«أبطال الخير»... حملة افتراضية تحتفي بأجواء رمضان رغم قيود الوباء

رئيس السياسات العامة في «تويتر» لـ «الشرق الأوسط» : هدفنا إطلاق رسائل شكر لمن يخدم الناس في الظروف الاستثنائية

«تويتر» أطلق الحملة مع رائد الفضاء الإماراتي هزاع المنصوري
«تويتر» أطلق الحملة مع رائد الفضاء الإماراتي هزاع المنصوري
TT

«أبطال الخير»... حملة افتراضية تحتفي بأجواء رمضان رغم قيود الوباء

«تويتر» أطلق الحملة مع رائد الفضاء الإماراتي هزاع المنصوري
«تويتر» أطلق الحملة مع رائد الفضاء الإماراتي هزاع المنصوري

أطلق منبر «تويتر» للتواصل الاجتماعي يوم أول من أمس حملة «أبطال الخير» في الفترة التي تسبق عيد الفطر، وهي حملة رمضانية تحتفل بالأشخاص الذين نشروا الأمل في مجتمعاتهم. الحملة التي تجري من 16 حتى 20 مايو (أيار) هدفها تشجيع الناس على ترشيح بطلهم خلال الشهر الفضيل الذي بذل جهداً حثيثاً لمساعدة مجتمعه أو إعادة تغريد القصص الإيجابية التي جعلت من رمضان هذا العام تجربة لا يمكن نسيانها، خاصة في ظل الظروف الراهنة، والوباء الذي يحاصر العالم.
كما تهدف الحملة إلى دعم المجتمعات وتوحيد الناس في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حول المحادثات العامة المليئة بالإيجابية والسعادة، لا سيما فيما يحتفل الناس بشهر رمضان بطريقة مغايرة عن تلك التي كانوا يحتفلون بها من قبل، ويقومون بإنشاء التقاليد الجديدة كالتواصل مع العائلة والأصدقاء افتراضياً بسبب إجراءات التباعد الاجتماعي، كما أنهم تأثروا بقيود السفر وغيرها من القيود الأخرى التي تم فرضها. وسوف تترافق الحملة مع وسم #أبطال_الخير والذي يُظهر رمزاً تعبيرياً خاصاً عند استخدامه، وهو عبارة عن قمر على شكل هلال.
من جهته، قال جورج سلامة، رئيس السياسات العامة والعلاقات الحكومية والعمل الخيري لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «تويتر»: «هدفنا من هذه الحملة خدمة الحوار على المنبر. الأوضاع العالمية الراهنة تضع علينا مسؤولية إضافية لتقديم محتوى يبعث الأمل والخير، محتوى يبعث رسائل شكر وعرفان للمؤسسات والأشخاص الذين يعملون وسط هذه الأزمة لخدمة الناس».
وأضاف في اتصال مع «الشرق الأوسط»: «الحملة التي ستستمر على مدار 5 أيام، نطلقها بالاستعانة بشخصيات عامة إعلامية، ومسؤولين حكوميين، ومع شخصيات مجتمعية لتشجيع إرسال محتواهم، وإطلاق حوار متفاعل على المنبر».
فلإطلاق الحملة، بدأ «تويتر» الشرق الأوسط وشمال أفريقيا محادثة مع رائد الفضاء الإماراتي هزاع المنصوري عبر الطلب منه مشاركة البطل الخاص به خلال رمضان هذا العام، والذي يعتبر فترة مغايرة لتلك التي كنا نعيشها من قبل.
وقام هزاع بترشيح أخته «أم اليازية»، التي تعمل في القطاع الصحي إذ لم تتوان عن العمل المتواصل الذي دام لأكثر من 10 ساعات يومياً بغرض دعم خط الدفاع الأول في هذه الأوقات الصعبة.
وسوف تسلّط الحملة الضوء في كل مساء على الأعمال الإبداعية لفنانين عرب. وسيتم إنشاء الأعمال الإبداعية انطلاقاً من جوهر الحملة والقصص التي تسلّط الضوء عليها، وسيضم فيديو اليوم الأخير من الحملة أعمال جميع المبدعين.
ويمكن لجميع الأفراد أن يقوموا بترشيح بطلهم الرمضاني عن طريق استخدام وسم «#أبطال_الخير» في تغريداتهم، بالإضافة إلى ذكر السبب الذي دفعهم إلى ترشيح أولئك الأبطال. وعن ذلك يقول سلامة: «وجود الهاشتاغ يجمع المحادثات مع بعضها ويثري المحتوى والنقاش». وجدير بالذكر أنه تم رصد 17 مليون تغريدة حول رمضان هذا العام خلال الشهر المؤدي إلى الشهر الكريم، أي بزيادة نسبتها 70 في المائة عن عام 2019».
ويؤكد سلامة أنه من قبل رمضان، أخذت شركة «تويتر» على عاتقها إمكانية عمل موظفيها من المنازل حرصاً من الإدارة على صحة الموظفين. وشرح: «كان التركيز على الاهتمام بالصحة الجسدية والنفسية للموظفين لكي يستطيعوا تأدية دورهم بخدمة المغردين على المنصة بشكل فعال في ظل الظروف الاستثنائية». وأضاف: «منذ أواخر فبراير (شباط) بدأنا بمراجعة سياساتنا العامة وتعديلها لتوسيع نطاقات السياسات القرائية وإضافة بعض الخصائص لتوصيل معلومات صحيحة موثوقة ومحاربة الأخبار الكاذبة».
ووفقاً لتصريحات «مكتب (تويتر) الشرق الأوسط» حول هذه الأزمة، فإن «(تويتر) قام بتتبع المحتوى المضلل حول (كوفيد - 19)، ووفقاً للسياسات التي تم تطبيقها بداية من 18 مارس (آذار) الماضي، تم حذف أكثر من 2200 تغريدة».
وكشف سلامة أن «(تويتر) أطلق خاصية البحث المتخصص، وقام بإبرام شراكات مع منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة المصرية وهيئة الصحة في دبي، مما ساعد المنبر في توثيق شهادات أطباء متخصصين لنشر محتوى موثوق».
وبالعودة إلى العمل من المنزل، يؤكد سلامة أن شركة «تويتر» كانت من الرائدين في إطلاق هذه التجربة التي أثبتت نجاحاً وإنتاجية عالية من قبل الموظفين». ويستطرد: «لكننا لن نكون من رواد العودة للعمل من المكاتب في ظل استمرار (كوفيد - 19)».



