«ضريبة الفضاء»... مقترح لمعالجة تفاقم مشكلة النفايات في الفضاء

علماء يقترحون إبرام اتفاقية دولية لفرض رسوم على مشغلي الأقمار الصناعية

الأقمار الصناعية القديمة والحطام الطبيعي والصناعي قد تناثرت حول مدار الأرض المنخفض
الأقمار الصناعية القديمة والحطام الطبيعي والصناعي قد تناثرت حول مدار الأرض المنخفض
TT

«ضريبة الفضاء»... مقترح لمعالجة تفاقم مشكلة النفايات في الفضاء

الأقمار الصناعية القديمة والحطام الطبيعي والصناعي قد تناثرت حول مدار الأرض المنخفض
الأقمار الصناعية القديمة والحطام الطبيعي والصناعي قد تناثرت حول مدار الأرض المنخفض

أفاد باحثون بأن تزايد كميات الحطام في الفضاء بالقرب من كوكب الأرض ما هو إلا مثال حي كلاسيكي لما يعرف بتراجيديا المشاع.
وللتغلب على ذلك، اقترح العلماء استحداث «ضريبة الفضاء» لمعالجة مشكلة الحطام المتفاقمة، أو ما يعرف بـ«خردة الفضاء»، التي تطوق الأرض حسب ما نقلت محطة «سكاي» أمس.
ورغم أن الفضاء قد يبدو وكأنه فراغ لا نهاية له من كوكب الأرض، فالحقيقة هي أن منطقة الفضاء القريب الخاصة باتت مزدحمة تماماً، بحسب تحذير ورد ضمن بحث منشور في «مجلة الأكاديمية الوطنية للعلوم».
من المعروف أن العديد من الأقمار الصناعية القديمة والحطام الطبيعي والصناعي قد تناثرت حول مدار الأرض المنخفض، ولذلك يتزايد خطر الاصطدام في كل مرة يجري فيها إطلاق قمر صناعي جديد.
ووفقاً للدراسة الجديدة التي أجراها خبراء الاقتصاد، فإن الطريقة الأكثر فعالية لحل مشكلة النفايات الفضائية ليست محاولة التقاط هذا الحطام أو محاولة جعل الأقمار الصناعية القديمة تصطدم بالأرض، بل إبرام اتفاقية دولية لفرض رسوم على مشغلي الأقمار الصناعية، أو بالأحرى ضريبة، على كل قمر صناعي يتم تشغيله في المدار.
ويقول الباحثون إن الرسوم السنوية التي ترتفع إلى 235 ألف دولار (188 ألف جنيه إسترليني) سنوياً لكل قمر صناعي ستضاعف قيمة صناعة الأقمار الصناعية أربع مرات بحلول عام 2040.
وبحسب المؤلف المشارك في البحث الدكتور ماثيو بيرجس، فإن «الفضاء يعد مورد مشاع، لكن الشركات لا تحسب التكلفة التي تفرضها أقمارها الصناعية على مشغلين آخرين عندما يقررون إطلاق أقمارهم».
وأضاف الدكتور بورغيس، الأستاذ بجامعة كولورادو بولدر: «نحن بحاجة إلى تبني سياسة تتيح لمشغلي الأقمار الصناعية مراعاة التكاليف التي تفرضها عمليات الإطلاق على المشغلين الآخرين بشكل مباشر».
الأجسام التي تزدحم في مدار منخفض حول الأرض هي مثال لما يسميه خبراء الاقتصادي «تراجيديا المشاع»، عندما يدمر العديد من الأفراد الذين يعملون لمصلحتهم الذاتية مورداً مشتركاً.
جرى في السابق طرح العديد من الحلول لمسألة النفايات الفضائية، بما في ذلك التكنولوجيا التي يمكن أن تلتقط الحطام باستخدام الشباك أو الحراب، أو تدميرها بالليزر.
لكن الباحثين جادلوا بأن هذه الحلول لن تنجح لأنها لن تغير سلوك مشغلي الأقمار الصناعية، ولذلك اقترح خبراء الاقتصاد فرض «ضريبة الفضاء».
وفي هذا الصدد، قال الدكتور أخيل راو، المؤلف الرئيسي للبحث إن «تلك الضريبة تختلف عن رسوم الإطلاق. فرسوم الإطلاق في حد ذاتها لا يمكن أن تحفز المشغلين على تدمير أقمارهم الصناعية عند الضرورة. فليست عملية الإطلاق هي ما يتسبب في الضرر، لكنه القمر الصناعي المداري هو ما يفاقم المشكلة».
في عام 2018. اصطدم جسم صغير بالجانب الروسي من محطة الفضاء الدولية، مما أدى إلى ثقب المقصورة والتسبب في تسرب الهواء. وكان على رائد الفضاء أن يسد الثقب في البداية بإصبعه قبل استخدام الشريط لترميم الثقب.
ولكي ينجح هذا النظام الجديد، يتعين أن تشارك كل دولة في العالم تطلق أقماراً صناعية في هذه الضريبة بنفس المعدل.
ويقول الباحثون إن مناهج مماثلة تطبق بالفعل لفرض الضرائب على انبعاثات الكربون وإدارة مصايد الأسماك.
ومن شأن تأثير الحد من التصادمات والتكاليف المتعلقة بالاصطدام أن تساعد في دفع صناعة الأقمار الصناعية إلى الأمام - من سوق بقيمة 600 مليار دولار في الوقت الحالي إلى سوق تتخطي قيمتها 3 تريليونات دولار بحلول عام 2040.
وأضاف الدكتور بورغيس قائلاً: «في القطاعات الأخرى، كانت معالجة تراجيديا المشاع في كثير من الأحيان لعبة للحاق بالتكاليف الاجتماعية الكبيرة الناجمة عن نشاطات التنمية وانعكاساتها السلبية على البيئة. لكن صناعة الفضاء الشابة نسبياً يمكنها تجنب هذه التكاليف قبل أن تتزايد».


