الكاظمي يتحصن بالقبول الداخلي والدعم الخارجي في مواجهة خصومه

تلقى اتصالاً هاتفياً من ترمب تضمن عرضاً لدعم الحكومة العراقية

الكاظمي يتسلم رئاسة الوزراء من عبد المهدي (أ.ف.ب)
الكاظمي يتسلم رئاسة الوزراء من عبد المهدي (أ.ف.ب)
TT

الكاظمي يتحصن بالقبول الداخلي والدعم الخارجي في مواجهة خصومه

الكاظمي يتسلم رئاسة الوزراء من عبد المهدي (أ.ف.ب)
الكاظمي يتسلم رئاسة الوزراء من عبد المهدي (أ.ف.ب)

يحصي خصوم رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أنفاسه منذ أن تولى منصبه رسميا الخميس الماضي. الحرب الإلكترونية المضادة له نشطت بشكل لافت سواء على شكل تغريدات تتسقط الأخطاء والهفوات مع أنها تحصل في أي عمل يومي، أو على هيئة مواقف وتصريحات تشكك في مدى قدرته على مواجهة الأزمات أو لجهة بعض الإجراءات التي اتخذها لا سيما أوامر الإعفاء والإعادة.
بشكل معلن لا يوجد خصم واضح لرئيس للكاظمي. فالكتل البرلمانية كلها تقريبا أعلنت مساندتها له بما فيها كتلة «الفتح» التي يتزعمها هادي العامري. ائتلافا دولة القانون بزعامة نوري المالكي والوطنية بزعامة إياد علاوي، وكلاهما رئيس وزراء أسبق، هما الوحيدان اللذان أعلنا عدم التصويت على كابينة الكاظمي. وفيما أعلن علاوي الذهاب إلى المعارضة فإن المالكي قرر مراقبة أداء الحكومة والحكم عليه.
وطبقا لما هو معروف عن حرب الخصوم في العراق عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي فإنها يمكن ألا تأتي من عدو واضح بقدر ما تكون أحيانا بين المتحالفين ممن تجبرهم الظروف على العمل تحت سقف واحد لكن برؤيتين مختلفتين.
الكاظمي جاء على وقع خلافات كانت حادة في البداية بلغت حد عدم قبوله، بل واتهامه بالتواطؤ في حادثة المطار التي قتل فيها قائد فيلق القدس الإيراني السابق قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي السابق أبو مهدي المهندس، وتبدو مقبوليته مشروطة من قبل العديد من القوى وحتى الفصائل المسلحة التي وإن تبدو مهادنة الآن لكنها تراقب ما يجري على الساحة لا سيما فيما يتعلق بخطوات الكاظمي الخارجية وبالذات طريقة تعاطيه مع الدعم الأميركي له بعد المكالمة الهاتفية التي أجراها معه الرئيس الأميركي دونالد ترمب أول من أمس.
لا تبدو الجيوش الإلكترونية التي تشن منذ مدة حملة تسقيطية لخطوات الكاظمي ذات مرجعية واحدة بقدر ما هي متعددة الأهداف والولاءات لا سيما أن الكاظمي، الذي لا ينتمي إلى الطبقة السياسية العراقية التقليدية فضلا عن كونه من جيل أكثر حداثة، استثمر وجوده على رأس جهاز المخابرات لنسج علاقات تختلف في توصيفها الأطراف المؤيدة أو المعارضة. مؤيدو الكاظمي يرون أنه نسجها لصالح العراق والدليل الدعم الذي يحظى به الكاظمي والذي سوف ينسحب على خطواته الإصلاحية أو العلاجية لأزمة انهيار أسعار النفط ومحاولة تأمين الرواتب في الحد الأدنى. أما معارضوه فإنهم يرون أنها لا تزال مجرد كلام وهو ما يعني بالنسبة لهم أن الدول التي أعلنت تأييدها للكاظمي وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية سوف تستثمر هذا التأييد لصالحها في وقت يطالب معارضو وجودها إخراجها من العراق من دون قيد أو شرط.
