المصارف المركزية تلجأ إلى طباعة الأوراق النقدية لمواجهة تداعيات «كورونا»

تحذيرات من آثار اقتصادية وخيمة

المصارف المركزية تلجأ إلى طباعة الأوراق النقدية لمواجهة تداعيات «كورونا»
TT

المصارف المركزية تلجأ إلى طباعة الأوراق النقدية لمواجهة تداعيات «كورونا»

المصارف المركزية تلجأ إلى طباعة الأوراق النقدية لمواجهة تداعيات «كورونا»

تشير التطورات النقدية الأخيرة حول العالم، إلى تُسارع خطى المصارف المركزية لطباعة الأوراق النقدية في ظل انعكاس تداعيات أزمة فيروس كورونا المستجد على الاقتصادات، إذ تفصح التوجهات الأخيرة من الحكومات لإجراءات التوسع النقدي الاستثنائي عن عمليات طباعة نقود بأحجام ضخمة قد تؤدي لآثار اقتصادية وخيمة مستقبلا.
واتجه المصرفان المركزيان الياباني والسويسري، العام الحالي لطباعة أوراق نقدية بلغت معدلات كبيرة مقارنة بالقيمة الكلية للناتج القومي للبلدين، في حين هرع المصرف المركزي الأوروبي إلى طباعة أوراق نقدية تجاوزت قيمتها الإجمالية، حتى الآن منذ بداية 2020 ما قوامه 40 في المائة من الناتج القومي لمنطقة اليورو، أي أكثر بكثير مما طبعه المصرف المركزي البريطاني والاحتياطي الفيدرالي الأميركي معا.
ويقول خبراء الاقتصاد في العاصمة برلين إن طباعة الأوراق النقدية تعتبر الخطوة الثالثة، لعام 2020، التي تبنّتها معظم المصارف المركزية حول العالم لمكافحة فيروس كورونا، إذ يأتي اللجوء إلى تخفيض أسعار الفائدة، أولاً، ثم الموافقة على شراء أذون خزينة الدول ثانيا، كخطي دفاع مبدئي لمواجهة الجائحة.
يليها، بحسب الخبراء، تثبيت الدرع الدفاعية الثانية في وجه الفيروس، عبر زيادة طباعة الأوراق النقدية لإغراق الأسواق المالية بكميات كافية منها.
وتتعامل ألمانيا مع جائحة كورونا كأنها حرب عالمية ثالثة، ذات طابع اقتصادي مالي محض، تخوّل المركزي الألماني التصرّف عن طريق إجراءات استثنائية توسعية لم تشهدها البلاد منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.
ويذكر البروفسور مارك غورينغ المستشار السابق لدى المصرف المركزي الأوروبي، أن ما طبعه المصرف المركزي الألماني من أوراق نقدية، منذ بداية عام 2020، رسا تقريبا على 81 في المائة من الناتج القومي، أما ما طبعه نظيره السويسري، منذ بداية عام 2020، فتخطى مائة في المائة من الناتج القومي السويسري.
ويضيف غورينغ أن إجمالي ما طبعه المصرف المركزي الأوروبي من أوراق نقدية، في عام 2020، بلغ 5 تريليونات يورو تقريبا مقارنة بنحو 6 تريليونات دولار للاحتياطي الفيدرالي الأميركي.
وكان لافتا أن إجمالي الأوراق النقدية الصادرة عن المصرف المركزي الأوروبي وصل، في شهر مارس (آذار) وحده من عام 2020 إلى تريليوني يورو. ما يعني أن ما طبعه المركزي الأوروبي، منذ مطلع عام 2020 إلى الآن، يعادل نحو 43 في المائة من الناتج القومي المنوط بمنطقة اليورو. في حين ساوى إجمالي ما طبعه الاحتياطي الفيدرالي، منذ بداية العام 28 في المائة من الناتج القومي الأميركي.
وبحسب غورينغ: «تتفاوت السلوكيات الدفاعية للمصارف المركزية حول العالم في ظلّ أزمة كورونا اعتمادا على سياسات نقدية ومستقلة، الواحدة عن الأخرى، لا سيما في ملف شراء أذون الخزينة. فالمصرف المركزي البريطاني، مثلاً، اشترى أذون خزينة بريطانية لما يعادل أكثر من خُمس الناتج القومي البريطاني».
أما المركزي الألماني فأقدم في الشهور الأربعة الأولى من عام 2020 على شراء أذون خزينة ألمانية (بوند) وأخرى تابعة لدول في منطقة اليورو لما إجماليه 26 في المائة من الناتج القومي الألماني.
وفي هذا السياق، يشير الخبير الاقتصادي الألماني إرفين شميد إلى أن الإجراءات التوسعية غير المسبوقة التي اعتنقتها المصارف المركزية حول العالم ضرورية، لكنها قد تكون غير خالية من آثار اقتصادية سامّة من شأنها توليد دوامة تضخّم مالي «كاذب» في الأسواق. ما يعني أن أسعار الأسهم والسندات المُدرجة في الأسواق المالية ستتضخّم بصورة مقلقة قد تكون غير قابلة للتراجع على المدى القصير.
وهذا ما يطلق عليه الخبراء الألمان اسم عملية «التخدير المؤقت» للأسواق الأوروبية كي لا تشعر بالأوجاع الناجمة من تداعيات فيروس كورونا عليها.
وأضاف شميد «لن يكون من السهل على المصارف المركزية، عقب انتهاء حالة الطوارئ الخاصة بجائحة كورونا المستجد، إقناع الأسواق المالية بالرجوع إلى زمن ما قبل اندلاع تفشي فيروس كورونا حول العالم، إذ ان كل ما تفعله المصارف المركزية ليس إلا إعطاءها جرعات عالية من المورفين المالي، أي شراء السندات وطباعة الأوراق النقدية».


