جناح فاخوري: كنت أوبّخ شخصية «فدوى» خلال تجسيدها في «بردانة أنا»

أشارت إلى مشكلة الممثل مع نص غير مكتمل

فاخوري ممثلة من الرعيل الأول في لبنان تشارك حالياً في مسلسل «بردانة أنا»
فاخوري ممثلة من الرعيل الأول في لبنان تشارك حالياً في مسلسل «بردانة أنا»
TT

جناح فاخوري: كنت أوبّخ شخصية «فدوى» خلال تجسيدها في «بردانة أنا»

فاخوري ممثلة من الرعيل الأول في لبنان تشارك حالياً في مسلسل «بردانة أنا»
فاخوري ممثلة من الرعيل الأول في لبنان تشارك حالياً في مسلسل «بردانة أنا»

قالت الممثلة المخضرمة جناح فاخوري إن شخصية الأم «فدوى» التي تجسدها في مسلسل «بردانة أنا» بعيدة كل البعد عن شخصيتها الحقيقية. وتضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «أنا ضد هذا النوع من الأمهات المتسلطات اللاتي يحمسن أبناءهن الذكور على تعنيف زوجاتهن. وهذا الدور أتعبني جداً إلى حدّ دفعني أحيانا كثيرة إلى توبيخ (فدوى)، وانتقادها أثناء تقمُّصي لها. فكنت أحدثها وأوجه لها العتب، وأطلب منها أن تصمت، عندما يتطلب مني مشهد ما القيام بتصرفات لا تشبهني».
وتُعدّ جناح فاخوري من الممثلات المخضرمات في لبنان، وتختزن تجربة طويلة وغنية في عالم الدراما والمسرح. وسبق أن أدّت أدوار الأم التي تحمّس ابنها على زوجته، كما في مسلسل «السجينة». وتعلّق: «هناك عادة سيئة تمارسها بعض الأمهات تجاه أولادهن الذكور، وهي مسايرتهم والموافقة على تصرفاتهم السيئة مع شريكاتهم». وتتابع: «شخصياً أقف دائماً إلى جانب (كنّتي)، إذا ما حصل أي سوء تفاهم بينها وبين ابني. فلا يمكنني تقبُّل ممارسة الرجل الذكورية على المرأة مهما كانت. فلا الزوجة ولا الشقيقة ولا الجارة، ولا أي امرأة أخرى يمكنني أن أغض النظر عن معاملتها بغير احترام».
تؤكّد جناح فاخوري أنها عندما تمثل تصيبها حالة انفصام تام بين شخصيتها الحقيقية وتلك التي تجسدها تماما كغيرها من الممثلين. «يفرض علينا الدور الذي نلعبه التماهي معه إلى آخر حدود، حتى لو لم نكن نحبّه. ولكن في مسلسل (بردانة أنا) أقنعني الدور، سيما وأنه يسلط الضوء على الناحية السيئة لدى بعض النسوة. لم أشعر بالراحة طيلة تجسيدي له وفي غالبية مشاهد العمل كنت أشعر بالتوتر، وأرسم في رأسي التصرفات الخاطئة التي عليَّ القيام بها ضمن الشخصية».
ولكن هل صدف ولعبت دوراً لم تحبينه؟ ترد في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «عندما أجسد شخصية ما في عمل معين، هذا يعني أني أحببت الدور منذ قراءته على الورق. ولكن أحيانا تطالعنا كممثلين مشكلة تسلّم نص غير مكتمل من قبل الكاتب. وهذا الأمر يولّد عندنا مرات مفاجآت في الشخصية المجسدة. فبينما أكون رسمت لها خطوطها العريضة وأبعادها العامة لأصل إلى النتيجة التي أتوخاها أصطدم بغيابها عن باقي مجريات العمل، وكأنها غير موجودة؛ فبعض الكتاب ينفذون ما يطلبه منهم المخرج أو المنتج، ويركزون على البطل والبطلة أكثر من غيرهما في العمل، فتضيع مساحة أدوار أخرى في ظل نصّ يتسلمه الممثل على أساس معين، ليتفاجأ بعدها بتغيير حيثياته إثر اكتماله».
