مسلسل «فرصة تانية» يُهمل طاقات التمثيل لصالح «النجومية»

انتقادات لـ«ثبات» أداء ياسمين صبري رغم تنوّع الأحداث

لقطة من المسلسل
لقطة من المسلسل
TT

مسلسل «فرصة تانية» يُهمل طاقات التمثيل لصالح «النجومية»

لقطة من المسلسل
لقطة من المسلسل

رغم بعض الانتقادات التي يتعرض لها المسلسل المصري «فرصة تانية» الذي يشارك ضمن ماراثون دراما رمضان من قبل نقاد ومتابعين، فإنه استطاع تحقيق اهتمام لافت من مشاهدين مصريين، لا سيما بعد سلسلة من المفاجآت التي صعّدت من مسار أحداثه، ومصير أبطاله.
تُقدم الفنانة المصرية ياسمين صبري تجربة البطولة المُطلقة للمرة الثانية على التوالي بعد مسلسلها «حكايتي»، وتمكنت صبري من خطف اهتمام وفضول مستخدمي منصات السوشيال الميديا في مصر، ليس فقط بسبب تناول طريقة أدائها التمثيلي، ولكن كذلك بسبب إطلالتها المميزة على الشاشة وعلى موقع «إنستغرام» بصفة خاصة، إلا أن تلك النجومية لم توقف سيل التعليقات المُنتقدة لطريقتها في التمثيل، التي توصف بأنها تفتقر إلى قوة التعبير عن الانفعالات وتنويعها عبر المواقف الدرامية التي تمر بها خلال سياق العمل وفق نقاد.
تمر بطلة العمل «ملك» أو ياسمين صبري، بأزمة عاطفية كبيرة، تؤدي بها إلى حادث، يقودها لقرار تدعي فقدانها للذاكرة لتُلقن حبيبها درساً، وهي منعطفات تحتاج إلى طاقة تمثيلية تُجاوز ما أدته ياسمين صبري، التي اكتفت في المقابل بانفعالات ثابتة مُتقاربة في معظمها.
المسلسل من إنتاج شركة «سينرجي»، ومن إخراج مرقس عادل، وتأليف مصطفى جمال هاشم، والمعالجة الدرامية لمحمد سيد بشير، ويقوم بدور البطولة فيه الفنان أحمد مجدي، وأيتن عامر وهبة مجدي ودياب ونهال عنبر ومحمود البزاوي، وتدور أحداثه حول قصة حب تجمع بين «ملك»، و«زياد» الذي يجسد دوره أحمد مجدي، وتدخل هذه القصة في منحنى درامي بعد اتهام ملك له بالخيانة بسبب اكتشاف علاقته بـ«ريهام» (أيتن عامر) تلك الأخيرة التي ترتبط بزياد عاطفياً حد الجنون الذي أدى بها في النهاية إلى الانتحار، واتهام زياد زوراً بالضلوع في قتلها.
وتظل «الفرصة الثانية» هي الثيمة التي تربط أحداث المسلسل، التي بدأت بعدما قرر (زياد) دخول حياة «ملك» من جديد بعد أن تنهار علاقتهما، ويعتقد أنها فقدت الذاكرة فيقرر أن يتسلل إلى حياتها من جديد، على أمل أن تشفع لهما «فرصة ثانية» في عودة علاقتهما مرة أخرى، حيث تتداخل أحداث المسلسل في منعطفات درامية تكاد تكون غير واقعية أحياناً، ما جعل العديد من المتابعين يصفون «فرصة تانية» بأنه ينتمي إلى «الدراما الهندية» في تعبير يطلق على المبالغة في الأحداث الدرامية، فالبطلة تفقد الذاكرة، ثم تفاجئ الجميع بأنها كانت تُمثل هذا الدور على مدار كل هذه الفترة، و«مريم» (هبة مجدي) شقيقة «ملك» تتعرض لسوء معاملة من زوجها الذي تكتشف أنه يتاجر في المخدرات، فتتحول شخصيتها من النقيض إلى النقيض، من قمة الخضوع إلى قمة الجبروت وهي تُساوم زوجها، في مفارقات لم تكن مقنعة للمشاهد أحياناً.
يعتبر الكاتب والناقد محمد عبد الرحمن، مسلسل «فرصة تانية» من المسلسلات التي تُخاطب فئة بعينها يمكن وصفه بجمهور (الإنستغرام)، الذين يتابعون العمل من أجل نجومه لا تفاصيله، وهو ما يُفسر حجم التعليقات على المسلسل رغم أنه درامياً يُعاني من ثغرات عدة بالمقارنة بأعمال أخرى ربما تكون أفضل فنياً وأقل انتشاراً في الوقت نفسه». يقول لـ«الشرق الأوسط»: «هناك فئة من متابعي المسلسل اعترضت على عدم منطقية الأحداث بعد اكتشاف (تمثيلية) فقدان الذاكرة التي قامت بها البطلة»، مشيراً إلى أن «اسم ياسمين صبري بات جاذباً للجمهور، وهو أمر ليس مستغرباً، فطوال الوقت يتابع الجمهور النجوم في أعمالهم المختلفة لكن تعيش فقط الأعمال التي تحتوي على قيمة فنية ورسالة وقدرة متواصلة على الجذب، وهذه الأصوات يجب أن تصل لياسمين صبري، لتتفادى تلك الملاحظات في الأعمال المقبلة، فتجمع بين مسلسلات أو أفلام يتابعها الجمهور من أجل رؤية النجمة المثيرة للجدل، لكن مع ضمان الحد الأدنى من المنطق الفني». على حد تعبيره.
ولعل «نجومية» ياسمين صبري، والتمسك بالظهور بسماتها الشخصية، كانا من ثغرات المسلسل، وهو ما لم يُحجمه مخرج العمل مرقس عادل، فحتى في المشاهد التي تلت حادث السيارة التي تعرضت له، وهي نزيلة بالمستشفى في حالة حرجة، كانت تخرج مشاهد ياسمين صبري وهي في كامل طلتها بمساحيق التجميل وكأنها في إطلالة جديدة على «إنستغرام»، ليصبح هذا المشهد واحداً من المشاهد التي أثارت الجدل على «السوشيال ميديا»، بوصفه لا يتناسب مع هول الحادث الذي مرّت به، وهو مشهد ضمن مشاهد أخرى لا ينحاز للواقعية الدرامية، بقدر ما يميل لاعتبار ياسمين صبري عنصر جذب في حد ذاتها، وفق عبد الرحمن.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».