جيمس جيفري: روسيا لا تريد الأسد... ونساعدها لإيجاد البديل

المبعوث الأميركي إلى سوريا والعراق والتحالف الدولي لمحاربة «داعش» جيمس جيفري (رويترز)
المبعوث الأميركي إلى سوريا والعراق والتحالف الدولي لمحاربة «داعش» جيمس جيفري (رويترز)
TT

جيمس جيفري: روسيا لا تريد الأسد... ونساعدها لإيجاد البديل

المبعوث الأميركي إلى سوريا والعراق والتحالف الدولي لمحاربة «داعش» جيمس جيفري (رويترز)
المبعوث الأميركي إلى سوريا والعراق والتحالف الدولي لمحاربة «داعش» جيمس جيفري (رويترز)

قال السفير جيمس جيفري، المبعوث الأميركي إلى سوريا والعراق والتحالف الدولي لمحاربة «داعش»، إن العلاقة الروسية - السورية ليست في أفضل حالاتها بسبب الرئيس بشار الأسد، كما أن الروس أكدوا للأميركيين أنهم ليسوا سعداء بوجود الأسد، لكن لا يوجد لديهم بديل عنه، مشيراً إلى أن الإدارة الأميركية الحالية تأخذ ذلك في الحسبان، وتساعدهم بالشراكة مع المجتمع الدولي لتهيئة الانتقال السياسي.
جاء ذلك خلال ندوة عقدها «معهد هدسون للدراسات والأبحاث»، مساء أول من أمس، عن طريق الاتصال المرئي، وكانت بعنوان «الضغط الأقصى على نظام الأسد لاستخدامه الأسلحة الكيماوية والفظائع الأخرى».
وأوضح جيفري أن موقع أميركا من الأزمة السورية هو إنهاء هذه الأزمة بحلول سياسية وفقاً لقرار الأمم المتحدة ومجلس الأمن رقم 2254، الذي يقتضي بوضع دستور جديد للبلاد وإخراج جميع القوات الإيرانية والميليشيات التابعة لها ومحاربة «داعش»، إضافة إلى مواصلة الضغط على نظام الأسد اقتصادياً ودبلوماسياً بتحميله مسؤولية كل هذا الدمار في البلاد واستخدامه السلاح الكيماوي، معتقداً أن بلاده حققت بعضاً من هذه الأهداف التي عملت من أجلها.
وفيما يخص توتر العلاقة الروسية - السورية، قال جيفري إن الروس أكدوا لأميركا أن علاقتهم مع الأسد ليست في أفضل حالاتها كما كانت عليه في السابق، وهم ليسوا سعداء بالأسد، ولكن المشكلة في نظرهم هي عدم وجود بدائل عنه، ونحن على اتصال وتواصل مع الروس ونعرف ذلك.
وأضاف: «الروس قلقون على قواعدهم في سوريا، وأنشطتهم الاقتصادية هناك، وهذه هي أهدافهم الرئيسية في سوريا. والروس ليس لديهم حل سياسي في سوريا، وعملنا الآن هو تحقيق ذلك الانتقال السياسي. نحن في تواصل مستمر معهم. أما الصينيون ووجودهم في الشرق الأوسط فلديهم اهتمامات مختلفة عن الروس، ربما يكون هدفهم الأول هو الحصول على أسعار منخفضة من البترول. فسوريا بالنسبة لهم ليست مربحة، ولا هدف لهم هناك. فقط هم يعززون من موقف الروس في مجلس الأمن».
وأشار إلى أن العلاقة الأميركية - التركية فيما يخص الملف السوري، تتضمن اتفاق الطرفين على حماية الحدود التركية - السورية والحفاظ على إدلب ألا تسقط في يد نظام الأسد. وأن مواطن الاختلاف تكمن في عدة أمور هي «أن الأتراك بتعاملهم مع إيران لا يرون الميليشيات الإيرانية هناك تعتبر تهديداً كما نراها نحن، إضافة إلى أن علاقتنا مع الأكراد في الشمال الشرقي لا تسعدهم، لأنهم يرون أن لهؤلاء الأكراد تواصلاً بمنظمة (بي كي كي) المصنفة إرهابياً في تركيا، وبالمناسبة هم ليسوا أصدقاء للروس، لكن طبيعة المرحلة والأوضاع حتمت عليهم ذلك، كما أن لدينا مشكلة معهم في ملف حقوق الإنسان وشرائهم منظومة صواريخ (إس 400) الروسية. وعلى المستوى البعيد فإن هذه العلاقة بيننا وبينهم ليست على ما يرام بسبب صفقة الصواريخ الروسية».
ووصف السفير جيمس جيفري الإجراءات الإسرائيلية في سوريا بالجيدة، وذلك لأنها أثرت على إيران وميليشياتها هناك، مؤكداً أنها أضعفت إيران هناك، والمشكلة بينهم وبين الأتراك أنهم ليسوا على وفاق، «وهذا حال تركيا اليوم بالمنطقة في العالم العربي، ما عدا قطر».
بدوره، أفصح ديفيد أشير، أحد الباحثين في «معهد هدسون» ومشارك بالندوة، عن تواطئ نظام الأسد مع إيران و«حزب الله» في عمليات تهريب المخدرات وغسل الأموال، إذ صادرت دول أوروبية نحو 50 طناً من الكبتاغون والكوكايين المهربة إلى أوروبا، وكان اللاعب الأساسي في تلك الشحنة هو «حزب الله». واعتبر ديفيد أن التقرير الأخير للمنظمة الدولية لمنع ومحاربة الأسلحة الكيماوية أكّد أن بشار الأسد يمضي في طريق أبيه الديكتاتوري حافظ الأسد، فقد بدأ النظام في بناء هذه الترسانة الكيماوية بمساعدة كوريا الشمالية منذ عام 2002 حتى عام 2006، وكان الأسد يسعى إلى الحصول على سلاح نووي بمساعدة كل من إيران وكوريا الشمالية و«حزب الله».
وأشار إلى أن الإيرانيين يعانون من ضعف اقتصادي حالياً، وهم مع السوريون يعملون على إنعاش أنفسهم اقتصادياً، بالعمل في الأشياء المحرمة والممنوعة، مثل الكوكايين والسلاح وغسل الأموال.
وأضاف: «إن ظهور رامي مخلوف ابن خال الأسد، وهو يصرخ في فيديوهاته على مواقع التواصل الاجتماعي بسرقة الأجهزة الأمنية لأمواله، والخلاف بينه وبين تلك الأجهزة، هو دليل على الحالة الاقتصادية التي يمر بها النظام، وأنه بدأ البحث عن بدائل اقتصادية أخرى لمساعدته، بالإضافة إلى شبكة المخدرات التي تضم سوريا وإيران، وهناك بنوك في لندن وسويسرا وقطر تعمل على غسل الأموال من أجل نظام الأسد، ويجب تتبع كل الحوالات المالية التي ينتفع منها النظام السوري».
وشدّد ديفيد على مواصلة الضغط الدولي والأميركي اقتصادياً ودبلوماسياً وعسكرياً على نظام الأسد، من خلال «قانون قيصر»، لأن سوريا أصبحت أرضاً ومسرحاً لجميع الأعمال المحرمة، وكل الأفعال الخطيرة والمحرمة، وذلك مرتبط بأمننا القومي.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.