هيمنة نسائية على بطولة دراما رمضان في مصر

11 مسلسلاً للسيدات مقابل 9 للرجال

الفنانة يسرا  -  الفنانة الشابة ياسمين صبري
الفنانة يسرا - الفنانة الشابة ياسمين صبري
TT

هيمنة نسائية على بطولة دراما رمضان في مصر

الفنانة يسرا  -  الفنانة الشابة ياسمين صبري
الفنانة يسرا - الفنانة الشابة ياسمين صبري

هيمنت الممثلات على تقديم بطولة 11 مسلسلاً في موسم دراما رمضان بمصر، بعد زيادة حصة الأعمال التي قدمنّ فيها أدوار البطولة المطلقة مقارنة بالموسم الماضي، بينما قدّم الممثلون الرجال نحو 9 أعمال في هذا الموسم فقط.
وكانت الفنانة يسرا في مقدمتهنّ بمسلسلها «خيانة عهد»، يشاركها في البطولة حلا شيحة وعبير صبري؛ ونيللي كريم في مسلسل «بـ100 وش» ويشاركها البطولة آسر ياسين، وياسمين عبد العزيز بمسلسل «ونحب تاني ليه؟»، وكررت الفنانة الشابة ياسمين صبري البطولة المطلقة للمرة الثانية بمسلسل «فرصة ثانية» بعد ظهورها العام الماضي في «حكايتي».
ويُرجع الناقد الفني المصري أندرو محسن، سبب سيطرة الفنانات على بطولة دراما رمضان هذا العام إلى «استعجال بعضهن البطولة المطلقة وبالتالي كُنّ في الصفوف الأولى رغم أنّ كل المؤشرات تؤكد أنّهن كنّ بحاجة إلى مزيد من التأني في تلك الخطوة.
ويعد مسلسل (لما كنا صغيرين) الذي تلعب ريهام حجاج دور البطولة فيه، الأول بالنسبة لها في الدراما الرمضانية بعدما قدمت مسلسل (كارمن) الذي أذيع خارج الموسم ولم يلق النّجاح المطلوب، وكذلك دينا الشربيني، وهو ما تسبب في وجود بطلات جديدات على الساحة، بالإضافة إلى عودة فنانات إلى دراما رمضان مرة أخرى على غرار نيللي كريم ويسرا».
وعلى الرّغم من هيمنة السيدات على أعداد البطولة المطلقة في موسم رمضان الجاري، يرى محسن أنّ «بعض هذه المسلسلات لم تحقّق الصدى الواسع والمشاهدات اللافتة، باستثناء (بـ100 وش) و(خيانة عهد)، و(ونحب تاني ليه)، و(لما كنا صغيرين)، كما أنّ بعض هؤلاء النجمات لا يقدمن سينما وبالتالي فإنّ الدراما هي الملجأ الوحيد بالنسبة إليهن، لذلك ارتفعت البطولات النسائية هذا الموسم».
ومن أبرز الفنانات المشاركات بموسم دراما رمضان 2020 غادة عبد الرازق بمسلسل «سلطانة المعز»، وغادة عادل في مسلسل «ليالينا 80» بمشاركة خالد الصاوي وإياد نصار، و«القمر آخر الدنيا» بطولة بشرى، وريهام حجاج في «لما كنا صغيرين» بمشاركة محمود حميدة وخالد النبوي، ودينا الشربيني بمسلسل «لعبة النسيان»، بالإضافة إلى عودة نادية الجندي ونبيلة عبيد وهالة فاخر وسميحة أيوب في المسلسل الكوميدي «سكر زيادة» المأخوذ عن المسلسل الأميركي Golden Girls، و«جمع سالم» لزينة.
يشار إلى أنّ هناك ثلاثة مسلسلات من بطولات نسائية تسببت جائحة «كورونا» في توقف تصويرها، على غرار «أسود فاتح» بطولة هيفاء وهبي وأحمد فهمي وشريف سلامة، و«خيط حرير» بطولة مي عز الدين، و«تقاطع طرق» بطولة منى زكي ومحمد فراج ومحمد ممدوح.
من جانبه، رأى إياد إبراهيم مؤلف مسلسل «سلطانة المعز» بطولة غادة عبد الرازق، أنّ هيمنة أو تصدر النّساء للبطولة هذا العام، يرجع إلى الكتابة نفسها، قائلاً: «لا أعتقد أنّ الأمر يستحق كلمة تصدر، لأنّ هناك مساحات لافتة للرجال كعادل إمام وأمير كرارة وياسر جلال وآخرين ولكنّ احتلال النّساء النسبة الكبرى هو أمر يتحمله الكتّاب أنفسهم، فأنا مثلاً معظم ما أكتبه يكون بطولات نسائية لشعوري بأنّ المرأة في مصر هي صاحبة النّصيب الأكبر للدراما في الحياة، وحياتها تحمل الكثير مما يستحق المناقشة والطرح».
كما أرجع عدم وجود النساء بقوة في السينما بنفس وجودهن في الدراما إلى شكل الكتابة أيضاً قائلاً: إنّ «الأمر يرجع للمؤلفين، فلا توجد الموضوعات القوية التي تخصّ المرأة والفنانات بشكل عام، رغم وجود من يقدرن على القيام ببطولات سينمائية ناجحة، وأعتقد أنّه في حال وجود نص جيد ومنتج واعٍ فالأمر سيختلف كلياً».
في المقابل، قدم الفنانون الرجال بطولة 9 مسلسلات رمضانية، في مقدمتها «الاختيار» لأمير كرارة، و«الفتوة» لياسر جلال»، و«البرنس» لمحمد رمضان، و«النهاية» ليوسف الشريف، و«عمر ودياب» لعلي ربيع ومصطفى خاطر، و«رجالة البيت» لأحمد فهمي وأكرم حسني، و«2 في الصندوق» لأوس أوس وحمدي الميرغني، و«شاهد عيان» لحسن الرداد، و«فلانتينو» لعادل إمام.
وعدّت الناقدة الفنية ماجدة خير الله، هيمنة النساء هذا العام على البطولات الدرامية، «ظاهرة إيجابية تأخر حدوثها منذ سنوات، لأنّنا كنّا نشكو من هيمنة الأبطال الرجال على البطولات الفنية خصوصاً في السينما».
يُذكر أنّ عدد البطولات النسائية في موسم رمضان الماضي بلغ ثمانية أعمال فقط، أبرزها «زي الشمس» بطولة دينا الشربيني وريهام عبد الغفور، و«لآخر نفس» بطولة ياسمين عبد العزيز، و«البرنسيسة بيسة» بطولة مي عز الدين، و«حكايتي» لياسمين صبري، و«بدل الحدوتة 3» لدنيا سمير غانم، و«سوبر ميرو» لإيمي سمير غانم، و«حدوتة مرة» لغادة عبد الرازق، و«قابيل» بطولة مشتركة بين أمينة خليل ومحمد ممدوح ومحمد فراج.


