الاتحاد الأوروبي يحدد «معايير» المساعدات الإنسانية لسوريا

منسّق السياسة الخارجية يقول إن العقوبات لا يجب أن تعرقل المعركة العالمية ضد الفيروس

طفلة سورية نازحة بمدينة الحسكة تحاول جني قوتها عبر بيع الحمص (أ.ف.ب)
طفلة سورية نازحة بمدينة الحسكة تحاول جني قوتها عبر بيع الحمص (أ.ف.ب)
TT

الاتحاد الأوروبي يحدد «معايير» المساعدات الإنسانية لسوريا

طفلة سورية نازحة بمدينة الحسكة تحاول جني قوتها عبر بيع الحمص (أ.ف.ب)
طفلة سورية نازحة بمدينة الحسكة تحاول جني قوتها عبر بيع الحمص (أ.ف.ب)

نشرت المفوضية الأوروبية في بروكسل إرشادات تفصيلية حول كيفية إرسال المساعدة الإنسانية المتعلقة بفيروس «كورونا» إلى الدول التي تخضع لعقوبات الاتحاد الأوروبي بينها سوريا.
وقالت المفوضية وهي الجهاز التنفيذي للاتحاد، في بيان، إن المذكرة الإرشادية بشأن سوريا، هي الأولى في سلسلة حول هذا الصدد، وتهدف إلى تقديم إرشادات عملية، حول كيفية الامتثال لعقوبات الاتحاد الأوروبي عند تقديم المساعدة الإنسانية، ولا سيما المساعدة الطبية، لمكافحة فيروس «كوفيد 19» في سوريا.
وأشار البيان، إلى أنه من خلال توضيح المسؤوليات والعمليات المتعلقة بتقديم هذه المساعدة، تساهم هذه المذكرة في تسهيل مهمة العاملين في المجال الإنساني في سوريا، في وقت يجب أن يتم تسريع إرسال المعدات والمساعدة لمكافحة الفيروس في سوريا. كما أن المذكرة موجهة إلى جميع الجهات الفاعلة المشاركة في توريد المساعدات الإنسانية، مثل السلطات المختصة في الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، التي تدير تنفيذ عقوبات الاتحاد، وأيضا العاملين في القطاعين العام والخاص، من جهات مانحة ومنظمات غير حكومية وبنوك وجهات أخرى، والتي يجب أن تمتثل لعقوبات الاتحاد الأوروبي، عند تقديم هذه المساعدة
وقال فالديس دومبروفيسكيس نائب رئيس المفوضية، إن الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي ملتزم ببذل كل ما بوسعه للرد على أسئلة العاملين في المجال الإنساني، فيما يتعلق بأنشطتهم في المناطق والبلدان الخاضعة للعقوبات، لضمان إمكانية وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين، حتى في ظل وجود عقوبات «الأمران لا يتعارضان «، بحسب ما نقل عنه البيان الأوروبي.
من جهته، قال جوزيب بوريل منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، إن العقوبات لا يجب أن تقف في طريق أو تعرقل، المعدات والإمدادات الإنسانية اللازمة في المعركة العالمية ضد الفيروس، وبالتالي فإن العقوبات تنص على استثناءات إنسانية، وتتوافق تماما مع جميع الالتزامات بموجب القانون الدولي. وترى المفوضية الأوروبية، أن عقوبات الاتحاد الأوروبي هي أداة للسياسة الخارجية، وتسعى للحفاظ على القيم العالمية، مثل الحفاظ على السلام، وتعزيز الأمن الدولي، وتوطيد ودعم الديمقراطية والقانون الدولي وحقوق الإنسان. وتستهدف العقوبات أولئك، الذين تعرض أعمالهم للخطر، هذه القيم، مع تجنب العواقب السلبية على المواطنين، ولدى الاتحاد الأوروبي الآن حوالي 40 نظاما مختلفا للعقوبات المعول به حاليا.
وفي أواخر فبراير (شباط) الماضي، أعلنت الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي في بروكسل، عن إشعار إلى الأشخاص والكيانات الخاضعة للتدابير التقييدية المنصوص عليها في قرار ولائحة المجلس الأوروبي، بشأن التدابير التقييدية في ضوء الوضع في سوريا، والتي تتضمن رموز النظام السوري والمقربين منه.
وحسب ما جاء في إشعار المجلس الأوروبي، فإن قرار إدراج هؤلاء الأشخاص الجدد وهم ثمانية رجال أعمال وكيانين، جاء وفقا للقرار 212 لعام 2020. ويتضمن هذا القرار أسباب إدراج هؤلاء الأشخاص والكيانات، ووجه المجلس انتباه هؤلاء إلى إمكانية تقديم طلب، إلى السلطات المختصة في الدولة أو الدول ذات لصلة، على النحو الموضح، على المواقع الإلكترونية، وذلك من أجل الحصول على إذن لاستخدام الأموال المجمدة، لتلبية الاحتياجات الضرورية أو مدفوعات محددة، وذلك وفقا للمادة 16 من اللائحة.
ويجوز لهؤلاء الأشخاص، تقديم طلب إلى المجلس الأوروبي، مرفوقا بكافة الوثائق الداعمة، لإعادة النظر في قرار إدراجهم في لائحة العقوبات، على أن يتم تقديم هذه الطلبات، قبل الأول من مارس (آذار) 2020، على عنوان المجلس الأوروبي في بروكسل. وأعلن الاتحاد الأوروبي قبلها، عن إضافة ثمانية من رجال الأعمال وكيانين إلى لائحة العقوبات ضد النظام السوري ومؤيديه. وقال بيان أوروبي في بروكسل أن أنشطتهم «استفادت بشكل مباشر من نظام الأسد، بما في ذلك من خلال المشاريع الواقعة على الأراضي المصادرة، من الأشخاص النازحين بسبب الصراع».
وتضم اللائحة الآن 277 شخصا و71 كيانا، يستهدفهم الآن حظر للسفر وتجميد الأصول، كما تشمل العقوبات الأوروبية على سوريا الآن، حظر على النفط وفرض قيود على بعض الاستثمارات، وتجميد أصول البنك المركزي السوري المحتفظ بها في الاتحاد الأوروبي، وأيضا قيود التصدير على المعدات والتكنولوجيا التي يمكن استخدامها للقمع الداخلي، وكذلك على المعدات والتكنولوجيا لرصد أو اعتراض الإنترنت أو الاتصالات الهاتفية.
يذكر أن العقوبات الأوروبية بدأت في عام 2011 ويجري مراجعتها كل سنة وستكون المراجعة القادمة في يونيو (حزيران) المقبل.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.