علي ربيع: إضحاك الجمهور أفضل رسالة يقدمها الكوميدي

ربيع مع مصطفى خاطر في لقطة من مسلسل «عمر ودياب»
ربيع مع مصطفى خاطر في لقطة من مسلسل «عمر ودياب»
TT

علي ربيع: إضحاك الجمهور أفضل رسالة يقدمها الكوميدي

ربيع مع مصطفى خاطر في لقطة من مسلسل «عمر ودياب»
ربيع مع مصطفى خاطر في لقطة من مسلسل «عمر ودياب»

دافع الفنان المصري الكوميدي علي ربيع عن مستوى كوميديا موسم رمضان العام الجاري، وقال في حواره مع «الشرق الأوسط» إن كل من يهاجم الكوميديا هذا العام بحجة تركيزها على «الإفيهات» من دون الاعتماد على قصة محكمة ومواقف محددة: «بعيدون عن الشارع والناس»؛ مشيراً إلى أن اسم المسلسل الذي يشارك فيه مع صديقه مصطفى خاطر «عمر ودياب» خفيف وجذاب، ولم يسبب أي مشكلات مع المطرب المصري المعروف عمرو دياب.
وأكد أنه كتم أحزانه أثناء تصوير المسلسل، واضطر للوقوف أمام الكاميرا لأداء المشاهد الكوميدية بعد وفاة والده أثناء التصوير، حفاظاً على الالتزام مع الشركة المنتجة والمواعيد المحددة.
في البداية شرح ربيع سبب اختيار مسلسل «عمر ودياب» لخوض السباق الرمضاني به هذا العام قائلاً: «قصته خفيفة الظل وبسيطة، وتمس شباباً مصريين كثيرين يبحثون عن فرص عمل بدافع الاستقرار، ولكن تواجههم عقبات عدة، ونحن نقدم القصة في قالب كوميدي، كما أنه يُعرض في حلقات منفصلة متصلة، وهو ما يجعله غير ممل إطلاقاً ولا يحتوي على مط أو تطويل».
واعتبر ربيع أن عمله مع الفنان مصطفى خاطر بطولة من نوع مختلف، وليست عودة للوراء؛ خصوصاً بعدما قدم بطولتين مطلقتين في العامين الماضيين، قائلاً: «عملنا المشترك أمر ممتع جداً ومختلف وسنكرره مرة أخرى، ومخطئ من يظن أنني تضايقت بسبب تقديمنا بطولة ثنائية بعدما قدمت البطولة المطلقة لمدة عامين متتاليين، في مسلسلي (سك على أخواتك) و(فكرة بمليون جنيه)، فكلها بطولة، والأهم هو القصة التي يتم تقديمها ومدى جودتها، وأحيانا البطولات الجماعية أو الثنائية أفضل وأكثر جاذبية للمشاهد».
ويؤكد ربيع أنه راضٍ تماماً عن البطولتين اللتين قدمهما من قبل، قائلاً: «كل منهما كانت لها مميزاتها وعيوبها، وقد تعلمت واستفدت كثيراً من التجربتين، والأهم بالنسبة لي أن أكون مستمتعاً وأنا أؤدي قصة بعينها، وليس شرطاً أن تتوفر كل المعايير كما يقول الكتاب لكي ينجح العمل، وليس شرطاً أن أكون راضياً بنسبة 100 في المائة. ودائماً ما تكون بوصلتي كيف أسعد الناس وأضحكهم، فالضحك في حد ذاته أسمى رسالة يقدمها الكوميديان؛ خصوصاً لو خرج من قلب الناس وعاش بينهم مثلما فعلت، فأنا لم أولد مرفهاً».
وعن الظروف الصعبة التي واجهها المسلسل، أكد ربيع أن وفاة والده كانت أكبر عقبة واجهته أثناء التصوير، قائلاً: «المسلسل كان مهدداً بعدم الاكتمال من أساسه لظروف قاسية كثيرة مرت علينا، فالبداية كانت مع ظهور جائحة (كورونا)، فاضطررنا للتوقف 14 يوماً متواصلة، ثم استكملنا لاحقاً مع اتخاذ كل الاحتياطات الصحية اللازمة، وهذا تسبب لنا في ضغط كبير، ثم توفي والدي، ثم توفيت والدة المخرج معتز التوني، ثم توفيت شقيقة الفنانة نهال عنبر، وقد حاولنا التغلب على أحزاننا واستكمال عملنا؛ لأن هناك مجهوداً مبذول من عشرات الأشخاص خلف الكاميرا من العاملين في المسلسل، سيُهددون جراء الإيقاف؛ لكن كان الوقوف أمام الكاميرا لتصوير مشهد كوميدي وقلبي مجروح لوفاة والدي أمراً في غاية الصعوبة».
وذكر ربيع أن وجوده في موسم دراما رمضان مرهون بوجود قصة جيدة ومختلفة، تجعله يقبل التحدي ويخوض الظروف الصعبة التي يتم بها تصوير المسلسلات في رمضان، مشيراً إلى أنه يعتبر «الوجود في موسم شهر رمضان أمر مهم للفنانين؛ لأنه الموسم الدرامي الأكبر في العام، ولكن هناك عامل الوقت أيضاً؛ لأنه من الملاحظ كل عام أن الظروف العامة تصبح أكثر صعوبة».
ورداً على الانتقادات الموجهة إلى كوميديا العام الجاري، واتهامها بالاعتماد على «الإفيهات»، قال: «هذا كلام غير واقعي؛ لأن من يقول هذا لا يركز في الأعمال ولا يرى سوى ما يريده فقط، وأنا لم أقدم أي عمل إلا معتمداً على قصة قوية جداً، وأهم أمر بالنسبة لي أن يكون الجمهور راضياً عما أقدمه، أما بالنسبة لـ(الإفيهات)، فهذه ملكة وميزة قوية لدى الكوميديان؛ لأنه لو لم يمتلكها فلن يضحك الجمهور، ولا يستطيع أي شخص إضحاك الناس أو قول (إفيه)، وبناءً عليه أجد أن كثرة (الإفيهات) أمر إيجابي يميز الكوميديا ولا يقلل منها أبداً. ومع احترامي للنقاد فإنهم يتحدثون بوجهة نظر فلسفية بعيدة عن الناس في الشارع، وأنا خرجت من قلب الناس، وأعي تماماً كيف يفكرون».
ويرجع ربيع سبب حبه للارتجال وعدم الالتزام كلياً بالنص، إلى شعوره في كثير من الأحيان بأن الجمل التي يقولها تحتاج لزيادة بسيطة منه، لافتاً إلى أنه يجد أن النتيجة النهائية مذهلة وجذابة، لا سيما أنه لا ينفذ أي مشهد إلا بعد موافقة المخرج عليه أثناء البروفة.
علي ربيع الذي سبق له المشاركة في عدة أفلام كوميدية خلال مسيرته القصيرة، من بينها «حسن وبقلظ»، و«كابتن مصر»، و«خير وبركة»، كشف عن الفيلم الجديد الذي يستعد له خلال الفترة المقبلة، قائلاً: «صورت جزءاً كبيراً من فيلم (الخطة العامية) بمشاركة غادة عادل، وعمرو عبد الجليل، ومحمد عبد الرحمن، ويتبقى له في التصوير 10 أيام، ولا أعرف متى سيتم استكماله بسبب أزمة (كورونا)». كما أشار إلى استعداده لخوض بطولة مسرحية جديدة من إخراج أشرف عبد الباقي؛ حيث قال: «أحضِّر لمسرحية كوميدية جديدة أجريت لها عدة بروفات وتوقفت بسبب (كورونا)، وهي مأخوذة عن مسرحية أخرى معروضة في لندن، حصلنا على حقوق عرضها في الوطن العربي، وسيشاركني بطولتها أوس أوس وويزو».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».