طرابلس تتهيأ لحظر كلي في العيد... ومسح عشوائي للمهاجرين ببنغازي

«يونيسيف» تتخوف من تأثيرات «كوفيد ـ 19» على ربع مليون طفل

طرابلس تتهيأ لحظر كلي في العيد... ومسح عشوائي للمهاجرين ببنغازي
TT

طرابلس تتهيأ لحظر كلي في العيد... ومسح عشوائي للمهاجرين ببنغازي

طرابلس تتهيأ لحظر كلي في العيد... ومسح عشوائي للمهاجرين ببنغازي

تتهيأ العاصمة الليبية طرابلس لتطبيق حظر كلي للحركة على مدار اليوم خلال إجازة عيد الفطر، وسط تزاحم المواطنين على شراء مستلزمات العيد وخاصة المواد الغذائية، بينما بدأت الأطقم الطبية بمدينة بنغازي (شرق البلاد) في إجراء مسح عشوائي للعديد من المهاجرين غير النظاميين المحتجزين بمراكز الإيواء.
يأتي ذلك وسط تحذيرات أطلقتها منظمتا الصحة العالمية والأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) من تأثيرات فيروس «كورونا» على حياة الأطفال الرضّع في ليبيا، مشيرتين إلى أن حياة وصحة أكثر من ربع مليون طفل دون سنة واحدة في البلاد معرضة لخطر الإصابة بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات بسبب النقص الحاد بها.
وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة في بيان أصدره مكتبها بليبيا، أمس، إن «اليونيسيف» ومنظمة الصحة العالمية تتخوفان من «النقص الشديد في اللقاحات بليبيا مما يعرض أكثر من 250 ألف طفل للخطر الشديد، ويزداد الوضع سوءاً بسبب وباء (كوفيد - 19) واستمرار النزاع المسلح، وتعطيل خدمات الرعاية الصحية، وانقطاع التيار الكهربائي بانتظام، بالإضافة إلى نقص إمدادات المياه الآمنة، وإغلاق المدارس والمساحات الملائمة».
ونقلت المنظمة عن ممثلها في ليبيا عبد الرحمن غندور أن «عدم المواظبة على التطعيمات الروتينية يرفع نسبة الوفيات بين الأطفال، ويعطي فرصة كبيرة لعودة انتشار الحصبة، وأمراض أخرى يمكن الوقاية منها»، مشيراً إلى أن «هناك حاجة ملحة إلى ضمان تدفق الأموال دون انقطاع لشراء اللقاحات لتلبية العجز الحالي».
وسجّلت ليبيا 65 إصابة بفيروس «كورونا» تعافى منهم 28 مصاباً، بالإضافة إلى ثلاث وفيات منذ الإعلان عن أول إصابة في مارس (آذار) الماضي.
وكان مدير المركز الوطني لمكافحة الأمراض، الدكتور بدر الدين النجار، أعلن سابقاً انطلاق المرحلة الأولى من المسح الوبائي للكشف عن فيروس «كورونا» منتصف الأسبوع الجاري، في بلديات عين زارة وأبو سليم وسوق الجمعة بطرابلس، متوقعاً الانتهاء من المسح خلال خمسة أو سبعة أيام.
كما أعلن المركز عن وصول 9 أطباء ليبيين إلى إيطاليا، مساء أول من أمس، لـ«المعاونة في مكافحة فيروس (كورونا)»، وقال المركز، في بيان، إن من المقرر أن يبقى الأطباء في مستشفيات إيطاليا مدة شهر لتقديم المساعدة الطبية هناك، وأيضاً اكتساب الخبرة في التعامل مع حالات «كوفيد - 19».
وعقب قرار سلطات طرابلس بتمديد حظر التجول، لمدة عشرة أيام بدءاً من أول من أمس، على أن يكون الحظر كلياً على مدار اليوم خلال أيام عيد الفطر، ضمن الإجراءات الاحترازية المتبعة لمنع تفشي الفيروس، شهدت الأسواق ازدحاماً كبيراً من المواطنين على محال المواد الغذائية وملابس الأطفال، في ظل تصاعد الشكوى من ارتفاع الأسعار.
وشهدت البلاد عودة كبيرة للمواطنين العالقين في دول عدة. وقال مدير مكتب الرقابة الصحية الدولية بمنفذ رأس إجدير البري، مختار المنصوري، إن 47 مواطناً عادوا من تونس عبر المنفذ، في وقت استقبل مطار مصراتة 342 مواطناً ممن كانوا عالقين في ألمانيا وبعض الدول الأوروبية الأخرى.
في السياق ذاته، بدأت الأجهزة الطبية في شرق ليبيا إخضاع المهاجرين غير النظاميين المحتجزين في مركز الإيواء والترحيل للفحص، وسحب عينات عشوائية للكشف عن فيروس «كورونا».
وقالت اللجنة الطبية الاستشارية لمكافحة وباء «كورونا» إن هذا الإجراء يأتي ضمن خطة موضوعة تشمل مرور الأطقم الطبية على المناطق السكنية.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.