وتشير فاخوري إلى أنها في «بردانة أنا» لم تصطدم بهذا الواقع، إذ إن كاتبته كلوديا مرشيليان سلّمته كاملاً منذ البداية، وهو ما سهّل عملية رسم الممثل لشخصيته بكامل مراحلها. «إن جميع الأدوار لها مساحتها في العمل، ولم تمر مرور الكرام، وهذا ما طبعه بخلفية غنية لمسها المشاهد، واستمتع بها».
تخزّن جناح فاخوري مشهديات وأخباراً كثيرة عن الرجل المعنّف لأسرته، التقطتها من هنا وهناك، وهو ما ساهم في تقديمها دور الأم (فدوى) بطريقة حقيقية. وتعلّق: «لطالما سمعنا بأفعال من هذا النوع نتفاجأ بالأشخاص الذين يقومون بها. فتكتشفين مثلاً أن جارك الرجل المهذّب وصاحب الهندام الراقي يعنّف زوجته فتصابين بالصدمة. وهناك العديد من حالات مشابهة تحكي عن التعنيف الأسري نلتقيها في عائلاتنا وفي محيطنا. كل ذلك ساهم في تقديمي الدور على طبيعته مستعينة بمعلومات حقيقية لمستها في حياتي العادية. وأنا شخصيا لدي مفهوم خاصّ للعائلة، إذ أقدّم فيه التفاهم ودفء العلاقات على غيرها من المبادئ. فلا أسمح بحصول أي تجاوزات بين أفراد عائلتي التي تمثل مملكتي؛ فأهتم بالحالة النفسية لدى كل فرد فيها وأتفرغ لها تماماً. فعلى الأم أن تتمتع بالوعي الكامل في تعاملها مع أولادها وفي تربيتها لهم كي لا يقعوا في المحظور».
وعن رأيها بالنجاح الذي يحققه «بردانة أنا» الذي تعرضه شاشة «إم تي في» المحلية في موسم رمضان تقول: «هو عمل يحكي قصصاً مستوحاة من واقع تعيشه بيوت لبنانية كثيرة، وقد تم تنفيذه بأسلوب قريب من الناس يخاطبهم بلغة لسانهم. وهذا الأمر ساهم في تحقيقه نسبة مشاهدة عالية».
تعيش جناح فاخوري الحجر المنزلي في منزلها في بلدة «بيت حباب» (شمال لبنان)، وتؤكد أن زمن «كورونا» قلب مقاييس كثيرة في العلاقات الاجتماعية. «حتّم علينا الاهتمام بسلامة صحتنا أولا كما أنه عرفنا على تقدير نعم كثيرة في حياتنا لم نكن نلحظها من قبل انتشار الوباء. لقد استمتعت بفترة الحجر المنزلي، لا سيما أن منزلي يقع في محيطه الحدائق، فأرتشف فنجان القهوة في الهواء الطلق وأنا أمتع نظري بطبيعة لبنان الجميلة، وهذا خفّف كثيراً من وطأة الحجر عليّ، فلم أكن محبوسة في مساحة صغيرة معلّبة».
