دعم أفريقي لاستئناف مفاوضات «سد النهضة»

بعد إعلان مصر وإثيوبيا والسودان استعدادها لإتمام الاتفاق

TT

دعم أفريقي لاستئناف مفاوضات «سد النهضة»

تلقى إعلان مصر وإثيوبيا والسودان، استئناف مفاوضاتها المتعثرة حيال «سد النهضة»، دعماً أفريقياً، بإشادة رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، إزاء سعي الدول الثلاث لـ«حل الخلافات العالقة والتوصل إلى حل ودي».
وحسب الخارجية المصرية، اتفقت الأطراف الثلاثة على العودة لطاولة المفاوضات لـ«تكملة الجزء اليسير المتبقي من اتفاق ملء وتشغيل السد»، بعدما تجمدت المفاوضات، إثر انسحاب إثيوبيا من اجتماع حاسم في واشنطن، نهاية فبراير (شباط) الماضي، كان مخصصاً لإبرام اتفاق نهائي، برعاية وزارة الخزانة الأميركية والبنك الدولي، أعقبه مباشرة إعلان إثيوبيا بدء تخزين 4.9 مليار متر مكعب في بحيرة السد في يوليو (تموز) المقبل.
وقال بيان صادر عن رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي، إن الاتحاد يرحب بالتطورات الأخيرة المتعلقة باتفاق إثيوبيا والسودان ومصر، مشجعاً الأطراف الثلاثة، على «الالتزام بحسن النية، وبروح تتحلى بالتعاون والتفاهم المشترك والشفافية، على النحو المنصوص عليه في إعلان المبادئ لعام 2015 بشأن سد النهضة».
وأعرب الرئيس عن استعداد مفوضية الاتحاد الأفريقي لمساعدة جميع الأطراف على إيجاد حل سلمي والتوصل إلى اتفاق مفيد للأطراف الثلاثة.
وسبق الإعلان عن استئناف المفاوضات، الدائرة منذ نحو 9 سنوات، ضغط دولي واسع، حيث وجه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، والاتحاد الأوروبي، والصين، الأسبوع الماضي، دعوات متفرقة، للأطراف الثلاثة للعودة للمفاوضات وحل الخلافات بالطرق السلمية.
ومنذ تعثر اتفاق واشنطن، شهدت الأشهر الثلاثة الماضية، تصعيداً متبادلاً بين مصر وإثيوبيا، لم يخلُ من التلويح بـ«إجراءات عنيفة»، قبل أن يعلن السودان عن مبادرة لوضع حد للأزمة، بموجبها يعاود الأطراف الثلاثة الجلوس مرة أخرى على طاولة المفاوضات.
وقالت مصر (الجمعة) إنها مستعدة لـ«العودة للمشاركة في مفاوضات سد النهضة». على ضوء نتائج الاجتماع الذي عُقد بين رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد.
وأكدت الخارجية المصرية أهمية أن «يكون الاجتماع جاداً وبنّاءً وأن يُسهم في التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن وشامل يحفظ مصالح مصر المائية وبنفس القدر يراعي مصالح إثيوبيا والسودان».
فيما تشترط القاهرة استكمال المفاوضات من حيث انتهى عليه «مسار واشنطن»، والذي جرى خلاله التوافق على معظم قضايا الملء والتشغيل. وتبني أديس أبابا السد، على نهر «النيل الأزرق»، الرافد الرئيسي لنهر النيل، منذ عام 2011. وتخشى القاهرة أن يقلص السد إمداداتها، الشحيحة أصلاً، من المياه، التي يعتمد عليها سكانها البالغ عددهم أكثر من 100 مليون نسمة، بأكثر من 90% في الشرب والزراعة.
وانتهت عملية بناء السد الإثيوبي بنسبة 73%، وتقول إثيوبيا إنه «سيكون أكبر محطة للطاقة الكهرومائية في أفريقيا».
ولا يمانع خبير المياه الدولي الدكتور محمد نصر الدين علام، وزير الموارد المائية المصري الأسبق، من استكمال بلاده المفاوضات لكن وفق شرطين، الأول «التزام إثيوبيا بعدم بدء ملء السد إلا بعد التوصل لاتفاق نهائي»، فضلاً عن «تحديد فترة زمنية للتفاوض». وأعرب علام، في تصريح له، عن أمله أن تكون خطوة إثيوبيا هذه المرة «جادة وليست خطوة جديدة للتعنت والمجادلة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.