مصممات سعوديات ينقذن موسم رمضان 2020

من المتعارف عليه في العالم العربي عموماً، والسعودية خصوصاً، أن المرأة تستبق شهر رمضان والعيد بأسابيع، إن لم نقل أشهراً. تُحضر لهما و«تتحضر» لهما باقتناء كل ما تهفو إليه نفسها من عباءات وجلابيات. فكرمها يزيد ولا يمكن أن تبخل على المناسبتين بالغالي والنفيس. أمر تعرفه المصممات المحليات وبيوت الأزياء العالمية التي كانت ولا تزال إلى حد ما تتسابق على الحصول على قطعة من كعكة رمضان والعيد على حد سواء. لكن رمضان وعيد 2020 ليسا عاديين، والسبب ليس خفياً على أحد: إنه فيروس كورونا.
بيد أنه رغم «التسونامي» الذي أثاره هذا الفيروس على كل الأصعدة، فإنه لم يُجمد كل الأنشطة ولم يقتل الرغبة في الاستمتاع برغد الحياة والتحلي بأجمل مظهر حتى في الحظر الصحي. ما نذكره في العام الماضي أن 200 مصممة سعودية و600 مصممة عربية اجتمعن في الرياض لعرض تصاميمهن من العباءات والأكسسوارات والمجوهرات، قبل رمضان، بينما كانت مدينة جدة تغلي بالمعارض المؤقتة، «بوب آب ستورز» في رغبة محمومة لتوفير كل ما تطلبه المرأة لهذه المناسبة. الصورة الآن مختلفة تماماً لكنها في الوقت ذاته ليست سوداوية، لأن عاشقات الموضة في السعودية وصانعاتها لم يقفن مكتوفات الأيادي، ورفضن أن توءد أحلامهن خصوصاً بعد أن بدأت ترى النور وتتبلور في الآونة الأخيرة.
تكاثفت الجهود وتم تنظيم معرض افتراضي رقمي غير مسبوق، يعبق بمفهوم ثقافي وإبداعي. معرض ليس وسيلة لعرض وتسويق إبداعات المصممين والمصممات فحسب، بل أيضاً منصة تُساهم في تحريك صناعة الموضة التي بدأت تشهد تقدماً ملحوظاً قبل الجائحة. «من هذا الحماس ولدت أول فعالية رقمية في مجال الموضة» حسب قول سارة عبيد، مديرة المشروع والمشرفة على تنظيم معرض «زري» الافتراضي. تقول إن الكل تأثر بفيروس كورونا «ومثل غيرنا اضطررنا إلى إلغاء المعرض الذي كان من المفترض أن تجري فعالياته قبل رمضان، إلا أنني وخلال نقاش مع صديقة جاءتني فكرة معرض افتراضي يكون نسخة عن المعرض الفعلي بكل فعالياته، من بيع ومناقشات ومحاضرات وتفاعل مع خبراء ومتخصصين في مجالاتهم». لا تُخفي سارة أن المرأة السعودية، مثل غيرها، تستمتع بالتسوق الفعلي وتتذوقه أكثر. فهو تجربة تفاعلية اجتماعية وعاطفية تحتاج إلى عدة حواس، لكن للضرورة أحكام. فرغم أن التسوق الإلكتروني يشهد انتعاشاً وإقبالاً كبيرين لما يحققه من مبيعات لا يستهان بها، فإنه لم يعد كافياً. كان لا بد من خلق وسيلة تجمع سهولة وعملية التسوق الإلكتروني بمُتعة التسوق الفعلي، التي كان عليها قبل الجائحة. وهذا ما وفرته التقنيات الثلاثية الأبعاد التي نقلت الزائر عبر أجنحة متنوعة وفضاءات مبتكرة ساعدت على خلق جو من الحميمية والمتعة. مصممة المجوهرات سارة بن داود، واحدة من اللواتي شاركن في معرض «زري» الافتراضي، تُصرح بأنها لم تتردد في المشاركة عندما اقتُرحت عليها الفكرة، «بل العكس أهنئ كل القائمين على المعرض.
فالفكرة رائعة ولم تكن لتخطر على بالي أو أتوقعها في هذا الظرف العصيب الذي نعيشه». وتضيف أيضاً أن مشاركتها لم تُخيب آمالها خصوصاً أن البيع عبر الإنترنت يُشكل جزءاً كبيراً من عملية التسويق بالنسبة لها. بيد أن ما تجدر الإشارة إليه هو أن البيع لم يكن الهدف الأساسي من المعرض على امتداد أيامه الثلاثة.
فقد تضمن فعاليات شتى كان لها فعل السحر في إثارة انتباه سيدات أعمال وعائلات وشباب من هواة الفن والموضة على حد سواء، حيث كانت كل الأجنحة المتنوعة مفصلة بشكل يخاطب عدة أذواق واهتمامات. وغني عن القول أن هذه الخطوة لم تساعد على تسليط الضوء على أسماء مصممين مغمورين فحسب، بل أيضاً على فتح جدالات فكرية ونقاشات تدور حول مصير الموضة تارة، وكيف يمكن لمصمم مبتدئ أن يبدأ مشروعه تارة أخرى. فالأزمة الحالية كما قالت مصممة الأزياء السعودية أروى العماري في أحد اللقاءات السابقة ربما ستطول لكنها ستزول إن عاجلاً أو آجلاً، لهذا من الواجب علينا ألا نبقى سجناء الظرف الحالي، بل علينا أن نتحرك ونفكر في طرق تناسب بناء المستقبل الجديد.