150 ألف وفاة يوميًا حول العالم... كم شخصًا يموت بـ«كورونا» وكم بغيرها؟

موظفان يرتديان البدلات الواقية ينقلان نعش امرأة مسنة توفت بفيروس كورونا في غواتيمالا (إ.ب.أ)
موظفان يرتديان البدلات الواقية ينقلان نعش امرأة مسنة توفت بفيروس كورونا في غواتيمالا (إ.ب.أ)
TT

150 ألف وفاة يوميًا حول العالم... كم شخصًا يموت بـ«كورونا» وكم بغيرها؟

موظفان يرتديان البدلات الواقية ينقلان نعش امرأة مسنة توفت بفيروس كورونا في غواتيمالا (إ.ب.أ)
موظفان يرتديان البدلات الواقية ينقلان نعش امرأة مسنة توفت بفيروس كورونا في غواتيمالا (إ.ب.أ)

مع انتشار جائحة «كورونا» حول العالم، تستمر وسائل الإعلام في نشر الإحصاءات المتعلقة بعدد الإصابات والوفيات والتقارير التي تتحدث عن الفيروس، بكامل قوتها.
ومع ذلك، ودون إطار مرجعي، قد يكون من الصعب تفسير أرقام مثل عدد القتلى. وعلى سبيل المثال، تُقاس الوفيات التي تُنسب إلى الفيروس بآلاف الأشخاص يومياً على مستوى العالم، ولكن هل هذا العدد قليل أو كثير، بالنسبة للأسباب النموذجية للوفاة؟
ويستخدم الرسم التوضيحي الذي نشره موقع «وورلد إكونوميك فورم» (المنتدى الاقتصادي العالمي) بيانات من عالمنا يوضح العدد الإجمالي للوفيات اليومية في جميع أنحاء العالم، كما يحدد عدد الأشخاص الذين يموتون كل يوم لأسباب محددة.
ويموت ما يقرب من 150 ألف شخص يومياً في جميع أنحاء العالم، بناءً على أحدث بحث شامل نُشر في عام 2017.
وبحسب الرسم التوضيحي، فإن أمراض القلب والأوعية الدموية تقتل 48.742 شخصاً كل يوم، وهي تعتبر من أكثر مسببات الوفيات في العالم، وتدخل من بينها الوفيات الطبيعية والتي يتم تشخيصها طبيًا بالسكتة القلبية أو الهبوط الحاد في الدورة الدموية.
ويسبب مرض السرطان بمقتل 26.181 شخصاً في العالم باليوم الواحد، ليحتل المرتبة الثانية ضمن لائحة أسباب الوفاة العالمية.
وتأتي بعده أمراض الجهاز التنفسي التي تقضي على 10.742 شخصاً كل يوم، ومن ثم هناك التهابات الجهاز التنفسي السفلي التي تقتل حوالي 7.010 أشخاص يومياً.
أما مرض الخرف، فيتسبب بموت 6.889 شخصاً كل يوم، يليه أمراض الجهاز الهضمي، واضطرابات حديثي الولادة، وأمراض الإسهال، ومرض السكري وأمراض الكبد.
ويتسبب مرض نقص المناعة البشرية (الإيدز) في مقتل 2.615 شخصاً في اليوم، يليه مرض الملاريا (1.698 شخصاً).
أما «فيروس كورونا»، فتسبب في وفاة 2.205 أشخاص تقريباً في اليوم في الفترة الزمنية بين ديسمبر (كانون الأول) و15 مايو (أيار).
أما بين 13 أبريل (نيسان) و19 من الشهر نفسه، تسبب المرض بمقتل نحو 7.504 أشخاص يومياً، حيث كان في ذروة انتشاره.
وتُعتبر أمراض القلب والأوعية الدموية السبب الرئيسي للوفاة. ومع ذلك، فإن بروزها لا ينعكس في تصوراتنا للموت ولا في وسائل الإعلام.
وفي حين بلغت حصيلة الوفيات بسبب فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز) ذروتها في عام 2004، فإنها لا تزال تؤثر على العديد من الناس اليوم.
ويتسبب الإرهاب والكوارث الطبيعية في وفاة عدد قليل نسبياً. ومع ذلك، يمكن أن تختلف هذه الأرقام من يوم لآخر - ومن عام لآخر - اعتماداً على شدة كل حالة فردية.
وعلى المستوى الوطني، تختلف هذه الإحصاءات بشكل أكبر. فيما يلي إجمالي الوفيات من جميع الأسباب لبلدان مختارة، بناءً على بيانات عام 2017:
- الصين: 28.036 في اليوم
- الهند: 25.270
- الولايات المتحدة الأميركية: 7.564
- روسيا: 5.013
- البرازيل: 3.528
- ألمانيا: 2.528
- إيطاليا: 1.667
- بريطانيا: 1.597
وتشهد كل من الصين والهند أكثر من 25 ألف حالة وفاة في اليوم، بسبب العدد الكبير من السكان.
ومع ذلك، مع تسجيل 34.7 حالة وفاة يومية لكل مليون شخص كل يوم، فإن روسيا لديها أعلى نسبة وفاة تتناسب مع عدد السكان عن أي من هذه البلدان.
في حين أن هذه الأرقام تساعد في توفير بعض السياق للمقياس العالمي لوفيات «كورونا»، إلا أنها لا تقدم مقارنة مباشرة.
وفي الحقيقة، فإن العديد من معدلات الوفيات المذكورة أعلاه تستند إلى أحجام عينات أكبر بكثير وتتبع بيانات واضحة. على الجانب الآخر، منذ أن أعلنت «منظمة الصحة العالمية» فيروس «كورونا» وباءً في 11 مارس (آذار) 2020، انخفضت الوفيات المؤكدة يومياً في نطاق واسع بين 272 و10.520 يومياً - ولا توجد فكرة واضحة عما يمكن أن يحدث في المستقبل.
وعلاوة على هذا التباين، فإن البيانات المتعلقة بحالات وفاة «كورونا» المؤكدة لها خصائص أخرى. على سبيل المثال، قد تختلف معدلات اختبار الفيروس بين السلطات، كما كانت هناك أيضاً خلافات حول كيفية حساب الوفيات في المقام الأول. وهذا يجعل الحصول على صورة دقيقة أمراً معقداً بشكل مدهش.


