أحزاب معارضة ترفض أي «نشاط تركي» في تونس

TT

أحزاب معارضة ترفض أي «نشاط تركي» في تونس

قطعت 6 أحزاب تونسية معارضة، يقودها حزب العمال اليساري، مع الغموض الذي بات يكتنف العلاقة بين تونس والدور التركي «المشبوه» في المنطقة، حسب تعبيرها، وذلك بالإعلان عن «رفضها المطلق لأي نشاط تركي على الأراضي التونسية بهدف دعم الميليشيات والإرهابيين، وتصدير المرتزقة نحو ليبيا»، داعية السلطات إلى تجنب الغموض الذي تنتهجه تجاه الأنشطة التركية في تونس، وطالبت باتخاذ «موقف واضح يرفض الوجود العسكري الأجنبي في المنطقة».
وفي مقابل قبول حركة النهضة الإسلامية التي يقودها راشد الغنوشي، وبعض الأحزاب المؤيدة للإسلام السياسي، التعامل مع تركيا وقطر عبر مشاريع اتفاقيات تجارية، فإن عدة أطراف سياسية (يسارية بالخصوص) عبرت عن رفضها الصريح لدخول تونس في متاهات السياسة الإقليمية، ودعت الحكومة والبرلمان اللذين تسيطر عليهما حركة النهضة إلى الإبقاء على مبدأ الحياد، خاصة فيما يتعلق بالنزاع الليبي المتواصل منذ الإطاحة بنظام القذافي سنة 2011.
وتزايدت حدة الرفض التونسي لتحركات تركيا في المنطقة، أمس، بعد انتشار خبر هبوط طائرة تركية وعلى متنها مساعدات طبية موجهة إلى ليبيا، وهو ما طرح تساؤلات كثيرة داخل الأوساط السياسية حول سر سماح سلطات تونس بدعم أحد أطراف النزاع في البلد المجاور. وفي هذا السياق، أدان حزب العمال و«التيار الشعبي» و«الحزب الاشتراكي» و«حركة البعث»، إضافة إلى «حركة تونس إلى الأمام» وحزب القطب، وهي كلها أحزاب يسارية «أي محاولة للزج بتونس في لعبة المحاور الإقليمية، على حساب أمنها القومي، وأيضاً على حساب أمن واستقرار الشعب الليبي ودماء أبنائه».
وطالب حمة الهمامي، رئيس حزب العمال زعيم تحالف الجبهة الشعبية اليساري، رئيس الجمهورية قيس سعيد باتخاذ موقف واضح من محاولات تركيا الوجود عسكرياً في المنطقة، سواء بشكل غير مباشر من خلال جلب «مرتزقة» من سوريا إلى ليبيا، أو بشكل مباشر من خلال تقديم المساعدات لأحد طرفي النزاع، لما يشكله ذلك من خطورة كبرى على الأمن والسلم الإقليميين.
وفي السياق ذاته، عد محسن مرزوق، رئيس حركة مشروع تونس (معارضة)، أن موافقة رئاسة الجمهورية على نزول طائرة تركية بأحد مطارات تونس، محملة بمعدات طبية موجهة لطرف محدد في النزاع الداخلي الليبي «انحراف في موقف تونس الذي كان من المفترض أن يتسم بالحياد في الصراع الليبي»، وهو موقف يزيد من شكوك انحياز تونس إلى أحد محاور الصراع في ليبيا، حسب عدد من المراقبين.
وعد مرزوق أن هذا الموقف «قد يزيد من شكوك ارتباط تونس بمحور دولي محدد تقوده تركيا التي تشارك بقواتها العسكرية في النزاع الليبي بشكل مباشر، ولا تشارك في عمليات إنسانية» هناك، مشيراً إلى أنها تستعمل الموانئ البحرية والجوية الليبية منذ مدة لنقل السلاح وأفواج الإرهابيين للقتال في ليبيا. كما تساءل مرزوق عن خلفيات «إقحام تونس ومطاراتها في نقل مواد طبية كان باستطاعة تركيا أن تسلمها بنفسها. كما أن تركيا أرفقت المساعدات التي أرسلتها عن طريق تونس بموقف سياسي يعبر عن انحيازها لأحد أطراف النزاع في ليبيا».
وحملت «حركة مشروع تونس» الحكومة المسؤولية الكاملة فيما وصفته بـ«الخلط بين المواقف وعدم وضوح الرؤية»، ودعت القوى الوطنية كافة لتحمل واجبها ومساءلة أصحاب القرار السياسي.
وعلى صعيد آخر، أكدت «حركة تحيا تونس» التي يتزعمها يوسف الشاهد رئيس الحكومة السابق مساندتها لحكومة إلياس الفخفاخ التي تتزعمها حركة النهضة، وأعلنت إثر اجتماع لهيئتها السياسية أمس تمسكها بالاستقرار السياسي، بعيداً عن التجاذبات السياسية، معلنة رفضها الصريح لكل الدعوات الرامية لـ«نشر الفوضى وبث البلبلة، قصد المس باستقرار مؤسسات الدولة، وعرقلة مسار الانتقال الديمقراطي»، لكنها تمسكت في المقابل بضرورة احترام حق الاحتجاج السلمي، ورفض الحكم على النوايا، وتجريم حرية الرأي والتعبير تحت أي غطاء كان.
ومن ناحية أخرى، أكدت نسرين العماري، المكلفة بالإعلام والاتصال في مكتب البرلمان، أن الكتل البرلمانية الممثلة لكل من حركة النهضة و«ائتلاف الكرامة» و«قلب تونس» صوتت ضد مساءلة الغنوشي، إثر مطالبة عبير موسي، رئيسة الحزب الدستوري الحر المعارض، بمساءلة رئيس البرلمان حول علاقته بأطراف من «إخوان ليبيا».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.