المدارس الخاصة في لبنان مهددة بالإقفال في ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية

وزير التربية لـ«الشرق الأوسط»: نعمل على تطوير التعليم الرسمي

TT

المدارس الخاصة في لبنان مهددة بالإقفال في ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية

يواجه حوالي 750 ألف طالب لبناني و60 ألف مدرسٍ في المدارس الخاصة مصيراً مجهولاً مع تفاقم الأزمة الاقتصادية، التي زادت من حدتها إجراءات التعطيل القسري لمنع انتشار فيروس «كورونا».
وفي حين يشكو الأهالي من أن المدارس الخاصة تطالبهم بدفع الأقساط كاملةً، تحت طائلة عدم تسجيل أبنائهم للعام الدراسي المقبل، مع أنهم سددوا قسطين من أصل ثلاثة، تؤكد إدارات غالبية المدارس عجزها عن الاستمرار في العمل ما لم تبادر الدولة إلى دعمها.
وزير التربية والتعليم العالي اللبناني طارق المجذوب قال لـ«الشرق الأوسط» إن «تزامن الوضع الاقتصادي في لبنان مع أزمة (كورونا) أرخى بثقله على الجسم التربوي. فالأهالي في ضائقة اقتصادية، ويجب عدم تحميل المعلمين والإداريين أعباءً إضافية. ومن واجبنا العمل على تأمين رواتبهم. لذلك قمنا بعدة اجتماعات مع جميع الشركاء التربويين بغية التوصّل إلى حلول، وتم توقيع بيان مشترك يكفل استدامة التعليم».
وأضاف المجذوب «نعمل على عدة مسارات لتطوير التعليم الرسمي في لبنان، لأننا نؤمن بالقطاع العام ونقدر كفاءاته. وأبواب المدرسة الرسمية مفتوحة أمام الجميع. ونعمل على خطة طوارئ تربوية سترى النور قريبا. ونولي القطاع الخاص اهتمامنا لأهميته في تاريخ لبنان التربوي».
ويشير المجذوب إلى أنه «سيعمل على أن تقوم الدولة بدفع مستحقات المدارس المجانية، كي نؤمّن للمعلمين حقوقهم ونريح الأهالي ونحافظ على القطاع التربوي. وبالإضافة إلى ذلك، أصدرنا قراراً نطلب فيه من المدارس الخاصة إعادة درس ملاحق الموازنات والبحث في البنود التي يمكن تخفيضها لأن الأهالي باتوا غير قادرين على تسديد الأقساط».
من جهة أخرى يقول الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الأب بطرس عازار لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة الاقتصادية ليست وليدة اليوم. وقد حذرنا منذ العام 2012 من استفحالها بسبب سلسلة الرتب والرواتب التي طالبنا أن تكون عادلة ومتوازنة. واليوم أضيف إليها عجز فئة من الأهل عن تسديد الأقساط، وامتناع فئة أخرى على الرغم من قدرتها، لتسدد الأقساط فئة قليلة. إلا أننا وصلنا إلى أفق مسدود ولا نستطيع الاستمرار. فقد أقفلت أربع مدارس أبوابها على الرغم من وجود متمولين قادرين على دعمها».
ويشير عازار إلى أن «أي كلام عن إجحاف بحق المعلمين ليس صحيحاً، فهم أخذوا زيادة الرتب، وليس الدرجات الاستثنائية وفق القانون 46 الذي تم إقراره لغايات انتخابية. ومن أقره نادم عليه حالياً. والمدارس الكاثوليكية بقيت لغاية فبراير (شباط) الماضي تدفع الرواتب كاملة لـ80 في المائة من المعلمين، ومنذ مارس (آذار) تدفع 50 في المائة من الرواتب. وبعد شهر مايو (أيار) سنعجز عن الدفع إذا لم تأخذ الدولة أي مبادرة».
ويقول عازار إن «الزيادات على الأقساط لم تكن عشوائية، ومنذ حوالي ستة أعوام، لم تأخذ مدارس عديدة نسبة 35 في المائة كاملة بسبب الضائقة الاقتصادية. والمدفوع في المدارس الكاثوليكية في الفصل الأول لا يتجاوز 36 في المائة من نسبة الأقساط، وفي الفصل الثاني لا يتجاوز 19 في المائة، ولم نُحَصِّل أي نسبة تذكر في الفصل الثالث، ما يعني أن مجموع ما تم تسديده لا يتجاوز 27 في المائة من مجمل الأقساط لهذا العام».ويشدد على أن «الخطة الاقتصادية للحكومة اللبنانية لم تشر ولو بكلمة إلى أزمة القطاع التربوي، مع أن الوزير المجذوب يقوم بجهود كثيرة لإنقاذ التعليم عامة في لبنان. لذا طرحنا على الدولة عدة مشاريع من بينها الشراكة بين العام والخاص، وكذلك تَكَفُّل المدارس الخاصة بالتعليم الأساسي الابتدائي لأنها الأقدر على ذلك، لتتولى المدارس الرسمية التعليم الثانوي».
ويوضح الرئيس السابق لنقابة معلمي المدارس الخاصة نعمة محفوض لـ«الشرق الأوسط» أن «الأزمة الاقتصادية غيّرت أولويات اللبنانيين، ولم تعد الأقساط المدرسية ضمنها. وما يفاقم أزمة المدارس الخاصة هو إحجام الدولة منذ حوالي خمسة أعوام عن دفع مستحقات المدارس الخاصة المجانية التي تستوعب حوالي 15 في المائة من مجمل التلاميذ، ويعمل فيها حوالي سبعة آلاف مدرس».