مقالات ذات صلة

دراسة تفتح الباب لإمكانية عكس مسار ألزهايمر

صحتك الدراسة أجراها المركز الطبي التابع لمستشفيات جامعة كليفلاند الأميركية (بيكسباي)

دراسة تفتح الباب لإمكانية عكس مسار ألزهايمر

أشارت دراسة علمية حديثة إلى إمكانية عكس مسار مرض ألزهايمر عبر استعادة التوازن الطاقي داخل الدماغ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك أهم الإنجازات الطبية في عام 2025

أهم الإنجازات الطبية في عام 2025

نهاية كل عام، نستعرض أهم الإنجازات والأحداث الطبية التي يُتوقع أن تنعكس بالإيجاب على صحة ملايين من المرضى حول العالم؛ خصوصاً مع التقدم الكبير في التكنولوجيا،

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك الحب بين الزوجين... تأثير قوي على صحة القلب وتعافيه

الحب بين الزوجين... تأثير قوي على صحة القلب وتعافيه

الزواج السعيد يُساهم في تقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية «تلعب العلاقات الأسرية، ولا سيما جودة العلاقة الزوجية الحميمة،

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك ذكاء اصطناعي يتنبأ بالنوبة القلبية قبل ظهور الأعراض

5 قفزات في الذكاء الاصطناعي الطبي

في الشهر الأخير من عام 2025، لم يعد الذكاء الاصطناعي الطبي فكرة تُناقَش في المؤتمرات، ولا وعداً تُسوّقه الشركات الناشئة، فقد أصبح شريكاً صامتاً في العيادة،

