جوليان معلوف: سبب نجاح «بالقلب» شخصياته

عمل درامي يسلّط الضوء على علاقة الفكر بالقلب

مسلسل «بالقلب» يحصد نسبة مشاهدة عالية في رمضان
مسلسل «بالقلب» يحصد نسبة مشاهدة عالية في رمضان
TT

جوليان معلوف: سبب نجاح «بالقلب» شخصياته

مسلسل «بالقلب» يحصد نسبة مشاهدة عالية في رمضان
مسلسل «بالقلب» يحصد نسبة مشاهدة عالية في رمضان

تعلّق اللبنانيون بالمسلسل الرمضاني المحلي «بالقلب» منذ أولى حلقاته، بعد أن حمل لهم نفحة حبّ يفتقدونها في زمن «كورونا» والابتعاد الاجتماعي.
قصة الحب بين البطلين، ناهي (وسام فارس) وديانا (سارة أبي كنعان)، التي تجتاز جميع التحديات والمصاعب التي تواجهها، هي التي أسهمت في جذب متابعيه. كما رسخت في ذاكرة المشاهد رومانسية طرّزها مخرج العمل جوليان معلوف بكاميرته، مترجماً نصاً حقيقياً كتبه طارق سويد.
ويرتكز هذا العمل منذ بدايته على سلسلة أحداث غير متوقعة، لتكسر نمط أعمال اعتدناها في إنتاجاتنا المحلية. فالمشاهد يلتقط أنفاسه بعد مرور 3 حلقات من العمل، عندما ينتهي حلم حب ناهي وديانا فجأة، وتقطع أوصاله رصاصة طائشة. وانطلاقاً من هذه النقطة، يلمس المشاهد واقعية دراما تشبهه إلى حدّ كبير من إنتاج شركة «جي 8 برودكشن».
فطارق سويد، كاتب هذا العمل الذي يعرض على شاشة «إل بي سي آي»، حمّل حبكته إيقاعاً متنوعاً غير مألوف، ليحرز نوعاً من التجديد بصيغة «غير المتوقع». وهو يتناول فيه موضوعات اجتماعية مختلفة، استوحاها من صلب المجتمع اللبناني. ويأخذنا مسار العمل بعد موت أحد أبطاله في رحلة حياة تتفرع منها قصة رجل (بديع أبو شقرا) يعيش بنبض قلب جديد نتيجة تبرع أحد المتوفين بأعضائه، والعمة (كارمن لبس) التي خذلها الحب في عمر الشباب والأب المدمن على تناول الكحول بعد هروب زوجته (دارين الجندي) مع حبيبها. كما يعرّج على مواضيع أخرى تدور في فلك التبرع بالأعضاء والأمراض النفسية والخيانة والوفاء ومرض ألزهايمر، وإلى ما هنالك من عناصر يشهدها مجتمعنا.
يقول مخرج العمل، جوليان معلوف، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لقد ترجمت أحاسيس نص مشبع بالمشاعر التي لا تقتصر فقط على حب المرأة والرجل، بل إلى حب الابن لأمه، وعاطفة عمّة نسيت أحاسيسها كامرأة من أجل تربية أولاد أخيها. كما يلقي النص الضوء على العلاقة التي تربط القلب بالفكر لأن هذا الأخير، وعكس ما يعتقده بعضهم، هو من يحرّك مشاعرنا وينميها».
ويشير معلوف، في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن سبب نجاح المسلسل برأيه يعود إلى شخصياته التي تشبهنا، ويوضح: «لقد عشقت شخصيات العمل حتى أني بكيت لحزنها وفرحت لسعادتها. فديانا (سارة أبي كنعان) مثلاً تشبهني إلى حد كبير، وفريال (كارمن لبس) تشبه بشخصيتها الكاتب نفسه، أما آمال (دارين الجندي) فتشبه كثيرين من الأشخاص المجبولين بالخبث».
ويؤكد معلوف أن المشاهد اليوم بات بحاجة إلى قصص تشغل ذهنه وتدفعه إلى التحليل: «لقد لفتني تفاعل جيل الشباب مع هذا العمل وشخصياته. وقد عبروا صراحة عن إعجابهم به عبر تغريداتهم الكثيفة على موقع (تويتر). فهو جعلهم يتخلون عن متابعة مسلسلات أجنبية تعرض على منصات إلكترونية، كما يذكرون في هذه التغريدات. وأعد هذه النتيجة كافية كي ترضيني إلى حدّ كبير، بصفتي مخرجاً للعمل».
وبحسب معلوف، فإن أي نجاح لدراما معينة يعتمد على ركيزتين أساسيتين، وهما: النص الذكي، وكاميرا مخرج يعرف كيفية ترجمته، موضحاً: «هي عملية تشبه إلى حدّ كبير زياً جميلاً يحتاج إلى تصميم وخياطة متناسقين، قلباً وقالباً. فبساطة السهل الممتنع، من دون تشويه العمل بفزلكات أو تعقيدات، قادرة على جذب مشاهدها من دون شك».
ويلفت جوليان معلوف إلى أن أي عمل درامي يحتاج إلى التحضير والتنسيق بين الكاتب والمخرج. وهذه العملية ينتج عنها ما نسميه بعالم الإخراج «سكرين بلاي»، أي النص المعدل كي تصبح مشاهده جاهزة للتصوير. ويعدّ معلوف من المخرجين الذين يبذلون جهداً كبيراً في عمليات تحضير المشهد لأكثر من 10 مرات متتالية، فيما لا يقدم على تصويرها إلا مرة واحدة كي لا تفقد طبيعتها.
وسياسة «غير المتوقع» التي يعتمدها الكاتب سويد في نصّه سترافق العمل حتى لحظاته الأخيرة. وما ينتظر المشاهد في الحلقات المتبقية من «بالقلب» ستتطلّب منه تغيير نمط تفكيره العادي، والولوج إلى مقلب الدراما الذكية، فتفرز ما لا يتوقعه.
«أعرف تماماً أن أسئلة كثيرة تراود مشاهد المسلسل اليوم، ولا يجد أجوبة واضحة عليها، وهذا ما رغب فيه كاتب القصة، وما حققته من وراء الكاميرا. فجيل اليوم بات يبحث عن أحداث درامية يفكك ألغازها ويكتشف خباياها، قبل أن تتضح خيوطها في سياق العمل. وهذا الأمر هو عنصر يحفّز على متابعة العمل بأكمله من دون الشعور بالملل».
وعن مهمة المخرج بشكل عام، يقول: «إنها تكمن بإدارة الممثلين بشكل أولي، فأي حركة خاطئة يرتكبونها يكون المخرج هو المسؤول المباشر عنها. كما عليه أن يعرف إبراز الأحاسيس، مهما اختلفت طبيعتها في أعمال كوميدية أو درامية، لتخرج إلى النور كاملة».
ويصف معلوف شخصيات العمل، ويقول: «ديانا (سارة أبي كنعان) تمثل المرأة الذكية القوية في آن، وفريال (كارمن لبس) المرأة المكسورة، أما بديع أبو شقرا فهو يمثل شخصية الرجل الذي يبدأ حياته من الصفر بعد نجاح عملية جراحية أجريت له من خلال زرع قلب جديد بين ضلوعه، بفضل أحد ضحايا الحوادث في لبنان، كان قد أوصى بالتبرع بأعضائه عند وفاته. وجميعها، في رأيي، شخصيات مثقلة بالإنسانية التي نبحث عنها في هذا الزمن، وأسهم وباء (كورونا) في تعزيز أهميتها وتأثيرها علينا كبشر».
وعن رأيه بنزعة المسلسلات البوليسية الرائجة في الآونة الأخيرة التي نشاهد عدداً منها في موسم رمضان، يقول: «أنا من المخرجين الشباب الذين يشدهم العمل البوليسي، بعد أن شعرنا بالتخمة من الأعمال الدرامية الرومانسية الرائجة في منطقتنا. كما أن جيل الشباب اليوم يقاطع أعمال الدراما المحلية، ويتجه بشكل أكبر نحو الأجنبية المعروضة على المنصات الإلكترونية. وهذا الأمر يجب أن يحثنا على تطوير أعمالنا الدرامية، ونقلها من مقلب لآخر لتواكب الزمن الحالي. ولكننا نصطدم بشركات إنتاج لا تزال تتمسك بالدراما الكلاسيكية، مستبعدة حتى الكوميدية منها لأنها برأيها لا توفر لها تسويقاً وتجارة ناجحين».
وعن النهاية التي سيحملها «بالقلب»، يقول جوليان معلوف: «هي نهاية غير متوقعة، ولكنها إيجابية، وأعتقد أن المشاهد سيحبها».


