تزايد البرلمانيين التونسيين المطالبين بمساءلة الغنوشي

اتهموه بـ«تجاوز صلاحياته»... و{النهضة} تردّ بفيديو ساخر

TT

تزايد البرلمانيين التونسيين المطالبين بمساءلة الغنوشي

نجحت كتلة «الحزب الدستوري الحر» (معارضة)، التي تترأسها عبير موسى، القيادية السابقة في حزب التجمع المنحل والتي تضم 16 نائبا، في اجتذاب أربع كتل برلمانية جديدة إلى صفها للمطالبة بمساءلة راشد الغنوشي، رئيس البرلمان التونسي، حول موقفه «الداعم لأحد أطراف الصراع في ليبيا، والانخراط في سياسة المحاور». في إشارة إلى الاتصال الهاتفي، الذي أجراه راشد الغنوشي بفائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، معتبرة أنه يمثل «تجاوزا لمؤسسات الدولة، وتوريطا لها في النزاع الليبي إلى جانب جماعة الإخوان المسلمين وحلفائها».
وتضم هذه الكتل البرلمانية قلب تونس (29 صوتا)، وكتلة الإصلاح (15صوتا)، وكتلة تحيا تونس (14صوتا)، وكتلة المستقبل (9 أصوات)، التي دعت بدورها إلى «احترام الأعراف الدبلوماسية، وتجنب تداخل الصلاحيات مع بقية السلطات، وعدم الزج بالبرلمان في سياسة المحاور، انسجاما مع ثوابت الدبلوماسية التونسية»، كما طالبت بعرض قضية مساءلة الغنوشي على أنظار النواب خلال أول جلسة عامة مقبلة للتداول في شأنها.
وتقدر عدد الأصوات الداعمة لمساءلة الغنوشي بنحو 83 صوتا، فيما يتوقع مراقبون أن تنضم كتل برلمانية أخرى إلى هذه الدعوة. غير أن حسابات سياسية قد تطغى على هذه القضية، التي أثارت ردود فعل متباينة، وجدلا سياسيا حادا خلال الأيام الأخيرة، ومن ذلك أن الأطراف المشاركة في الائتلاف الحكومي (حزب التيار الديمقراطي وحركة الشعب وتحيا تونس)، قد تفكر بقوة في مبدأ «الربح والخسارة» قبل الإقدام على فك تحالفها مع حركة النهضة، لكنها ستسمح فقط بإضعافه.
وخلافا للمواقف الحازمة والرافضة لموقف الغنوشي، عبرت «الكتلة الديمقراطية»، التي تضم 41 صوتا (تجمع حزب التيار الديمقراطي (22 صوتا) وحركة الشعب (15 صوتا) وبعض المستقلين)، في بيان أصدرته أمس «رفضها تجاوز رئيس البرلمان لصلاحياته»، وهو ما يفهم منه بأنها لن تخوض في ملف مساءلة الغنوشي إلى أقصاه، وستركز خلال الجلسة البرلمانية على تجاوز صلاحياته فقط، دون الدخول في تفاصيل المحاور الإقليمية.
وباتساع دائرة الأطراف الناقمة على حركة النهضة، تكون «كتلة الدستوري الحر» قد ربحت نقاطا مهمة في سجالها السياسي مع حركة النهضة. وفي هذا السياق أعلن محمد كريفة، القيادي في الحزب، وقف الاعتصام الذي شنه نواب بالمبنى الفرعي للبرلمان، والذي استمر عشرة أيام للمطالبة بمساءلة الغنوشي بخصوص «تحركاته الخارجية غير المعلنة مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، وإحالة المساءلة على الجلسة العامة للتصويت عليها».
وحدد مجلس البرلمان يوم الثالث من يونيو (حزيران) المقبل لمساءلة الغنوشي حول التدخل الأجنبي في ليبيا، والمواقف الصادرة عن عدد من الكتل البرلمانية حول الدبلوماسية البرلمانية والتطورات في ليبيا، وهو موعد من المنتظر أن يكون «ساخنا للغاية»، بحسب بعض المراقبين، بالنظر إلى خطورة الاتهامات الموجهة لرئيس حركة النهضة، ومواقف مختلف الكتل البرلمانية، بما فيها تلك التي تدعم الائتلاف الحكومي الذي تتزعمه النهضة.
وفي رد غير منتظر حول ما يدور من سجالات سياسية حادة، أصدرت حركة النهضة فيديو ساخرا، نشرته عبر صفحتها الرسمية على «فيسبوك» حول الاتهامات الموجهة لقيادات الحركة بالإثراء الفاحش وغير المشروع، وادعت في نهايته أنها تقف وراء صناعة فيروس كورونا بمشاهد كوميدية.
وتهكمت الحركة في هذا الفيديو على منتقديها بالقول إن رئيسها راشد الغنوشي يملك المليارات، بينما يدير علي العريض معملا للآجر، ويمتك سمير ديلو يختا فخما، قبل أن يختتم الفيديو بالقول إن الحركة «هي من تسببت في ظهور فيروس كورونا».
وترى «النهضة» أنها تتعرض وقياداتها، وعلى رأسهم الغنوشي، لما سمته «حملة تشويه وتحريض ممنهجة». وقالت إنها ستقوم بمقاضاة كل الأطراف المتورطة في هذه الحملة التي وصفتها بـ«الدنيئة والمغرضة».
وقال جمال العرفاوي، المحلل السياسي لـ«الشرق الأوسط» إن الموقف داخل البرلمان «أصبح صعبا بعد أن نجح (الدستوري الحر) في استثمار خطأ الغنوشي، الذي جاء إثر تهنئته لفائز السراج باستعادة قاعدة الوطية العسكرية. وهذا الخطأ صب في صالح عبير موسى، التي ستعرض خلال جلسة المساءلة لائحة كتلتها التي تتهم الغنوشي باستغلال صفته رئيسا للبرلمان لجعل تونس قاعدة لتمرير الأجندات التركية والقطرية في ليبيا».
وتوقع العرفاوي أن تأخذ جلسة الحوار مع رئيس البرلمان حول الديبلوماسية البرلمانية «منحى مساءلة» لأن الغنوشي زج بالبرلمان بكل مكوناته في سياسة المحاور، وألزمه بمواقف لم يستشر بخصوصها رؤساء الكتل البرلمانية، لكنها لن تصل إلى حد الإخلال بالتوازنات السياسية بإقرار سحب الثقة منه، على حد قوله.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.