مقالات ذات صلة

التلسكوب «جيمس ويب» يلتقط «زِينة شجرة ميلاد مُعلَّقة في الكون»

يوميات الشرق ألوانُها كأنه العيد في الفضاء (ناسا)

التلسكوب «جيمس ويب» يلتقط «زِينة شجرة ميلاد مُعلَّقة في الكون»

التقط التلسكوب الفضائي «جيمس ويب» التابع لـ«ناسا»، للمرّة الأولى، صورة لِما بدت عليه مجرّتنا في الوقت الذي كانت تتشكَّل فيه؛ جعلت علماء الفضاء يشعرون بسعادة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الكويكبات الجديدة رُصدت بواسطة تلسكوب جيمس ويب الفضائي (معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا)

رصد 138 كويكباً صغيراً جديداً

تمكن فريق من علماء الفلك في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بالولايات المتحدة من رصد 138 كويكباً صغيراً جديداً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
الولايات المتحدة​ باميلا ميلروي نائبة مدير «ناسا» وبيل نيلسون مدير «ناسا» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن (أ.ف.ب)

«ناسا» تعلن تأجيلات جديدة في برنامج «أرتميس» للعودة إلى القمر

أعلن مدير إدارة الطيران والفضاء (ناسا)، بيل نيلسون، تأجيلات جديدة في برنامج «أرتميس» الذي يهدف إلى إعادة رواد الفضاء إلى القمر لأول مرة منذ 1972.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
علوم رائدا الفضاء سونيتا ويليامز وباري ويلمور (أ.ب)

مرور 6 أشهر على رائدَي فضاء «ناسا» العالقين في الفضاء

مرّ ستة أشهر على رائدَي فضاء تابعين لوكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا) عالقين في الفضاء، مع تبقي شهرين فقط قبل العودة إلى الأرض.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق رحلة ولادة الكسوف الاصطناعي (أ.ب)

«عرض تكنولوجي» فضائي يمهِّد لولادة أول كسوف شمسي اصطناعي

انطلق زوج من الأقمار الاصطناعية الأوروبية إلى الفضاء، الخميس، في أول مهمّة لإنشاء كسوف شمسي اصطناعي من خلال تشكيل طيران فضائي مُتقن.

«الشرق الأوسط» (كيب كانافيرال فلوريدا )

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».