رئيس الاحتياطي الفيدرالي: الركود الحالي ليس له مثيل في التاريخ الحديث

قال إن الوباء سيترك آثاراً طويلة الأجل على الاقتصاد الأميركي

رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول يتحدث إلى الصحافيين في واشنطن في مارس الماضي (رويترز)
رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول يتحدث إلى الصحافيين في واشنطن في مارس الماضي (رويترز)
TT

رئيس الاحتياطي الفيدرالي: الركود الحالي ليس له مثيل في التاريخ الحديث

رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول يتحدث إلى الصحافيين في واشنطن في مارس الماضي (رويترز)
رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول يتحدث إلى الصحافيين في واشنطن في مارس الماضي (رويترز)

قال رئيس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) جيروم باول، إن الركود الاقتصادي الذي سببه فيروس «كورونا» لم يسبق له مثيل في التاريخ الحديث، مشيراً إلى أنه أسوأ من أي ركود وقع في العالم منذ الحرب العالمية الثانية عام 1945. وقال: «إن نطاق وسرعة هذا الانكماش الاقتصادي ليس لهما سابقة في التاريخ الحديث، وهو أسوأ بكثير من أي ركود منذ الحرب العالمية الثانية. نشهد انخفاضاً حاداً في النشاط الاقتصادي والعمالة، وقد تم بالفعل محو مكاسب الوظائف التي تحققت في العقد الماضي. ومنذ أن وصل الوباء قبل شهرين فقط، فقَدَ أكثر من 20 مليون شخص وظائفهم».
وحذر باول، خلال حديثه في معهد بيترسون للاقتصادات الدولية، أمس، من أن صحة الاقتصاد الأميركي على المدى الطويل قد تعتمد على المزيد من التحفيز المالي لمحاربة الآثار الاقتصادية للفيروس التاجي، مشيراً إلى أن ما يقرب من 40 في المائة من المواطنين الذين يقل دخلهم عن 40 ألف دولار سنوياً، فقدوا وظائفهم في مارس (آذار). وقال: «تسبب هذا الانعكاس للثروة الاقتصادية في مستوى من الألم يصعب تحديده بالكلمات، حيث تنقلب الحياة وسط حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل».
وأوضح أن «هذا الانكماش يختلف عن الأزمات الاقتصادية التي وقعت في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، حيث كانت حالات الركود مرتبطة أحياناً بدورة من التضخم المرتفع يليها إجراءات مشددة من الاحتياطي الفيدرالي. أما التراجع الحالي فهو فريد من نوعه لأنه يُعزى إلى الفيروس والخطوات المتخَذة للحدّ من تداعياته. هذه المرة، لم يكن التضخم المرتفع مشكلة. لم يكن هناك فقاعة تهدد الاقتصاد، وليس هناك ازدهار غير مستدام لبعض القطاعات. الفيروس هو السبب، وهو أمر يستحق أن نضعه في الاعتبار أثناء الاستجابة».
وتابع: «في حين أن الاستجابة الاقتصادية كانت في الوقت المناسب وكبيرة بشكل مناسب، فإنها قد لا تكون الفصل الأخير، نظراً لأن المسار أمامنا غير مؤكد للغاية، ويخضع لمخاطر كبيرة. التوقعات الاقتصادية غير مؤكدة في أفضل الأوقات، ويثير الفيروس اليوم مجموعة جديدة من الأسئلة، أهمها ما مدى سرعة استدامته والسيطرة عليه؟ هل يمكن تجنُّب حالات تفشي المرض الجديدة مع انقضاء إجراءات التباعد الاجتماعي؟ ما المدة التي تستغرقها عودة الثقة واستئناف الإنفاق العادي؟ وماذا سيكون نطاق وتوقيت العلاجات الجديدة أو الاختبار أو اللقاح؟».
وأوضح رئيس الاحتياطي الفيدرالي أن «الإجابات عن هذه الأسئلة سوف تقطع شوطاً طويلاً نحو تحديد توقيت ووتيرة الانتعاش الاقتصادي. ونظراً لأن الإجابات غير معروفة حالياً، يجب أن تكون السياسات جاهزة للتعامل مع مجموعة من النتائج المحتملة». وحذّر من أن أزمة الفيروس التاجي تثير مخاوف طويلة المدى، مشيراً إلى أن فترات الركود الأعمق والأطول يمكن أن تترك وراءها ضرراً دائماً للقدرة الإنتاجية للاقتصاد.
كما حذر باول من أن التعافي قد يستغرق بعض الوقت لجمع الزخم، وقد يؤدي مرور الوقت إلى تحويل مشكلات السيولة إلى مشكلات في الملاءة المالية. قد يكون الدعم المالي الإضافي مكلفاً، ولكنه سيكون ضرورياً إذا ساعد في تجنّب الأضرار الاقتصادية طويلة الأجل.
وذكر أن استجابة الولايات المتحدة للفيروس كانت سريعة وقوية بشكل خاص، حيث قدم الكونغرس ما يقرب من 2.9 تريليون دولار من الدعم المالي للأسر والشركات ومقدمي الرعاية الصحية والولايات والحكومات المحلية (أي ما يعادل نحو 14 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي). وقال إنه في حين يبدو أن الصدمة الاقتصادية للفيروس التاجي هي الأكبر على الإطلاق، فقد كانت الاستجابة المالية أيضاً أسرع وأكبر استجابة لأي تراجع اقتصادي بعد الحرب العالمية الثانية.
وأوضح أن الاحتياطي الفيدرالي اتخذ مجموعة واسعة من الإجراءات لتسهيل تدفق الائتمان في الاقتصاد، بما في ذلك عمليات الشراء المباشرة لسندات الخزانة والأوراق المالية المدعومة بالقروض العقارية لاستعادة الوظائف، وتدفق الائتمان إلى الأسر والشركات، فضلاً عن تعديلات تنظيمية مؤقتة لتشجيع البنوك والسماح لها بتوسيع ميزانياتها العمومية لدعم عملائها من الأسر والشركات.
وقال باول إن «الاحتياطي الفيدرالي» لا يتخذ مثل هذه الإجراءات إلا في الظروف الاستثنائية فقط، مضيفاً: «يتعين علينا أن نفعل ما في وسعنا لتفادي هذه النتائج، وقد يتطلب ذلك تدابير سياسية إضافية».



شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.