ما هو الشيء المفضل لديكم الآن من بين كل الأشياء المتعلقة بكرة القدم، غير مباريات كرة القدم نفسها؟ بالنسبة لي شخصياً، فإن الشيء المفضل لي هو رؤية المدير الفني البرتغالي جوزيه مورينيو، وهو يقوم بأعمال خيرية للخدمة المجتمعية، في ظل أزمة تفشي فيروس كورونا، حيث ظهر المدير الفني لتوتنهام هوتسبير في مقطع فيديو وهو يزرع الفاكهة والخضروات الطازجة لمطعم الفريق الأول، من أجل توزيعها على الفقراء.
ولن تجد عناءً في مشاهدة هذا الفيديو، لأنه انتشر انتشار النار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي وفي المواقع الإخبارية. ويظهر مورينيو أيضاً وهو يحمل صندوقاً من الخس عند باب منزله، ويضع قناعاً على فمه ويوزع الطعام على أبطال الحرب المسنين. وقد نرى مورينيو يقوم خلال الأيام المقبلة بمزيد من الأعمال الخيرية، فمن الممكن أن نراه وهو يذبح عجلاً صغيراً ويقدم لحومه للفقراء، أو وهو يضحك مع الأيتام في رحلة إلى شاطئ البحر، أو يقوم ببعض الأعمال الأخرى لرفع الروح المعنوية في إنجلترا في هذه الأوقات الصعبة!
لكن بعيداً عن ذلك، فإن إيقاف النشاط الكروي قد حرمنا من الاستمتاع بالمباريات، والمحتوى الرياضي الدسم، ونمط الحياة الذي اعتدنا عليه، والعلامات التجارية للأندية، والشعور بالانتماء، وتعريف كرة القدم الذي سمح لبعض أندية الدوري الإنجليزي الممتاز بالإعلان - بدعم من الأدلة التجارية - عن أن لديها مليار مشجع حول العالم، وأنها قد وصلت إلى مكانة تجعلها أكبر من أن تقع في براثن الفشل في أي وقت من الأوقات!
لكن الوضع اختلف كثيراً الآن، نظراً لتوقف الأرباح التي كانت تحققها الأندية من عائدات البث التلفزيوني، وعائدات بيع تذاكر المباريات. لكن إلى أي مدى تأثر نادٍ مثل مانشستر يونايتد بهذه الأشياء؟ على مدى السنوات السبع الماضية، كان النمو اللامتناهي للعلامة التجارية لمانشستر يونايتد يعد إحدى «معجزات تحدي الجاذبية الأرضية» في عالم الرياضة، إن جاز التعبير، فكيف تتوقف هذه العلامة التجارية عن النمو والارتفاع والانتشار الآن؟ ربما تسببت الفترة التي قضاها مورينيو في مانشستر يونايتد في إحداث تصدع أولي في هذا النادي العملاق! وربما ساهم سوء النتائج خلال السنوات الأخيرة في هذا الأمر. ورغم كل ذلك، عندما تشاهد القناة التلفزيونية الخاصة بمانشستر يونايتد ستجد أنها لا تزال تتحدث عن تحقيق النادي لعائدات قياسية، وعن الأنشطة التجارية الناجحة التي قام بها النادي.
لكن يتعين علينا جميعاً أن ندرك أنه لم تعد هناك معجزات في الوقت الحالي، وأنه لا أحد يعرف ما يخبئه المستقبل لنا على المدى القصير والمتوسط والطويل في ظل الظروف الصعبة الحالية، وتوقف المنافسات والمسابقات الرياضية، نتيجة تفشي فيروس كورونا. لكن الشيء الوحيد المؤكد هو أن هذه الفترة الصعبة هي بمثابة اختبار حقيقي لشيء غير مسبوق بالنسبة لنا جميعاً. دعونا نتفق على أن الجانب التجاري لمانشستر يونايتد قد حقق نجاحاً مذهلاً خلال العشرين عاماً الماضية، وأنه رغم أن ديون النادي قد بلغت نحو 400 مليون جنيه إسترليني، فإن هذا النشاط التجاري ما زال يحقق عائدات تساعد النادي على الاستمرار في المضي قدماً.
