حمدوك وآبي أحمد يجريان مفاوضات «افتراضية» حول «سد النهضة»

وزير الدولة في الخارجية السودانية: الخرطوم طرف أصيل وليست وسيطاً بين القاهرة وأديس أبابا

حمدوك وآبي أحمد يجريان مفاوضات «افتراضية» حول «سد النهضة»
TT

حمدوك وآبي أحمد يجريان مفاوضات «افتراضية» حول «سد النهضة»

حمدوك وآبي أحمد يجريان مفاوضات «افتراضية» حول «سد النهضة»

دعا مسؤول سوداني بازر كلا من إثيوبيا ومصر للعودة إلى مفاوضات واشنطن الخاصة بـ«سد النهضة»، في وقت عقد فيه رئيس الوزراء عبد الله حمدوك مباحثات مع نظيره الإثيوبي آبي أحمد عبر تقنية «فيديو كونفرانس» لحثه على العودة لمفاوضات مسار واشنطن.
وقطع وزير الدولة بوزارة الخارجية، عمر قمر الدين، أمس بأن مواقف حكومته في المفاوضات تحكمها مصالح شعب السودان، لكونه طرفا أصيلا في المفاوضات وليس وسيطاً، مجددا رفض بلاده توقيع أي اتفاقية جزئية على بدء الملء الأول للسد مع إثيوبيا، يستثني مصر.
وأوضح قمر الدين في تصريحات صحافية أمس أن السودان ليس وسيطاً في مفاوضات النهضة الإثيوبي، وأنه لن يكون كذلك، بقوله: «على الأطراف الثلاثة العودة لمائدة التفاوض في مسار واشنطن، الذي ترعاه وزارة الخزانة الأميركية».
جاء ذلك غداة اجتماع عبر تقنية «فيديو كونفرانس» بين رئيس وزراء السودان عبد الله حمدوك ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، وعدد من كبار المسؤولين الإثيوبيين، وذلك ضمن المساعي التي وعد بها ضمن مبادرته لحث الطرف المصري والإثيوبي على العودة إلى مفاوضات سد النهضة في مسار واشنطن، والتوصل لاتفاقات حول القضايا العالقة، تمهيدا لتوقيع اتفاق نهائي يحفظ مصالح البلدان الثلاثة في مياه النهر.
وكان حمدوك قد عقد اجتماعا مماثلاً مع نظيره المصري مصطفى مدبولي، أول من أمس، اتفق خلاله الطرفان على أهمية مواصلة التفاوض على مسار مفاوضات وأنشطن، وبحث القضايا العالقة التي تحول دون توقيع اتفاق بين الأطراف كافة.
وأعلنت إثيوبيا من طرف واحد البدء في ملء بحيرة سد النهضة، وتخزين 4.9 مليار متر مكعب من المياه ابتداء من شهر يوليو (تموز) المقبل، بغض النظر عن توقيع اتفاق نهائي، وهو الأمر الذي أعلنت كل من مصر والسودان رفضه بقوة.
وكان رئيس الوزراء السوداني قد رفض الأسبوع الماضي طلبا إثيوبيا بتوقيع اتفاق جزئي، بدون مصر، للشروع في ملء سد النهضة، وتمسك بالتوصل لاتفاق ثلاثي بين السودان وإثيوبيا ومصر، قبل بدء ملء السد، بحسب الموعد الذي حدد الجانب الإثيوبي.
وتتمسك كل من القاهرة والخرطوم بمسار واشنطن، الذي تقوده الخزانة الأميركية بحضور البنك الدولي، والتوافق على القضايا العالقة في مسودة الاتفاق، التي أعدتها الخزانة الأميركية، وتتعلق بأسس ملء وتشغيل سد النهضة، وفقا لإعلان مبادئ سد النهضة، الموقع بين رؤساء الدول الثلاث في الخرطوم سنة 2015.
وأوضح قمر الدين أن الخرطوم ستبذل أقصى ما تستطيعه لإعادة مصر وإثيوبيا إلى طاولة المفاوضات، وقال بهذا الخصوص: «موقف السودان لا يزال دون تغيير، ويتمثل في عدم اتخاذ موقف فردي في الملف، دون توافق الدول الثلاث».
وتعثرت الجولة التي كان يتوقع أن تكون الأخيرة والحاسمة في مفاوضات سد النهضة بالعاصمة الأميركية واشنطن، بيد أن إثيوبيا غابت عن الحضور في اللحظة الأخيرة، وبررت موقفها بأن ظروفاً داخلية حالت دون مشاركة الوفد، وأن الحكومة الحالية لا تستطيع توقيع اتفاقية دولية، دون ضمان مصادقة البرلمان الإثيوبي عليها.
ورفض السودان في فبراير (شباط) الماضي توقيع «مسودة الاتفاق»، الذي أعدته الخزانة الأميركية، ووقعته مصر بالأحرف الأولى، وناهض مقترحاً مصرياً لمجلس وزراء خارجية الدول العربية لدعم مصر في مفاوضات سد النهضة، ووصف المقترح بأنه سيقود لصراع معسكرات إقليمية، وأن إثيوبيا يمكن بالمقابل أن تستنصر بالاتحاد الأفريقي.
من جهة أخرى، جدد وزير الدولة بالخارجية رفض حكومته لأي وجود عسكري أو أمني في أراضي البلاد، ضمن مهام البعثة الأممية السياسية، التي طالب بها رئيس الوزراء لمساعدة السودان في تنفيذ مهام الانتقال تحت الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة، بقوله: «نرفض أي وجود عسكري أو شرطي في البعثة المقترحة»، فيما ينتظر أن يبحث مجلس الأمن الدولي الطلب السوداني بشأن البعثة الأممية 29 مايو (أيار) الجاري.
ونفى قمر الدين وجود أي تباينات بين مكونات الحكومة الانتقالية السودانية على أمر البعثة الأممية، قائلا: «من يشككون في مهام بعثة أممية تحت البند السادس بوعي وبدونه، هدفهم التقليل من الحكومة، ومحاولة التأثير على مواقف مكوناتها»، وتابع موضحا: «هم قبلوا بوجود بعثة «يوناميد»، وهي تحت البند السابع، دون أن يرفعوا أصواتهم، ويهددون بمواجهة البعثة الأممية القادمة تحت البند السادس».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».