احتفاء مصري بـ«الزعيم» في عيده الثمانين

أغنيات جديدة وحوارات قديمة توثق مشوار عادل إمام الفني

وُلد عادل إمام في قرية شها مركز المنصورة بمحافظة الدقهلية  -  عادل إمام
وُلد عادل إمام في قرية شها مركز المنصورة بمحافظة الدقهلية - عادل إمام
TT

احتفاء مصري بـ«الزعيم» في عيده الثمانين

وُلد عادل إمام في قرية شها مركز المنصورة بمحافظة الدقهلية  -  عادل إمام
وُلد عادل إمام في قرية شها مركز المنصورة بمحافظة الدقهلية - عادل إمام

احتفى العالم العربي بدخول صاحب الجماهيرية الكبيرة عادل إمام، الملقب بـ«الزعيم»، نادي الثمانين، برصيد يتجاوز 100 فيلم سينمائي، و11 مسرحية، و17 مسلسلاً تلفزيونياً. ونشر نجله المخرج رامي إمام مقطعاً يحيي فيه عادل إمام جماهيره ومحبيه، معرباً عن امتنانه وسعادته بهذه الحفاوة، قائلاً: «بحب الشعب المصري والعربي كتير كتير». وانتشرت على مواقع السوشيال ميديا مقاطع من أفلام الزعيم، وأشهر مقولاته و«إفيهاته» التي توارثتها الأجيال، وأيضاً زيارته لمحافظة أسيوط في صعيد مصر تحدّياً للأعمال الإرهابية بها عام 1988، وإصراره على عرض مسرحيته «الواد سيد الشغال» هناك.
وبشعار «عمر من البهجة»، احتفت فضائية MBC بـ«الزعيم»، بعرض حوار قديم له مع الإعلامي مفيد فوزي في أثناء تصوير فيلم «المنسي» عام 1993، يظهر فيه نخبة من كبار الفنانين المصريين يتحدثون عمّا يمثله عادل إمام لهم وللفن. وأطلقت أول أغنية احتفاء بميلاده الـ80، ونشرها المنتج تامر مرسي على حساباته على السوشيال ميديا «عادل إمام الأول»، وهي غناء الفنان محمد كيلاني الذي يجسد دور «أرشميدس» في مسلسل «فلانتينو»، وتأليف أيمن بهجت قمر مؤلف المسلسل، وألحان محمود العسيلي. كما أعلنت قنوات OSN عن إطلاق قناة «بوب أب» مؤقته، لعرض أفلام الزعيم على مدار الساعة، بدءاً من أول أيام عيد الفطر المبارك، احتفاء به.
الفنان عادل إمام من مواليد 17 مايو (أيار) 1940، في قرية شها مركز المنصورة بمحافظة الدقهلية. وجاء عادل إمام لعالم الفن في ظل وجود عمالقة نجوم الكوميديا، مثل فؤاد المهندس وعبد المنعم مدبولي وإسماعيل يس، لكنّه استطاع ببراعة أن يصنع لنفسه مدرسة جديدة هي مدرسة التلقائية التي تعتمد على كاريزما لا مثيل لها. كما قدّم تناولاً ساخراً لعدد من القضايا المهمة، كالإرهاب في فيلم «الإرهابي»، والتطبيع في فيلم «السفارة في العمارة»، والتسامح في فيلم «حسن ومرقص»، والفساد والانحراف في المجتمع بفيلم «عمارة يعقوبيان»، وإهمال الأبناء لآبائهم في «زهايمر». كما كان صاحب أول فيلم مصري يُصوّر تحت الماء مع المصور الكبير سعيد الشيمي «جحيم تحت الماء» عام 1989.
بدأ إمام مسيرته الفنية في عروض الفرق الجامعية بجامعة القاهرة، والتحق بفرقة التلفزيون المسرحية عام 1962، وقدم مسرحية «أنا وهو وهي» مع فؤاد المهندس بدور اشتهر به «دسوقي أفندي»، وانتقل إلى السينما بأدوار صغيرة في العام نفسه حتى أصبح من نجوم الصف الأول ببداية السبعينيات، وقدم طوال مسيرته الفنية أكثر من 100 فيلم، حققت أعلى الإيرادات في تاريخ السينما المصرية، كما اختير عام 2000 سفيراً للنوايا الحسنة في المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.
وصُنّفت أفلامه «المحفظة معايا» 1978، و«الأفوكاتو» 1984، و«حتى لا يطير الدخان» 1984، و«عمارة يعقوبيان» 2006، من بين أهم 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية في مئويتها الأولى عام 2007.
وعن عادل إمام، يقول المصور الكبير سعيد شيمي الذي كان مديراً لتصوير عددٍ من أفلامه لـ«الشرق الأوسط»: «هو صاحب موهبة متفردة، وفنان ذكي، يمتلك زمام الكوميديا والتراجيديا. فرغم أنّ الكوميديا تعتمد على 3 عناصر، كان يملكها بقوة، وهي الشكل والملابس والموضوع، فإنه أضاف إليها (الإفيه)، وهو جملة معينة تدخل البهجة وتذهل الجمهور وتظل في ذاكرتهم. واستطاع عادل إمام تطوير نفسه من دور (السنيد) في عدد من الأفلام، ليصبح البطل الأول بداية من (رجب فوق صفيح ساخن)، وأصبح نجم شباك يباع الفيلم باسمه، سواء للمنتجين أو الموزعين في مصر وخارجها».
