الانتخابات التونسية: الهدوء الحذر مع تصاعد فرص الدورة الثانية

إقبال بنسبة 54 %.. و90 ألف رجل أمن بين جيش وشرطة لتأمين العملية

مرشح الرئاسة التونسية الباجي قائد السبسي بعد ادلائه بصوته في الانتخابات الرئاسية أمس (أ.ب)
مرشح الرئاسة التونسية الباجي قائد السبسي بعد ادلائه بصوته في الانتخابات الرئاسية أمس (أ.ب)
TT

الانتخابات التونسية: الهدوء الحذر مع تصاعد فرص الدورة الثانية

مرشح الرئاسة التونسية الباجي قائد السبسي بعد ادلائه بصوته في الانتخابات الرئاسية أمس (أ.ب)
مرشح الرئاسة التونسية الباجي قائد السبسي بعد ادلائه بصوته في الانتخابات الرئاسية أمس (أ.ب)

خيمت أجواء من الهدوء العام على الشارع التونسي أمس في يوم كان من المفترض أن يكون تاريخيا ويمر في ظروف غير عادية، حيث كان من المنتظر أن يتوجه 5,3 مليون تونسي لانتخاب رئيسهم بشكل مباشر لأول مرة في تاريخ البلاد.
وتوافد الناس على مراكز الاقتراع بشكل تدريجي وغير كثيف، أثار مخاوف في النصف الأول للنهار، حيث لم تتجاوز نسبة الإقبال الـ20 في المائة، لكن شيئا فشيئا بدأت نسبة الإقبال بالتزايد مما طمأن المتابعين، لكن رغم ذلك لم تفُق نسبة الإقبال 54 في المائة.
وبعد دقائق من الإعلان عن نسبة المشاركة قال فريق مرشح الرئاسة التونسية الباجي قائد السبسي إنه متقدم في انتخابات الرئاسة بفارق 10 نقاط على الأقل. ولم تعلن السلطات النتائج الرسمية بعد. ولكن من المتوقع أن يأتي السبسي ومنافسه المنصف المرزوقي في صدارة المتنافسين في أول انتخابات رئاسية حرة تشهدها تونس منذ انتفاضة عام 2011.
ولكن حملة الرئيس التونسي المنتهية ولايته صرحت بأن الفارق بين المرزوقي والسبسي «ضئيل جدا» وسيتنافسان بالتالي في دورة ثانية.
وأكد مدير الحملة عدنان منصر للصحافيين أنه «في أسوأ الأحوال ستكون النتيجة تعادلا (بين المرزوقي والسبسي) وفي أفضلها سنتقدم بنسبة تتراوح بين 2 و4 في المائة من الأصوات»، مضيفا: «سنذهب إلى دورة ثانية بفرص كبيرة».
وقال مهدي جمعة رئيس الحكومة غير الحزبية التي تقود تونس منذ مطلع 2014 وحتى إجراء الانتخابات العامة: «هذا يوم تاريخي، إنها أول انتخابات رئاسية في تونس بمعايير ديمقراطية متقدمة». وصرح للصحافيين إثر خروجه من مكتب اقتراع بالعاصمة تونس: «الانتخابات الرئاسية هي مرحلة من مراحل استكمال المنظومة الديمقراطية المبنية على الاختيار الحر». ورغم أن جمعة دعا شباب تونس إلى المشاركة «بكثافة (في الانتخابات الرئاسية) لاختيار مستقبلهم»، قائلا: «يجب أن يقرروا أن يراقبوا وأن يحاسِبوا»، فإن نسبة المشاركة في أوساط الشباب كانت ضعيفة جدا.
وكانت نسب مشاركة الشباب «المحبط» من السياسة والسياسيين، وفق باحثين اجتماعيين، ضعيفة في الانتخابات التشريعية الأخيرة التي شهدتها تونس في الـ24 من الشهر الماضي.
ومرت الانتخابات الرئاسية في تونس أمس في ظروف أمنية هادئة لم تشهد حوادث أو مصادمات، وخصصت الداخلية أكثر من 50 ألف عنصر أمن لتأمين العملية في كامل تراب الجمهورية، كما أعلن الجيش عن تخصيص أكثر من 30 ألف عنصر لتأمين مراكز الاقتراع، وتولي نقل الصناديق وحراسة وتأمين مراكز فرز الأصوات.
وتوزع الناخبون على 11 ألف مكتب اقتراع موزعة بين تونس والخارج، وانطلق التصويت بداية من الساعة الثامنة صباحا وحتى السادسة مساء.
أما في الخارج فتجري عملية الاقتراع في 43 دولة، انطلقت بداية من يوم 20 نوفمبر (تشرين الثاني) في كمبيرا بأستراليا، ويقفل آخر مكتب اقتراع اليوم الاثنين في الساعة الثانية صباحا بسان فرنسيسكو في الولايات المتحدة الأميركية. ويشارك في انتخابات الخارج 389240 ناخبا موزعين على 399 مكتب اقتراع.
