سجلت روسيا خلال الساعات الـ24 الماضية 10817 إصابة جديدة بالفيروس، في ارتفاع محدود عن اليوم السابق، لكن الأرقام المسجلة في الأسبوع الأخير عكست انتقال روسيا لمواجهة «مرحلة الذروة» في تفشي الوباء، مع توقعات بأن تكون هذه المرحلة «طويلة وقاسية»، وفقاً لتعليق مسؤولين في وزارة الصحة رجحوا أن تستمر الأوضاع على المعدلات الحالية إلى أغسطس (آب) المقبل.
وباتت روسيا تحتل المرتبة السادسة عالمياً في معدلات تفشي الوباء، وهي تقترب سريعاً من تجاوز حاجز الـ200 ألف إصابة في عموم البلاد، مع توقعات بأن تتقدم أكثر على اللائحة، إذا استمرت مستويات الانتشار الحالية. لكن في مقابل ذلك، تبدو روسيا واحدة من البلدان التي شهدت أقل معدلات للوفيات جراء انتشار الوباء، بنسبة لا تزيد على 1 في المائة من معدلات الإصابة، وهي بذلك تحتل المرتبة الأدنى بين العشر بلدان الأكثر تضرراً من الوباء. وبلغ إجمالي الوفيات 1827. بما في ذلك 104 حالات سجلت في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة.
وأثار هذا الواقع تساؤلات عدة، وتشكيكاً من جانب بعض الأطراف في روسيا وخارجها، خصوصاً أنه ترافق مع انخفاض مماثل في معدلات التعافي، إذ تبلغ نسبة الأشخاص الذين تعافوا من المرض نحو 10 في المائة من حجم الإصابات، في حين تصل هذه النسبة في بعض البلدان التي شهدت معدلات وفيات مرتفعة إلى أكثر من 20 في المائة. وبالمقارنة، فإن ألمانيا التي تتمتع بنظام صحي فعال سجلت معدل وفيات بنسبة 4.2 في المائة.
وتعزو السلطات ذلك لقيامها باتخاذ تدابير مبكرة، وإجراء فحوصات واسعة، فيما يُرجع آخرون ذلك إلى طرق العد الغامضة. وبرّرت وزارة الصحة وهيئة حماية المستهلك الروسية هذه النتائج بسرعة استجابة روسيا للوباء. وأشارت، في بيان، إلى أن «روسيا تحتل المرتبة الثانية في العالم في عدد الفحوصات التي أجرتها، مع أكثر من 4.46 مليون اختبار». وترى الهيئة أن ذلك «جعل من الممكن اكتشاف وعزل المرضى الذين يعانون من أشكال معتدلة، والمصابين الذين لم تظهر عليهم الأعراض، في الوقت المناسب، مما يقلل بشكل كبير من انتشار الفيروس بين السكان وبعض الفئات المعرضة للخطر».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن ممثل عن الهيئة أن انخفاض معدل الإصابة لدى الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 65 سنة هو مؤشر آخر للنجاح الروسي، لأن المسنّين كانوا معزولين في منازلهم منذ بداية النصف الثاني من شهر مارس (آذار)، وخاصة في موسكو، بؤرة الوباء في البلاد. وأوضح المتخصص في الأمراض المعدية مستشار وزارة الصحة، يفغيني تيماكوف: «لقد بذلت روسيا قصارى جهدها لتأخير ظهور الوباء. لقد أغلقنا الحدود، وبدأنا في متابعة الأشخاص المصابين على الفور». وسمحت هذه الأسابيع القليلة لروسيا بالاستعداد، ولا سيما من خلال «عزل الأشخاص المعرضين للخطر، وتنظيم الأمكنة في المستشفيات». وقدّر أن معدل الوفيات عند نهاية الوباء سيكون نحو 3 في المائة، أي «أقل بثلاث مرات من أوروبا».
ومع ذلك، فإن الغموض الذي يكتنف نظام العد يثير الشكوك. وقال أطباء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» إن حالات كثيرة يتم احتساب الوفاة فيها بأنها ناجمة عن «التهاب رئوي»، رغم أن نتائج اختبارات الإصابة بفيروس كورونا المستجد كانت إيجابية. ولفت بعضهم إلى أن تعليمات وزارة الصحة شددت على ضرورة التعامل مع «السبب الأصلي لتدهور الحالة»، خصوصاً عند الأشخاص الذين يعانون أمراضا مزمنة، مما يعني أن هؤلاء لا يتم احتسابهم أيضاً. وأكدت وكالة الصحافة الفرنسية هذه المعطيات، ونقلت عن نائب مدير المختبر الدولي لبحوث السكان والصحة سيرغي تيمونين أنه «إذا مات شخص مصاب بـ(كوفيد - 19) بنوبة قلبية، فإن السبب الرسمي للوفاة سيكون النوبة القلبية»، وأضاف: «بكلمات أخرى، لن يتم إدراج جميع حالات وفاة حاملي الفيروس في قائمة الوفيات الناجمة عن الفيروس».
ولفتت مصادر تحدثت معها «الشرق الأوسط» إلى أسباب أخرى، لعبت دوراً في خفض معدلات الوفيات في الإحصاءات الرسمية، بينها غياب أي إحصاء للوفيات في دور المسنين أو السجون، أو أماكن التجمعات الكبرى الأخرى (دور اليتامى والمصحات الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة وغيرها). وكانت جهات حقوقية روسية قد طالبت بالإفراج عن السجناء الذين قضوا نصف المدة لحمايتهم، بعدما تحدثت عن إخفاء معلومات حول معدلات الوفيات في السجون جراء الفيروس.
روسيا تواجه «مرحلة الذروة» في الانتشار... وتدني الوفيات يثير تساؤلات
روسيا تواجه «مرحلة الذروة» في الانتشار... وتدني الوفيات يثير تساؤلات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة