«كوفيد ـ 19» يهدد بمفاقمة أزمة صحية أخرى

التركيز على مواجهة الوباء أدى إلى تراجع جهود مكافحة «السل» الذي يودي بحياة 1.5 مليون شخص سنوياً

«كوفيد ـ 19» يهدد بمفاقمة أزمة صحية أخرى
TT

«كوفيد ـ 19» يهدد بمفاقمة أزمة صحية أخرى

«كوفيد ـ 19» يهدد بمفاقمة أزمة صحية أخرى

وجهت المفوضية الأوروبية، أمس، رسالة إلى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، تبين بالأرقام والقرائن العلمية أن حصر المساعدات والجهود الدولية لمواجهة أزمة فيروس «كورونا» منذ مطلع العام الجاري، من شأنه أن يتسبب في كارثة صحية أخرى، نتيجة الشلل الذي بدأ يصيب برامج مكافحة السل الذي يضرب العديد من البلدان النامية ذات الكثافة السكانية العالية في آسيا وأفريقيا.
وتتضمن الرسالة التي تستند إلى تقارير منظمة الصحة العالمية وعدد من المنظمات غير الحكومية، مثل «أطباء بلا حدود»، دعوة إلى الدول الأعضاء لبذل جهود إضافية من أجل توفير التمويل الكافي لبرامج مكافحة السل، في البلدان التي ما زال هذا المرض يتفشى فيها على نطاق واسع، مثل الهند وجنوب أفريقيا وبعض دول أميركا اللاتينية.
وتفيد آخر تقارير منظمة الصحة بأن الهند وحدها تسجل 25 في المائة من الوفيات العالمية الناجمة عن السل، والتي تقدر بـ1.5 مليون سنوياً، وأن 1400 شخص يموتون كل يوم في الهند بسبب السل، بينما لا تتجاوز الوفيات اليومية لفيروس «كورونا» 600 هناك.
ويقول المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم، إن السل هو المرض التنفسي الأكثر فتكاً في العالم، وإن القرائن الطبية المخبرية والسريرية المتوفرة منذ بداية أزمة «كوفيد- 19» تبين أن أخطر الإصابات هي بين المصابين بأمراض رئوية أو ضعف في جهاز المناعة. وأضاف أن «الاهتمام بمرضى السل وتوفير العناية اللازمة لهم يساعد على الحد من الإصابات بـ(كوفيد- 19) والوفيات الناجمة عنها».
وكان الطبيب الألماني والباحث في الوبائيات روبرت كوخ، قد اكتشف البكتيريا المسببة لهذا المرض في عام 1882، وهو مرض يضرب الرئتين والقصبات الهوائية بشكل أساسي، وينتقل بسرعة عن طريق السعال والعطاس، وقد يستمر لسنوات في جسم الإنسان من غير أن تظهر عليه عوارض، إلى أن يضعف جهاز المناعة بسبب الإصابة بأمراض أخرى أو سوء التغذية، ما يجعل الدول النامية الفقيرة هي الأكثر تعرضاً له.
ويقول رئيس وحدة الوقاية من الأمراض في منظمة الصحة العالمية، إن المرضى بالسل هم الأكثر تعرضاً للإصابات الخطرة الناجمة عن «كوفيد- 19»، ويدعو إلى مساعدة الدول الفقيرة التي يتفشى فيها السل منعاً لكارثة صحية وإنسانية كبيرة، إذا توطن فيروس «كورونا» فيها قبل التوصل إلى علاج أو لقاح ضده.
منظمة «أطباء بلا حدود» حذرت من جهتها بأن السل الذي يعتبر المرض الساري الأكثر فتكاً، يضاعف خطورة الإصابة بـ«كوفيد- 19»، وأن نصف مليون من الإصابات السنوية بالسل هي مقاومة للعلاج بالمضادات الحيوية. وتذكِّر المنظمة بأنه خلال أزمة «إيبولا» في عام 2014 تراجعت خدمات تشخيص حالات السل وعلاجها بنسبة 53 في المائة، ما أدى إلى مضاعفة الوفيات الناجمة عنها. وتدعو إلى الحفاظ على هذه الخدمات وتعزيزها بشكل خاص خلال هذه الأزمة، للمساعدة على احتواء «كوفيد- 19» ومنع تفشيه على نطاق واسع في البلدان النامية.
وتقول مديرة قسم الصحة العامة في المفوضية الأوروبية ماريا كالفو، إن حصر تركيز الجهود الدولية على «كوفيد- 19» بدأت آثاره السلبية تظهر على برامج مكافحة السل والملاريا والإيدز، التي تقضي على 3 ملايين شخص سنوياً في آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء.
ومن جهتها، تحذر فرنسواز فاني، مديرة العلاقات الدولية في الصندوق العالمي لمكافحة هذه الأمراض الثلاثة، من أن «كوفيد- 19» قد يقضي على الإنجازات التي تحققت خلال السنوات العشرين الأخيرة لمكافحة هذه الأمراض، وتذكِّر بأن القارة الأفريقية تعيش حالات مشابهة للجائحة الحالية منذ عقود، وتحذر من مغبة عدم استخلاص العبر المناسبة من هذه الأزمة، استعداداً لأزمات أخرى قد لا تتأخر في الظهور.


مقالات ذات صلة

جهاز لتحفيز الأعصاب يفتح آفاقاً لعلاج انقطاع التنفس أثناء النوم

صحتك لا يستطيع بعضنا النوم أحياناً رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين (رويترز)

جهاز لتحفيز الأعصاب يفتح آفاقاً لعلاج انقطاع التنفس أثناء النوم

صُمم جهاز طبي مبتكر يُعرف باسم « Genio» يهدف إلى تحفيز الأعصاب في اللسان لتحسين التنفس أثناء النوم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي سوريون ينتظرون في طابور للعبور إلى سوريا من تركيا في منطقة ريحانلي في هاتاي بتركيا في 10 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

الصحة العالمية: نزوح مليون شخص منذ بدء هجوم المعارضة في سوريا

قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الثلاثاء، إن نحو مليون شخص نزحوا منذ بدء هجوم المعارضة في سوريا.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أن قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا مصر تستعرض تجربتها في علاج الوافدين من «فيروس سي» خلال ورشة عمل بالتعاون مع المركز الأوروبي لعلاج الأمراض والأوبئة (وزارة الصحة المصرية)

مصر تعالج الوافدين ضمن مبادرات قومية رغم «ضغوط» إقامتهم

لم تمنع الضغوط والأعباء المادية الكبيرة التي تتكلفها مصر جراء استضافة ملايين الوافدين، من علاج الآلاف منهم من «فيروس سي»، ضمن مبادرة رئاسية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».