برامج التحفيز والدعم الحكومي السعودي تحصر آثار «كورونا»

تقارير: قدرة الدولة على فرض سيطرة استباقية لتداعيات الجائحة ساهمت في رفع الإغلاق في يونيو

تحركات السعودية السريعة لبرامج تحفيز ودعم حدت من تبعات الوباء في النصف الأول من العام (الشرق الأوسط)
تحركات السعودية السريعة لبرامج تحفيز ودعم حدت من تبعات الوباء في النصف الأول من العام (الشرق الأوسط)
TT

برامج التحفيز والدعم الحكومي السعودي تحصر آثار «كورونا»

تحركات السعودية السريعة لبرامج تحفيز ودعم حدت من تبعات الوباء في النصف الأول من العام (الشرق الأوسط)
تحركات السعودية السريعة لبرامج تحفيز ودعم حدت من تبعات الوباء في النصف الأول من العام (الشرق الأوسط)

قالت تقارير ومراكز بحوث في السعودية إن برامج التحفيز والدعم الحكومي في السعودية قبيل انطلاقة شرارة تفشي فيروس كورونا المستجد في البلاد نجحت في التخفيف من تأثيراته المتداعية وحصر آثاره السلبية في النصف الأول من العام الجاري، مشيرة إلى أن قدرة الدولة في استقراء المشهد والدفع بخطوات عملية استباقية كانت عاملا جوهريا في النتائج الحالية.
وفتحت قرارات السعودية مؤخرا لعودة الحياة الاقتصادية إلى طبيعتها تدريجيا بدءا من الأحد المقبل حتى موعد فك الإغلاق كليا في يونيو (حزيران) المقبل، باب التساؤلات حيال عامل التوقيت الذي يجري فيه رفع الإغلاق المنتظر، في وقت تشير فيه مرئيات اقتصادية إلى أن جملة برامج التحفيز المالية وحزم الدعم الحكومية الاستباقية قبل تداعيات فيروس كورونا خففت من الآثار السلبية وحصرها في الستة الأشهر الأولى من العام الجاري.
وبحسب تقرير أعده مؤخرا الباحثان راجا أسد خان رئيس إدارة الأبحاث والدكتورة نوف الشريف اقتصادي أول من شركة جدوى للاستثمار، يعتبر نطاق التأثيرات المحتملة لفيروس كورونا المستجد على اقتصاد المملكة أمرا لم يكتمل صورة مشهده مع اتخاذ السلطات السعودية العديد من الإجراءات الاحترازية لمنع انتشار الفيروس سريعا، مشيرين إلى أن تفشي كورونا في مختلف أنحاء العالم وطول مدة بقائه أدى إلى اضطراب واسع ودائم في التجارة العالمية والناتج الصناعي للعام الجاري 2020 وهو ما يشكل حتما انعكاسا أمام الاقتصاد المحلي.
ويرى التقرير أنه رغم أن التطورات المرتبطة بفيروس كورونا المستجد من المرجح ستضعف آفاق نمو الاقتصاد العالمي، لكن التفاؤل بشأن المزيد من سياسات التيسير النقدي على مستوى العالم، وكذلك التوقعات بالمزيد من التحفيز المالي الكبير من بعض الدول، كما تفعل السعودية في الوقت الراهن، ستؤدي إلى التخفيف من الآثار الاقتصادية السلبية للفيروس، والتي ستبقى على الأرجح محصورة في النصف الأول من العام.
ويرجح الباحثان أن يسجل قطاع «تجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق» تراجعا في مستوى النمو هذا العام، نتيجة الحد من إطلاق فعاليات الترفيه والترويح، خاصة خلال النصف الأخير من الربع الأول والربع الثاني من عام 2020. بسبب الإجراءات الوقائية المتصلة بفيروس كورونا، كما تم تعليق وتأجيل عدد من فعاليات الترفيه بالإضافة إلى إغلاق مراكز التسوق، والمطاعم والمقاهي، مع استثناء المتاجر والصيدليات بصورة مؤقتة.
وبحسب افتراضات التقرير، يتوقع انتعاش تدريجي للأنشطة بالمملكة في الربع الثالث، حيث يتوقع حينها انحسار تأثير الفيروس كورونا على مستوى العالم، بينما ينتظر أن تساعد الإجراءات الداعمة على استمرار زيادة الدخل المتاح للإنفاق لدى الأسر السعودية، مما يسهم في بعض النمو في هذا القطاع عند استئناف الأعمال بصورة طبيعية.
أمام ذلك، أوضحت نتائج دراسة أعدها مجلس الغرف التجارية منتصف أبريل (نيسان) الماضي حول حالة تأثير جائحة (كوفيد – 19) في السعودية إلى أن سيناريو العودة إلى العمل في يونيو (حزيران) المقبل كان الأقرب بين سيناريوهات ثلاثة.
وأشار تقرير تحت عنوان «الآثار الاقتصادية لكوفيد - 19» صدر عن مركز المعلومات والبحوث في المجلس إلى سيناريوهات بمدد زمنية؛ حيث يرى السيناريو الأول السيطرة على الفيروس بنهاية أبريل الماضي، فيما الثاني سيكون في يونيو المقبل، أما الثالث في سبتمبر (أيلول) القادم، حيث وضعت نقاطاً مسجلة لكل مرحلة يتم على أثرها تسجيل الأثر على الناتج القومي.
وأسفرت توقعات مجلس الغرف عن ترجيح السيناريو الثاني الأقرب للحدوث نتيجة وضوح مؤشرات سيطرة السعودية على التداعيات الاقتصادية والتوجه نحو تخفيف إجراءات الإغلاق التي انطلقت علامتها من نهاية أبريل الماضي.
ولفت التقرير إلى أن الاقتصاد السعودي لا يزال يظهر متانة عالية ومستوى ائتمان رفيعا بشهادات مؤسسات التصنيف العالمية، بالإضافة إلى وجود احتياطات ضخمة من العملات الأجنبية تبلغ 490 مليار دولار تغطي قيمة 47 شهرا من الواردات تساوي 8 أضعاف المعدل العالمي، ما يبدد الخوف من أي أزمة تتعلق بالواردات.



