أميركا تطلب سحب دواء عمره 100 عام يعالج السكري

بعد اكتشاف وجود مستويات عالية من مادة يمكن أن تسبب السرطان

دواء «ميتفورمين» الذي تنتجه شركة «أبوتكس» الكندية (شركة «أبوتكس»)
دواء «ميتفورمين» الذي تنتجه شركة «أبوتكس» الكندية (شركة «أبوتكس»)
TT

أميركا تطلب سحب دواء عمره 100 عام يعالج السكري

دواء «ميتفورمين» الذي تنتجه شركة «أبوتكس» الكندية (شركة «أبوتكس»)
دواء «ميتفورمين» الذي تنتجه شركة «أبوتكس» الكندية (شركة «أبوتكس»)

وضعت خمس شركات أدوية، سمعة دواء شهير لعلاج السكري على المحك، وذلك بعد أن طلبت إدارة الأغذية والعقاقير الأميركية أول من أمس، من خمس شركات سحب إنتاجها من دواء «ميتفورمين»، لاكتشاف الإدارة وجود مستويات عالية من مادة يمكن أن تسبب السرطان في منتج هذه الشركات.
وبينما طلبت الإدارة من المرضى عدم التوقف عن تناول هذا العقار الذي يعود تاريخ إنتاجه إلى عام 1920. حتى يتواصلوا مع أطبائهم لوصف البديل، يؤكد د.سعيد شلبي، النائب السابق لرئيس أكاديمية البحث العلمي المصرية، وأستاذ الباطنة والجهاز الهضمي، أنه «لا يوجد لهذا الدواء بديل، يمكن الاعتماد عليه في الوقت الراهن».
ويشدد شلبي في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، على ضرورة أن تنشر إدارة الغذاء والدواء الأميركية أسماء الشركات الخمس، حتى يتجنب الأطباء منتجاتها، ويصفون لمرضاهم منتجات شركات أخرى.
وقالت إدارة الأغذية والعقاقير الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني، بأنها ستنشر إشعارات السحب للشركات الخمس، غير أنها لم تنشر حتى الآن سوى الإشعارات الخاصة بشركة «أبوتكس» الكندية، كواحدة من الشركات التي تحتوي أقراص «ميتفورمين» التي تنتجها على مستويات عالية من مادة (ثنائي ميثيل نتروزامين)، المسببة للسرطان، والمعروفة اختصاراً باسم (NDMA).
واكتشفت آلية عمل هذا الدواء في الخمسينات من القرن الماضي، بعد نحو 30 عاما من تصنيعه، وهو يعمل على خفض جزيئات الدهون في الكبد، بما يساعد هرمون الأنسولين على العمل بشكل أفضل في تخفيض مستويات سكر الغلوكوز في الدم، كما أنه يخفض إنتاج الغلوكوز من خلايا الكبد والكليتين، ويعزز حساسية الخلايا للأنسولين، ولذلك فهو يوصف لمرضى داء السكري من النوع الثاني الذين ما تزال لديهم خلايا فعالة تفرز الأنسولين في البنكرياس.
ويصنع هذا الدواء من زهرة «الليك»، وموطنها الأصلي البلقان وانتشرت بعد ذلك في غرب أوروبا ووسطها، واكتشف غناها بمادة (الغوانيدين) التي عرفت بخصائصها الخافضة لسكر الدم، وتعد هي المادة الفعالة في دواء «ميتفورمين».
وبدأت أزمة الشركات الخمس المنتجة لهذا الدواء، والتي ستعلن إدارة الغذاء والدواء الأميركية أسماءها لاحقا، بعد أن قامت شركة (فاليشور) الأميركية التي يعتمد نشاطها على تقديم الأدوية المعتمدة كيميائيا للمستهلكين، عبر تدشين أول صيدلية على الإنترنت، بفحص دواء ميتفورمين عند 22 شركة فوجدت عينات عند 11 شركة تجاوزت المستوى اليومي المقبول البالغ 96 نانوغرام (النانوغرام هو جزء من المليار غرام) من مادة «ثنائي ميثيل نتروزامين» المسببة للسرطان.
واحتوت عدة دفعات تم فحصها على مستويات 10 أضعاف الحد اليومي المقبول، وهو ما دفع إدارة الغذاء والدواء الأميركية إلى فتح تحقيق في ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، قاد إلى اكتشاف تجاوز الحد المسموح به من مادة «ثنائي ميثيل نتروزامين» في منتج خمس شركات.