مقالات ذات صلة

«إقامة جبرية» يراهن على جاذبية «دراما الجريمة»

يوميات الشرق هنا الزاهد بطلة المسلسل (الشركة المنتجة)

«إقامة جبرية» يراهن على جاذبية «دراما الجريمة»

يراهن صناع مسلسل «إقامة جبرية» على جاذبية دراما الجريمة والغموض لتحقيق مشاهدات مرتفعة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق خالد النبوي ويسرا اللوزي مع المخرج أحمد خالد خلال التصوير (الشركة المنتجة)

خالد النبوي يعوّل على غموض أحداث «سراب»

يؤدي خالد النبوي في مسلسل «سراب» شخصية «طارق حسيب» الذي يتمتّع بحاسّة تجعله يتوقع الأحداث قبل تحققها.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق أحمد زكي مجسداً شخصية عبد الحليم حافظ (يوتيوب)

دراما السيرة الذاتية للمشاهير حق عام أم خاص؟

تصبح المهمة أسهل حين تكتب شخصية مشهورة مذكراتها قبل وفاتها، وهذا ما حدث في فيلم «أيام السادات» الذي كتب السيناريو له من واقع مذكراته الكاتب الراحل أحمد بهجت.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق أحمد مكي يقدم شخصية «شمس الغاوي» في رمضان 2025 (حسابه بموقع فيسبوك)

«الغاوي» رهان أحمد مكي الجديد في الدراما الرمضانية

يراهن الفنان المصري أحمد مكي على خوض ماراثون «الدراما الرمضانية» المقبل بمسلسل «الغاوي» الذي يشهد ظهوره بشخصية مختلفة عما اعتاد تقديمه من قبل.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق تخرج أمل بوشوشة من ذلك الصندوق الذي يصوّر الحياة بحجم أصغر (حسابها في «فيسبوك»)

أمل بوشوشة... «شوطٌ كبير» نحو الذات

تعلم أمل بوشوشة أنّ المهنة قد تبدو جاحدة أسوة بمجالات تتعدَّد؛ ولا تنتظر دائماً ما يُشبع الأعماق. أتاح «المهرّج» مساحة لعب أوسع. منحها إحساساً بالخروج من نفسها.

فاطمة عبد الله (بيروت)

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)