جيدة للدماغ... هواية تعتبر من أفضل طرق تخفيف الإجهاد

شاب يمارس هواية الغناء (أرشيف - رويترز)
شاب يمارس هواية الغناء (أرشيف - رويترز)
TT

جيدة للدماغ... هواية تعتبر من أفضل طرق تخفيف الإجهاد

شاب يمارس هواية الغناء (أرشيف - رويترز)
شاب يمارس هواية الغناء (أرشيف - رويترز)

خلال دوام الصباح في مستشفى سانت مارسي ميرسي ليفونيا في ديترويت، بميشيغان، كان الطاقم الطبي يشعر بالتعب. وتم تحويل الطابق الجراحي الخاص بهم إلى قسم للمرضى المصابين بفيروس كورونا، ولطالما يشعرون أن معنوياتهم منخفضة، وفقاً لتقرير لشبكة «بي بي سي».
وسُئلت الممرضة لوري ماري كي عما إذا كان بإمكانها غناء أغنية «أميزينغ غريس» لزملائها، وفعلت ذلك. وعندما بدأت بالغناء، قامت زميلاتها الممرضات بتصوريها ونشر الفيديو على الإنترنت، ولاقى رواجاً واسعاً.
وكان هناك شيء حول التضامن والتآزر في تلك اللحظة يجسد الكثير حول قوة الأغنية. لكن الأمر لم يكن مجرد شيء تجريدي يحدث، فهناك أسباب علمية تجعل الغناء أمراً جيداً لصحتنا النفسية.
وربما لهذا السبب، وفي ظل الإغلاق الذي خضع له معظم سكان العالم بسبب تفشي كورونا، كانت هناك أمثلة لا تعد ولا تحصى على الأشخاص الذين يلجأون لهواية الغناء كوسيلة للهرب من الوحدة والعزلة.
وقام موسيقيون مشهورون حول العالم بحفلات موسيقية صغيرة من غرف المعيشة الخاصة بهم والتي بثت عبر الإنترنت، وقامت الفرق الموسيقية بتدريباتها من وراء شاشات الكومبيوتر أو الهواتف أيضاً.
وتقول سارة ويلسون، اختصاصية علم الأعصاب ورئيس كلية العلوم النفسية بجامعة ملبورن الأسترالية، إنه عندما نغني، فإن أجزاء كبيرة من دماغنا «تضيء» بالنشاط.
وقادت ويلسون دراسة بحثت فيها كيف يتفاعل الدماغ عندما نغني عن طريق القيام بالتصوير بالرنين المغناطيسي لمتطوعين متفاوتين أثناء قيامهم بالغناء.
وتقول ويلسون: «هناك شبكة غناء في الدماغ موزعة على نطاق واسع... عندما نتحدث يضيء نصف المخ الذي يتعامل مع اللغة. ولكن عندما نغني، يعمل كلا جانبي الدماغ».
وتضيف ويلسون: «نرى أيضاً تفاعل شبكات العاطفة في الدماغ عندما نغني، حيث تضيء أيضاً المناطق التي تتحكم في الحركات التي نحتاجها لإنتاج الأصوات والتعبير».
وأن المجهود البدني الذي ينطوي عليه الغناء، والسيطرة القوية على أوتارنا الصوتية، وحركات الفم والجسم - تعتبر من بين الأسباب التي يمكن أن تحسَن مزاجنا. وتقول بيشالي موخرجي، المنسقة الإقليمية لجنوب شرقي آسيا بالاتحاد العالمي للعلاج بالموسيقى، إن الغناء هو تمرين هوائي يشهد إطلاق الإندورفين، وهي مادة كيميائية «جيدة» للدماغ.
وتقول: «يرتبط الإندورفين بشعور عام بالسعادة، وبتخفيف الضغط». وتابعت: «في أي موقف سواء كنا نعيش تحت الضغط أو مع أي مرض جسدي أو حرمان نفسي، فالموسيقى يمكن أن تؤثر على جسمنا وعقلنا».
وإن تقليل الضغط والحصول على مزاج أفضل له العديد من الفوائد كما تقول موخرجي. وتضيف: «عندما يتحسن مزاجك، فإنك تقوي جهاز المناعة لديك، وتستجيب لعوامل الإجهاد بطريقة أكثر إيجابية وتعزز أنماط النوم السليمة».
كما أن الغناء يرتبط بما يُحتمل أن يكون أكبر مسكن للإجهاد في الجسم، وهو التنفس.
وفي حين تم استخدام التنفس العميق لفترة طويلة في الممارسات العلاجية للقلق والتوتر، تم استكشاف الفسيولوجيا العصبية الكامنة وراءه مؤخراً فقط. ففي دراسة حديثة، وجد الباحثون أن التركيز على التحكم في معدل تنفسك - وهو مهارة رئيسية في الغناء - ينشط أجزاء من الدماغ مرتبطة بالعواطف والانتباه ووعي الجسم.