وفي الحقيقة، لا يوجد نادٍ آخر يعمل بالطريقة نفسها، التي يعمل بها مانشستر يونايتد، فهو يعد نموذجاً على النمو المستمر والزخم الدائم. لكن ماذا يحدث عندما يتعرض هذا النادي لمشكلات كبيرة، وتواجه علامته التجارية مخاطر الانهيار؟ ويمكن أن نطرح السؤال بصيغة أخرى: هل سيكون هذا الأمر - في حال حدوثه - سيئاً للنادي؟ ما زال النادي يصر على أنه لا يواجه مشكلة في الوقت الراهن، على الرغم من ارتفاع الديون وانخفاض الدخل. ربما يكون هذا الأمر صحيحاً، فقد أشار أشخاص ممن لديهم خبرات كبيرة في هذا العالم إلى أن مانشستر يونايتد يمكنه اقتراض المزيد من الأموال بسهولة دون أي مشكلة! وهناك أيضاً حديث آخر عن أن الاعتماد على الدخل التجاري يجعل مانشستر يونايتد في وضع أفضل من باقي الأندية الأخرى، نظراً لأنه يعتمد على موارد مالية أخرى غير العائدات القادمة من المباريات.
لكن هل هذا مقنع؟ وللإجابة على هذا السؤال يجب أن نشير إلى أن صحيفة «ديلي ميل» قد أكدت أن مانشستر يونايتد سوف يخسر 116 مليون جنيه إسترليني في شكل إيرادات تجارية وعائدات للبث التلفزيوني وعائدات من إقامة المباريات، في حال إلغاء الموسم الحالي، وأشارت الصحيفة إلى أن مانشستر يونايتد سيكون أكثر الأندية الإنجليزية تضرراً من الناحية المالية في حال عدم استئناف الموسم. وعلى الجانب الأخر، سوف يعاني «شركاء» مانشستر يونايتد من خسائر مالية أخرى، إذ إن العقود الخاصة بهم سوف تتضمن «بنود قوة قاهرة». وتجب الإشارة إلى أن العمل الرئيسي لعائلة غليزر الأميركية، المالكة لمانشستر يونايتد، يركز بالأساس على نشاط البيع بالتجزئة في الولايات المتحدة، وبالتالي يتعين عليها أن تركز على هذا النشاط في الوقت الحالي، في ظل توقف الصفقات التجارية وعائدات المباريات بسبب توقف النشاط الرياضي نتيجة تفشي فيروس كورونا.
هذه مشكلة على مستوى الصناعة بأكملها، لكن مانشستر يونايتد هو النموذج التجاري الذي يعاني من أكبر قدر من الديون، كما أن فاتورة الرواتب والأجور قد تجاوزت 300 مليون جنيه إسترليني العام الماضي. لكن الأمر المشجع نسبياً هو أن سداد الديون يبلغ 26 مليون جنيه إسترليني فقط. لكن هل تساءلت يوماً عن سبب الحاجة الملحة لاستئناف المباريات؟ ولماذا تلوح «خطة استئناف المباريات» في الأفق، رغم المخاطر المتمثلة في احتمال انتشار الفيروس بشكل أكبر؟ الإجابة بالطبع هي حاجة الأندية إلى المال.
ويعرف الجميع أن عائلة غليزر الأميركية قد تكون جيدة في النواحي التجارية، لكنها غير محبوبة بالمرة في إنجلترا، نظراً لأنها لا تهتم بالروح الرياضية، ولا بالأشياء غير الملموسة، مثل الجماعية والثقافة الرياضية والتخطيط المترابط طويل الأمد، وهي العناصر التي ساهمت بقوة في بناء هذا النادي العريق في المقام الأول.
ويجب أن ندرك أن هذه العائلة قد ركبت الموجة، وصعدت على أكتاف مؤسسة كروية عريقة من أجل تحقيق الأرباح فقط. وقد تساءل الكثيرون عن الكيفية التي سيتغلب بها مانشستر يونايتد على هذه الفترة العصيبة، وكيف سيدفع الديون الهائلة التي تثقل كاهله، لكن الحل الوحيد من الناحية العملية هو أن يقلل النادي من نفقاته من أجل إصلاح مساره المالي، وإلا سيتعرض لما يشبه الزلزال خلال الفترة المقبلة!
مانشستر يونايتد أكثر الأندية تضرراً من توقف الموسم
كيف سيتغلب على هذه الفترة العصيبة ويدفع الديون التي تثقل كاهله؟
مانشستر يونايتد أكثر الأندية تضرراً من توقف الموسم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة