تصاعد الهجمات الإرهابية في الساحل الأفريقي

مقتل جنود باعتداءات لفرعي «القاعدة» و«داعش»

مواطنون ينتظرون وصول حافلة نقل تجارية في مدينة لاغوس بنيجيريا أمس (أ.ب)
مواطنون ينتظرون وصول حافلة نقل تجارية في مدينة لاغوس بنيجيريا أمس (أ.ب)
TT

تصاعد الهجمات الإرهابية في الساحل الأفريقي

مواطنون ينتظرون وصول حافلة نقل تجارية في مدينة لاغوس بنيجيريا أمس (أ.ب)
مواطنون ينتظرون وصول حافلة نقل تجارية في مدينة لاغوس بنيجيريا أمس (أ.ب)

سُجل تصعيد لافت في هجمات الجماعات الإرهابية في بلدان الساحل الأفريقي في الأيام القليلة الماضية، إذ أفادت تقارير بسقوط ما لا يقل عن 26 قتيلاً، غالبيتهم من الجنود، في اعتداءات شنتها جماعات مرتبطة بـ«تنظيم القاعدة» أو «داعش» في النيجر وبوركينا فاسو ونيجيريا.
ففي نيامى، أعلن جيش النيجر مقتل 12 من جنوده وإصابة 10 آخرين بجروح في هجوم شنّه ليل الاثنين - الثلاثاء «إرهابيون من بوكو حرام» على مركز بلابرين العسكري في جنوب شرقي البلاد، بحسب ما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.
وقالت وزارة الدفاع في بيان تلي عبر الإذاعة الرسمية مساء الثلاثاء إنّ القوات المسلّحة أطلقت عقب الهجوم عملية لتعقّب المهاجمين تمكّنت خلالها من «تحييد سبعة إرهابيين».
وكان ناشط في المجتمع المدني ومسؤول منتخب محلّي أعلنا صباح الثلاثاء عن وقوع هذا الهجوم، لكنّهما لم يقدّما أي حصيلة.
وفي بيانها، قالت وزارة الدفاع في النيجر إنّه قرابة الساعة 11:30 ليلة الاثنين - الثلاثاء (بالتوقيت المحلي)، «هاجم إرهابيون من بوكو حرام مدجّجون بالسلاح مركز استطلاع بلابرين الواقع على بعد 36 كلم شمال شرقي نغويغمي في منطقة ديفا». وأضاف البيان أنّ «الحصيلة الموقّتة هي على النحو الآتي: في صفوفنا، قتل 12 جندياً وأصيب عشرة آخرون وتمّ إحراق أعتدة أو سرقتها. وفي صفوف العدو، مكّنت المطاردة التي شنّها عناصر القوات المسلّحة النيجرية في نغويغمي من تحييد (قتل) سبعة إرهابيين واسترجاع العتاد المسروق». وأكّد البيان أنّ جنوداً اعتبروا إثر الهجوم في عداد المفقودين «عادوا جميعاً إلى ثكنتهم»، من دون أن يحدّد عددهم.
وأضاف أنّ هناك «عمليات تمشيط تجري حالياً للقبض على المهاجمين أو تحييدهم».
ولفتت الوكالة الفرنسية إلى أن هذه القاعدة العسكرية نفسها كانت قد تعرّضت في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) 2019 لهجوم أسفر عن مقتل 12 جندياً وإصابة ثمانية آخرين بجروح. ومنذ مطلع مايو (أيار) تشهد منطقة ديفا بصورة مستمرة معارك عنيفة بين الجيش ومقاتلين متطرفين.
وفي واغادوغو، قالت مصادر أمنية إن سبعة أشخاص، بينهم جنديان، قُتلوا في هجوم مسلّح استهدف الاثنين دورية عسكرية في شمال بوركينا فاسو وتبنّته «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين» وهي فرع محلي لتنظيم «القاعدة».
وقال مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية إنّ «وحدة من المفرزة العسكرية لمنطقة بان (مقاطعة لوروم) تعرّضت لهجوم أثناء تسييرها دورية في هذه المنطقة. لقد قُتل جنديان وخمسة مدنيين».
لكنّ مصدراً أمنياً آخر أوضح للوكالة الفرنسية أنّ القتلى المدنيين هم في الواقع «متطوعون للدفاع عن الوطن كانوا مع الوحدة العسكرية خلال تنفيذها مهمة تسيير دورية في المنطقة». وأضاف «أصيب أربعة أشخاص آخرون بجروح في الكمين». وتبنّت الهجوم «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين»، أبرز تحالف للمتشددين في منطقة الساحل تابع لتنظيم «القاعدة» ومقرّه في مالي. وقالت الجماعة في بيان مساء الثلاثاء إنّها نصبت «كميناً أسفر عن مقتل تسعة جنود» وغنمت خلاله أسلحة وعربات عسكرية.
ومنذ ديسمبر (كانون الأول) 2019 يلجأ جيش بوركينا فاسو إلى تجنيد متطوعين لـ«الدفاع عن الوطن» لمؤازرته في مهام المراقبة والحماية والتبليغ في مناطق سكنهم. ويخضع هؤلاء لتدريب عسكري مدّته 14 يوماً ينصرفون بعدها لأداء مهامهم هذه. لكنّ مصادر متطابقة تؤكّد أنّ هؤلاء المتطوعين يشاركون غالباً في مهمات قتالية ويحملون السلاح، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وفي 11 مايو (أيار) الجاري قتل ثمانية جنود في هجوم شنّه متشددون في شمال بوركينا فاسو قرب الحدود مع النيجر.
وتشهد بوركينا فاسو هجمات متكررة للمتشددين، غالباً ما تتشابك مع نزاعات طائفية. وأدّت هذه الهجمات والنزاعات إلى مقتل أكثر من 850 شخصاً منذ 2015، وأجبرت نحو 840 ألف شخص على الفرار من ديارهم. وفي كانو (نيجيريا)، أفيد أمس بأن متشددين قتلوا سبعة جنود في سلسلة هجمات في شمال شرقي نيجيريا قبل أيام من عيد الفطر.
وقال مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية إنّ مقاتلين في جماعة تابعة لـ«تنظيم داعش» شنّوا مساء الاثنين هجوماً على مدينة دابشي في ولاية يوبي ما أسفر عن معارك بينهم وبين الجيش أوقعت قتيلاً وثلاثة جرحى في صفوف الجيش.
ودابشي هي المدينة التي شهدت في فبراير (شباط) 2018 خطف مسلحين يعتقد أنهم ينتمون إلى فرع «تنظيم داعش» في غرب أفريقيا أكثر من مائة طالبة تم لاحقاً بفضل مفاوضات مع الحكومة، الإفراج عنهن جميعاً باستثناء طالبة مسيحية واحدة لا تزال مختطفة لأنها رفضت على ما يبدو التخلّي عن دينها، بحسب ما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال مصدران أمنيان وشهود عيان للوكالة الفرنسية إنّ المتشددين نهبوا متاجر وأحرقوا منزل زعيم محلي قبل أن يتدخّل الجيش لصدّهم مدعوماً بعناصر من مجموعات الدفاع الذاتي. وصرح أحد سكان دابشي بشير مانزو بأن المهاجمين «وصلوا حوالى الساعة 17:30 وقاموا بالتخريب لأربع ساعات قبل أن يصل الجنود لصدهم». وذكرت المصادر أنه لم يسقط ضحايا مدنيون.
وفي هجوم ثان وقع يوم الاثنين أيضاً قرب قرية مازا، قُتل ستة جنود بانفجار عبوة ناسفة لدى مرور قافلتهم وإطلاق نار أعقب التفجير، بحسب مصادر أمنية.
وفي ولاية بورنو المجاورة، فجّرت امرأتان نفسيهما في كوندوغا مما أسفر عن مقتل شخصين أحدهما عنصر في ميليشيا تقاتل المتشددين، بحسب مصدر أمني. وهذا الهجوم الذي وقع أيضاً يوم الاثنين يحمل بصمات جماعة «بوكو حرام» التي انشقّ عنها لاحقاً فرع «تنظيم داعش في غرب أفريقيا».
وتقع كوندوغا على تخوم غابة سامبيسا معقل «بوكو حرام» وكانت نقطة انطلاق للعديد من هجمات المتشددين في الماضي.
وفي وقت سابق الاثنين، هاجم مقاتلو «بوكو حرام» قرية كوتيكيري في جنوب ولاية بورنو وقطعوا رأس أحد السكان وخطفوا راعياً مع 150 رأس ماشية من الأبقار، بحسب ما أكد إيوبا ألومسون أحد وجهاء شيبوك لوكالة الصحافة الفرنسية.
وقال زعيم مجموعة مسلحة تكافح المتشددين في بورنو باباكورا كولو: «أصبحت عادة كل سنة لدى المتمردين بتكثيف الهجمات مع اقتراب العيد لتخريب الاحتفالات»، مشيراً إلى أن «هذه السنة لن تكون مختلفة».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».