مقالات ذات صلة

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

صحتك مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يبطئ سرطان البروستاتا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
صحتك مرض ألزهايمر يؤدي ببطء إلى تآكل الذاكرة والمهارات الإدراكية (رويترز)

بينها الاكتئاب... 4 علامات تحذيرية تنذر بألزهايمر

يؤثر مرض ألزهايمر في المقام الأول على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، ولكن ليس من المبكر أبداً أن تكون على دراية بالعلامات التحذيرية لهذا الاضطراب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

مخزون الصور العائلية يُلهم فناناً سودانياً في معرضه القاهري الجديد

صور تعكس الترابط الأسري (الشرق الأوسط)
صور تعكس الترابط الأسري (الشرق الأوسط)
TT

مخزون الصور العائلية يُلهم فناناً سودانياً في معرضه القاهري الجديد

صور تعكس الترابط الأسري (الشرق الأوسط)
صور تعكس الترابط الأسري (الشرق الأوسط)

«زهوري اليانعة في داخل خميلة»... كلمات للشاعر الجاغريو، وهي نفسها الكلمات التي اختارها الفنان التشكيلي السوداني صلاح المر، لوصف السنوات التي قضاها في مصر، والأعمال الإبداعية التي قدّمها خلالها، وضمنها في البيان الخاص بأحدث معارضه بالقاهرة «احتفالية القرد والحمار».

تنقل المر خلال 15 عاماً قضاها في مصر ما بين حواري الحسين، ومقاهي وسط البلد، وحارات السبتية، ودروب الأحياء العتيقة، متأثراً بناسها وفنانيها، ومبدعي الحِرف اليدوية، وراقصي المولوية، وبائعي التحف، ونجوم السينما والمسرح؛ لتأتي لوحاته التي تضمنها المعرض سرداً بصرياً يعبّر عن ولعه بالبلد الذي احتضنه منذ توجهه إليه.

لوحة لرجل مصري مستلهمة من صورة فوتوغرافية قديمة (الشرق الأوسط)

يقول المر لـ«الشرق الأوسط»: «أعمال هذا المعرض هي تعبير صادق عن امتناني وشكري البالغين لمصر، ويوضح: «جاءت فكرة المعرض عندما وقعت عقد تعاون مع إحدى الغاليريهات المعروفة في الولايات المتحدة، وبموجب هذا العقد لن أتمكن من إقامة أي معارض في أي دول أخرى، ومنها مصر التي عشت فيها أجمل السنوات، أردت قبل بدء الموعد الرسمي لتفعيل هذا الاتفاق أن أقول لها شكراً وأعبّر عن تقديري لأصحاب صالات العرض الذين فتحوا أبوابهم لأعمالي، والنقاد الذين كتبوا عني، والمبدعين الذين تأثرت بهم وما زلت، وحتى للأشخاص العاديين الذين التقيت بهم مصادفة».

اللوحات تقدم مشاهد مصرية (الشرق الأوسط)

استلهم الفنان 25 لوحة بخامة ألوان الأكريلك والأعمال الورقية من مجموعة كبيرة من الصور الفوتوغرافية والـ«بوستال كارد» المصرية القديمة، التي تعكس بدورها روعة الحياة المصرية اليومية، ودفء المشاعر والترابط المجتمعي فيها وفق المر: «لدي نحو 5 آلاف صورة مصرية، جمعتها من (الاستوديوهات) وتجار الروبابكيا، ومتاجر الأنتيكات، ومنا استلهمت لوحاتي».

ويضيف: «مصر غنية جداً باستوديوهات التصوير منذ عشرات السنين، ولديها قدراً ضخماً من الصور النادرة المُلهمة، التي تحكي الكثير عن تاريخها الاجتماعي».