مصريون يلتمسون «تدخلاً رئاسياً» لحل مشاكلهم

أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)
أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)
TT

مصريون يلتمسون «تدخلاً رئاسياً» لحل مشاكلهم

أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)
أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)

حفّز تدخل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أزمة سلسلة محال «بلبن»، التي أثارت ضجة كبيرة الأيام الماضية، قطاعات واسعة من المصريين، التمسوا حل مشاكلهم عند رئيس البلاد.

ووجَّه مصريون استغاثات مرئية ومكتوبة عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي يطلبون فيها تدخل الرئيس لحل شكاوى «يُفترض حلها على مستويات تنفيذية أقل»، وهو ما دعا برلمانيون لمطالبة الجهات المعنية بـ«التخفيف عن كاهله».

كانت السلطات المصرية قد أغلقت سلاسل محال «بلبن» للحلوى، وأرجعت ذلك إلى «استخدام مكونات ضارة»، و«عدم استيفاء الأوراق الرسمية لتشغيل بعض الفروع»، وهو ما دعا الشركة إلى نشر استغاثة للرئيس السيسي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في 18 أبريل (نيسان) الحالي، مشيرة إلى أن غلق 110 فروع لها يضر بنحو 25 ألف عامل وعائلاتهم.

وفي اليوم التالي، أعلن مجلس الوزراء المصري، وفق «توجيهات رئاسية»، عن التواصل مع مالكي السلسة لعقد اجتماع تنسيقي لإيضاح الإجراءات التصحيحية والوقائية المطلوب اتخاذها نحو إعادة النشاط في حال توفيق وتصحيح الأوضاع في أقرب وقت، وهو ما دعا الشركة لتوجيه رسالة شكر إلى الرئيس.

ومع سرعة حل الأزمة، توالت الاستغاثات الموجهة إلى السيسي، كل يلتمس حل أزماته عند بابه، بداية من أهالي قرية سرسنا في محافظة الفيوم جنوب العاصمة الذين شكوا إليه «قلة المشروعات» في القرية، وأزمة المواصلات بها، مروراً بمعلمين تتعاقد معهم وزارة التربية والتعليم بنظام «الحصة»، مطالبين بتعيينهم.