مقالات ذات صلة

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

الاقتصاد مفوض الاتحاد الأوروبي للعمل المناخي فوبكي هوكسترا في مؤتمر صحافي على هامش «كوب 29» (رويترز)

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

تتواصل المفاوضات بشكل مكثّف في الكواليس للتوصل إلى تسوية نهائية بين الدول الغنية والنامية رغم تباعد المواقف في مؤتمر المناخ الخميس.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد أشخاص يقومون بتعديل لافتة خارج مكان انعقاد قمة المناخ التابعة للأمم المتحدة (أ.ب)

أذربيجان تحذر: «كوب 29» لن ينجح دون دعم «مجموعة العشرين»

استؤنفت محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29)، يوم الاثنين، مع حث المفاوضين على إحراز تقدم بشأن الاتفاق المتعثر.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد سفينة شحن في نهر ماين أمام أفق مدينة فرنكفورت الألمانية (رويترز)

«المركزي الألماني»: خطط ترمب الجمركية نقطة تحول في التجارة العالمية

أعرب رئيس البنك المركزي الألماني عن خشيته من حدوث اضطرابات في التجارة العالمية إذا نفّذ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خططه الخاصة بالتعريفات الجمركية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد لافتة للبنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

ناغل من «المركزي الأوروبي»: تفكك الاقتصاد العالمي يهدد بتحديات تضخمية جديدة

قال عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، يواخيم ناغل، إن هناك تهديداً متزايداً بتفكك الاقتصاد العالمي، وهو ما قد يضع البنوك المركزية أمام تحديات تضخمية جديدة.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
الاقتصاد يقف المشاركون وموظفو الأمن خارج مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في باكو (إ.ب.أ)

الدول في «كوب 29» لا تزال بعيدة عن هدفها بشأن التمويل المناخي

كانت عوامل التشتيت أكبر من الصفقات في الأسبوع الأول من محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29)، الأمر الذي ترك الكثير مما يتعين القيام به.

«الشرق الأوسط» (باكو)

إيلون ماسك أكثر ثراءً من أي وقت مضى... كم تبلغ ثروته؟

الملياردير إيلون ماسك يظهر أمام الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
الملياردير إيلون ماسك يظهر أمام الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
TT

إيلون ماسك أكثر ثراءً من أي وقت مضى... كم تبلغ ثروته؟

الملياردير إيلون ماسك يظهر أمام الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
الملياردير إيلون ماسك يظهر أمام الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

أتت نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024 بفوائد ضخمة على الملياردير إيلون ماسك، بحسب تقرير لشبكة «سي إن إن».

وأصبح أغنى شخص في العالم أكثر ثراءً يوم الجمعة؛ إذ بلغ صافي ثروة ماسك رقماً قياسياً وصل إلى 347.8 مليار دولار. وهذا يتفوق على رقمه القياسي السابق الذي سجله في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2021، عندما تجاوز صافي ثروة مؤسس شركة «تسلا» 340 مليار دولار، وفقاً لمؤشر «بلومبرغ» للمليارديرات.

وانتعشت أسهم «تسلا» منذ انتخابات 5 نوفمبر، وارتفعت بنسبة 3.8 في المائة يوم الجمعة. ومنذ الانتخابات، ارتفع السهم بنحو 40 في المائة على اعتقاد المستثمرين أن نفوذ ماسك في إدارة دونالد ترمب سيبشر بعصر من إلغاء القيود التنظيمية الذي سيفيد الشركة.

وماسك، أكبر مساهم فردي في «تسلا»، أصبح أغنى بنحو 83 مليار دولار منذ يوم الانتخابات، بحسب «بلومبرغ».

وقد دفع التحالف مع الرئيس المنتخب دونالد ترمب ماسك ومشاريعه إلى الصدارة. والملياردير الأميركي هو الرئيس التنفيذي لشركتَي «تسلا» و«سبيس إكس»، بالإضافة إلى كونه مالك منصة «إكس» والرئيس التنفيذي لمشاريع أخرى، بما في ذلك «نيورالينك». الآن، جنباً إلى جنب مع فيفيك راماسوامي، سيشرف على وزارة كفاءة الحكومة (DOGE) الجديدة.

كما تضاعفت قيمة شركة ماسك الناشئة للذكاء الاصطناعي «إكس إيه آي»، هذا الأسبوع في جولة تمويل جديدة، وفقاً لصحيفة «وول ستريت جورنال».

وازدادت ثروة ماسك بشكل كبير؛ مما دفعه إلى تجاوز أقرانه في تصنيفات المليارديرات، والتي غالباً ما تشهد تبادل المتنافسين الأوائل للأماكن. واعتباراً من يوم الثلاثاء، كان ماسك أغنى بمقدار 100 مليار دولار من ثاني أغنى شخص بالعالم؛ مؤسس «أمازون» جيف بيزوس.