وعن أول تعاون لهما معا، يقول شيمي إنّ «أول فيلم لي معه كان من إخراج هنري بركات (شعبان تحت الصفر)، وهو من الفنانين الذين أثروا السينما المصرية لفترة طويلة، نظراً لتنوع أدواره التي تتّسم بمدلول اجتماعي، فهو فنان له وعي بمجتمعه وقضاياه».
وعن فيلم «جزيرة الشيطان» الذي صوّر تحت الماء، يقول الشيمي: «كان من أنجح أفلام عادل إمام، دائماً لا يتدخل في تفاصيل التصوير، وهو فنان مريح جداً في العمل، وواضح وصريح... عملت معه في عدد من الأفلام الكوميدية، ثم في فيلم (الحريف) مع محمد خان، ولأنّه كان فيلماً جاداً، أثبت عبره موهبته التمثيلية بعيداً عن الكوميديا»، مشيراً إلى أنّه قال لإمام إنّه فيلم مختلف، وشكل الضوء وتوزيعه سيكونان مختلفين عن أي فيلم قدمه، فقال لي: أنا مالي، مش شغلتي، شوف اللي انت عايزه ونفذه). ما أعرفه عن عادل إمام أنّه رجل يقدر عمله، ومن يعمل معه، ولا يتدخل في موقع التصوير، وهذا سر نجاحه».
تميز عادل إمام جعله الأعلى شهرة، والأعلى أجراً بين النجوم من مختلف الأجيال، وفق الناقد طارق الشناوي الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: «عادل إمام يستحق أن نحتفي به وبتاريخه الفني، فهو صانع استثنائي للبهجة، عادل يملك بوصلة الجمهور، وله معادلته الخاصة التي جعلته يتربع على عرش الإيرادات بالأرقام لمدة 40 عاماً، لكنه لم يحب المجازفة الفنية، فمثلاً لم يتعاون مع المخرج عاطف الطيب، صحيح أنّ الأفلام الخمسة التي قدمها مع المخرج شريف عرفه كانت على قدر من المغامرة، لكنّها محسوبة بدقة، ولذا مثلاً لم يقبل بفيلم (اضحك الصورة تطلع حلوة) الذي قدمه فيما بعد أحمد زكي».
ويرى الشّناوي أنّ عادل إمام حرم الجمهور من رصيد أكبر في المسرح، قائلاً: «الحسابات الفنية لعادل إمام لم تجعله يقدم كثيراً من الأعمال المسرحية، بل قدم عدداً محدوداً من المسرحيات، لكنّها حققت نجاحاً كبيراً، وظلت تعرض مدة 11 عاماً، وهو أمر متعارف عليه عالمياً، لكن عادل وحده استطاع أن يحقق ذلك عربياً»، ويضيف: «نتمنى أن يعود للسينما، ولا يجوز أن يظل منذ إنتاج فيلم (زهايمر) عام 2010 بعيداً عن السينما».
«عادل إمام يمثل ظاهرة تاريخية في مجال التمثيل السينمائي بوجه خاص» بهذه الكلمات بدأ الناقد والسيناريست د. وليد سيف، رئيس قسم السينما في المعهد العالي للنقد الفني، حديثه لـ«الشرق الأوسط» عن النجم الكبير، موضحاً: «عبر تاريخ السينما في مصر والعالم، لم يستطع أي نجم أن يعتلي عرش النجومية لفترة تتجاوز العقد أو العقدين، وأن تحظى أعماله بأقوى مشاهدة وأعلى الإيرادات في مساحة كبيرة من العالم تمتد من المحيط إلى الخليج، وتتجاوزها أحياناً لتتجاوز حدود روسيا والصين ومناطق أخرى من العالم يشكل وجود العرب والأفارقة فيها نسبة لا يستهان بها».
وأضاف د. سيف: «يشكل أميتاب باتشان حالة استثنائية لحفاظه على جماهيريته لثلاثة عقود، وهناك نجوم أميركيين لهم مكانتهم الكبيرة مثل آل باتشينو وروبرت دي نيرو وداستن هوفمان لم يتمكنوا من البقاء على عرش النجومية لأربع عقود مثل عادل إمام».
ويؤكد د. سيف الذي يُعدّ حالياً لكتاب عن الزعيم بعنوان «عادل إمام... أسرار فن الممثل» الذي سيصدر في احتفالية خلال الأشهر المقبلة: «تمكن عادل إمام عبر أدواره أن يعبّر عن الشّخصية المصرية، بهمومها وأزماتها وقدرتها البارعة على أن تضفي حالة من الروح المرحة السّاخرة، وأن تمزج بين المتعة والعذاب والمرح والشقاء والفرح والحزن والانتصار والانكسار والجد والهزل، وهو سر بقائها وجاذبيتها، وهو سر عادل إمام الحقيقي».


مقالات ذات صلة

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

يوميات الشرق لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

حظي مسلسل «رقم سري» الذي ينتمي إلى نوعية دراما الغموض والتشويق بتفاعل لافت عبر منصات التواصل الاجتماعي.

رشا أحمد (القاهرة )
يوميات الشرق زكي من أبرز نجوم السينما المصرية (أرشيفية)

مصر: تجدد الجدل بشأن مقتنيات أحمد زكي

تجدد الجدل بشأن مقتنيات الفنان المصري الراحل أحمد زكي، بعد تصريحات منسوبة لمنى عطية الأخت غير الشقيقة لـ«النمر الأسود».

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق تجسّد شخصية «دونا» في «العميل» (دانا الحلبي)

دانا الحلبي لـ«الشرق الأوسط»: لو طلب مني مشهد واحد مع أيمن زيدان لوافقت

تُعدّ تعاونها إلى جانب أيمن زيدان إضافة كبيرة إلى مشوارها الفني، وتقول إنه قامة فنية كبيرة، استفدت كثيراً من خبراته. هو شخص متعاون مع زملائه يدعم من يقف أمامه.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق آسر ياسين وركين سعد في لقطة من المسلسل (الشركة المنتجة)

«نتفليكس» تطلق مسلسل «موعد مع الماضي» في «القاهرة السينمائي»

رحلة غوص يقوم بها بعض أبطال المسلسل المصري «موعد مع الماضي» تتعرض فيها «نادية» التي تقوم بدورها هدى المفتي للغرق، بشكل غامض.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق مسلسل «6 شهور»   (حساب Watch IT على «فيسبوك»)

«6 شهور»... دراما تعكس معاناة حديثي التخرّج في مصر

يعكس المسلسل المصري «6 شهور» معاناة الشباب حديثي التخرج في مصر عبر دراما اجتماعية تعتمد على الوجوه الشابة، وتحاول أن ترسم الطريق إلى تحقيق الأحلام.

نادية عبد الحليم (القاهرة )

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».