د. عميد خالد عبد الحميد ( لندن)
علوم الإفصاح... أساس الثقة بين الطبيب والمريض

بين عدالة الخوارزمية وضمير الطبيب

لم يعد الذكاء الاصطناعي في الطب ضيفاً تجريبياً، ولا فكرةً مستقبلية تُناقَش في مؤتمرات النخبة. لقد دخل العيادة بهدوء، وجلس إلى جوار الطبيب دون معطف أبيض، وبدأ…

د. عميد خالد عبد الحميد (لندن)

احتفالات مصرية بـ«رأس السنة» تتجاوز الجدل العقائدي

شارع «الترعة البولاقية» بحي شبرا في القاهرة يجذب راغبي شراء زينة الكريسماس ورأس السنة (الشرق الأوسط)
شارع «الترعة البولاقية» بحي شبرا في القاهرة يجذب راغبي شراء زينة الكريسماس ورأس السنة (الشرق الأوسط)
TT

احتفالات مصرية بـ«رأس السنة» تتجاوز الجدل العقائدي

شارع «الترعة البولاقية» بحي شبرا في القاهرة يجذب راغبي شراء زينة الكريسماس ورأس السنة (الشرق الأوسط)
شارع «الترعة البولاقية» بحي شبرا في القاهرة يجذب راغبي شراء زينة الكريسماس ورأس السنة (الشرق الأوسط)

في حين يشهد الفضاء الإلكتروني المصري بكثرة ترديد السؤال السنوي: «هل الاحتفال برأس السنة حرام أم حلال؟»، وتتراوح الإجابة شداً وجذباً بين المؤيدين والمعارضين، حسم الشارع موقفه، بعيداً عن السؤال والإجابة، ففي قلب العاصمة والمدن المصرية، تتلألأ أضواء الكريسماس، وتنتشر أشجار الميلاد المزينة، ومجسمات بابا نويل، والنجوم الذهبية، ما يعكس روحاً احتفالية تتجاوز الانتماءات الدينية والجدل العقائدي، وتنحاز فقط للبهجة.

وفي شوارع القاهرة تحديداً، بات مشهد الزينة والاحتفالات مألوفاً، بل ومتجدداً كل عام، حيث تظهر روح المنافسة في وضع زينة رأس السنة بلمسات مبتكرة، على واجهات المحال والمقاهي والمراكز التجارية والفنادق، وتستمر حتى «عيد الميلاد»، الذي تحتفل به الكنائس الشرقية يوم 7 يناير (كانون الثاني)، وبالتالي لم يعد الاحتفال مقتصراً على المسيحيين، بل أصبح جزءاً من المشهد العام، حيث يشارك المصريون على اختلاف مشاربهم في الاحتفال.

شجرة كريسماس عملاقة تتزين بها دار الأوبرا المصرية (الشرق الأوسط)

إلا أن أصواتاً انتقدت تهنئة المسيحيين بأعيادهم، ومشاركة المسلمين في مظاهر الاحتفال بعيد الميلاد، لكن «دار الإفتاء المصرية» حسمت الجدل الدائر حول حكم تهنئة المسيحيين بأعياد رأس السنة الميلادية، مؤكدة أن التهنئة «جائزة شرعاً ولا تحمل أي مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية»، نافية بشكل قاطع ما يروّجه بعض المتشددين من أن التهنئة تُعد مشاركة في طقوس دينية أو خروجاً عن ثوابت العقيدة.

وأوضحت دار الإفتاء، في بيان قبل أيام، أن الاحتفال ببداية العام الميلادي يُصنَّف باعتباره مناسبة ذات بُعد اجتماعي وإنساني، يشترك فيها الناس بمختلف انتماءاتهم الدينية، حيث يعبر الجميع عن وداع عام مضى واستقبال عام جديد، مؤكدة أن هذه المعاني تتوافق مع مقاصد الشريعة الإسلامية ولا تتعارض معها، بل تجسد قيم التعايش.