استنفار الإعلام المرئي اللبناني على مدى 24 ساعة يُحدث الفرق

إدمون ساسين (إنستغرام)
إدمون ساسين (إنستغرام)
TT

استنفار الإعلام المرئي اللبناني على مدى 24 ساعة يُحدث الفرق

إدمون ساسين (إنستغرام)
إدمون ساسين (إنستغرام)

تلعب وسائل الإعلام المرئية المحلية دورها في تغطية الحرب الدائرة اليوم على لبنان.

نوع من «التجنيد الإجباري» فرضته هذه الحالة على المحطات التلفزيونية وموظفيها ومراسليها، فغالبيتهم يمضون نحو 20 ساعة من يومهم في ممارسة مهامهم. وبعضهم يَصِلون ليلهم بنهارهم في نقل مباشر وموضوعي، وآخرون يضعون دمهم على كفّ يدهم وهم يتنقلون بين مناطق وطرقات تتعرّض للقصف. أما رؤساء التحرير ومقدِّمو البرامج الحوارية اليومية، فهم عندما يحوزون على ساعات راحة قليلة، أو يوم إجازة، فإنهم يشعرون كما السمك خارج المياه. ومن باب مواقعهم ومسؤولياتهم الإعلامية، تراهم يفضلون البقاء في قلب الحرب، وفي مراكز عملهم؛ كي يرووا عطشهم وشهيّتهم للقيام بمهامهم.

المشهدية الإعلامية برمّتها اختلفت هذه عن سابقاتها. فهي محفوفة بالمخاطر ومليئة بالصدمات والمفاجآت من أحداث سياسية وميدانية، وبالتالي، تحقن العاملين تلقائياً بما يشبه بهرمون «الأدرينالين». فكيف تماهت تلك المحطات مع الحدث الأبرز اليوم في الشرق الأوسط؟

الدكتورة سهير هاشم (إنستغرام)

لم نتفاجأ بالحرب

يصف وليد عبود، رئيس تحرير الأخبار في تلفزيون «إم تي في» المحلي، لـ«الشرق الأوسط»، حالة الإعلام اللبناني اليوم بـ«الاستثنائية». ويضيف: «إنها كذلك لأننا في لبنان وليس عندنا محطات إخبارية. وهي، بالتالي، غير مهيأة بالمطلق للانخراط ببث مباشر يستغرق ما بين 18 و20 ساعة في اليوم. بيد أن خبراتنا المتراكمة في المجال الإعلامي أسهمت في تكيّفنا مع الحدث. وما شهدناه في حراك 17 أكتوبر (تشرين الأول) الشعبي، وفي انفجار مرفأ بيروت، يندرج تحت (الاستنفار الإعلامي) ذاته الذي نعيشه اليوم».

