«حب عمري»... رومانسية مصرية تتحدى إغراءات الحياة

بطولة المطرب هيثم شاكر وعدد من الممثلين الشباب

بطلا مسلسل «حب عمري»
بطلا مسلسل «حب عمري»
TT

«حب عمري»... رومانسية مصرية تتحدى إغراءات الحياة

بطلا مسلسل «حب عمري»
بطلا مسلسل «حب عمري»

يعيدنا المسلسل المصري «حب عمري» إلى زمن رومانسية الفن الجميل، التي كانت تتمتع بالأداء العذب، والمشاهد الخالية من العنف والصراع على الثروة أو التركيز على العشوائيات، فلا صخب فيه، ولا مبالغات في الديكور والملابس، أو حتى في إطلالات الفنانات اللاتي لا ينتمين إلى نجمات الصف الأول، لكنّهن أثبتن جدارتهن بالعمل عبر أداء بسيط سلس، مع إعادة الاعتماد على «بطولة النص». ورغم عرضه في قناة لا يعرض عليها مسلسلات لكبار النجوم المصريين في موسم رمضان الحالي، فإنه نجح في خطف الأضواء بسبب قصته المشوقة.
المسلسل بطولة هيثم شاكر، وسهر الصايغ، ومحمد عادل، ومنة فضالي، وأماني كمال، ومحمد مهران، وأحمد كرارة، وحمادة بركات، وآسيا محمود، وحنان سليمان، وسامح الصريطي، ومن تأليف فداء الشندويلي، وإخراج عبد العزيز حشاد. وتدور أحداثه حول قصة حب تجمع بين شاب وفتاة منذ الطفولة، لكنّها تمر بكثير من التحديات والمصاعب، وتتصاعد الأحداث التي تثير كثيراً من التساؤلات حول أيهما أكثر صدقاً ورومانسية وإخلاصاً في الحب: المرأة أم الرجل؟ ومن يكون الأكثر صموداً أمام مغريات الحياة؟
ففي حين يتوقع المتابع للحلقات الأولى أنّ بطل المسلسل «عيسى» الذي يجسد شخصيته المطرب هيثم شاكر، والذي يقبل العمل في شركة سيدة الأعمال الثرية الأرملة الجميلة «مها»، التي تقدمها أماني كمال، والتي أنقذ حياتها، سوف يترك حب عمره جارته «سارة»، سهر الصايغ، استسلاماً لحب المرأة الثرية له، فإن الأمور لا تسير على هذا المنوال، حيث يثبت لمحبوبته أنّه قبل العمل فقط ليستطيع توفير متطلبات عش الزوجية، إلّا أنّ الغيرة تشتغل رغم ذلك في قلب «سارة»، وتذهب إلى مكتب «عيسى»، وتقتحمه لتجد صاحبة الشركة تجلس معه، فتخرج من الشركة في حالة غضب بعد شجارها مع «عيسى»، إلى حد أنّها لا ترى سيارة كانت في الطريق لتصطدم بها، ويكون سائق السيارة هو الشاب الثري «ياسر الشواربي»، ويجسده محمد عادل الذي سبق أن رفض عيسى العمل لديه، وتتوالى الأحداث التي تكشف عن تعلق «ياسر» بـ«سارة»، بينما تقع أخته سيدة الأعمال «رانيا» منة فضالي في حب «عيسى» الذي يرفض حبها هي الأخرى تمسكاً بحب عمره، إلى أن تحدث المفاجأة، وتضعف «سارة» أمام إغراءات ياسر لها، وتقبل الزواج منه.
ورغم ذلك ينفي المؤلف فداء الشندويلي انحيازه لرومانسية الرجل على حساب المرأة، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «الخيانة أو فكرة التخلي عن الحب استسلاماً للمغريات ليست صناعة تخص جنس دون آخر، لا أفرق بين الرجل والمرأة، ولا أتعمد إثبات نظرية بعينها، الرجل ليس أيقونة للإخلاص بالضرورة، وكذلك المرأة، لا يوجد قانون ثابت، لأن كل إنسان يختلف عن الآخر، ويجسد حالة إنسانية متفردة».
لذلك لا يقسو الشندويلي على «سارة» التي تؤدي دورها ببراعة، يساعدها في ذلك ملامحها المصرية المميزة، بل لن يظهرها في الحلقات المقبلة خائنة، على الرغم من ضعفها أمام ياسر، وتخليها عن عيسى، قائلاً: «سيتعاطف المشاهد معها طوال أحداث المسلسل، وصولاً إلى المشهد الأخير، لقد تعرضت لضغوط شديدة للغاية كانت أقوى منها، لقد أردت أن أؤكد ماذا يمكن أن يفعل الفقر بالإنسان، وكيف يمكن له أن يقهر مشاعره ويمس إنسانيته، إضافة إلى أن فكرة التخلي عن حب العمر إنما تخضع لعوامل عدة، منها البناء الداخلي والبيئة المحيطة».
لذلك يمكن القول إن الرومانسية التي تميز العمل لم تكن بالنسبة للمؤلف فداء الشندويلي مجرد إطار درامي يطرح من خلاله فكرة ما جاذبة أو علاقة حب دافئة في هذا المسلسل، بقدر ما تمثل معنى أكثر عمقاً وشمولاً، أو على حد تعبيره: «فرصة لطرح عدد من المبادئ الإنسانية»، موضحاً: «ابتعدنا كثيراً في المواسم الدرامية خلال السنوات العشر السابقة عن القضايا الاجتماعية والإنسانية، لصالح تقديم الأكشن والأعمال المثيرة، ولكم لهث صناع الدراما وراء فكرة خطف المشاهد بعيداً عن المشاعر، وأصبح الهدف الأساسي هو نسبة المشاهدة وحدها».
ولا يقتصر المسلسل على قصة حب «سارة» و«عيسى»، إنما يضم أيضاً نحو 7 قصص حب، تختلف كل منها عن الأخرى، وربما أكثرها قوة ودلالة الحب بين «مختار» و«نوال» اللذين ملك كل منهما قلب الآخر في سن متقدم، ورفض أبناؤهما الاعتراف بمشاعرهما، فما كان منهما سوى الزواج في السر «لأن الحب من حق الجميع، ولا يتوقف على سن معين»، وفق المؤلف.
ورغم هذه الرومانسية المفرطة، فإن المسلسل لا يسير على وتيرة واحدة، تجنباً للسقوط في دائرة التشبع العاطفي المبالغ فيه، ولكيلا يثير ملل المشاهد الذي يقضي وقته بالمنزل تنفيذاً للحجر الصحي الذاتي، إذ يقول الشندويلي: «لا يخلو من التشويق والمواقف الكوميدية الخفيفة، وستتضمن الحلقات المقبلة أحداثاً مثيرة للغاية».
يشارك في المسلسل مجموعة من الممثلين الشباب الذين يقدمون أدواراً تخاطب هذه الفئة العمرية، كما الكبار، ما يجعل العمل يندرج أيضاً تحت الأعمال الشبابية. كما أثبت الفنان هيثم شاكر الذي يقدم البطولة المطلقة لأول مرة في مشواره الفني جدارته في لعب الدور.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».