انعكاس هذه الفتوى على أرض الواقع رصدته «الشرق الأوسط» في أحد شوارع حي شبرا (شمال القاهرة)، حيث تقف الثلاثينية نجلاء حسن، أمام محل لبيع الزينة، تختار بعناية كرات حمراء وشرائط لامعة وقبعتين لبابا نويل لطفليها. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «أنا مسلمة، لكني أحب أجواء رأس السنة، أشتري الزينة كل عام وأزين بها المنزل، وأراها فرصة لنشر البهجة في المنزل، كما أن أطفالي يحبونها، وهذا العام اصطحبتهم معي لاختيار هدايا لحفل تقيمه مدرستهما احتفالاً بالعام الجديد والكريسماس».

وبعيداً عن أي جدل عقائدي أو انقسام طائفي، يشتهر حي شبرا بوجود عدد كبير من السكان المسيحيين والمسلمين، ويعد شارع «الترعة البولاقية»، وهو أحد أشهر شوارع شبرا، مقصداً لكليهما في هذه الأيام، ويجذب راغبي شراء زينة الكريسماس وهداياه وإكسسواراته، حيث تكثر المحال التجارية والمكتبات المتخصصة في هذه المنتجات.

إكسسوارات الكريسماس وهدايا رأس السنة تفرض حضورها في شوارع وميادين القاهرة (الشرق الأوسط)

«الطلب لا يقتصر على المسيحيين، بل كثير من المسلمين يشترون الزينة لبيوتهم ومكاتبهم»، يقول نادر جرجس، البائع في أحد متاجر الجملة بالشارع، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نعرض الزينة منذ سنوات، لكن في الأعوام الأخيرة هناك إقبال متزايد من العائلات المسلمة والمسيحية، فالجميع يبحث عن الفرح في ظل ضغوطات الحياة».

قطع حديث البائع سؤال من الطالبة الجامعية سارة محمود، عن ثمن دمية صغيرة لـ«بابا نويل» ليرد عليها: «50 جنيهاً» (الدولار يساوي نحو 47 جنيهاً مصرياً)، ومع دفعها، فسّرت لـ«الشرق الأوسط» سبب الشراء، بقولها: «أرى أن شراء الزينة والهدايا لا تعني تبني توجهٍ ديني معين، هي فقط تعبير عن الفرح، ومثلما نشارك أصدقاءنا المسيحيين في أعيادهم، هم يهنئوننا في رمضان والعيد».

وعلقت زميلتها الجامعية، ماري مجدي: «زينة الكريسماس للمسلمين أصبحت مثل فانوس رمضان لنا كمسيحيين، لا أرى فيهما مسألة دينية بقدر ما هي مناسبات اجتماعية جميلة للتعايش والتسامح».

ومن شمال القاهرة إلى وسطها الصاخب، يمكن ملاحظة زيادة التوجه نحو الاحتفال برأس السنة، عبر مشاهد الزينة على الأرصفة والحوائط والواجهات، ففي شارع قصر العيني، تبرز واجهة كبرى لأحد متاجر القهوة الشهيرة مزينة بنجمة ضخمة حمراء بخلفية خضراء تتوسطها عبارة «Christmas Vibes»، تجذب المارة للتصوير، كرغبة في خلق لحظات من السعادة. وقال هيثم صابر، أحد العاملين بالمتجر: «هذه الديكورات تخلق حالة من البهجة، والزبائن يحبون هذه الأجواء؛ لذا تجذبهم إلينا».

أجواء كرنفالية واحتفالية بالعام الجديد في منطقة «الكوربة» شرق القاهرة (الشرق الأوسط)

اختارت مجموعة من محال الملابس، المنتشرة بالمنطقة، وضع أشجار الكريسماس المضيئة أمام مدخلها أو داخل «فاترينة» العرض، في حين امتدت الزينة لأماكن غير تقليدية، حيث قام متجر للحيوانات الأليفة بتزيين واجهته بالغزلان والأجراس المضيئة.