مقالات ذات صلة

حزن في مصر لرحيل «القبطان» نبيل الحلفاوي... رجل «الأدوار الوطنية»

يوميات الشرق نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)

حزن في مصر لرحيل «القبطان» نبيل الحلفاوي... رجل «الأدوار الوطنية»

من أبرز أعمال الحلفاوي «رأفت الهجان» عام 1990 الذي اشتهر فيه بشخصية ضابط المخابرات المصري «نديم قلب الأسد»، التي جسدها بأداءٍ يجمع بين النبرة الهادئة والصّرامة.

رشا أحمد (القاهرة )
يوميات الشرق الفنان السعودي عبد المحسن النمر (البحر الأحمر السينمائي)

عبد المحسن النمر: «خريف القلب» يتضمن قصصاً تهم الأسر العربية

قال الفنان السعودي عبد المحسن النمر، إن السبب الرئيسي وراء نجاح مسلسله الجديد «خريف القلب» يعود إلى مناقشته قضايا إنسانية تهم الأسر العربية.

«الشرق الأوسط» (جدة)
الوتر السادس تركز الفنانة نسمة محجوب على الحضور الفني بشكل دائم (صفحتها على {فيسبوك})

نسمة محجوب: أطمح لتقديم سيرة ماجدة الرومي درامياً

طرحت الفنانة المصرية نسمة محجوب، مطلع ديسمبر (كانون الأول) الجاري، أحدث أعمالها الغنائية بعنوان «الناس حواديت»، والتي حظيت بتفاعل من المتابعين عبر مواقع التواصل

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق الفنان السوري جمال سليمان (حساب سليمان على «فيسبوك»)

إعلان جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة سوريا يثير ردوداً متباينة

أثار إعلان الفنان السوري جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة بلاده، «إذا أراده السوريون»، ردوداً متباينة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق لقطة من البرومو الترويجي لمسلسل «ساعته وتاريخه» الذي يعرَض حالياً (برومو المسلسل)

مسلسلات مستوحاة من جرائم حقيقية تفرض نفسها على الشاشة المصرية       

في توقيتات متقاربة، أعلن عدد من صُنَّاع الدراما بمصر تقديم مسلسلات درامية مستوحاة من جرائم حقيقية للعرض على الشاشة.

داليا ماهر (القاهرة )

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».