الإرهاب... «مسمار جحا» الحوثي وفزاعته ضد أي انتفاضة مناهضة لجماعته

القيادي في ميليشيات الحوثي محمد البخيتي
القيادي في ميليشيات الحوثي محمد البخيتي
TT

الإرهاب... «مسمار جحا» الحوثي وفزاعته ضد أي انتفاضة مناهضة لجماعته

القيادي في ميليشيات الحوثي محمد البخيتي
القيادي في ميليشيات الحوثي محمد البخيتي

حتى مساء الرابع من مايو (أيار) الحالي، لم يكن شوفي جابر رفعان وهو إمام مسجد الخير بمحافظة ذمار (جنوب صنعاء) مطلوبا أو مطاردا من سلطة الحوثيين التي تسيطر على المنطقة منذ الانقلاب في النصف الثاني من عام 2014. لكنه وبعد مقتله على يد قيادي حوثي بات قياديا داعشيا خطيرا وفق تبريرات الجماعة التي استخدمت التهمة الداعشية كذريعة لوقف أي انتفاضة ضدهم، وهو ما حدا ببعض الناشطين إلى القول إن «تهمة الإرهاب هي شماعة، أو مسمار جحا الحوثي للقضاء على أي مزاج شعبي يفكر في مجابهتهم».
في قرية «مكعد الأحمال» النائية بعزلة حمير، التابعة لمديرية عتمة، كان رفعان يواصل عمله كإمام لجامع الخير منذ عدة سنوات ويتلقى التعليمات بصورة مستمرة من مكتب وزارة الأوقاف الذي يديره الحوثيون منذ خمسة أعوام، لكن المشرف الحوثي في المديرية رأى أن الإمام لم ينفذ تعليماته بعدم إقامة صلاة التراويح. لهذا قرر قتله بدم بارد، داخل محراب الجامع أثناء ما كان يؤم المصلين.
المشرف الحوثي وينادى «الجرموزي» المسنود بقوة كبيرة من الميليشيات اقتحم القرية الهادئة المسالمة التي يعيش سكانها على الزراعة، وداهموا الجامع وأطلقوا وابلا من الرصاص على الإمام وهو ساجد يؤم المصلين بصلاة التراويح.
ولأن الحادثة كانت مفاجئة وغير مبررة، فإن روايات السكان تعددت حول أسبابها. لعل أبرز تلك الروايات تداولا هو غضب المشرف الحوثي من رفض رفعان وقف إقامة صلاة التراويح في هذه القرية.
ولأن الميليشيات لم تقدم أي سبب مقنع لما أقدمت عليه، وإدراكها أن غضبا شعبيا يغلي في صدور بسطاء القرية الذين يجاهدون للحصول على ما يأكلون ولم يكونوا طرفا في أي صراع سياسي، فقد نقل المشرف الحوثي جثة إمام الجامع إلى المستشفى العام بمدينة ذمار واحتجزها هناك تمهيدا لتقديم مبرر يرهب الناس ويمنع عنهم غضب السكان.
وبالفعل كانت التهمة جاهزة وسبق أن استخدمتها في مواجهة كل انتفاضة مجتمعية ضد فساد وظلم مشرفيها، كما يتم حاليا اتهام الانتفاضة القبلية ضد الميليشيا في محافظة البيضاء.
وزارة إعلام الميليشيا ردت على الإدانة الواسعة التي استقبلت فيها الجريمة وقالت بأن إمام المسجد من أخطر عناصر تنظيم داعش وأنه «يقوم باستقطاب وتجنيد المغرر بهم لصالح التنظيم لزعزعة الأمن في المحافظة». وذهبت إلى القول بأن الرجل الذي يدير المسجد منذ سنوات يقوم بتدريب عناصر إجرامية على صنع وزرع العبوات الناسفة ونشر الفكر التكفيري بالمديرية.
هذه الجرمية يكشف زيف مبرراتها إقدام ميليشيا الحوثي قبلها بثلاثة أيام على إطلاق سراح 43 من عناصر القاعدة من سجون المخابرات ضمن صفقة لتبادل السجناء بين الجماعتين، وهي عملية لم تكن الأولى إذ سبق الميليشيا أن أطلقت سراح العشرات من العناصر الإرهابية الخطرة ضمن صفقات لتبادل الأسرى طوال سنوات الحرب اليوم تعود ميليشيا الحوثي لاستخدام نفس الفزاعة في مواجهة الانتفاضة القبلية ضدها في محافظة البيضاء، وتبرر قتل مشرفها في مديرية الطفة المرأة جهاد الأصبحي، بأنها كانت تؤوي عناصر من القاعدة، ويقول القيادي في ميليشيا الحوثي محمد البخيتي بأن من نصب كمينا لمقاتلتهم في مديرية الطفة وقتلوا ستة، هم من أعضاء تنظيم القاعدة واحتموا في بيت المرأة التي قتلها مشرف الحوثيين، وهو ادعاء تكذبه الوقائع فالمرأة قتلت بعشرين رصاصة بعد اقتحام ميليشيا الحوثي منزلها بحثا عن زوجها ولما لم يجدوه في المنزل أطلقوا عليها النار.
وبالعودة إلى الانتفاضات المتعددة التي شهدتها مديرية عتمة في محافظة ذمار ومديرية العدين في محافظة إب ومنطقة حجور في محافظة حجة سيجد المتابع أن ميليشيا الحوثي تسوق التهم ذاتها في وجه من يقودون الانتفاضة ضد الظلم والممارسات القمعية لهذه الميليشيا، ولعل هذه التهمة هي أبرز ما روجت له الميليشيا عند الهجوم على محافظة البيضاء لكن سنوات الحرب كشفت كيف أن هذه الميليشيا تتعايش مع معسكرات القاعدة وداعش في بعض مناطق المحافظة وهي المعسكرات التي استهدفتها الولايات المتحدة بأكثر من غارة وعملية إنزال وقتلت عددا كبيرا من قادة القاعدة وداعش.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».