الفنان صلاح المر (الشرق الأوسط)

يستطيع زائر المعرض أن يتعرف على الصور الأصلية التي ألهمت الفنان في أعماله؛ حيث حرص المر على أن يضع بجوار اللوحات داخل القاعة الصور المرتبطة بها، ولكن لن يعثر المتلقي على التفاصيل نفسها، يقول: «لا أقدم نسخة منها ولا أحاكيها، إنما أرسم الحالة التي تضعني فيها الصورة، مجسداً انفعالي بها، وتأثري بها، عبر أسلوبي الخاص».

لوحة مأخوذة عن صورة لطفل مصري مع لعبة الحصان (الشرق الأوسط)

تأتي هذه الأعمال كجزء من مشروع فني كبير بدأه الفنان منذ سنوات طويلة، وهو المزج ما بين التجريد التصويري والموضوعات ذات الطابع العائلي، مع الاحتفاء بالجماليات الهندسية، والرموز التراثية، والاستلهام من الصور، ويعكس ذلك ولعه بهذا الفن، تأثراً بوالده الذي عشق الفوتوغرافيا في شبابه.

يقول: «بدأ تعلقي بالفوتوغرافيا حين عثرت ذات يوم على كنز من الصور في مجموعة صناديق كانت تحتفظ به الأسرة في مخزن داخل المنزل بالسودان، وكانت هذه الصور بعدسة والدي الذي انضم إلى جماعة التصوير بكلية الهندسة جامعة الخرطوم أثناء دراسته بها».

لوحة مستلهمة من صورة قديمة لعروسين (الشرق الأوسط)

هذا «الكنز» الذي عثر عليه المر شكّل جزءاً مهماً من ذاكرته البصرية ومؤثراً وملهماً حقيقياً في أعماله، والمدهش أنه قرر أن يبوح للمتلقي لأول مرة بذكرياته العزيزة في طفولته بالسودان، وأن يبرز دور والده في مشواره الفني عبر هذا المعرض؛ حيث يحتضن جدران الغاليري مجسماً ضخماً لـ«استوديو كمال»؛ وهو اسم محل التصوير الذي افتتحه والده في الستينات من القرن الماضي.

لوحة تعكس تفاصيل مصرية قديمة (الشرق الأوسط)

يقول: «أقنع والدي جدي، بإنشاء استوديو تصوير بمحل الحلاقة الخاص به في (سوق السجانة) بالخرطوم، وتم تجهيز الاستوديو مع غرفة مظلمة من الخشب للتحميض، وذلك في الجزء الخلفي من الدكان».

وجوه مصرية (الشرق الأوسط)

وداخل المجسم تدفع المقتنيات الخاصة المتلقي للتفاعل مع ذكريات المر، والمؤثر الفني الذي شكل أعماله؛ ما يجعله أكثر تواصلاً، وتأثراً بلوحات المعرض؛ فالمتلقي هنا يستكشف تفاصيل تجربة الوالد في التصوير، بل يمكنه التقاط صور لنفسه داخل محله القديم!

وأثناء ذلك أيضاً يتعرف على جانب من تاريخ الفوتوغرافيا، حيث المعدات، وهي عبارة عن الكاميرا YASHIKA التي تستخدم أفلام مقاس 621 وEnlarger والستارة التي تعمل كخلفية وأدوات أخرى للتحميض والطباعة، وتجفيف الفيلم والصور بواسطة مروحة طاولة، وقص الصور بمقص يدوي: «استمر العمل لمدة سنة تقريباً، وأغلق الاستوديو قبل أن أولد، لكن امتد تأثير هذه التجربة داخلي حتى اللحظة الراهنة».

مجسم لاستوديو والد الفنان في الغاليري (الشرق الأوسط)

«احتفالية القرد والحمار» هو اسم «بوستال كارد» عثر عليه الفنان لدى تاجر روبابكيا، ويجسد مشهداً كان موجوداً في الشارع المصري قديماً؛ حيث يقدم أحد الفنانين البسطاء عرضاً احتفالياً بطلاه هما القرد والحمار، ومنه استلهم الفنان إحدى لوحات معرضه، ويقول: «تأثرت للغاية بهذا الملصق؛ وجعلت اسمه عنواناً لمعرضي؛ لأنه يجمع ما بين ملامح الجمال الخفي في مصر ما بين الفن الفطري، والسعادة لأكثر الأسباب بساطة، وصخب المدن التي لا تنام».