سنوات السينما: Above and Beyond ‪(‬1952‪)‬

«فوق وما بعد»
«فوق وما بعد»
TT

سنوات السينما: Above and Beyond ‪(‬1952‪)‬

«فوق وما بعد»
«فوق وما بعد»

Above and Beyond ‪(‬1952‪)‬ (وسط)

‫بعد سبع سنوات من قيام الولايات المتحدة الأميركية بإلقاء القنبلة النووية على هيروشيما، قررت شركة «مترو غولدوين ماير» تقديم حكاية الكولونيل بول تيبتس الذي أوكلت إليه مهمة القيام بقيادة الطائرة B29 وإلقاء القنبلة النووية على هيروشيما في السادس من الشهر السابع سنة 1945. وأسندت المهمة إلى مخرجين عملا معاً سبع مرات ودائماً بنتائج فنية معتدلة في أفضل الحالات هما ملفن فرنك ونورمان باناما.‬
لكن هذا الفيلم يختلف عن أعمالهما المشتركة (مثل Knock on Wood وWhite Christmas) نظراً لأنه، وعلى عكس أفلامهما الأخرى، ليس كوميدياً ولا ترفيهياً بل دراما جادة ومن نوع خاص كونها تحتوي على طرح موضوع كان العالم ما زال منقسماً حياله آنذاك ما بين تأييد وجهة النظر الأميركية التي تقول إنها اضطرت لاستخدام القنبلة النووية لأجل إنهاء الحرب الدائرة وإحلال السلام، وبين تلك التي ترفض هذا التبرير بسبب نتائجه الكارثية.
الفعل ورد الفعل لا يشغل «فوق وما وراء» كثيراً في الواقع، ولو أن هذا لا يعني إنه خالٍ من طرح موقف أخلاقي متمثل في قبول المهمّة الصعبة التي أنيطت بالكولونيل من منطلق التزامه بالأمر الصادر إليه بعيداً عن احتمال التعامل مع أسئلة حول عواقب تلك المهمّة وفداحة خسائرها. هذا الموقف معبّر عنه بأداء روبرت تايلور لبضعة مشاهد صامتة غالباً توعز بأن مثل هذه الأسئلة كانت في باله عندما قبل المهمّة وحتى ما بعد تنفيذها.
ما يصرف الفيلم وقتاً ثميناً فيه هو طرح أزمة علاقة الطيّار مع زوجته التي على وشك وضع مولدهما الثاني وتعاني من غيابه المستمر ومن تكتّمه الشديد حول المهمّة الموكلة إليه. في هذا الإطار يلجأ الفيلم إلى أن تكتّم الزوج يؤدي إلى توتر العلاقة وهو الثمن الذي عليه أن يدفعه إلى حين. لكن هذه الإضافة غير الواردة في مذكرات الكولونيل تيبتس إلا بقدر مختصر لم تمنح الفيلم إلا مواقف مفهومة وجاهزة، بينما كان الموقف سيزداد أهمية فيما لو سمح للزوجة (إليانور باركر) مشاركة زوجها العلم بالمهمّة إما من باب تأييد مطلق وإما رفض مطلق.
إذ لا يتبلور هذا الوضع الداخلي لبطلي الفيلم جيداً فإن الناتج هو تعريض الفيلم لمشكلة واضحة لمن يراه: هناك أسلوب مستعار من السينما التسجيلية يرصد الاستعدادات الجارية للقيام بالمهمّة، ثم مواكبتها ثم التخلي عن هذا الأسلوب كلما انتقلت الأحداث لمشاهد من الحياة العائلية وما يدور خلالها من توتر ومشاعر.
يبدو الفيلم بذلك كما لو أنه برأسين فوق جسد واحد. هو جاد هنا وميلودرامي هناك. حتى أداء تايلور الملتزم في المشاهد العسكرية يتعرض لاختلال في المشاهد الأسرية فيبدو كما لو أنه فقد البوصلة التي كان عليها أن ترشده لتمثيل سليم في الحالتين معاً.
كان يمكن تحقيق الفيلم بكامله بأسلوب واحد وبمعالجة شبه تسجيلية - شبه واقعية طوال الوقت لولا أن هذا الخيار كان سيحد من احتمالات نجاح الفيلم. البديل الذي رغب به الاستديو وصانعو الفيلم هو استحداث ذلك الشق العاطفي والأزمة التي تعصف ببطلي الفيلم. ما أخفق فيه المخرجان هو إيجاد الوسيلة التي تجمع بين الناحيتين من دون تناقض أو حدّة.
يحاول العنوان الإيحاء بهذا التناقض بين المهمّة الموعودة والاستقرار العائلي المفقود على أساس أن القضية بالنسبة لبطله كانت فوق الاعتبارات الأخلاقية وأبعد من أن يطالها أي اعتبار آخر في الوقت نفسه. على أن هذا الجانب العائلي المفترض به تقوية الفيلم يقترب، نوعياً، من ترفيه المسلسلات التلفزيونية (Soup Opera).
وفي حين أن الفيلم لا يكترث كثيراً لتوفير صبغة وطنية مُـثلى ربما تمناها صانعوه، إلا أنه لا يذهب إلى حد إدانة المهمة سياسياً أيضاً. كذلك لا يطرح أسئلة ولا يوفر بحثاً جيداً وجدانياً أو أخلاقياً. بالتالي أهمية هذا الفيلم تكمن في توفيره وجهة نظر ومعالجة مختلفة لما دارت حوله مجموعة الأفلام (القليلة عدداً في الواقع) التي طرحت كارثة هيروشيما وتبعاتها.