وصمم المعلمون شعاراً لحملتهم على غرار تصميم شعار محل «بلبن»، وبألوانه نفسها.

وكتب المعلم تامر الشرقاوي على مجموعة تواصل خاصة بهذه الفئة من المدرسين أنهم يريدون أن يرسلوا استغاثة للرئيس للاهتمام بقضيتهم على غرار ما حدث مع شركة «بلبن»، وهو اقتراح لاقى تفاعلاً كبيراً.

شعار صممه معلمون مؤقتون مستلهمين شعار محلات «بلبن» الشهيرة (فيسبوك)

ولم تقتصر الاستغاثات على طلبات موجهة من مجموعات، فكانت بعضها شخصية، مثل استغاثة وجهها الدكتور جودة عواد بعد صدور قرار من نقابة الأطباء يمنعه من مزاولة المهنة لمدة عام، لـ«ترويجه عقاقير» عبر صفحاته، واستخدامه «أساليب جديدة في التشخيص والعلاج لم يكتمل اختبارها بالطرق العلمية»، حسب بيان وزارة الصحة.

وناشد عواد الرئيس بالتدخل لرفع «الظلم عنه»، وقال إن «صفحات استغلت صورته وركَّبت فيديوهات تروج للأدوية».

وحملت بعض المناشدات اقتراحات مثل عودة «عساكر الدورية» ليجوبوا الشوارع، مع زيادة الحوادث، حسب استغاثة مصورة وجهها أحد المواطنين للرئيس عبر تطبيق «تيك توك».

وبينما أقر أعضاء بمجلس النواب بحقيقة أن تدخل الرئيس يسرع بالحل فعلياً، أهابوا بالقطاعات المختلفة سرعة التحرك لحل المشاكل المنوطة بها تخفيفاً عن كاهله.

ومن هؤلاء النواب مصطفى بكري الذي قال إن تدخل الرئيس في بعض المشاكل وقضايا الرأي العام «يضع حداً للإشاعات والأكاذيب، ويرد الاعتبار لحقوق الناس التي يسعى البعض إلى إهدارها»، لكنه طالب الجهات المعنية عبر منصة «إكس» بالتخفيف عنه والتحرك لحل المشاكل وبحث الشكاوى.

اتفق معه النائب فتحي قنديل، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «الرئيس على عاتقه الكثير من المسؤوليات والأعباء. يجب على المواطنين أن يدركوا ذلك، وألا يوجهوا كل استغاثة إليه، خصوصاً أن بعض هذه المشاكل تكون مفتعلة»، وطالب موظفي الدولة «بعدم التعنت أمام المواطنين والعمل على حل مشاكلهم».

ويرى النائب البرلماني السابق ومنسق الاتصال بأمانة القبائل والعائلات المصرية بحزب «الجبهة الوطنية»، حسين فايز، أنه على الرغم من الأعباء التي تُلقى على عاتق الرئيس بكثرة المناشدات «فإن ذلك أيضاً يعزز مكانته لدى الشارع».

وسبق أن تدخل السيسي لحل أزمات أو تحقيق آمال مواطنين بعدما ظهروا عبر مواقع التواصل أو في أحد البرامج التلفزيونية. ففي سبتمبر (أيلول) 2021، أجرى اتصالاً على القناة الأولى المصرية، عقب عرض تقرير مصور عن سيدة تعمل في مهنة «الحدادة» لإعالة أسرتها وتطلب توفير شقة، وهو ما استجاب له الرئيس.

ويعدّ أستاذ علم الاجتماع السياسي، الدكتور سعيد صادق، أن نمط توجيه استغاثات إلى الرئيس «راسخ في المجتمع المصري»، إيماناً بأن مجرد تدخله سيحل المشاكل فوراً. وعدّ أن ذلك يعكس «مركزية الدولة».