ألمانيا تحيي الذكرى الـ 75 لهزيمتها... و«تحريرها» من النازية

الرئيس الألماني: لا يمكن أن نحب هذا البلد إلا بقلب مكسور

المستشارة والرئيس الألماني ورئيس البرلمان ورئيس المحكمة الدستورية ورئيس برلمان الولايات في ذكرى «حرب التحرير» وسط برلين (رويترز)
المستشارة والرئيس الألماني ورئيس البرلمان ورئيس المحكمة الدستورية ورئيس برلمان الولايات في ذكرى «حرب التحرير» وسط برلين (رويترز)
TT

ألمانيا تحيي الذكرى الـ 75 لهزيمتها... و«تحريرها» من النازية

المستشارة والرئيس الألماني ورئيس البرلمان ورئيس المحكمة الدستورية ورئيس برلمان الولايات في ذكرى «حرب التحرير» وسط برلين (رويترز)
المستشارة والرئيس الألماني ورئيس البرلمان ورئيس المحكمة الدستورية ورئيس برلمان الولايات في ذكرى «حرب التحرير» وسط برلين (رويترز)

مثلما كانت ألمانيا قبل 75 عاماً وحدها في مواجهة العالم، وقفت أمس وحدها مجدداً تتذكر «خطايا» الماضي. فوباء «كورونا» فرض عليها إلغاء الاحتفالات الكبيرة، التي كانت محضرة لذكرى يوم هزيمة النازية على يد الحلفاء. حتى أن ولاية برلين أعلنت هذا اليوم عطلة رسمية خلال العام الحالي فقط.
لكن في النهاية، عندما حل 8 مايو (أيار)، توجه الرئيس الألماني فرانك فالتر شتايمنر، والمستشارة أنجيلا ميركل، ورئيس البرلمان فولفغانغ شوبل، إضافة إلى رئيس المحكمة الدستورية، ورئيس برلمان الولايات، مع بضعة مصورين، إلى النصب التذكاري لـ«حرب التحرير» وسط برلين، من دون زعماء أوروبيين آخرين. هناك وضعوا أكاليل أمام النصب وتذكروا يوم «جعلت ألمانيا نفسها عدوة كل العالم»، كما قال شتاينماير.
ففيما احتفلت فرنسا وبريطانيا وباقي الحلفاء، أمس، بيوم النصر، عاشت ألمانيا هذا اليوم الذي استسلمت فيه قبل 75 عاماً للحلفاء، بتأمل وحزن. ولكنه ليس حزناً بسبب الهزيمة، بل بسبب الفظائع التي ارتكبها ألمانيا حينها، وتعد نفسها بعدم تكرارها وعدم التخلص من الذنب الذي يرافقها. «لا يمكن أن تكون هناك نهاية للتذكر، ولا خلاص من تاريخنا»، قال شتاينماير في الكلمة التي ألقاها أمام النصب، ليضيف مشيراً إلى مسؤولية بلده عن قتل الملايين: «لذلك فإنه لا يمكن أن نحب هذا البلد إلا بقلب مكسور».
هذا الحزن الذي عاشته ألمانيا، أمس، ضاعفته أزمة «كورونا» التي فرضت على الزعماء الألمان أن يقفوا وحيدين، بعيدين متراً ونصف المتر عن بعضهم البعض. ودفعت بالرئيس الألماني للقول: «لعل وجودنا هنا بمفردنا يأخذنا إلى 8 مايو 1945، لأنه حينها كانت ألمانيا فعلاً وحدها… مهزومة عسكرياً، سياسياً واقتصادياً… ومدمرة معنوياً. لقد جعلنا من أنفسنا أعداء العالم». وعاد إلى الحاضر ليقول إن عدم تكرار الماضي يعني «بالنسبة إلينا نحن الألمان أننا لن نعود وحدنا أبداً، وإذا لم نتمكن من الحفاظ على الوحدة الأوروبية، بما فيها خلال وبعد هذا الوباء، فإننا لا نرقى» لهذه الذكرى. ولم يفت شتاينماير أن يشير إلى أن الثامن من مايو 1945، الذي يتذكره العالم سنوياً بـ«يوم النصر»، كان «بعيداً عن أن يكون هكذا في عقول وقلوب معظم الألمان»، وأن الأمر استغرق «سنوات لا بل عقوداً» لكي تتخلص ألمانيا من إرث النازيين، وتستعيد موقعها في العالم. وفي النهاية، حسب شتاينماير، فإن هذا الشعور تحول لدى الألمان إلى شعور «بالامتنان لتحريرها» من النازية.
