المسلحون السودانيون يتمسكون بتعيين حكّام ولايات من المدنيين

شددوا على رفض تشكيل المجلس التشريعي قبل توقيع اتفاق سلام

TT

المسلحون السودانيون يتمسكون بتعيين حكّام ولايات من المدنيين

تراجع تحالف «الجبهة الثورية السودانية» المسلحة، عن رفضه القاطع لتعيين حكام ولايات مدنيين قبل توقيع اتفاقية سلام شاملة، وأبدى موافقة مشروطة على تسمية حكام الولايات، وتمسك برفضه لتكوين المجلس التشريعي الانتقالي قبل التوصل لسلام.
واقترح التحالف - ويتكون من حركات مسلحة خاضت حروباً ضد نظام المعزول عمر البشير في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق - إشراكه في آلية اختيار الحكام المدنيين الرباعية، المكونة من «مجلسي السيادة والوزراء، وقوى الحرية والتغيير، والجبهة الثورية»، وذلك بهدف إكمال تعيين حكام مدنيين مؤقتين لولايات البلاد الثماني عشرة، لحين التوصل لاتفاق سلام.
وتواجه الحكومة الانتقالية معضلة إكمال هياكل الحكم الانتقالي المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية الحاكمة لفترة الانتقال، وتعطلت لعدد من الأسباب، من بينها انتظار توقيع اتفاقية سلام شامل. ويعد المجلس التشريعي الانتقالي أحد أهم هياكل الحكم؛ لكن تكوينه تأجل كثيراً عن الموعد الذي نصت عليه الوثيقة الدستورية - 90 يوماً من تاريخ توقيعها – بسبب رفض التحالف المسلح، وهو الرفض الذي جددته الجبهة الثورية في آخر تصريحاتها.
وذكرت «الثورية» في رسالة إلى رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، ونائبه محمد حمدان دقلو، ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك، أنها «نزولاً عند رغبة الشعب السوداني في تفكيك دولة التمكين، وتعيين حكام مدنيين مؤقتين لأداء المهمة، فإننا نطرح أمامكم مقترحات مباشرة لاختيار حكام الولايات إلى حين التوصل إلى اتفاق سلام».
واقترحت الرسالة تكوين آلية رباعية من المجلس السيادي، ومجلس الوزراء، وقوى الحرية والتغيير، والجبهة الثورية، لتقوم باختيار حكام الولايات. واشترطت في اختيار الحكام توفر الخبرة الإدارية والكفاءة، وألا يكون لديهم انتماء حزبي، علاوة على تمتعهم بقبول سكان الولايات؛ خصوصاً في مناطق الحرب، إضافة إلى تمثيل منصف للنساء.
واشترطت تبني أسس شفافة ومعايير واضحة، تقدم الكفاءة والخبرة، وتراعي التنوع الإثني، وتضمن مشاركة منصفة للمرأة، وأن يتوفر لها القبول الشعبي، وألا تكون محاصصة تعلي قيمة التمكين الحزبي على مصلحة المواطن. وتابعت: «هذه المعايير لن تتحقق إلا بوجودها شراكة في وضع الأسس والمعايير في الاختيار».
وشددت الجبهة الثورية التي تفاوض الحكومة السودانية منذ أكثر من ستة أشهر في جوبا بوساطة جنوب سودانية، على رفضها تكوين المجلس التشريعي الانتقالي، الذي يفترض أن يتم تكوينه السبت القادم، التاسع من مايو (أيار) الجاري، وفقاً لاتفاق مجلسي السيادة والوزراء، وقوى الحرية والتغيير الحاضن السياسي للحكومة الانتقالية.
وأوضحت أن المجلسين (السيادي والوزراء) يقومان بمهام المجلس التشريعي، على أن يظلا يمارسان سلطة التشريع إلى حين التوقيع على اتفاق السلام، مما يمكن الجبهة الثورية من المشاركة فيه.
وقال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، الاثنين الماضي، إن التأخير في تعيين حكام الولايات أضر كثيراً بقضايا الولايات، لدرجة أن سكانها لا يشعرون بالثورة التي أطاحت بحكم نظام الرئيس المعزول عمر البشير في أبريل (نيسان) 2019.
ونصت الوثيقة الدستورية على توقيع اتفاق سلام في غضون ستة أشهر، انتهت منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، بيد أن العملية التفاوضية تعثرت في إنفاذ السلام في الوقت المحدد.
وتتبادل أطراف الانتقال السودانية الاتهامات بالمسؤولية عن تأخر الوصول لاتفاق سلام في المدى الزمني المحدد، وهو ما تستنكره الجبهة الثورية، وتحمل الوفد الحكومي المسؤولية، بقولها: «الوفد الحكومي لديه ثلاث مرجعيات في مجلسي السيادة والوزراء وقوى الحرية والتغيير، وذلك يستهلك وقتاً طويلاً في اتخاذ القرارات».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).