لا تنكر جناح فاخوري متابعتها أعمالاً تركية في زمن رمضان التلفزيوني رغم تضمنها أحداثاً لا يتقبلها العقل كما تقول. ولكنها في الوقت نفسه تتمسك بمشاهدة أعمال أخرى لبنانية كـ«أولاد آدم» و«بردانة أنا». وتعلّق: «لفتني في الأول هذا الثنائي الرائع الذي يؤلّفه كل من دانييلا رحمة وقيس الشيخ نجيب. وفي الوقت نفسه خسرت فرصة متابعة (بالقلب)، الذي تصلني عنه انطباعات إيجابية كثيرة لأنه يحكي عن بيئتنا اللبنانية الحقيقية، ولكنني سأعوضها بعد موسم رمضان. كما لفتتني مواهب تمثيلية جديدة؛ إن في (بردانة أنا) أو في (أولاد آدم) لونت الشاشة الصغيرة وأضفت عليها التجدد».
وتتابع في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك أننا اليوم بحاجة إلى هذا التجديد بعيداً عن استهلاك وجوه معروفة في الدراما المحلية. ومن المفروض أن يتطلّع المنتجون إلى تلك المواهب الصاعدة والتعاون معها. كما أن عودة ممثلات قديرات إلى الشاشة، أمثال كارول عبود وندى أبو فرحات ورينيه غوش وغيرهن، كما في (النحات) و(أولاد آدم)، أسهمت في رفع مستوى الدراما وتجديد قالبها العام. فأنا سعيدة بعودتهن بعد طول غياب. وهذا الأمر أخرجنا من أسماء تمثيلية يمكن وصفها بـ(كليشيه) في الدراما المحلية. وهو ما ولّد ها التنويع في دراما رمضان الحالي. كما أنني مع لجوء المنتجين إلى ممثلين كثيرين قديرين ولكنهم بحكم النسيان ويعانون من البطالة».
ولا تتوانى فاخوري عن انتقاد أعمال الدراما اليوم، وتقول: «هناك استخفاف يمارسه بعض المنتجين في عملية «الكاستينغ»، فهم يلحقون بمتطلبات الأسواق بدل التركيز على ممثلين محترفين بالدرجة الأولى أو مواهب صاعدة ملحوظة. فأحياناً وعندما أتابع عملاً ما أقول لنفسي، هذا ليس تمثيلاً، بل استخفاف بوعي المشاهد. ولكننا في السنتين الأخيرتين أحرزنا تقدماً ملحوظاً في الدراما المحلية والخير لقدّام».
تملك جناح فاخوري باعاً طويلاً في الأعمال التمثيلية، فهي تعد من أول جيل تمثيلي في لبنان الذي حمل مسؤولية الدراما المحلية على أكتافه، وكذلك المسرح اللبناني. وتعلّق: «في السبعينات كان لبنان يتبوأ صناعة الدراما التلفزيونية كما كان محط أنظار العالم العربي بأعماله المسرحية. اليوم تسبقنا دول أخرى في صناعة الدراما لأننا نفتقر إلى تجديدها. فمن غير المسموح بعد اليوم أن تطفو بعض النصوص غير الحقيقية على السطح. وهذه النصوص تكون مشرذمة لا حوارات حقيقية وأصيلة تتضمنها ولا تسلسل في أحداثها، والناس تلمس ذلك مع الأسف».
وتستعد فاخوري لوضع مشاهدها الأخيرة في مسلسل جديد «عشيق أمي»، من بطولة ورد الخال وإنتاج «مروى غروب» الذي توقف تصويره بسبب انتشار الوباء. وعما تحنّ إليه من تاريخها الطويل تقول: «أحن إلى أيام كنت أعمل خلالها في مجالات تمثيلية عديدة كـ(دوبلاج) وأفلام الكارتون وكورال المهرجانات فهي أثرت في بداياتي تماماً كأعمال المسرح التي أفتقدها».