وعلى بعد أمتار قليلة من وسط القاهرة، حيث تتواجد «الأوبرا المصرية»، وبجانب ما تنظمه الدار من فعاليات وسهرات بمناسبة أعياد الميلاد، لم تغفل الدار أن تشارك زوارها بأجواء كرنفالية واحتفالية بالعام الجديد، عبر مُجسم يحمل عبارة «Happy New Year»، إلى جانب شجرة كريسماس عملاقة، وكلاهما جذب زوار الأوبرا للتصوير.

وبعد التقاط صورة «سيلفي» أمام الشجرة، التي تتوسط مدخل المسرح الكبير، قالت علا علوي، وهي موظفة تسويق، كانت تستعد لحضور عرض باليه «كسارة البندق»، لـ«الشرق الأوسط»: «أشعر بالسعادة عندما أرى هذه الديكورات، التي أصبحت جزءاً من ثقافتنا الاحتفالية، هي تعبير عن مصر الحقيقية، التي تحتفل بكل شيء، وتفتح قلبها للجميع».

مُجسم يحمل عبارة «Happy New Year» بساحة دار الأوبرا المصرية (الشرق الأوسط)

وبالانتقال لشرق القاهرة، وتحديداً منطقة «الكوربة»، ينجذب الزائر إلى المشهد الكرنفالي السنوي؛ إذ تتلألأ الأضواء وتنتشر ديكورات العام الجديد على جدران البنايات ذات الطراز المعماري الفريد.

وقالت مجموعة من الطلاب الجامعيين، تواجدوا للتصوير أمام إحدى البنايات المُزينة بزينة «الكريسماس» وتتداخل معها ديكورات الفوانيس والأهلّة، لـ«الشرق الأوسط»: «نحب زيارة هذا المكان... الزينة تبعث فينا حيوية... وتشعرنا بأن هناك شيئاً جميلاً ينتظرنا في العام الجديد».


5 تمارين ذهنية لتنشيط الدماغ بعد سن الأربعين

ممارسة الكتابة الحرة تساعد على تنشيط الدماغ (جامعة يوتا الأميركية)
ممارسة الكتابة الحرة تساعد على تنشيط الدماغ (جامعة يوتا الأميركية)
TT

5 تمارين ذهنية لتنشيط الدماغ بعد سن الأربعين

ممارسة الكتابة الحرة تساعد على تنشيط الدماغ (جامعة يوتا الأميركية)
ممارسة الكتابة الحرة تساعد على تنشيط الدماغ (جامعة يوتا الأميركية)

تؤكد بحوث حديثة أن الدماغ لا يتوقف عن التطور مع التقدم في العمر؛ بل يواصل إنتاج خلايا عصبية جديدة حتى بعد منتصف العمر. وعلى عكس الاعتقاد السائد بأن «المرونة العصبية» تبلغ ذروتها في مرحلة الطفولة، أظهرت الدراسات أن الدماغ يظل قادراً على التكيُّف والتجدد طوال الحياة.

وبالنسبة لمن تجاوزوا سن الأربعين، يحمل هذا الاكتشاف رسالة أمل واضحة، مفادها أن نسيان الأسماء أو الشعور بما يُعرف بـ«ضبابية الذهن» ليسا أمرين حتميين؛ بل يمكن الحد منهما عبر تمارين ذهنية يومية لا تتجاوز 5 دقائق في اليوم، شرط الالتزام بها بانتظام.

وتشير مجلة «VegOut» الأميركية إلى أن هذه التمارين تحفِّز الدماغ وتدفعه للعمل بطرق جديدة وأكثر كفاءة.

واللافت أن هذه التمارين لا تتطلب وقتاً طويلاً أو أدوات باهظة الثمن؛ بل يمكن لأي شخص تطبيقها بسهولة ضمن روتينه اليومي.