وبينما ينتظر مؤيدو الكاظمي الإسراع في تحويل التأييد إلى إجراءات عملية على أرض الواقع لإسكات المعارضين، فإن المعارضين باتوا يشتغلون عبر طريقتين الأولى هي نشر سلسلة أخبار يومية على شكل أوامر صادرة عن الكاظمي سرعان ما يثبت عدم صحتها مثل أوامر نقل أو تعيين أو سواها من الأوامر والإجراءات، أو انتقاد إجراءات تبدو صحيحة مثل إعادة كل من الفريق عبد الوهاب الساعدي على رأس جهاز المخابرات أو إعفاء اللواء الركن عبد الكريم خلف من منصب الناطق العام باسم القائد العام للقوات المسلحة وتعيين العميد يحيى رسول بدلا منه. حتى قضية مكالمته لأخيه ومن ثم استدراكه برسالة صوتية معتذرا منه تم استثمارها بشكل واضح بهدف إظهار الكاظمي بوصفه متسرعا في بعض إجراءاته.
في هذا السياق جاءت سلسلة الدعم التي تلقاها من دول إقليمية مهمة مثل المملكة العربية السعودية (مكالمة هاتفية من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان) أو دولة الإمارات العربية المتحدة (تهنئة من الشيخ محمد بن زايد)، ودول عالمية مهمة مثل الولايات المتحدة (مكالمة من الرئيس ترمب) أو بريطانيا (مكالمة من وزير الخارجية)، فضلا عن دول أخرى لتجعل كفة الكاظمي خارجيا تتفوق على كفة خصومه الداخليين.
الرئيس الأميركي أعلن في اتصاله الهاتفي بالكاظمي دعم بلاده له فيما قدم رئيس الوزراء العراقي شكره لترمب، مؤكدا «حرص العراق على إقامة أفضل العلاقات مع الولايات المتحدة». من جانبه أكد الرئيس ترمب أن «العراق بلد قوي ومهم ويمتلك دوراً مركزياً في المنطقة وفي تحقيق الاستقرار الإقليمي والدولي». وشدد على «حرص الولايات المتحدة الأميركية على تعزيز العلاقات بين البلدين، واستعداد بلاده لتقديم المساعدات الاقتصادية الضرورية لدعم الاقتصاد العراقي». واتفق الجانبان على «توسيع التعاون في مجال مكافحة جائحة (كورونا)، إلى جانب تطوير جهود الاستثمار الاقتصادي بما يخدم مصالح البلدين».
بريطانيا وعلى لسان وزير خارجيتها دومينك راب، تعهدت بالعمل مع الحكومة العراقية الجديدة لمواجهة عدد من الملفات أبرزها «داعش». وأكد راب في تغريدة على تويتر أنه أجرى مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي أشار فيها إلى أن المملكة المتحدة شريك ملتزم للعراق وتعهد بالعمل مع حكومة الكاظمي لمعالجة فيروس «كورونا» ومواجهة «داعش» ودعم الاستقرار السياسي والاقتصادي.
بين الكتل السياسية التي يتفاوت دعمها للكاظمي تبدو كتلة «سائرون» المدعومة من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أكثرها وضوحا. وفي هذا السياق يقول برهان المعموري القيادي في «سائرون» والنائب عنها في البرلمان العراقي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «كتلة (سائرون) موقفها واضح وكانت أكثر الكتل السياسية وضوحا من حيث اختيار الحكومة»، مبينا أنها «تركت للكاظمي حرية اختيار كابينته بشرط ألا يتعارض مع المواصفات المتفق عليها في طريقة الاختيار». وأضاف المعموري أن «هناك مواصفات تم الاتفاق عليها مثل النزاهة والكفاءة والاستقلالية وهذا ما روعي في اختيار أغلب الوزراء». وأوضح أن «تحالف (سائرون) وممثلين عن كل اللجان البرلمانية سوف يتابعون أداء الحكومة ومدى تعاملها وتطبيقها للمنهاج الوزاري الذي تم التصويت عليه، حيث إن نجاح الحكومة مرتبط بمدى تعاملها وتطبيقها لمنهاجها الوزاري».
من جهته يفسر فرهاد علاء الدين رئيس المجلس الاستشاري العراقي التناقض بين الدعم الخارجي الذي يحظى به الكاظمي وبين ما يواجهه في الداخل بأنه يرجع إلى «المنافسة السياسية والخوف من المستقبل والانتخابات هو الذي يدفع المنافسين إلى العمل للحد من نجاحات الكاظمي».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.