ممثلون مصريون يخطفون الأضواء عبر أدوار ثانوية

أبرزهم دنيا ماهر وأحمد الرافعي

رباب ممتاز مع الفنان محمود حميدة
رباب ممتاز مع الفنان محمود حميدة
TT

ممثلون مصريون يخطفون الأضواء عبر أدوار ثانوية

رباب ممتاز مع الفنان محمود حميدة
رباب ممتاز مع الفنان محمود حميدة

خطف عدد من الممثلين المصريين الذين يقدمون أدواراً ثانوية في مسلسلات الموسم الجاري، الأضواء بسبب نجاعتهم وموهبتهم اللافتة في تجسيد الشخصيات المسندة إليهم، خصوصاً في مسلسلات «بـ100 وش»، و«النهاية»، و«الاختيار»، و«البرنس»، و«خيانة عهد» وغيرها من الأعمال.
الفنان المصري الشاب أحمد الرافعي الذي قدم دور «عمر رفاعي سرور» مفتي جماعة أنصار بيت المقدس في مسلسل «الاختيار» كان من أكثر الفنانين الذي حصدوا إشادات الجمهور رغم حداثة عهده بالدراما التلفزيونية وصغر حجم دوره بالعمل. ولفت الرافعي الأنظار إليه بشدة بسبب أدائه السلس والمتمكن الذي ينم عن موهبة حقيقية تنتظر التألق في الأعمال المقبلة، وفق نقاد مصريين.
وبعد حالة الجدل التي أثيرت ضده، بشأن انتمائه السياسي، يقول الرافعي لـ«الشرق الأوسط»: «أنا لا أنتمي إلى أي تنظيم سياسي أو جماعة تعمل ضد وطننا أو جيشنا، أنا فقط ممثل قدمت دوري على أكمل وجه، وسعيد بإشادة الجمهور». مشيراً إلى أنّ «صديقه الفنان عابد عناني الذي يقدم دور (عماد عبد الحميد) في العمل نفسه، هو الذي رشحه لتقديم دور مفتي جماعة أنصار بيت المقدس». مؤكداً أن «دوره بمسلسل الاختيار شرف كبير بالنسبة له لا سيما بعد إشادة الناس به وإعجابهم بطريقته في الأداء بجانب عمله تحت قيادة المخرج بيتر ميمي وبجانب ممثلين كبار».
مسلسل «الاختيار» بطولة أمير كرارة وأحمد العوضي ودينا فؤاد وسارة عادل وضياء عبد الخالق وعدد كبير من ضيوف الشرف أبرزهم: محمد إمام، وآسر ياسين، ومحمد رجب، وإياد نصار، وكريم محمود عبد العزيز، وماجد المصري، وصلاح عبد الله، وكريم عبد الخالق، ومحمد عز، ومها نصار، وآخرون، وهو تأليف باهر دويدار، وإخراج بيتر ميمي، وإنتاج شركة سينرجي.
في السياق، لفتت الفنانة المصرية دنيا ماهر الأنظار إليها بشدة عبر دورها في مسلسل «بـ100 وش»، الذي قدمت به دور ممرضة يتيمة، وتخلّت عن الشكل الجمالي المتعارف عليه تحت قيادة المخرجة كاملة أبو ذكري التي جعلت دنيا بطلة مميزة في دورها.
أمّا الفنان الشاب محمد جمعة، الذي اشتهر بجملته «كله رايح» عبر مسلسل «الوصية» رمضان 2018 يشارك في عملين خلال الموسم الدرامي الرمضاني هما: «البرنس»، و«النهاية»، ويقول جمعة لـ«الشرق الأوسط» إنّه «يحاول تقديم دور يضع له بصمة بالعمل، وإن الأداء الجماعي يجعله يقدم كل ما لديه».
فيما تمثلت مفاجأة هذا العام في عودة الفنان رمزي العدل، الذي اشتهر بتجسيد شخصية وكيل النيابة في مسرحية «شاهد مشفش حاجة» مع الفنان عادل إمام، قبل أن يغترب خارج مصر مدة طويلة قبل أن يعود مرة أخرى عام 2017، للمشاركة في فيلم «مولانا»، ثم مسلسل «بالحجم العائلي» مع الفنان يحيى الفخراني عام 2018، ويتألق هذا العام من خلال مسلسل «خيانة عهد» ويقدم شخصية رجل أعمال فاسد يتنافس مع بطلة العمل الفنانة يسرا.
وعبر مسلسل «البرنس» لفت الممثل الشاب محمد علاء، الأنظار إليه بقوة بعدما استطاع تقديم دوره بإتقان وسلاسة شديدة، ورغم مشاركته في مسلسل «جمع سالم» مع الفنانة زينة، فإنه أجاد في دوره بـ«البرنس» أكثر، وفق نقاد.
وتقول الفنانة الشابة رباب ممتاز، التي قدمت أداءً لافتاً في مسلسل «لما كنا صغيرين» مع الفنانة ريهام حجاج، لـ«الشرق الأوسط»: «أحب هذه النوعية من الأدوار، وأعتقد أنّني أقدمها بإتقان لا سيما أنني قدمتها من قبل في الكثير من الأعمال، أهمها مسلسل «الكبريت الأحمر». مؤكدة أنّها «ومجموعة كبيرة من جيلها لديهم الكثير ليقدموه مستقبلاً، منتظرين أدوراً أكبر تبرز موهبتهم الفنية».
ويرى نقاد فنيون من بينهم جمال عبد القادر أن «الأدوار الثانوية مهمة جداً، لأنها تعد مكملة للسياق الدرامي، ففكرة البطل الذي يستحوذ على أحداث العمل بمفرده، لم تعد موجودة»، مشيراً إلى أن «هناك الكثير من الممثلين قدموا أدواراً جميلة جداً عندما سنحت لهم الفرصة، وأنهم بالفعل يستحقون الدعم والإشادة».
وأضاف عبد القادر أنّ المخرج الباحث عن الممثل الموهوب والمناسب للشخصية هو أساس نجاح العمل، كما أنه يعطي الفرصة لموهبة جيدة لم تنل حظها من الوجود، وهو ما فعلته المخرجة كاملة أبو ذكري مع دنيا ماهر وزينب غريب ومحمد عبد العظيم، حيث سبق لهم العمل مع كاملة في أعمال سابقة وهي على يقين وثقة من أدائهم.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».