وتقدم لهذا الاستحقاق 27 مرشحا يمثلون مختلف التوجهات السياسية، كما يتضمن هذا العدد نسبة مهمة من المرشحين المستقلين. وقد انسحب إلى حد الآن 5 مرشحين، لكن أسماءهم ستبقى على ورقة الاقتراع، لأن هذه الانسحابات تمت بعد الآجال وبعد أن تمت عملية الطبع والتوزيع.
وفي حالة عدم تحصل أي مرشح على أغلبية 50 في المائة + صوت واحد، يتم اللجوء إلى دورة ثانية، يشارك فيها فقط المرشحان الحائزان على المرتبة الأولى والثانية في الدورة الأولى. وقد منح المشرع الهيئة أجلا أقصاه يوم 31 ديسمبر (كانون الأول) المقبل لإجراء الدورة الثانية، غير أنه من الممكن إجراؤها قبل هذا الموعد إذا لم يكن حجم الطعون كبيرا أو تم الفصل في الطعون بشكل سريع.
وبتنظيم الانتخابات الرئاسية لسنة 2014 تكون تونس قد استكملت المسار الانتقالي الذي بدأ بعد سقوط نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي.
والمثير في الأمر أنه وحتى دقائق قبل دخول مراكز الاقتراع لم يكن بعض الناخبين متأكدين من خيارهم. روضة سيدة في الأربعين من عمرها قالت لـ«الشرق الأوسط»: «الصراحة أنا حائرة حتى الآن، والأكيد أني لن أصوت على الباجي أبدا؛ هو سيعيد لنا جماعة بن علي، والمرزوقي محسوب على النهضة، كما أنه لم يفعل شيئا لتونس، أخذ فرصته وأضاعها. قد لا أجد خيارا غير حمة الهمامي، على الأقل أهوَن».
ما إن أكملت روضة كلماتها حتى التفت إليها زوجها شكري، وهو مهندس معماري، وقال ضاحكا: «والله غريب أمرك، في انتخابات 2011 اخترت النهضة، والآن تفكرين في التصويت لحمة الهمامي! أنا أساسا متعجب وأشك في أنك فاهمة للآيديولوجيات الموجودة في تونس، وماذا تريدين أساسا!». فنظرت إليه زوجته دون أي تعليق ودعته للتوجه إلى المكتب، قائلة: «دعنا نكمل هذه المهمة لنستريح».
ورجل الأعمال عبد الغني خضيرة (رجل أعمال) الذي توجه مع عائلته وابنه الشاب منذ الصباح إلى مركز الاقتراع، قال في رد على سؤال «الشرق الأوسط» إنهم يرون أن دورهم «تاريخي ومهم وأنهم سعداء بالتصويت للسبسي، ويتمنون أن يترشح من الدور الأول». وأضاف: «السبسي رجل دولة يمتلك الخبرة والكفاءة، وعلى الأقل سيعيد هيبة الدولة التونسية، ويوقف حالة التسيب والفوضى التي تعيشها البلاد».
أما نوال صالح، وهي ربة بيت، أتت بصحبة زوجها وأطفالها، فتحفظت عن الإفصاح عمن انتخبته، لكنها بدت غير راضية عن الأجواء العامة، وقالت: «أشعر بأسف لأن التونسيين لم يدركوا بعد أهمية صوتهم، وأذكر جيدا انتخابات 2011، كانت وكأنها يوم عيد، الكل سعداء، كل مراكز الاقتراع مزدحمة، وسمعنا وقتها حتى الزغاريد، لا أعرف لماذا الكل متخوف الآن!»، واستدركت: «أظن أن الأمن هو الهاجس الأول، ولهذا الناس قلقون على مصيرهم».
ومر يوم الانتخابات الرئاسية في تونس في هدوء عكس تردد الناخبين، ولم تسجل أي صدامات بين مؤيدي مرشح وآخر. ومن المآخذ على هذه الحملة الرئاسية التي أثارت جدلا في الأوساط السياسية والإعلامية ارتفاع عدد المرشحين للرئاسة والذي بلغ 27، انسحب منهم 5 لكن بعد تأكيدات تسجيلهم، مما جعلهم يبقون في القائمة رغم إعلان الانسحاب.
هذا العدد الكبير وحسب الخبراء شتت الناخبين، خصوصا أن برامجهم لم تكن واضحة ومباشرة رغم الحملات، كما أنه جعل بعض المرشحين وأحزابهم يركزون على العمل على «الاستقطاب الثنائي»، وكذلك «المال السياسي»، وهي الظواهر التي طغت على الانتخابات التونسية.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.