الغلاء وأزمة الدولار يحوّلان اللبنانيين إلى مزارعين

TT

الغلاء وأزمة الدولار يحوّلان اللبنانيين إلى مزارعين

مع بداية أزمة ارتفاع سعر الدولار في لبنان منذ العام الماضي، وما تلاها من ارتفاع أسعار السلع الغذائية، ظهرت مبادرات لتشجيع المواطنين على زراعة أي مساحة صغيرة متوافرة في منازلهم (سطح أو أرض صغيرة أو حتى أحواض) بهدف تأمين ما يضمن حاجتهم من غذاء، ومساعدة المزارعين على تخطي عوائق استيراد المبيدات والأسمدة والبذور، وعادت هذه المبادرات إلى الواجهة مع تفشي وباء «كورونا» الذي فاقم المشكلات الاقتصادية ونقص الدولار في الأسواق.
وكانت حركة «حبق» السبّاقة في هذا الإطار، إذ تبنّت الحركة التي ظهرت مع «حراك 17 تشرين» الاقتصاد التضامني التشاركي، من خلال تعزيز وتشجيع نشاطات الاقتصاد المحلي، وتشجيع الزراعات الغذائية في المساحات العامة بشكل جماعي يؤسس لشكل تعاوني بين الناس.
وتقدّم المبادرة، حسب ما يشرح أحمد كبّارة، أحد مؤسسيها، معلومات عن الزراعة العضوية، وعن الخطوات التي يجب على المزارع اتباعها للحفاظ على استقلاليته، فضلاً عن تأمين البذور والشتول والمعدات الزراعية، وتعمل الحركة على تقديم الإسعاف الزراعي، إلا أن الدور الأهم لهذه الحركة، كما يقول كبّارة لـ«الشرق الأوسط»، يبقى إنشاء شبكة تساعد في خلق ما يشبه تعاونية زراعية لتحقيق حلف اقتصادي قد يضغط مستقبلاً نحو اقتصاد منتج.
وتتبنّى حركة «حبق» مفهوم السيادة الغذائية، وليس الأمن الغذائي، وهو مشروع سياسي يعتمد على سيادة الدولة على غذائها، أي زراعتها وصناعتها الغذائية. وتركز على الزراعة البيئية التي تتسع بناءً على حاجات وقدرة الاستيعاب المحلية لكل مزارع، وحسب منطقة وجوده وخصوصيتها.
وفي مجدل عنجر (شرق لبنان) مبادرة أخرى، إذ قرّرت مجموعة من الشبّاب في منطقة البقاع، من جمعية «عالطريق»، إطلاق تجربة الزراعة المختلطة العضوية والري بالنقطة.
وتقوم هذه المبادرة، حسب ما يشرح صاحبها خالد حمود لـ«الشرق الأوسط»، على مبدأ التعاون، إذ يجني كل مشارك في هذه التجربة ثمار جهده.
والهدف من هذه المبادرة هو الاكتفاء على صعيد ضيق، أي الأفراد الذين يساهمون بهذه المبادرة، فضلاً عن اكتساب الخبرات الزراعية التي بدأت تفتقد جيلاً بعد جيل، واستصلاح الأراضي الزراعية المهملة، كمبادرة مجتمعية. وفي هذا السياق، يقول حمود: «نحن نقوم بتجربة على نطاق ضيق، وبالتالي فإن إنتاجنا لا يكفي المجتمع المحلي، إلا أن هذه التجربة ستكون منطلقاً للتوسع مستقبلاً، وفي إطار منظم أكثر يطال شريحة أكبر».
وبما أنّ تأمين البذور إحدى المشكلات التي تواجه المزارعين، كانت مبادرة «بذور في صندوق» التي انطلقت العام الماضي لإعادة إكثار البذور البلدية غير المعدلة وراثياً، والحفاظ على الأنواع المحلية من نباتات برية، بهدف الوصول إلى التوازن البيئي، واعتماد الزراعة العضوية، والاستغناء عن الأسمدة والمبيدات غير الطبيعية، عبر دعم مفاهيم السيادة الغذائية. وتقول سارة سلوم التي أطلقت المبادرة مع صديقها بشار أبو سعيفان، إنها تعمل مع المزارعين لتبادل وحفظ البذور المؤصلة، وإعادة إكثارها. وتشرح سلوم لـ«الشرق الأوسط» أن هدف المبادرة الأساسي بيئي، وهو تأمين منتجات زراعية صحية خالية من المواد الكيماوية.
وفي مدينة صيدا (في الجنوب)، حوّلت ليال الخطيب حديقة منزلها الصغيرة إلى مصدر للخضراوات والفواكه التي قد تغنيها عن الشراء من الأسواق. وفي العام الماضي، كانت حديقة المنزل مساحة للعمل المشترك، ولكنّ تعرّف أصحاب المنزل على حركة «حبق» غيّر الوجهة، ودفع ليال وزوجها للتفكير بالاستفادة من هذه الحديقة عبر زراعتها.
ويقول رئيس جمعية المزارعين، أنطوان الحويك، إن هذه المبادرات تحتاج إلى سنة لتظهر نتائجها، ويمكن أن يؤمن المواطن ما يحتاج إليه من خلال زراعة بعض المحاصيل في المساحات المحيطة بمنزله، إلاّ أنّه من الصعب تطوير المشروع إلى مرحلة نتحدث فيها عن اكتفاء ذاتي لمنطقة أو دولة من دون خطة شاملة.
ويلفت الحويك إلى أن المشكلة الأساسية التي يواجهها المزارعون حالياً هي أزمة الدولار، فهم يحتاجون إلى الدولار لاستيراد البذور والأسمدة والمبيدات، والدولار غير متوافر، وهم يقبضون شيكات مؤجلة من التجار.



محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.