا يمكن الشفاء منها، وتتسبب في موت الخلايا العصبية نتيجة تدهور في وظيفة أو بنيان الأنسجة والأعضاء التي تُصاب بها.



هل ينبغي أن نقلق بشأن الذكاء الاصطناعي؟

هل ينبغي أن نقلق بشأن الذكاء الاصطناعي؟
TT

هل ينبغي أن نقلق بشأن الذكاء الاصطناعي؟

هل ينبغي أن نقلق بشأن الذكاء الاصطناعي؟

«لقد عملت في مجال الذكاء الاصطناعي لمدة 13 عاماً، وقابلت كثيراً من الأشخاص الذين يشعرون بالقلق بشأنه»، يقول جورج كايلاس (*) الرئيس التنفيذي لشركة «بروسبيرو إيه آي ProsperoAi». ويضيف: «وفي رأيي، إنهم قلقون بشأن الأمور والجوانب الخاطئة له».

المخاوف من الذكاء الاصطناعي

لكن مخاوفهم تنقسم عموماً إلى فئتين:

1. الروبوتات القاتلة: متى ستكون هنا بالقرب منا؟ وإلى أي مدى ستكون قاتلة؟ هل لدينا فرصة للوقوف ضدها؟

2. الذكاء الفائق: عقل يرى كل شيء، والكاميرات وأي جهاز متصل بالإنترنت من «عيونه وآذانه». ويمكنه إجراء اتصالات وتوقعات تتجاوز فهمنا حرفياً.

وهذا الذكاء الخارق يبدو ملاصقاً في توجهاته للروبوتات القاتلة. على سبيل المثال، كان «Terminator» روبوتاً قاتلاً جرى إرساله إلى الوراء، في الوقت المناسب لقتل شخص بواسطة «Skynet»، وهو برنامج مستقبلي بذكاء فائق. ومثال آخر على الذكاء الفائق في الثقافة الشعبية، يحتوي برنامج «Person of Interest» على كومبيوتر شامل العلم يرى كل شيء ويمكنه التنبؤ بالمستقبل بما يتجاوز فهمنا.

مخاوف غير مبرَّرة

لا أجد أياً من هذه المخاوف ذات أهمية خاصة؛ لأننا لا نملك سبباً لاعتقاد أن الآلات ستكون عدوانية. لماذا نطبق أسوأ سمات البشرية على الآلات؟ إنها بالتأكيد ليست مثلنا.

لكن بخلاف ذلك، لا يمكننا حقاً الاقتراب من فهم كيف يفكر الذكاء الفائق. ربما يكون أقرب إلى ما قد يفكر فيه كثيرون على أنه صنم أعلى (إله اصطناعي)، وليس إنساناً.

مخاوف الذكاء الاصطناعي في إنفاذ القانون

وفي حين أن الذكاء الفائق والروبوتات القاتلة لم يظهرا بعدُ، فإليك ما أعتقد أنه يجب أن تقلق بشأنه الآن.

* التنبؤ بالجرائم المستقبلية. تعتزم الأرجنتين، من بين أمور أخرى، التنبؤ بالجرائم المستقبلية باستخدام الذكاء الاصطناعي. وفي المظهر يبدو هذا رائعاً، إذ تساعدنا أجهزة الكومبيوتر في تحسين الموارد، طوال الوقت.

* نظام رصد إطلاق النار. وفي هذا المجال، استخدمت شركة «بالتيمور تكنولوجيا» نظام «ShotSpotter (راصد الإطلاقات)»، الذي يحدد، على الفور، الموقع الذي يجري إطلاق النار منه، بوصفه جزءاً من نهج حديث للحد من الجريمة.

وهذا تطور إيجابي، لكنني قلِق بشأن مستقبل قريب مظلم وأكثر قتامة.