مقالات ذات صلة

حزن في مصر لرحيل «القبطان» نبيل الحلفاوي... رجل «الأدوار الوطنية»

يوميات الشرق نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)

حزن في مصر لرحيل «القبطان» نبيل الحلفاوي... رجل «الأدوار الوطنية»

من أبرز أعمال الحلفاوي «رأفت الهجان» عام 1990 الذي اشتهر فيه بشخصية ضابط المخابرات المصري «نديم قلب الأسد»، التي جسدها بأداءٍ يجمع بين النبرة الهادئة والصّرامة.

رشا أحمد (القاهرة )
يوميات الشرق الفنان السعودي عبد المحسن النمر (البحر الأحمر السينمائي)

عبد المحسن النمر: «خريف القلب» يتضمن قصصاً تهم الأسر العربية

قال الفنان السعودي عبد المحسن النمر، إن السبب الرئيسي وراء نجاح مسلسله الجديد «خريف القلب» يعود إلى مناقشته قضايا إنسانية تهم الأسر العربية.

«الشرق الأوسط» (جدة)
الوتر السادس تركز الفنانة نسمة محجوب على الحضور الفني بشكل دائم (صفحتها على {فيسبوك})

نسمة محجوب: أطمح لتقديم سيرة ماجدة الرومي درامياً

طرحت الفنانة المصرية نسمة محجوب، مطلع ديسمبر (كانون الأول) الجاري، أحدث أعمالها الغنائية بعنوان «الناس حواديت»، والتي حظيت بتفاعل من المتابعين عبر مواقع التواصل

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق الفنان السوري جمال سليمان (حساب سليمان على «فيسبوك»)

إعلان جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة سوريا يثير ردوداً متباينة

أثار إعلان الفنان السوري جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة بلاده، «إذا أراده السوريون»، ردوداً متباينة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق لقطة من البرومو الترويجي لمسلسل «ساعته وتاريخه» الذي يعرَض حالياً (برومو المسلسل)

مسلسلات مستوحاة من جرائم حقيقية تفرض نفسها على الشاشة المصرية       

في توقيتات متقاربة، أعلن عدد من صُنَّاع الدراما بمصر تقديم مسلسلات درامية مستوحاة من جرائم حقيقية للعرض على الشاشة.

داليا ماهر (القاهرة )

المدن والقرى السعودية ترسم «فرائحية العيد»... بالحديث والقديم

من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
TT

المدن والقرى السعودية ترسم «فرائحية العيد»... بالحديث والقديم

من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)

حافظ السعوديون على مظاهر عيد الفطر السعيد التي كانت سائدة في الماضي، كما حرص المقيمون في البلاد من المسلمين على الاحتفال بهذه المناسبة السنوية وفق عاداتهم وتقاليدهم في بلدانهم، أو مشاركة السكان في احتفالاتهم بهذه المناسبة السنوية، علماً بأن السعودية تحتضن مقيمين من نحو 100 جنسية مختلفة.
ويستعد السكان لهذه المناسبة قبل أيام من حلول عيد الفطر، من خلال تجهيز «زكاة الفطر»، وهي شعيرة يستحب استخراجها قبل حلول العيد بيوم أو يومين، ويتم ذلك بشرائها مباشرة من محال بيع المواد الغذائية أو الباعة الجائلين، الذين ينتشرون في الأسواق أو على الطرقات ويفترشون الأرض أمام أكياس معبئة من الحبوب من قوت البلد بمقياس الصاع النبوي، والذي كان لا يتعدى القمح والزبيب، ولكن في العصر الحالي دخل الأرز كقوت وحيد لاستخراج الزكاة.
وفي كل عام يتكرر المشهد السائد ذاته منذ عقود في الاحتفال بعيد الفطر السعيد ومع حلوله اليوم في السعودية تستعيد ذاكرة السكان، وخصوصاً من كبار السن ذكريات عن هذه الفرائحية السنوية أيام زمان، وفق استعدادات ومتطلبات خاصة وبعض المظاهر الاحتفالية التي تسبق المناسبة.

السعوديون يحرصون على الإفطار الجماعي يوم العيد (أرشيفية - واس)