بين الدمار والضغوط المالية... تداعيات اقتصادية كارثية تضرب لبنان وإسرائيل

دخان يتصاعد فوق جنوب لبنان بعد الغارات الإسرائيلية (رويترز)
دخان يتصاعد فوق جنوب لبنان بعد الغارات الإسرائيلية (رويترز)
TT

بين الدمار والضغوط المالية... تداعيات اقتصادية كارثية تضرب لبنان وإسرائيل

دخان يتصاعد فوق جنوب لبنان بعد الغارات الإسرائيلية (رويترز)
دخان يتصاعد فوق جنوب لبنان بعد الغارات الإسرائيلية (رويترز)

شكَّل النزاع بين إسرائيل و«حزب الله» محطةً فاصلة؛ حملت في طيّاتها تداعيات اقتصادية وإنسانية عميقة على كلٍّ من لبنان وإسرائيل؛ إذ خلّفت الأعمال العدائية الممتدة لأكثر من عام آثاراً كارثية على البنى التحتية، ورفعت معدلات النزوح، وأدّت إلى شلل واسع في القطاعات الحيوية. وفي حين تحمل لبنان العبء الأكبر من الدمار والخسائر الاقتصادية، فإن إسرائيل لم تكن بمنأى عن الأضرار، خصوصاً مع مواجهتها تحديات اقتصادية ناتجة عن الحرب المتزامنة في غزة.

منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية تعترض صواريخ أطلقت من قطاع غزة (رويترز)

وفيما يلي استعراض لأبرز تكاليف هذا الصراع، الذي شهد تصعيداً حادّاً خلال الشهرين الماضيين، بعد التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، وفق «رويترز».

التأثير الاقتصادي

قدَّر البنك الدولي الأضرار والخسائر الأولية في لبنان بنحو 8.5 مليار دولار، وذلك في تقرير أصدره في 14 نوفمبر (تشرين الثاني). ومن المتوقع أن يشهد الناتج المحلي الإجمالي اللبناني انكماشاً بنسبة 5.7 في المائة في عام 2024، مقارنةً بتوقعات النمو السابقة التي كانت تشير إلى 0.9 في المائة.

