تفتقد نيويورك خلال هذه الأيام أهم السمات التي تتميز بها من ضروب المرح والبهجة، وذلك في الوقت الذي يتسلل فيه فيروس «كورونا» المستجدّ بأنحاء المدينة. ويسبب مشهد شوارع مانهاتن الخاوية صدمة بالنسبة لكثيرين معتادين حالة الصخب المألوفة هناك، ولكن الأحياء الأخرى لديها قصص خاصة، بداية من نهر «إيست ريفر»، ووصولاً إلى الموسيقيين على طول الشاطئ.
ويوجد عازف على آلة الأكورديون في جزيرة «كوني»، يعمل على إدخال البهجة في نفوس مئات الأشخاص الذين يتجولون على الممر الخشبي المؤدي إلى المحيط، حيث لا شيء يشير إلى وجود أزمة سوى المركبات الخاوية وأكشاك الطعام المغلقة.
ويكاد يكون من المستحيل الحفاظ على قواعد التباعد الاجتماعي في ظل حشود المواطنين، والموسيقى المهدئة للأعصاب التي يعزفها عازف الأكورديون، ويدعى نيك، وهو مهاجر روسي نشأ في الاتحاد السوفياتي ويعيش حالياً في منطقة بروكلين، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء الألمانية.
ويجلس نيك على أحد المقاعد، واضعاً القناع الطبي (الكمامة) الخاص به حول عنقه، قائلاً إنه جاء إلى نيويورك قبل 25 عاماً. ويعمل نيك في مصنع خاص بالأعمال الهيدروليكية، وهو مغلق الآن. ويقول: «إنهم مستمرون في دفع (الرواتب) حتى الآن». وقد أوشك نيك (62 عاماً) على التقاعد، ووظيفته حالياً هي جعل الناس سعداء، حسبما يقول.
ولا يوجد أي شكل من تلك الحياة في شارع بارك أفينيو، الواقع في حي أبر إيست سايد (الجانب الشرقي العلوي) الراقي؛ إذ تخيم العتمة على نوافذ الشقق الموجودة في المباني المصطفة بطول الشارع، والتي عادة ما تكون مضاءة. وما زال الناس يخرجون مع كلابهم في نزهات مسائية سريعة، ولكن معظم سكان المنطقة لديهم منازل أخرى خارج المدينة.
ومن الممكن أن تكون تلك المنازل الأخرى موجودة على الشاطئ أو في جزيرة لونغ آيلاند، حيث تعدّ الحياة هناك حالياً أكثر ازدحاماً من المعتاد. وقد تجلى ذلك واضحاً بطريقة أو بأخرى، حيث كانت إدارة الصرف الصحي في المدينة أعلنت أنها قد جمعت نفايات أقل من المعتاد بنسبة 10 في المائة، خلال شهر مارس (آذار) 2020 في حي أبر إيست سايد. وفي الوقت نفسه، عمل أحد المطاعم الأكثر شعبية في حي ذا برونكس - الخاص بالطبقة الأكثر فقراً - على التكيف مع الأزمة. ويُعرف مطعم «لا مورادا» المملوك لعائلة «سافيدرا»، بتخصصه في الأطعمة الخاصة بولاية واهاكا المكسيكية.
ويقوم المطعم خلال الفترة الحالية بإتاحة الطعام من خلال خدمتي التسلم أو التوصيل فقط، وذلك لبضع ساعات خلال 3 أيام في الأسبوع. وتقوم عائلة سافيدرا في الوقت الباقي بالاعتناء بالجيران الأكثر احتياجاً، وهم كثيرون. وتعدّ منطقة ذا برونكس واحدة من المناطق الأكثر تضرراً من أزمة فيروس «كورونا» المستجد، حيث يعمل كثير من سكانه في وظائف ذات أجور منخفضة، في المستشفيات ومحال السوبر ماركت، أو في مكاتب حكومة المدينة.
وتتسم شوارع ذا برونكس بالزحام الشديد، حيث إن هناك القليل فقط من سكان المنطقة الذين يستطيعون البقاء في منازلهم. وعلى مقربة من المطعم، يقوم رجل بالصلاة عند مذبح في منطقة مفتوحة.
ثم يوجد مبنى تابع للأمم المتحدة، لا يوجد به سوى صور لمن شغلوا في السابق منصب الأمين العام للأمم المتحدة. ولا يوجد أي نشاط هناك سوى في الطابق الأخير، حيث يعمل الأمين العام الحالي مع دائرة مقربة من الموظفين. وبخلاف ذلك، تعدّ ناطحة السحاب خاوية بشكل مؤسف. وفي الوقت الحالي، تجتمع المجالس والوكالات التابعة للأمم المتحدة عبر الإنترنت.
أما في شارع وول ستريت، الواقع في منطقة مانهاتن المهجورة، فيتم وضع قناع على وجه تمثال «الفتاة الشجاعة». والتمثال البرونزي عبارة عن نحت لفتاة تحدق بتحدٍ في اتجاه مبنى البورصة، وهو مبنى خاوٍ أيضاً، حيث يتم التداول إلكترونياً.
ويعدّ شارع كوينز الأكثر زحاماً. وقد أصبح مستشفى «إلم هرست» رمزاً لانتشار الوباء في نيويورك، حيث يصطف السكان المحليون أمامه لكي يتم إجراء اختبار لهم، بينما في الداخل، هناك كثير ممن يصارعون الموت.
وهناك حالياً حالة من الحماس تشع من المستشفى. حيث يمكن للأطباء والممرضات من خلال النوافذ، رؤية لافتات موضوعة أمام المستشفى تحمل عبارات: «شكراً لكم»، و«النصر حليفنا»، و«نشكركم على كل ما تقدموه لنا».
جولة في «أحياء الأشباح» بنيويورك بعد أزمة «كورونا»
جولة في «أحياء الأشباح» بنيويورك بعد أزمة «كورونا»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة