برلمانيون يحذّرون الرئيس التونسي من «سحب الثقة» منه

عدّوا تصريحاته «غير مقبولة وتحريضاً على العنف»

TT

برلمانيون يحذّرون الرئيس التونسي من «سحب الثقة» منه

اتهم سيف الدين مخلوف، رئيس كتلة «ائتلاف الكرامة» المعارض، قيس سعيد رئيس الجمهورية التونسية بالتحريض على نواب البرلمان، من خلال محاولة تبرير دعوات العنف والتهديد الموجّهة ضد بعضهم، وقال إن التونسيين «سيسحبون منه الثقة في حال واصل انتقاده، وتدخلاته غير المقبولة في المشهد السياسي والبرلماني»، واتهمه بـ«تبرير دعوات العنف والدم، والتمرد ضد مؤسسات الدولة، وخصوصاً ضد أعضاء البرلمان».
وتوالت الانتقادات الموجّهة للرئيس سعيد حين صرح في مدينة قبلي (جنوب) بأن «الحرية ليست تبادلاً للسب والشتائم، ويجب مقارعة الحجة بالحجة والفكرة بالفكرة»، داعياً إلى سحب الثقة من أي نائب من نواب الشعب إذا لم يقم بمهامه الموكولة إليه أحسن قيام.
كما انتقد الرئيس سعيد مقترح تعديل الفصل «45» من النظام الداخلي للبرلمان، الذي تتزعمه «حركة النهضة» (إسلامية)، والمتعلق بمنع الانتقال من حزب سياسي إلى آخر خلال الدورة النيابية نفسها، واعتبار من يستقيل من الكتلة البرلمانية الأصلية مستقيلاً من البرلمان ويجب تعويضه، داعياً إلى سحب الوكالة من أي نائب لا يخدم مصالح التونسيين.
وصدرت المواقف الأكثر حدة من بعض الأحزاب التي كانت قريبة من الرئيس سعيد ودعمته في الحملة الانتخابية، التي مكنته من الفوز برئاسة تونس، ومن أبرزها «ائتلاف الكرامة»، حيث أكد مخلوف في تصريح إذاعي أن ما يقوله سعيد «يمثل إنذاراً أخيراً لرئيس الجمهورية قبل تطبيق أفكاره عليه»، في إشارة إلى إمكانية المطالبة بسحب الشرعية منه، عادّاً أن ما يقوم به الرئيس «يعد غير مشروع، وغير مقبول».
وكان الرئيس سعيد قد انتقد مقترح تعديل الفصل «45» من النظام الداخلي للبرلمان، عادّاً أن هذا المقترح «خرق جسيم للدستور، ويجسد مرضاً دستورياً وسياسياً»، مشيراً إلى أن الشعب التونسي «قادر على سحب الوكالة ممن خان الأمانة والوكالة»، على حد تعبيره، وهو ما عُدّ «دعوة للتمرد على أعضاء البرلمان، وتدخلاً من السلطة التنفيذية في شؤون السلطة التشريعية».
ووصف مخلوف خطاب رئيس الجمهورية بـ«الخطير جداً»، واتهمه بمحاولة «تبرير دعوات العنف ضدّ مؤسسات الدولة والسلط المنتخبة»، وقال بهذا الخصوص: «في الوقت الذي انتظر فيه نواب البرلمان ظهور سعيد للتبرؤ من دعوات الفوضى والدم، التي تصدر من بعض أنصاره، وممن أداروا حملته الانتخابية، فوجئوا بخروجه ليقدم لنا نظريات في الشرعية والمشروعية»، على حد تعبيره.
من ناحيتها، أكدت رئاسة الجمهورية أن اتهام قيس سعيد بالتحريض على التمرد على نواب البرلمان بهدف إسقاطه «مجرد اتهامات باطلة»، وأكدت أن رئيس الجمهورية «كان ولا يزال شديد الحرص على استقرار الأوضاع في الدولة في هذه المرحلة الهامة، غير أنه من حق رئيس الدولة أن ينتقد أداء بعض النواب، والقرارات الصادرة عن البرلمان إذا كانت لا ترقى إلى مستوى مطالب الشعب وانتظاراته، لأن سعيّد يؤمن بأن الشعب هو صاحب السيادة والشرعية تنطلق منه وإليه تعود».
في السياق ذاته، عدّ أسامة الخليفي، رئيس كتلة «قلب تونس» المعارض، أن كلام رئيس الجمهورية «تحريضي على النواب»، واصفاً خطاب سعيد بـ«العدواني»، وحمّله مسؤولية السلامة الجسديّة لنواب البرلمان، قائلاً: «نعتبر هذا التحريض على نواب الشعب تحريضاً عدوانيّاً، ويجب التنديد به، وإيقاف نزف تحريض التونسيين بعضهم على بعض».
من جانبه، انتقد عماد الخميري، النائب عن «حركة النهضة» ما وصفها بـ«حملة التحقير، التي تستهدف النظام السياسي الذي اختاره التونسيون بعد ثورة 2011»، ورأى أنها «حملات ممنهجة تلتقي مع أجندات داخلية وخارجية، لا تريد لتونس الاستثمار في النجاحات التي حققتها في عدة ملفات، وعلى رأسها الانتقال الديمقراطي»، كما ندد الخميري بالدعوات «الغريبة والممنهجة التي تستهدف المؤسسات الدستورية، وفي مقدمتها مؤسسة مجلس نواب الشعب ورئاسة مجلس نواب الشعب ككل».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.