* الإجرام الجنسي. لدينا سِجل للمجرمين الجنسيين لكي يعرفهم الآباء المعنيون. ماذا لو لم يرتكب شخص جريمة بعدُ، لكن برنامج الذكاء الاصطناعي وجد أنه من المرجح بنسبة 80 في المائة أن يكون مجرماً جنسياً؟ هل سيبدأ هذا الشخص فقدان بعض حقوقه الدستورية؟

لا شك في أننا نعيش في عالم مخيف، لكن هل نحن مستعدّون للتعامل مع عواقب المجرمين المحتملين للغاية؟ وقبل أن تجيب بسرعة كبيرة، هل تكون مستعداً لتغيير حياة أحد أحبائك إذا قرر الكومبيوتر أن هناك احتمالاً لقيامه بشيء خاطئ، حتى لو لم يفعل ذلك بعد؟ متى قد نتجه إلى هذا الطريق؟

درجة الأمانة الشخصية

كانت هناك حلقة من مسلسل «المرآة السوداء (Black Mirror)»، حيث كان على امرأة رفع درجتها الاجتماعية للعيش في أفضل الشقق، والحصول على امتيازات الطيران وتأجير السيارات. وجرى تقييم المرأة من قِبل أشخاص آخرين بعد كل تفاعل. تخيل مستقبلاً، حيث تحاول المرور عبر باب آلي إلى متجرك المفضل، ويجري مسحُ وجهك وتكتشف أنه لم يعد يُسمح لك بدخول هذا المتجر.

من المؤسف أن أبلِّغكم بأن هذه ليست مجرد حلقة من ذلك المسلسل، فهناك بالفعل برنامج مماثل في الصين أدانته جماعات حقوق الإنسان. وفي إحدى الحالات، لم يُسمح لمحام بشراء تذكرة طائرة، إذ كانت المحكمة قد قررت أن اعتذاره عن تصرفٍ ما كان «غير صادق».

التزييف العميق للفيديوهات

قد تُشكل مقاطع الفيديو المزيفة أيضاً مشاكل للمجتمع. ففي هونغ كونغ، هرب المحتالون بأكثر من 25 مليون دولار، بعد إنشاء اجتماع افتراضي مزيف بالكامل، حيث كان جميع المشاركين، باستثناء الضحية، عبارة عن صور وأصوات مُفَبركة لأشخاص حقيقيين. واستخدم المحتالون صوراً وصوتاً متاحة للجمهور لإنشاء مقاطع فيديو مزيَّفة للموظفين، بما في ذلك مقطع فيديو مزيف للمدير المالي للشركة.

في المستقبل، قد يصبح الأمر أكثر رعباً. ماذا يحدث إذا تلقيتَ مكالمة من «والدتك» تقول إن هناك حالة طوارئ تتطلب أموالاً، أو تعتقد أنك رأيت أحد الساسة يقول لك شيئاً ما، لكنه كان مقطع فيديو للذكاء الاصطناعي.

كما أن هناك التفاعلات المحتملة مع الروبوتات الحقيقية أو البشر الآليين الذين لم يصلوا إلى الذكاء الفائق، لكن من المؤكد أنهم قد يخدعونك.

قلق من كيفية تطبيق الذكاء الاصطناعي

إن الذكاء الاصطناعي يحوّل عالمنا، بالفعل، بطرق نحتاج إلى الانتباه إليها الآن. في حين أن الخوف من الروبوتات القاتلة والذكاء الفائق يجذب خيالنا، فهذه ليست التهديدات المباشرة التي نواجهها.

إن القلق الحقيقي هو كيف يجري تطبيق الذكاء الاصطناعي، اليوم - التنبؤ بالجرائم قبل حدوثها، وتحديد مَن «المستحق» في نظام الائتمان الاجتماعي، واختلاق واقع افتراضي كامل من خلال التزييف العميق.

أسئلة أخلاقية واجتماعية

تثير هذه التطورات أسئلة أخلاقية ومجتمعية خطيرة. هل نحن مستعدون للعيش في عالم حيث يمكن لدرجات احتمالية الآلة أن تحدد حريتنا، أو مكانتنا الاجتماعية، أو حتى ثقتنا في الواقع؟

مع تقدمنا ​​​​في مجال الذكاء الاصطناعي، من الأهمية بمكان التأكد من كوننا أناسا متأملين ومتمرسين في كيفية استخدامنا تلك التكنولوجيا، وموازنة الابتكار مع القيم والحقوق التي تحددنا بصفتنا مجتمعاً.

لا يتعلق مستقبل الذكاء الاصطناعي بـ«الديستوبيا (المدينة الفاسدة التي تسودها المظالم)» البعيدة، إنه هنا بالفعل، لذا فان اختياراتنا للتنقل فيه هي التي ستشكل العالم الذي نعيش فيه غداً.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».