هذا «المراس» - كما يسميه عبود - «زوّد الفريق الإخباري بالخبرة، فدخل المواكبة الإعلامية للحرب براحة أكبر، وصار يعرف الأدوات اللازمة لهذا النوع من المراحل». وتابع: «لم نتفاجأ باندلاع الحرب بعد 11 شهراً من المناوشات والقتال في جنوب لبنان، ضمن ما عرف بحرب المساندة. لقد توقعنا توسعها كما غيرنا من محللين سياسيين. ومن كان يتابع إعلام إسرائيل لا بد أن يستشفّ منه هذا الأمر».

جورج صليبي (إنستغرام)

المشهد سوريالي

«يختلف تماماً مشهد الحرب الدائرة في لبنان اليوم عن سابقاته». بهذه الكلمات استهل الإعلامي جورج صليبي، مقدّم البرامج السياسية ونشرات الأخبار في محطة «الجديد» كلامه لـ«الشرق الأوسط». وأردف من ثم: «ما نشهده اليوم يشبه ما يحصل في الأفلام العلمية. كنا عندما نشاهدها في الصالات السينمائية نقول إنها نوع من الخيال، ولا يمكنها أن تتحقق. الحقيقة أن المشهد سوريالي بامتياز حتى إننا لم نستوعب بسرعة ما يحصل على الأرض... انفجارات متتالية وعمليات اغتيال ودمار شامل... أحداث متسارعة تفوق التصور، وجميعها وضعتنا للحظات بحالة صدمة. ومن هناك انطلقنا بمشوار إعلامي مرهق وصعب».

وليد عبود (إنستغرام)

المحطات وضغوط تنظيم المهام

وبالفعل، منذ توسع الحرب الحالية، يتابع اللبنانيون أخبارها أولاً بأول عبر محطات التلفزيون... فيتسمّرون أمام الشاشة الصغيرة، يقلّبون بين القنوات للتزوّد بكل جديد.

وصحيحٌ أن غالبية اللبنانيين يفضّلون محطة على أخرى، لكن هذه القناعة عندهم تتبدّل في ظروف الحرب. وهذا الأمر ولّد تنافساً بين تلك المحطات؛ كي تحقق أكبر نسبة متابعة، فراحت تستضيف محللين سياسيين ورؤساء أحزاب وإعلاميين وغيرهم؛ كي تخرج بأفكار عن آرائهم حول هذه الحرب والنتيجة التي يتوقعونها منها. وفي الوقت نفسه، وضعت المحطات جميع إمكاناتها بمراسلين يتابعون المستجدات على مدار الساعات، فيُطلعون المشاهد على آخر الأخبار؛ من خرق الطيران الحربي المعادي جدار الصوت، إلى الانفجارات وجرائم الاغتيال لحظة بلحظة. وفي المقابل، يُمسك المتفرجون بالـ«ريموت كونترول»، وكأنه سلاحهم الوحيد في هذه المعركة التنافسية، ويتوقفون عند خبر عاجل أو صورة ومقطع فيديو تمرره محطة تلفزيونية قبل غيرها.

كثيرون تساءلوا: كيف استطاعت تلك المحطات تأمين هذا الكمّ من المراسلين على جميع الأراضي اللبنانية بين ليلة وضحاها؟

يقول وليد عبود: «هؤلاء المراسلون لطالما أطلوا عبر الشاشة في الأزمنة العادية. ولكن المشاهد عادة لا يعيرهم الاهتمام الكبير. ولكن في زمن الحرب تبدّلت هذه المعادلة وتكرار إطلالاتهم وضعهم أكثر أمام الضوء».

ولكن، ما المبدأ العام الذي تُلزم به المحطات مراسليها؟ هنا يوضح عبود في سياق حديثه أن «سلامة المراسل والمصور تبقى المبدأ الأساسي في هذه المعادلة. نحن نوصيهم بضرورة تقديم سلامتهم على أي أمر آخر، كما أن جميعهم خضعوا لتدريبات وتوجيهات وتعليمات في هذا الشأن... وينبغي عليهم الالتزام بها».

من ناحيته، يشير صليبي إلى أن المراسلين يبذلون الجهد الأكبر في هذه الحرب. ويوضح: «عملهم مرهق ومتعب ومحفوف بالمخاطر. لذلك نخاف على سلامتهم بشكل كبير».

محمد فرحات (إنستغرام)

«إنها مرحلة التحديات»

وبمناسبة الكلام عن المراسلين، يُعد إدمون ساسين، مراسل قناة «إل بي سي آي»، من الأقدم والأشهر في هذه المحطة. وهو لا يتوانى عن التنقل خلال يوم واحد بين جنوب لبنان وشماله. ويصف مهمّته خلال المرحلة الراهنة بـ«الأكثر خطراً». ويشرح من ثم قائلاً: «لم تعُد هناك خطوط حمراء أو نقاط قتال محددة في هذه الحرب. لذا تحمل مهمتنا التحدّي بشكل عام. وهي محفوفة بخطر كبير، لا سيما أن العدو الإسرائيلي لا يفرّق بين طريق ومبنى ومركز حزب وغيره، ويمكنه بين لحظة وأخرى أن يختار أهدافه ويفاجئ الجميع... وهذا ما وضع الفرق الصحافية في خطر دائم، ونحن علينا بالتالي تأمين المعلومة من قلب الحدث بدقة».

وفق ساسين، فإن أصعب المعلومات هي تلك المتعلقة بالتوغّل البرّي للجيش الإسرائيلي، «فحينها لا يمكن للمراسل معرفة ما يجري بشكل سليم وصحيح على الأرض... ولذا نتّكل أحياناً على مصادر لبنانية من جهة (حزب الله)، و(اليونيفيل) (القوات الدولية العاملة بجنوب لبنان) والجيش اللبناني والدفاع المدني، أو أشخاص عاشوا اللحظة. ومع هذا، يبقى نقل الخبر الدقيق مهمة صعبة جداً. ويشمل ما أقوله أخبار الكمائن والأسر، بينما نحن في المقابل نفتقر إلى القدرة على معرفة هذه الأخبار، ولذا نتوخى الحذر بنقلها».

«لبنان يستأهل التضحية»

في هذه الأثناء، يتكلم مراسل تلفزيون «الجديد» محمد فرحات «بصلابة»، عندما يُسأل عن مهمّته الخطرة اليوم.

محمد كان من بين الفريق الإعلامي الذي تعرّض لقصف مباشر في مركز إقامته في بلدة حاصبيا، وخسر يومذاك زملاء له ولامس الموت عن قرب لولا العناية الإلهية، كما يقول. ويتابع: «لقد أُصبت بحالة إنكار للمخاطر التي أتعرّض لها. في تلك اللحظة عشت كابوساً لم أستوعبه في البداية. وعندما فتحت عيني سألت نفسي لبرهة: أين أنا؟»، ويضيف فرحات: «تجربتي الإعلامية ككل في هذه الحرب كانت مفيدة جداً لي على الصعيدين: الشخصي والمهني. من الصعب أن أُشفى من جروح هذه الحرب، ولكني لم أستسلم أو أفكر يوماً بمغادرة الساحة. فلبنان يستأهل منا التضحية».

العلاج النفسي الجماعي ضرورة

أخيراً، في هذه الحرب لا إجازات ولا أيام عطل وراحة. كل الإعلاميين في مراكز عملهم بحالة استنفار. ولكن ماذا بعد انتهاء الحرب؟ وهل سيحملون منها جراحاً لا تُشفى؟

تردّ الاختصاصية النفسية الدكتورة سهير هاشم بالقول: «الإعلاميون يتعرضون لضغوط جمّة، وفي الطليعة منهم المراسلون. هؤلاء قد لا يستطيعون اليوم كشف تأثيرها السلبي على صحتهم النفسية، ولكن عند انتهاء الحرب قد يكون الأمر فادحاً. وهو ما يستوجب الدعم والمساندة بصورة مستمرة من مالكي المحطات التي يعملون بها». وأضافت الدكتورة هاشم: «ثمة ضرورة لإخضاعهم لجلسات علاج نفسية، والأفضل أن تكون جماعية؛ لأن العلاج الموسمي غير كافٍ في حالات مماثلة، خلالها يستطيعون أن يساندوا ويتفهموا بعضهم البعض بشكل أفضل».