1- الكتابة الحُرّة

في كل صباح، وقبل الانشغال بقائمة المهام اليومية، يُنصح بممارسة الكتابة الحرة دون تفكير أو مراجعة أو تصحيح. وقد تكون الكتابة عن أفكار عابرة، أو أحلام، أو حتى جمل متكررة، مثل: «لا أعرف ماذا أكتب». وتكمن الفائدة هنا ليس في مضمون ما يُكتب؛ بل في عملية تحويل الأفكار إلى كلمات دون رقابة داخلية.

2- العدُّ العكسي خلال تنظيف الأسنان

تقوم هذه العادة على اختيار رقم مكوَّن من 3 أرقام، والبدء في العد تنازلياً بطرح 7 خلال تنظيف الأسنان، مثل: 298، 291، 284. ويُجبر هذا التمرين الدماغ على التركيز خلال أداء مهمة روتينية، ما يُنشِّط الانتباه والذاكرة دون إضافة وقت جديد إلى جدول اليوم.

3- تعلَّم 5 كلمات بلُغة جديدة

تشير البحوث إلى أن تعلُّم اللغات الأجنبية يزيد من نشاط الدماغ، ويعزز مقاومته للتدهور المعرفي. ولا يشترط الوصول إلى الطلاقة؛ إذ إن تعلُّم 5 كلمات يومياً كافٍ لتحقيق فائدة ملموسة، ومع الاستمرارية يمكن اكتساب أكثر من 1800 كلمة سنوياً، وهو ما ينعكس إيجاباً على القدرات الذهنية.

4- التأمل عبر فحص الجسد

وهو نوع من التأمل يركِّز على الانتباه الواعي لكل جزء من الجسم، بدءاً من أصابع القدمين وصولاً إلى الرأس، خطوة بخطوة، مع ملاحظة أي شعور جسدي، مثل التوتر أو الحرارة أو البرودة، دون محاولة تغييره أو إصدار أحكام بشأنه.

5- الامتنان بتفاصيل محددة قبل النوم

بدلاً من عبارات الامتنان العامة، مثل: «أنا ممتن لعائلتي»، يُفضَّل التركيز على تفاصيل دقيقة، مثل ضوء الصباح أو موقف لطيف مع أحد الجيران. ويُنشِّط هذا النوع من الامتنان مراكز الذاكرة والعاطفة واللغة معاً، كما ثبت أنه يُحدث تغييرات إيجابية في بنية الدماغ.

ويشير الخبراء إلى أن دماغ الإنسان بعد منتصف العمر لا يتدهور بالضرورة؛ بل يتغير، ويمكن توجيه هذا التغيير بشكل إيجابي؛ فالعادات اليومية البسيطة تُحفِّز الخلايا العصبية على العمل بأنماط جديدة، ما يعزز الوضوح الذهني والإبداع والمرونة العقلية.

وينصح الخبراء باختيار تمرينين أو ثلاثة من هذه الممارسات، والالتزام بها لمدة شهر، ثم إضافة المزيد تدريجياً، مؤكدين أن التأثير التراكمي لهذه الخطوات الصغيرة قد يكون مذهلاً على المدى الطويل.


من الألم إلى الإبداع... كيف يُعيد الفن بناء الذات؟

التعافي من مرض مزمن كان تحدياً صعباً لبيثاني ويليامز (غاليري بيثلم)
التعافي من مرض مزمن كان تحدياً صعباً لبيثاني ويليامز (غاليري بيثلم)
TT

من الألم إلى الإبداع... كيف يُعيد الفن بناء الذات؟

التعافي من مرض مزمن كان تحدياً صعباً لبيثاني ويليامز (غاليري بيثلم)
التعافي من مرض مزمن كان تحدياً صعباً لبيثاني ويليامز (غاليري بيثلم)

في بعض الأحيان، يكون الفن أكثر من مجرد إبداع؛ يكون ملاذاً، وطريقة لاستعادة الذات المفقودة بين الألم والصمت. هذا ما اكتشفته الفنانة الشابة بيثاني ويليامز، التي وجدت في ممارسة الفن وسيلة لإعادة الاتصال بنفسها تدريجياً بعد صراع طويل مع مرض مزمن.

