جيفري: روسيا ضاقت ذرعاً بالأسد وتبدي مرونة للتعاون معنا

المبعوث الأميركي تحدث عن «انسحاب بعض ميليشيات إيران» من سوريا

الموفد الأميركي الخاص المكلّف الملف السوري جيمس جيفري
الموفد الأميركي الخاص المكلّف الملف السوري جيمس جيفري
TT

جيفري: روسيا ضاقت ذرعاً بالأسد وتبدي مرونة للتعاون معنا

الموفد الأميركي الخاص المكلّف الملف السوري جيمس جيفري
الموفد الأميركي الخاص المكلّف الملف السوري جيمس جيفري

أبدى الموفد الأميركي الخاص المكلّف الملف السوري جيمس جيفري تفاؤلا حذرا بشأن إمكانية التعاون مجددا مع روسيا لوضع حد للحرب في سوريا، مشيرا إلى أن موسكو قد تكون «ضاقت ذرعا» بالرئيس بشار الأسد.
وقال جيفري في مؤتمر صحافي مشترك عبر الهاتف مع هنري ووستر نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى وكريستوفر روبنسون نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون أوروبا وآسيا، «قد تكون روسيا مستعدة بشكل أكبر الآن، رأينا بعض المؤشرات في الإعلام الروسي وفي تصرّفات روسية معيّنة، لتكون أكثر مرونة بشأن اللجنة الدستورية». وأضاف «قد يكونون على استعداد مجددا للتباحث معنا بشأن طريقة لحل المسألة بدون انتصار عسكري، لأنه من الواضح جدا في هذه المرحلة بالنسبة لروسيا أنهم لن يحققوا انتصارا عسكريا، بكل تأكيد ليس في أي وقت قريب».
وحول الانتقادات الروسية التي توجه للأسد، قال جيفري «لسنا متأكدين من أن الانتقاد الروسي العلني ومن قبل أشخاص قريبين من الرئيس الروسي بوتين للأسد يعكس إرسال إشارات لنا أو للأسد نفسه أو لمساعدة روسيا على بيع سوريا لبعض الدول مثل دول أميركا اللاتينية وأوروبا والشرق الأوسط لإعطاء سوريا اعترافاً دبلوماسيا وقبولاً دولياً لتأمين عشرات المليارات من الدولارات لإعادة الإعمار. ما زلنا نسعى لمعرفة خلفية هذا الانتقاد».
وفي ملف الخلاف المندلع بين الأسد وابن خاله رامي مخلوف، أكد جيفري أنه خلاف مهم كون الأخير يسيطر على الاقتصاد السوري الموازي وحتى الاقتصاد الرسمي. وأضاف أن مخلوف قريب جداً من الأسد ولاعب كبير في الطائفة العلوية التي تحكم في سوريا منذ خمسين عاما. وقال: «يمكن تفسير هذا الخلاف بطريقتين: الأولى بالقشة التي قصمت ظهر البعير ولا أعتقد ذلك. أتمنى ذلك ولكن ليس الأمر كذلك. والأمر الثاني هو أن هذا الخلاف مؤشر إضافي كسقوط العملة السورية والصعوبات التي تواجهها الحكومة لإدخال شحنات النفط إلى سوريا وكذلك الصعوبات في تأمين الخبز ومواد أخرى للمحلات التجارية حيث إن النظام يخضع لضغط كبير. وربما هذا هو السبب الذي يجعل الروس مهتمين بشكل أكبر بالحديث معنا من جديد حول إمكانية التوصل إلى تسوية».
وأضاف جيفري «لم نتوصل إلى أي خلاصة ولكن نرى مقاربة استثنائية لأنها تكشف الغسيل الوسخ لأسوأ الأنظمة في القرن الحادي والعشرين». وقال: «قضية الخلاف مع مخلوف بشكل خاص مهمة جداً لأنني رأيت أن هناك جهداً من قبل الحكومة السورية للرد على الضغط الروسي عبر دعوة النظام لتنظيف منزله والبدء بشخص مثل مخلوف. ورأينا كذلك أخبارا وشائعات تقول إن الروس يدعمون هذا الشخص وقلقون حيال ما يقوم به الأسد».
يذكر أنه وقبل أسبوع تقريبا، وجه مخلوف استعطافا للأسد، قال فيه إن «الدولة السورية فرضت دفع مبالغ» كبيرة تصل إلى 130 مليار ليرة سورية، على شركته «سيرياتل» للاتصالات.
وفي سياق منفصل، قال جيفري: نرى بعض التحركات الإيرانية حول سوريا من المناطق التي تعرضت لقصف إسرائيلي ورأينا انسحاباً لبعض الميليشيات المدعومة من إيران بعضهم من حزب الله وبعضهم من دول أخرى ولكن ما لم نره هو أي التزام استراتيجي إيراني بعدم محاولة استخدام سوريا كمنصة انطلاق ثانية لصواريخ طويلة المدى ضد إسرائيل وبعدم تسليم حزب الله أسلحة تهدد إسرائيل.
من جهته، اتهم كريستوفر روبنسون روسيا ونظام الأسد بأنهما يقدمان الدعم المالي واللوجيستي لمجموعة «فاغنر» لدعم عمليات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، وبأن روسيا «تستخدم الصراعات الإقليمية من أجل تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية».
وكشف روبنسون أن «روسيا وبالتعاون مع نظام الأسد أرسلت مؤخرا مقاتلين سوريين إلى ليبيا للمشاركة في عمليات فاغنر لدعم الجيش الوطني الليبي». وقال: «هذه المجموعة هي أداة يمكن استخدامها بكلفة قليلة وبمخاطر متدنية»، مؤكدا أن موسكو تواصل دعم الجيش الذي يقوده حفتر.
إلى ذلك أعرب هنري ووستر عن عدم ارتياح الولايات المتحدة للعلاقات بين حفتر والأسد. وقال: «هناك أمر آخر مزعج للغاية وهو إقامة حفتر ما يسمى بعلاقات دبلوماسية مع نظام الأسد، وهو جزء من مسألة المرتزقة السوريين على الأقل من جانبه».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».