وحافظت بعض المدن والمحافظات والقرى والهجر في السعودية على مظاهر العيد التي كانت سائدة في الماضي؛ إذ حرص السكان على إبقاء هذه المظاهر ومحاولة توريثها للأبناء. ولوحظ خلال الأعوام الماضية حرص السكان على إحياء المظاهر الاحتفالية بعيد الفطر من خلال موائد العيد بمشاركة جميع سكان الحي، وتمثلت هذه المظاهر في تخصيص أماكن بالقرب من المساجد أو الأراضي الفضاء ونصب الخيام داخلها وفرشها بالسجاد ليبدأ سكان الأحياء بُعيد الصلاة بالتجمع في هذه الأماكن وتبادل التهنئة بالعيد، ثم تناول القهوة والتمر وحلاوة العيد، بعدها يتم إحضار موائد العيد من المنازل أو المطابخ، التي لا تتعدى الكبسة السعودية والأكلات الشعبية الأخرى المصنوعة من القمح المحلي، وأبرزها الجريش والمرقوق والمطازيز، علماً بأن ربات البيوت يحرصن على التنسيق فيما يتعلق بهذه الأطباق لتحقيق التنوع في مائدة العيد وعدم طغيان طبق على آخر.
ويحرص السكان على المشاركة في احتفالية العيد التي تبدأ بتناول إفطار العيد في ساعة مبكرة بعد أن يؤدي سكان الحي صلاة العيد في المسجد يتوجه السكان إلى المكان المخصص للإفطار، الذي يفرش عادة بالسجاد (الزوالي) مع وضع بعض المقاعد لكبار السن ليتسنى لهم المشاركة في هذه الاحتفالات وفي المكان يتم تبادل التهاني بالعيد وتناول القهوة والتمر وحلاوة العيد، وبعدها يبدأ إخراج موائد العيد من المنازل وتوزيعها على السفرة التي تفرش عادة في الساحات القريبة من المسجد أو في الأراضي الفضاء داخل الحي أو حتى في الشوارع الفرعية، كما تقيم إمارات المناطق والمحافظات إفطاراً في مقراتها في ساعة مبكرة من الصباح يشارك بها السكان من مواطنين ومقيمين.

الأطفال أكثر فرحاً بحلول العيد (أرشيفية - واس)

وبعد انتهاء إفطار العيد يتوجه أرباب الأسر مع عائلاتهم إلى الأقارب للتهنئة بالعيد ضمن اعتبارات تتعلق بأعمار المزارين ودرجة القرابة، حيث الأولوية لعمداء الأسر وكبار السن منهم، ولأن الساعة البيولوجية للسكان يصيبها الخلل خلال شهر الصوم، فإن البعض يحرص على أخذ قسط من الراحة قبيل صلاة الظهر أو بعدها، ثم يبدأ بعد العصر بزيارة الأقارب والأصدقاء حتى المساء، حيث يخيّم الهدوء على المنازل، ويحرص المشاركون في الإفطار على تذوق جميع الأطباق التي غالباً ما يتم إعدادها داخل المنازل، التي لا تتعدى أطباق الكبسة والجريش وأحياناً القرصان أو المرقوق أو المطازيز، خصوصاً في أيام الصيف، حيث كانت موائد العيد خلال الشتاء تزين بالأكلات الشعبية مثل الحنيني والفريك.
وفي الوقت الذي اختفت فيه بعض مظاهر العيد القديمة عادت هذه الأجواء التي تسبق يوم عيد الفطر المبارك بيوم أو يومين للظهور مجدداً في بعض المدن والقرى بعد أن اختفت منذ خمسة عقود والمتمثلة في المناسبة الفرحية المعروفة باسم العيدية، التي تحمل مسميات مختلفة في مناطق السعودية، منها «الحوامة» أو «الخبازة» أو «الحقاقة» أو «القرقيعان» في المنطقة الشرقية ودول الخليج، كما تم إحياء هذا التراث الذي اندثر منذ سنوات الطفرة وانتقال السكان من منازلهم الطينية إلى منازل حديثة، وقد ساهمت الحضارة الحديثة وانتقال السكان من الأحياء والأزقة الطينية في القرى والمدن في اختفاء هذا المظهر الفرحي للصغار في شهر رمضان ومع حلول العيد. يشار إلى أن المظاهر الاحتفالية لعيدية رمضان قبل عقود عدة تتمثل في قيام الأطفال بطرق الأبواب صباح آخر يوم من أيام رمضان وطلب العيدية التي كانت لا تتعدى البيض المسلوق أو القمح المشوي مع سنابله والمعروف باسم «السهو»، ثم تطور الأمر إلى تقديم المكسرات والحلوى، خصوصاً القريض والفصفص وحب القرع وحب الشمام والحبحب، وحلّت محلها هدايا كألعاب الأطفال أو أجهزة الهاتف المحمول أو النقود.