كانت ذكرى هزيمة النازية مهمة هذا العام بالنسبة للكثيرين من الناجين من المحرقة اليهودية، الذين قد لا يستطيعون المشاركة في الاحتفالات العام المقبل، أو ربما لن يبقوا أحياء الحين. وعبر كثيرون منهم عن حزنهم لعدم قدرتهم على المشاركة بالاحتفالات أمس.
ولكن رغم كل هذا، فهناك في ألمانيا من يرفض اليوم إحياء يوم الثامن من مايو، واعتباره يوم عطلة رسمية. فاليمين المتطرف يعتبر أنه من غير اللائق «الاحتفال بيوم هزيمة ألمانيا». وزعيم الأغلبية البرلمانية لحزب «البديل لألمانيا» اليميني المتطرف ألكسندر غولان، اعترض على اعتبار أمس عطلة رسمية. وقال النائب البالغ من العمر 79 عاماً، في تصريحات للقناة الألمانية «آر إن دي»: «لا يمكن اعتبار8 مايو يوماً سعيداً في ألمانيا. بالنسبة للسجناء في معسكرات الاعتقال، فإن هذا اليوم كان يوم تحرير. ولكنه كان أيضاً يوم هزيمة نكراء، يوماً خسرت فيه ألمانيا أجزاء كبيرة وخسرت حكمها الذاتي».
وغولان ليس الزعيم اليميني المتطرف الوحيد الذي يرفض إحياء ألمانيا هذا اليوم. فهي مقاربة سائدة داخل حزبه، وهو أكبر حزب معارض في البرلمان الألماني. ويحمل السياسيون من الأحزاب الأخرى في البلاد، «البديل لألمانيا»، مسؤولية زيادة الجرائم العنصرية في البلاد، بسبب خطاب الكراهية الذي ينشره.
ولكن شتاينماير الذي لم يفته الإشارة في خطابه إلى عودة صعود القومية في بلاده، والتحذير منها، حرص على تسمية هذا اليوم بـ«يوم التحرير»، وهو تعبير استخدمه للمرة الأولى الرئيس الألماني عام 1985 ريتشارد فون فايساكر، في ذكرى 8 مايو آنذاك. وبالنسبة إليه كان واضحاً أن «عدم تقبل المسؤولية هو عار، والنكران عار» كذلك. ودعا شتاينماير، الألمان، «لكي يحرروا أنفسهم اليوم»، كما فعلوا في الماضي من اليمين المتطرف، وأن «يبقوا متيقظين في مواجهة إغراء القومية الصاعدة… والكراهية والتحريض والازدراء بالقيم الديمقراطية، لأنها كل هذه ليست إلا الروح القديمة الشريرة نفسها بتنكر جديد». وأشار إلى ضحايا العنصرية الذين سقطوا في الأشهر الماضية على يد يمينيين متطرفين، وقال لهم: «لن ننساكم».
ومؤخراً، لا يحرض اليمين المتطرف في ألمانيا ضد اللاجئين والمسلمين، بل أيضاً ضد الحكومة، محاولاً بالفعل استغلال أزمة «كورونا» للتحريض ضد الحكومة. وهو يجيش ضد إجراءات العزل المفروضة للحد من انتشار الفيروس، ويتهم الحكومة بأنها «تحد من الحريات في تعد واضح على الدستور».
ويتظاهر في برلين كل يوم سبت المئات من الأشخاص، معظمهم من اليمين المتطرف ومن المؤمنين بنظريات المعارضة، ومن بينهم نواب في «البديل لألمانيا»، ضد إجراءات العزل ويطالبون برفعها على الفور.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».