عرب و عجم

عرب و عجم
TT

عرب و عجم

عرب و عجم

> جميل بن محمد علي حميدان، وزير العمل والتنمية الاجتماعية بالبحرين، أكد أول من أمس، أهمية تكثيف أصحاب العمل لجهودهم الوقائية وتدابيرهم الاحترازية لضمان حماية العمال من خلال الالتزام بمعايير التباعد الاجتماعي في مواقع العمل وسكن العمال، واتباع جميع التعليمات الصادرة من وزارة الصحة والجهات المعنية وعدم التهاون خلال هذه الفترة الاستثنائية من أجل المساهمة الفعالة في الحد من انتشار فيروس كورونا (كوفيد - 19)، كما حث منشآت القطاع الخاص على تفعيل العمل من المنزل قدر المستطاع.
> المهندس فلاح العموش، وزير الأشغال العامة والإسكان الأردني، تفقد أول من أمس، سير العمل بمشروع الباص سريع التردد «عمان - الزرقاء»، وأشار الوزير إلى أن كلفة المشروع تصل إلى 140 مليون دينار بتمويل من صندوق استثمار أموال الضمان، بطول إجمالي 20 كم، مبيناً أهمية المشروع تنموياً واقتصادياً وأثره الكبير في الحد من الأزمات المرورية بين العاصمة عمان ومدينة الزرقاء، وشدد على ضرورة تسريع وتيرة العمل وتعزيز عناصر السلامة العامة والإجراءات الوقائية لإكمال المشروع.
> لنا خليل الوريكات، ممثلة مكتب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) في سلطنة عمان، قالت أول من أمس، إن سلطنة تعد في طليعة الدول التي تلتزم بحصول أطفالها على التعليم والرعاية الصحية والحماية المناسبة، وحققت السلطنة مستوى عالياً فيما يتعلق بالتنمية البشرية. وأضافت: «لطالما أكدت السلطنة ممثلةً بوزارات التنمية الاجتماعية، والصحة، والتربية والتعليم، والإعلام، والمجلس الأعلى للتخطيط، أَن الأَطفال هم أساس المستقبل». وأوضحت أن مراجعة وتحليل مؤشرات رفاهية وتمكين الطفل بالسلطنة مرتفعة عند مقارنتها بالدول الأخرى.
> الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير دولة والمبعوث الخاص لدولة الإمارات إلى ألمانيا، التقى أول من أمس، عدداً من المسؤولين والبرلمانيين الألمان في اجتماعات متتالية خلال زيارة عمل افتراضية عن بُعد، وأكد أن كلا البلدين يتطلعان لتعزيز شراكتهما الاستراتيجية والارتقاء بها إلى آفاق جديدة في المجالات ذات الصلة كافة. وقال: «تم إعداد هذه الزيارة للاستمرار في توثيق العلاقات الثنائية في شتى المجالات والقطاعات الحيوية، خصوصاً في هذه الظروف التي تتطلب تعزيز التنسيق والتعاون».
> محمدو أحمدو أمحيميد، وزير التجهيز والنقل الموريتاني، أشرف أول من أمس، على انطلاق حملة توعوية حول التباعد الاجتماعي للحد من الإصابة بفيروس «كورونا» في وسائل النقل. حيث تهدف الحملة المنظمة من طرف سلطة تنظيم النقل الحضري إلى بث الوعي بضرورة الالتزام بالإجراءات الاحترازية لضمان الحيلولة دون انتشار هذا الوباء، وقال: «الحرب على هذا الوباء يعوّل فيها أساساً على دور الفاعلين في مجال النقل الحضري من أجل كسب هذه المعركة».
> مروان عورتاني، وزير التربية والتعليم الفلسطيني، عقد أول من أمس، لقاء عن بُعد، مع طلبة الثانوية العامة في بلدة عزون عتمة بمحافظة قلقيلية؛ وناقش معهم قرار الجهات المختصة الخاص بتعليق تقديم امتحانات الثانوية العامة في ظل وجود إصابات بفيروس «كورونا» في البلدة. مجدداً التزام الوزارة المطلق بحماية الطلبة والحفاظ على سلامتهم، وتأكيد ضرورة توفير أجواء هادئة ومريحة بعيداً عن كل أشكال التوتير والتهويل. من جانبهم، ثمّن الطلبة مبادرة الوزير بلقائهم والاستماع إلى استفساراتهم.
> فائقة بنت سعيد الصالح، وزيرة الصحة البحرينية، أكدت أول من أمس، بمناسبة اليوم العالمي للامتناع عن التبغ والتدخين، والذي يُحتفل به في 31 مايو (أيار) سنوياً، دعم المملكة للجهود العالمية في مجال مكافحة التدخين، من خلال تبني العديد من الإجراءات والسياسات والخطط الاستراتيجية الرامية إلى ذلك، ومواصلة العمل بكل إصرار ومثابرة على دعم الجهود والشراكات المجتمعية ووضع البحوث والدراسات العلمية والميدانية للحد من انتشار التدخين، والحيلولة دون التعرض لتأثيراته المباشرة وغير المباشرة على الصحة.
> الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة المصرية، اجتمعت أول من أمس، برؤساء جهازي شؤون البيئة وتنظيم وإدارة المخلفات، لمتابعة الإجراءات الخاصة بتأمين المحميات الطبيعية والعاملين بها والوزارة والفروع الإقليمية التابعة لها من العدوى بفيروس «كورونا»، وقالت إنه تم توفير مهمات الوقاية و15 ألف كمامة للعاملين بالوزارة وجهازيها والفروع الإقليمية والمحميات الطبيعية المنتشرة بكل محافظات الجمهورية؛ لضمان توفير الرعاية الكافية لمواجهة الوباء، مؤكدة أن الوزارة تعكف حالياً على دراسة إمكانية توفير رعاية صحية أفضل للعاملين.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)