كما تكبّد القطاع الزراعي اللبناني خسائر فادحة، تجاوزت 1.1 مليار دولار، شملت تدمير المحاصيل والماشية، إضافة إلى نزوح المزارعين. وفي الوقت نفسه، عانى قطاع السياحة والضيافة -الذي يُعد من الركائز الأساسية للاقتصاد اللبناني- من خسائر مشابهة، ما يزيد من تعقيد التحديات الاقتصادية في البلاد.

أما في إسرائيل، فقد أدّت الحرب مع «حزب الله» إلى تفاقم التداعيات الاقتصادية الناجمة عن النزاع المستمر في غزة، ما زاد من الضغط على المالية العامة للدولة. وقد ارتفع العجز في الموازنة إلى نحو 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، ما دفع وكالات التصنيف الائتماني الكبرى إلى خفض تصنيف إسرائيل.

كما أسهمت الاضطرابات في سلاسل الإمداد في رفع معدل التضخم إلى 3.5 في المائة، متجاوزاً النطاق المستهدف للبنك المركزي الإسرائيلي (1-3 في المائة). وفي ظل هذه الظروف، أبقى البنك المركزي أسعار الفائدة مرتفعة بهدف مكافحة التضخم، وهو ما زاد من الأعباء المالية على الأسر، من خلال ارتفاع تكاليف الرهون العقارية.

ورغم هذه التحديات العميقة، أظهر الاقتصاد الإسرائيلي تعافياً نسبياً في الربع الثالث من العام؛ بعدما سجل نمواً بنسبة 3.8 في المائة على أساس سنوي، عقب انكماش في الربع الثاني، وفقاً للتقديرات الأولية للحكومة.

حطام سيارات في موقع متضرر جراء الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

الدمار

في لبنان، تُقدر تكلفة الأضرار التي لحقت بالمساكن بنحو 2.8 مليار دولار؛ حيث دُمّر أو تضرر أكثر من 99 ألف وحدة سكنية، وذلك وفقاً لتقرير البنك الدولي. وفي الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل «حزب الله»، دُمر 262 مبنى على الأقل نتيجة الضربات الإسرائيلية، وفق مختبر جامعة بيروت الأميركية.

كما تسببت العمليات العسكرية الإسرائيلية في أضرار جسيمة في القرى والبلدات في جنوب لبنان وسهل البقاع، وهما منطقتان تُهيمن عليهما جماعة «حزب الله». وقد أسفرت هذه الضربات عن تدمير واسع للمرافق والبنية التحتية، ما يزيد من تعقيد الأزمة الاقتصادية والإنسانية في تلك المناطق.

في المقابل، في إسرائيل، قُدِّرت الأضرار العقارية بنحو 1 مليار شيقل (ما يعادل 273 مليون دولار)، إذ دُمرت أو تضررت آلاف المنازل والمزارع والمنشآت التجارية جراء التصعيد العسكري. علاوة على ذلك، أُتلف نحو 55 ألف فدان من الغابات والمحميات الطبيعية والأراضي المفتوحة في شمال إسرائيل ومرتفعات الجولان.

النزوح

ونتيجة تصاعد العمليات العسكرية، نزح نحو 886 ألف شخص داخل لبنان بحلول نوفمبر 2023، وفقاً لتقارير المنظمة الدولية للهجرة، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في حين فرّ أكثر من 540 ألف شخص إلى سوريا هرباً من النزاع. وفي إسرائيل، تم إجلاء نحو 60 ألف شخص من المناطق الشمالية.

الخسائر البشرية

وأسفرت العمليات العسكرية عن سقوط آلاف الضحايا في كلا الجانبين. ففي لبنان، قُتل ما لا يقل عن 3768 شخصاً، وأصيب أكثر من 15 ألفاً و699 منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وفقاً لوزارة الصحة اللبنانية. تشمل هذه الأرقام المدنيين والمقاتلين على حد سواء؛ حيث كانت الغالبية نتيجة الهجمات الإسرائيلية التي اشتدت في سبتمبر (أيلول). أما في إسرائيل، فقد تسببت ضربات «حزب الله» في مقتل 45 مدنياً و73 جندياً، وفقاً لبيانات رسمية إسرائيلية.