معرضها الأول «هذا المكان البري، المؤلم حدّ الوجع، والجميل»، يعكس رحلتها الشخصية بكل تفاصيلها الدقيقة. المعرض، المعروض حالياً في لندن، ليس مجرد قطع فنية، بل هو سرد حي لتجربة إنسانية عميقة، تحكي قصة الألم، والصبر، والتعافي.

في عام 2013، شُخِّصت ويليامز بـ«الصداع اليومي المستمر الجديد»، مرض يزرع الألم في الرأس والوجه بلا هوادة. وحين دخلت في فترة هدوء مؤقتة، عاد المرض عام 2022 بأعراض أقسى، أجبرتها على ملازمة الفراش لفترة طويلة. عن تلك المرحلة الصعبة تقول: «قضيت عاماً ونصف العام طريحة الفراش، ثم بدأت أتحسن ببطء شديد، وكانت تلك المرحلة بالغة الصعوبة».

المعرض، كما تصفه، هو «رسالة حب إلى الأرض التي احتضنتني، وإلى الألم الذي غيّرني، وإلى نسخة من نفسي لم أكن أتوقع أن ألتقيها يوماً». وخلال تلك الفترة الحرجة، عادت ويليامز، الفائزة مؤخراً بجائزة مجلس الأزياء البريطاني وصندوق فوغ للمواهب الصاعدة، إلى جزيرة مان، لتجد فيها المساحة والوقت لإعادة التواصل مع إبداعها الفني واستعادة توازنها الداخلي؛ وفق «بي بي سي».

رحلتها نحو التعافي كانت مليئة بالتجارب المتنوعة؛ من العمل بالخزف إلى الانغماس في الطبيعة، وهي تقول إن هذه اللحظات «أعادتني إلى ذاتي ببطء». وأضافت: «طورنا في المعرض منحوتات ضوئية، وبما أنني كنت شديدة الحساسية تجاه الضوء، أردت استخدامه كرمز لتقدمي في التعافي».

تصاميمها استُلهمت من المناظر الطبيعية ورحلتها في التعافي (غاليري بيثلم)

المعرض، أول عرض فردي لها، يضم 3 منحوتات ضوئية نسيجية تمثل مراحل التعافي المختلفة، إلى جانب منحوتات بورسلان، ولوحات فنية، وتركيب من الأقمشة، وشاشة خشبية. وتقول ويليامز إن هذه الأعمال تختزل مسيرتها نحو الشفاء، رحلة «مؤلمة إلى حد كبير، لكنها حملت معها دروساً حياتية جميلة للغاية».

إلهامها جاء من الطبيعة الساحرة لجزيرة مان: الأحجار القائمة في العراء، والمرتفعات الشامخة، والأشجار التي شكلتها الرياح العاتية. وأضافت أن المناطق المرتفعة، حيث تنمو ثمار العليق والتنور ونبات الخلنج، كانت بالنسبة لها «منعزلة على نحو جميل».

وعن أسلوبها الفني، تقول: «كنت أسعى لخلق إحساس شبحاني، غامض وجميل في آن واحد، يشبه تلك اللحظة التي يفقد فيها الإنسان ذاته ثم يعود إليها تدريجياً». وختمت: «إنه رسالة حب إلى الأرض التي احتضنتني، وإلى الألم الذي غيّرني، وإلى النسخة من نفسي التي لم أكن أتوقع أن ألتقيها».

يستضيف «غاليري بيثلم» في لندن المعرض حالياً حتى نهاية يناير (كانون الثاني)، وسيُنقل لاحقاً إلى «بيت مانانان» عام 2027، ليبقى شاهداً حياً على رحلة فنانة استطاعت تحويل الألم إلى جمال، والفقدان إلى اكتشاف الذات.