ويعتقد أن هذه المادة سامة للكبد وعامل محتمل في سرطانات المعدة والمثانة، وتوجد مستويات منخفضة منها في الأطعمة المصنعة مثل اللحوم الباردة والجبن وفي المشروبات الكحولية ودخان التبغ.
ويقول د. محمد سمير، استشاري السكري والغدد الصماء بوزارة الصحة المصرية لـ«الشرق الأوسط»: «وجود هذه المادة عيب في التصنيع وفي درجة النقاوة الكاملة للمادة الفعالة، لكنه ليس عيبا في المادة الفعالة نفسها، والتي جعلت هذا الدواء يوصف بأنه خافض سكر الدم الأكثر وصفا في العالم، كما أنها يوصف لعلاج أمراض أخرى».
ويستخدم هذا الدواء لعلاج السمنة، حيث يساعد على فقدان الوزن بنفس الآلية التي يخفض بها من ارتفاع سكر الدم، ويستخدم أيضا لعلاج النساء المصابات بمتلازمة المبيض المتعدد الكيسات (PCOS)، حيث إن هذا المرض يترافق مع مقاومة للأنسولين وزيادة مستوى السكر في الدم عند النساء المصابات به، ويؤدي استخدام (ميتفورمين) إلى تحسين الدورة الشهرية وتحسين معدل التبويض عند هؤلاء النساء.
ويشدد سمير على أن المراجعات التي تجرى على الأدوية هو أمر طبيعي، ولا يجب أن يكون سببا لإثارة الذعر، مشيراً إلى أن بعض الشركات المنتجة للأدوية لا تنتظر في كثير من الأحيان أن تقوم جهات أخرى بعمل هذه المراجعات، وتقوم بذلك بنفسها.
وكان التلوث بمادة ثنائي ميثيل نتروزامين مسؤولا هو الآخر عن سحب دواء علاج حموضة المعدة «زانتاك» الذي تنتجه شركة سانوفي وبعض النسخ المكافئة من هذا العلاج العام الماضي.
وكانت شركة «فاليشور» تقف أيضا خلف هذا الإجراء، حيث قالت في يونيو (حزيران) من العام الماضي، بأنها اكتشفت مستويات مقلقة من مادة «ثنائي ميثيل نتروزامين» في أدوية الـ«رانيتيدين» (الاسم التجاري لدواء زانتاك) خلال بعض الاختبارات الروتينية.
ومثلما فعلت مع دواء «ميتفورمين»، قدمت الشركة التماس مواطنين مفصلا إلى إدارة الغذاء والدواء الأميركية في سبتمبر (أيلول) الماضي، أشارت فيه إلى هذه المشكلة، لتعلن إدارة الغذاء والدواء الأميركية في الشهر ذاته عن أن الاختبارات الأولية التي أجرتها تتجاوز بالكاد الكمية المسموح بها، لكنها أصدرت بياناً آخر من أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي وصفت فيه المستويات بأنها «غير مقبولة».
وفي رد فعل على هذه الإجراءات أعلنت في ذلك الوقت شركة الأدوية الفرنسية «سانوفي» المنتجة للدواء بأنها سحبت الدواء طواعية من الأسواق كإجراء احترازي، لإجراء تقييمات تستهدف ضمان سلامة الدواء الذي يصرف دون وصفة طبية، ويستخدمه المستهلكون منذ أكثر من عقدين من الزمن.


مقالات ذات صلة

صحتك تمارين النهوض بالرأس من التمارين المنزلية المعروفة لتقوية عضلات البطن

لماذا قد تُغير ممارسة التمارين الرياضية لساعتين في الأسبوع حياتك؟

نصح أستاذ أمراض قلب بجامعة ليدز البريطانية بممارسة التمارين الرياضية، حتى لو لفترات قصيرة، حيث أكدت الأبحاث أنه حتى الفترات الصغيرة لها تأثيرات قوية على الصحة

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

خلصت دراسة إلى أن عادات العمل قد تهدد نوم العاملين، حيث وجدت أن الأشخاص الذين تتطلب وظائفهم الجلوس لفترات طويلة يواجهون خطراً أعلى للإصابة بأعراض الأرق

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك رجل يحضّر فنجانين من القهوة بمقهى في كولومبيا (أرشيفية - إ.ب.أ)

ما أفضل وقت لتناول القهوة لحياة أطول؟... دراسة تجيب

أشارت دراسة جديدة إلى أن تحديد توقيت تناول القهوة يومياً قد يؤثر بشكل كبير على فوائدها الصحية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.