مقالات ذات صلة

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

يوميات الشرق المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا.

انتصار دردير (جدة)
يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )

إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
TT

إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)

نظراً للزخم العالمي الذي يحظى به مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بجدة، اختارت «استديوهات كتارا»، ومقرها الدوحة، أن تكشف خلاله الستار عن أول فيلم روائي قطري طويل تستعد لإنتاجه، وهو «سعود وينه؟»، وذلك في مؤتمر صحافي ضمن الدورة الرابعة من المهرجان، مبينة أن هذا العمل «يشكل فصلاً جديداً في تاريخ السينما القطرية».

ويأتي هذا الفيلم بمشاركة طاقم تمثيل قطري بالكامل؛ مما يمزج بين المواهب المحلية وقصة ذات بُعد عالمي، كما تدور أحداثه حول خدعة سحرية تخرج عن السيطرة عندما يحاول شقيقان إعادة تنفيذها بعد سنوات من تعلمها من والدهما، وهذا الفيلم من إخراج محمد الإبراهيم، وبطولة كل من: مشعل الدوسري، وعبد العزيز الدوراني، وسعد النعيمي.

قصة مؤسس «صخر»

كما أعلنت «استديوهات كتارا» عن أحدث مشاريعها السينمائية الأخرى، كأول عرض رسمي لأعمالها القادمة، أولها «صخر»، وهو فيلم سيرة ذاتية، يقدم قصة ملهمة عن الشخصية العربية الاستثنائية الراحل الكويتي محمد الشارخ، وهو مبتكر حواسيب «صخر» التي تركت بصمة واضحة في عالم التكنولوجيا، باعتبارها أول أجهزة تتيح استخدام اللغة العربية، وأفصح فريق الفيلم أن هذا العمل ستتم معالجته سينمائياً ليحمل كماً مكثفاً من الدراما والتشويق.

«ساري وأميرة»

والفيلم الثالث هو الروائي الطويل «ساري وأميرة»، وهو عمل فنتازي يتناول الحب والمثابرة، يتم تصويره في صحراء قطر، وتدور أحداثه حول حياة قُطّاع الطرق «ساري وأميرة» أثناء بحثهما عن كنز أسطوري في وادي «سخيمة» الخيالي، في رحلة محفوفة بالمخاطر، حيث يواجهان الوحوش الخرافية ويتعاملان مع علاقتهما المعقدة، وهو فيلم من بطولة: العراقي أليكس علوم، والبحرينية حلا ترك، والنجم السعودي عبد المحسن النمر.

رحلة إنسانية

يضاف لذلك، الفيلم الوثائقي «Anne Everlasting» الذي يستكشف عمق الروابط الإنسانية، ويقدم رؤى حول التجارب البشرية المشتركة؛ إذ تدور قصته حول المسنّة آن لوريمور التي تقرر مع بلوغها عامها الـ89، أن تتسلق جبل كليمنجارو وتستعيد لقبها كأكبر شخص يتسلق الجبل، ويروي هذا الفيلم الوثائقي رحلة صمودها والتحديات التي واجهتها في حياتها.

وخلال المؤتمر الصحافي، أكد حسين فخري الرئيس التنفيذي التجاري والمنتج التنفيذي بـ«استديوهات كتارا»، الالتزام بتقديم محتوى ذي تأثير عالمي، قائلاً: «ملتزمون بتحفيز الإبداع العربي وتعزيز الروابط الثقافية بين الشعوب، هذه المشاريع هي خطوة مهمة نحو تقديم قصص تنبض بالحياة وتصل إلى جمهور عالمي، ونحن فخورون بعرض أعمالنا لأول مرة في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي؛ مما يعكس رؤيتنا في تشكيل مستقبل المحتوى العربي في المنطقة».